المحتوى الرئيسى

> حرب نفسية وليست أهلية

05/16 21:06

أتجول ببصري بين الصحف.. أقرأ بعضها بعين السخرية الممزوجة بالمرارة عن فضائح النظام البائد برئيسه المخلوع.. الباكي في كل تحقيق يجري معه، يبكي علي حاله ولا يبكي علي وطن استسلم لحكمه فأضاعه، وأدخل أمة في غياهب الفقر والجهل والفساد والمرضي، ويتوقف بصري علي الأحداث الجارية آخرها حادث إمبابة.. وأقرأ حربًا أهلية قادمة في مصر ورئيس الوزراء الذي جاء من الميدان بعد تحضيرات دقيقة يقول «مصر أمة في خطر»، هنا أتوقف وأعيد القراءة علني أجد فيهم رشيدًا يكتب أو يحلل أو يشك، فأجد أن فكر مبارك ونظامه وتدريبات أمنه لكتابه ما زالت تسيطر علي عقولنا وتقفز في ذهني مقولة موشي ديان الشهيرة «العرب لا يقرأون تاريخهم ونحن كذلك» بل ونضيف أن معظم من يكتب ويحلل وينظر في مصر لا يجيد القراءة من الأساس، من قناة تليفزيونية إلي قناة تليفزيونية من ندوة إلي مقهي، ومن مقي إلي بار، ويبدو أنه لا يوجد وقت للقراءة، أكل العيش عند اخواننا المفكرين والمنظرين يأكل كل وقتهم الثمين، إذن لا وقت للتوقف والتأمل وقراءة الأحداث. حرب أهلية كيف؟ فمن المعروف أن أي حرب أهلية في كل الدنيا لابد أن ترتبط بالجغرافيا، جغرافيا المكان بشكل بسيط حرب لبنان شمال لبنان، وجنوبها، المسلمون والسيخ في الهند، الشمال والجنوب في الحرب الأمريكية قبل ثورتهم، الصين والتبت، وهكذا الجغرافيا هي أساس الحرب الأهلية، أما في إمبابة وهو حي ضمن أحياء القاهرة فقد حدثت مشاجرة أراها مفتعلة، ملف تم تحريكه لغرض قادم في القريب، أقرأ عن عبير بطلة الواقعة، وحكاية إسلامها في الأزهر بورق رسمي قبل الواقعة بشهور، وأتعجب من أن الأخت عبير فجأة عرف الجميع حكايتها وأصلها وفصلها.. بعد الواقعة بساعات ظهرت كل بيانات عبير وتاريخها وعلاقتها كأن عبير نجمة سينمائية أو نجمة مجتمع كل تفاصيل حياتها معروفة للجميع، هكذا فجأة ووقت الواقعة لم يتدخل الأمن ولا الجيش لفض المشاجرات، بل عندما انتقل المخربون من كنيسة إلي كنيسة لم يستوقفهم أحد، كما أن معاينات الكنيسة من الداخل وجدوا فيها فوارغ رصاص بما يدل علي أن بداخل الكنيسة أسلحة. وهربت عبير ثم سلمت نفسها عبير، ثم تجمع الأقباط عند مبني الإذاعة والتليفزيون وهدد البابا بالاعتكاف في الدير، ثم ظهرت حزمة قرارات للردع ثم قرارات لتهدئة الأقباط ثم مليونية في التحرير مع غطاء صحفي من كتاب كان أوضحهم صلاح منتصر في الأهرام وفي المصري اليوم في نفس التوقيت، وهما الأعلي انتشارًا أو الأكثر مصداقية عند الناس، يقول الرجل: احكمونا ولا تديرونا، وتبعه كثيرون يطالبون بأن يحكم الجيش وفي نفس التوقيت كتابات شاردة تتهم رجال النظام السابق بتدبير الواقعة لتفشل الثورة وبعضهم ربط الحكم علي العادلي بواقعة إمبابة كربط يرونه خبيثًا وذكيا بين الحدثين، وللحقيقة كل النظام السابق بفلوله لا يجرؤ أحد منهم أن يحرك غلة يكفيه ما هو فيه ومن بالخارج يرتعد أن تطوله يد المحاسبة. ذلك ما حدث ورغم تشاؤم الكثير إلا أنني من المتفائلين لرؤيتي في ترتيب الأحداث، لأنها مقدمات لما هو قادم، واقعة خميس والبقري في كفر الدوار تتكرر بحذافيرها الآن، لكن بعصر 2011، ما حدث هو حرب نفسية لا حرب أهلية، حرب نفسية لإعداد الشعب وتهيئة المناخ العام للأحداث المقبلة، وليست توابع أحداث سابقة، في مصر نقط حمراء لاشتعالها في أي وقت، تستخدم وقت اللزوم وسرعان ما تهدأ لأن السيطرة عليها كبيرة رغم بشاعة أحداثها وجميع الأجهزة الأمنية لديهم خريطة مفصلة لهذه النقط الحمراء، ويمكن معالجتها بقليل من الجهد لكن للسياسة أحكامًا واعتلاء عرش مصر ليس بالأمر اليسير ولا يأتي بالصدفة، وهذا ما كان يجهله النجل الأبله الذي كان يظن أن عرش مصر يسلم يدًا بيد من يد أبيه إلي يده في جو تسوده المودة والسعادة وأهي سهلة أهي؟ أهي حلوة أهي؟ فارتمي النجل وأبوه وشلته في السجن ولن يروا النور والحرية قبل عقد من الزمان كل فرد يتحمل حجم غبائه السياسي عرش مصر لا يأتي إلا بالدم، بالعرق والجهد والتخطيط والفكر العميق، مصر دولة كبيرة عظيمة وقائدها، خصوصًا في المرحلة المقبلة، مرحلة الفك والتركيب وخلق دول جديدة وغلق ملفات قديمة لابد أن يكون قائدًا علي الفرازة، بالمقاس لو كان حدث إمبابة حقيقيا لخرج البيت الأبيض بتصريح يدين ما حدث، لكنه لم يخرج بل خرج اقتراح بسقوط جزء من ديون مصر، أي أن البيت الأبيض الذي كان يدين في السابق أي كحة أو حركة للأقباط في مصر ويصدر بيانًا بالقلق والخوف، هذه المرة يبدو كأنه موافق علي سيناريو الأحداث لأنه لم يعترض ولم يقلق ولم يدن، سيظهر الرجل القومي حتمًا في القريب العاجل، في شهر يوليو سينكشف كثير من الحقائق، ويبدو أن الرجل القوي يعد الآن ونحن معه وفي انتظاره، لأننا دولة كبيرة لا تستحق سوي القوي وليس هؤلاء الطامعين علي الساحة، هكذا قرأت!!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل