المحتوى الرئيسى

ذكرى النكبة الفلسطينية.. دروس وعبر: بقلم د. خالد محمد صافي

05/15 22:45

ذكرى النكبة الفلسطينية .. دروس وعبر: بقلم د. خالد محمد صافي تأتي الذكرى الثالثة والستون في ظل متغيرات على الساحتين الفلسطينية والعربية، حيث عادت الشعوب العربية إلى الصدارة بعد فترة سبات عميق نجح خلالها العسكر في القيام بانقلابات عسكرية سيطروا بموجبها على الحكم لعقود لم يحققوا فيها أي إنجازات لا تنموية أو سياسية على صعيد القضايا الوطنية أو القومية. وفوق ذلك حكموا شعوبهم بالحديد والنار تحت إدعاء توحيد الجبهة الداخلية في مواجهة العدو الإسرائيلي وانتهى بهم المطاف نحو توقيع اتفاقيات سلام مذلة مع العدو. وهذا يشير أن الاعتماد على هذه الأنظمة كان خطأ كبيراً وقعت فيه الحركة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها. فالملوك العرب هم من ساهموا في إجهاض المرحلة الأولى من ثورة (1936) فيما عرفت بفترة الإضراب العام. وتواصل مسلسل التخاذل العربي حتى تم تأسيس جامعة الدول العربية سنة 1945م. وهنا كان خطأ القيادة الفلسطينية جسيماً عندما تم نقل زمام الأمور من القيادة الوطنية الفلسطينية إلى جامعة الدول العربية. وتم تشكيل لجنة عربية سياسية وعسكرية لإدارة أزمة فلسطين. وتوج ذلك برفض قرار التقسيم الصادر في 29/11/1947م، وإن كان بعض الأنظمة العربية قد رفض قرار التقسيم علناً، ووافقت عليه سراً. وتأمرت على القضية الفلسطينية. ووصل الأمر إلى تشكيل قيادة عربية عليا لدخول الجيوش العربية إلى فلسطين، والتي دخلت بدون خطة واضحة، أو هدف واضح، بل أن بعض الجيوش العربية قد دخلت فلسطين طامعة وليست محررة. وكانت القيادة العربية قيادة اسمية وليست فعلية، فلم يكن هناك تنسيق أو تعاون. وهكذا كانت الهزيمة التي أُطلق عليها اصطلاح "النكبة"، أي نكبة الوطن والهوية، والتشرد. وهنا لابد أن نشير إلى أن حدوث النكبة لم يكن حادثاً مفاجئاً بل أنه تحصيل حاصل لأداء فلسطيني وعربي ضعيف لم يكن على مستوى تحدي المشروع الصهيوني. وبالتالي وبلغة الرياضيات فإن نكبة عام 1948م كانت في المحصلة مجموع تراكمي لسلسلة تحديات قوية في مقابل مجموع تراكمي لسلسلة استجابات ضعيفة. وهكذا كانت النكبة تعني نكبة الهدف ونكبة القيادة ونكبة الأداء سواء الفلسطيني أو العربي. وهنا لابد من النظر لذكرى النكبة ليس كظاهرة بكائية على ضياع وطن وضياع هوية، بل حالة تقييمية على مستوى الفرد والمجموع للأداء الفلسطيني والأداء العربي وعدم تكرار ما حدث. فلابد من تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ولابد من إنجاز المصالحة الفلسطينية ضمن تكريس المشاركة وليس المحاصصة. فالشعوب المقهورة لا يمكن أن تنتصر على جلاديها إلا بوحدتها وقوة إرادتها. وأن المعركة الفلسطينية للتحرير وتحقيق حق العودة لا يكون إلا بتكاتف كل الجهود فالتحدي الصهيوني كبير ويتطلب استجماع كل الجهود. كذلك تعني لنا ذكرى النكبة إبقاء حالة الاشتباك مستمرة مع العدو الصهيوني، فهي ذكرى حشد الهمم، وتأكيد العزم على مواصلة طريق النضال. واستعادة الأمل بغد أفضل. وهي رسالة للعدو الصهيوني بأن الشعب باق على قضيته. وأنه باق على عزمه لم ينس قضيته، ولم يتراجع أمله في التحرير. وهي رد على المقولة الصهيونية التي يرددها قياداتهم "بأن الكبار سيموتون والصغار سينسون". وما نشاهده اليوم من تحرك في المسيرات نجد أن أغلب المشاركين من الشباب الذين يحملون الراية ويواصلون وفي ذلك تأكيد على وعي جيد بقضيته، وعدم نسيانه أرضه ووطنه ومشروعه التحرري. وأن الأجيال التي نشأت في الشتات هي أكثر تصميماً على استرداد حقوقهم في أرض الآباء. وتأتي ذكرى النكبة وهناك حراك جماهيري عربي يبعث الأمل في نهضة عربية، تعيد للأمة العربية حضورها ووجودها، ودورها. ويعيد للأمة روح الآباء والأجداد الذين صنعوا أمجاد الأمة، روح خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن العاص، ونور الدين محمود زنكي، وصلاح الدين. حيث يخرج الشارع العربي عن صمته، ويزيل أنظمة الخيانة والعار التي جثمت على صدره. وتأتي المسيرات الزاحفة نحو الحدود الفلسطينية لتعطي صورة رمزية عن بعث جذوة فلسطين في النفوس العربية. وأن القضية الفلسطينية قد عادت إلى واجهة الوعي والاهتمام العربي. وأن القضية عادت إلى مركزيتها في الخطاب الإعلامي والسياسي العربي. وهذا يعني أن معركة الاستعداد قد بدأت وأن ثقافة الزحف وإن كانت ذات بعد شعبي جماهيري إعلامي تعني تكريس ثقافة التقدم وليس ثقافة التراجع، ثقافة الاستعداد وليس ثقافة الهروب، ثقافة المواجهة وليس ثقافة التقهقر. هذه هي رسالة العودة، وهي رسالة استنهاضية تتطلب استمرار حالة النهوض. فالمسيرات المنطلقة اليوم تعطي بصيص الأمل بأن اليوم غير البارحة، والغد غير اليوم. وهنا يكمن التغيير فمسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة، وها هي الخطوة الأولى قد وضعت على الطريق الصحيح. وهنا يبرز تلاحم الزخم الفلسطيني من الزخم العربي وصولاً إلى الزخم الإسلامي على اعتبار أن تحرير فلسطين بحاجة إلى تداخل وتعاضد ثلاث دوائر: الدائرة الفلسطينية، والدائرة العربية، والدائرة الإسلامية. وأن الدائرة الفلسطينية هي رأس الحربة، فلا عودة لترك زمام الأمور والقيادة للآخرين بل الشعب الفلسطيني بقيادته هو من سيقود معركة التحرير تقاطعاً مع الدوائر الأخرى ومتلاحماً معها. وأن المرحلة القادمة هي معركة استرداد فلسطين، ومعركة تفوق الاستجابة على التحدي من أجل دحر المشروع الصهيوني.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل