المحتوى الرئيسى

محمود طرشوبي : محكمة الشعب و جرائم النظام السابق

05/16 15:53

إن فكرة تعبير الجماهير عن نفسها لها أهمية مضاعفة لدينا نحن العرب ، لأنها تغير صورة سلبية راسخة في المخيلة العربية والإسلامية عن الجماهير وعامة الناس، فتاريخنا العربي إنما هو تاريخ “نخب”، وهناك أدبيات كثيرة في تراثنا لا مجال لحصرها تُزري بالجماهير والعوام، وتصفهم بأنهم “رعاع” و”سقط متاع” ومجرد “سواد من الناس”.. وقليل من امتدحهم مثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: “إنما عماد الدين، وجماع المسلمين، والعدّة للأعداء، العامة من الأمّة”.                                                                             أن يتم التعبير اليوم عن وجدان الشعب العربي وفكره عبر آلية حديثة ، فهذا هو أعظم مكسب منتظر بعد الثورة الشعبية. فالمميز هنا هو أن الجماهير عبر هذه الهبّة الشعبية ستشعر بنفسها، وبقدرتها، باعتبارها كيانًا له وجود، يستطيع أن يحمل أفكاره، ويعبر عنها، ويعمل من خلالها. و ستتكامل عظمة الثورة الشعبية العربية إن عبرت عن جماهيرها، وكانت صوتًا لذاتها، لا أن يحدث لها مثل ما حدث في موجة ثورات العرب السابقة، في خمسينيات القرن الماضي، حين عبرت تلك الثورات عن توجهات نخب عسكرية، ولم يكن لها من “الجماهير” إلا اسمها.إن مثالَي مصر وتونس قد دللا بامتياز على تعطش الجماهير العربية إلى التعبير عن نفسها، والتحرك حسب ما تقتضيه طبيعتها وحريتها. فأجهزة ونخب السلطة العربية، التي ركنت إلى علاقات قوة ومحسوبية، قد تأسست على التنكر الشديد لهوية الشعب ومصلحته، باعتبار أن الانحياز إلى المصلحة “الخاصة”، يقتضي تجنبًا وتباعدًا عن تلك “العامة”، والاعتداد برأيهم “الخاص” يستلزم تحجيم ذلك “العام” وتهميشه.   و لما كانت الثورة قامت ضد نظم فاسدة فالأولي أن تحساب هذه الأنظمة أمام ألشعوب , لأن هذه الجرائم إرتكبت ضد الشعب و له وحده حق إصدار الحكم الذي يرتضيه تجاه كل رجال النظام الفاسد , أقول هذا الكلام و قد بدأ إصدار الأحكام علي بعض رجال النظام البائد , و هي أحكام هزيلة إذا قيست بالجرم الذي ارتكبوه , إضافة إلي ان الجرائم المفدمة إلي المحكمة ليست هي الجرائم التي ثار الشعب بسببها فقط .إن جرائم النظام المصري ليست فقط كسب غير مشروع أو قتل متظاهرين أو الإشتراك في موقعة الجمل , بل أن المتتبع لتاريخ مصر خلال الحقبة الماضية سيجد جرائم لا حد لها , تمثلت في قمع هذا الشعب لمدة ثلاثين عاماً , و كبت لحريته و منع لممارسة حقوقه السياسية و إجبار الشعب علي رئيس محدد بعينه عبر تزوير الإنتخابات , و إختيار ممثلين للشعب بدون النظر إلي ما يريده الناس و تصبح إرادة الجماهير مجردة من أي وسيلة للضغط فالمجالس المحلية سرقت من قبل أباطرة الحرامية من الحزب الوطني , و أصبحت لا تعبر عن القاعدة الشعبية الضيقة بإعتبارها تمثل وحدة صغيرة في الدولة , القرية أو المدينة .إن إعتقال الأف المصريين خلال سنوات حكم مبارك , و قتل المئات منهم داخل السجون و مقارات أمن الدولة , أليست هذه جريمة ضد الشعب المصري ؟, و قد يرد قائل إن هؤلاء جماعات مسلحة و أرد عليهم قائلاً إن من تم إعتقاله خارج الجماعات المسلحة يفوق عشرات المرات حجم المسلحين منهم , إضافة إلي أنه يجب أن يأخذ القانون طريقه في المعاملة مع الخارجين عليه .ألم يكن إستمرار الحكم القانون بالطواريء لمدة ثلاثون عاماً هو جريمة ضد شعب عاش في رعب و خوف طيلة هذه المدة , و لم تكن الطواريء من أجل حماية البلد و لكن من أجل حماية النظام الذي أكتشفنا بعد الثورة أنه مجموعة من الحرامية و الجواسيس .إن جريمة تبوير الأراضي الزراعية و إجبار الفلاحين علي عدم زراعة القمح لصالح مستوردين مقربين من النظام , هي جريمة أن يتم التلاعب بأقوات العباد من أجل مصالح عدد قليل من المحتكرين لإستيراد الحبوب .لقد أصبح الفساد في مصر فساد هرمي بفضل مبارك و أولاده و زوجته , بمعني أنه بمرور الوقت إنتقل الفساد من الرأس مبارك ووصل إلي أصغر موظف في الدولة مروراً بكل المستويات القيادية في الدولة , أليس من الأولي بالقضاء المصري إستدعاء كل من تولي مناصب قيادياً و ليكن علي الأقل وزير أو محافظ , لكي يحاكم أمام محاكمة عادلة تسأله عن أمواله قبل وبعد المنصب .هل من العدل السياسي ان يحتكر حزب وحد هو الحزب الوطني السلطة ثلاثة عقود , إليس هذا إفساد  للحياة السياسية في مصر و يجب أن يحاكم كل قيادات الحزب في بر مصر علي إحتكارهم للسلطة و تسليطهم علي رقاب العباد بالجبر و القبضة الأمنية الفاسدة .إن جريمة التدخل الأمني في كل قطاعات الحياة , و إعتبار إن وزارة الداخلية هي وزارة حاكمة في الدولة تستطيع التأثير في كل مجريات الأحداث السياسية و الإقٌتصادية و الفكرية في  البلاد  و إعطاء أمن الدولة في مصر سلطة مطلقة لهو جريمة لا يجب أن تمر مرور الكرام خاصة و إن إنعكاس ذلك علي البلاد كان مدمراً , فتتدخل الأمن في تعيين وظائف كثيرة في الدولة كان جريمة تستحق الإبادة الجماعية لكل من ساهم في ذلك , لأنه أفسد الحياة في مصر , بتولي شخصيات ليس لها حظ لتولي المسئولية سوي الولاء و الفساد .إن تضخم إسرائيل في المنطقة العربية , و قيامها بحروب كثيرة بدأت منذ حرب لبنان و إنتهاء بالحرب علي غزة ,  و في كل مرة تجد مساعدة قوية من النظام المصري السابق , و سواء بالمساعدة المادية و السياسية او بالصمت و التخاذل , و السكوت علي الإعتداء علي الشريط الحدودي لمصر عشرات المرات و هو إنتهاك لسيادة مصر و قتل لمواطنيها بيد عدو خارجي و رغم ذلك لم يتحرك النظام أو يتخذ إجراء من أي نوع , إن دماء مئات الشهداء من الفلسطينين و المصريين و اللبنانيين في رقبة النظام السابق , و يجب محاسبة مبارك و أعوانه خاصة وزراء الخارجية و خاصة المدعو أبو الغيط المجرم المتعاون مع اليهود في حرب غزة  .إن تدمير المصانع المصرية التي تم بناؤها في الحقبة الناصرية , تحت مسمي الخصخصة و لتنفيذ إملاءات البنك الدولة و إغلقت المصانع و تم تسريح العمال و أصبحت مصر بلد إستهلاكي فقط بعد ان تم تحويل مصر إلي بلد صناعي في عصر عبد الناصر , جاء مبارك بعاطف عبيد و محمود محي الدين لكي يكونوا مسئولين عن بيع المصانع المصرية و تحويلها إلي سوق تجاري كبير للبضائع الأمريكية و الصينية و غيرها من أجل عمولات و سمسرة  وضعت في حزانه كل من شارك في هذه الصفقات النجسة التي باعت مصر بثمن بخس , أليست هذه جريمة يجب أن تأتي بكل من شارك فيها لكي تعود هذه المصانع إلي الشعب و يسترد حقوقه من هؤلاء ؟ إن العامل الذي بيع مصنعه الذي يعمل فيه من أجل إثراء حفنة من النظام السابق يجب الآن محاسبتهم .إن تدخل الهانم سوزان ثابت في السياسة الداخلية للبلد , جريمة لا يجب ان تمر مرور الكرام حتي لا تتكرر مرة أخري, لقد وصلت إلي وجود حصة من تعيين الوزراء و مجلس الشوري , و تتدخل في قوانين تشريعية , إضافة إلي محاسبتها علي سفرياتها و مشروعاتها التي قامت بها علي حساب الدولة و من ميزانتها العامة .إن جرائم النظلم السابق كثيرة جدا و لا يجب أن تقتصر علي بعض الجرائم الهزيلة , التي لا تمثل نسبة ضعيفة من الجرائم الحقيقية , هذه حقاً تكون محكمة الشعب و القاضي فيها هو الشعب و ليس قاضي تم تعيينه في زمن مبارك بمحسوبيات معروفة يصدر حكم فيها سخيف يستطيع الطعن فيه , و الخروج منه بمبررات واهية إن لم يكن اليوم فغداًمواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل