المحتوى الرئيسى

> نص الجدعنة

05/15 21:15

اجتمعت شبيبة الجزيرة العربية "مركز وبندر"، وذهبوا للقاء عنترة بن شداد ليسألوه سؤالا واحدا ضاقت به النفوس، سؤالا شغل بال أولئك المراهقين في نقرة الهاجرة وفي زمهرير الليالي: كيف استطاع هذا العبد الأسود أن ينال كل هذا المجد! فيكون برنس الليالي في الربع الخالي، ويكون عم الأشاوس تماً! كيف استطاع أن يكون أفرس العرب! هل بالزند الحديد! أو بفعل ما يريد! أو بالترويع والوعيد! تبسم لهم عنترة حتي بانت أسنانه البيضاء في سماره الغطيس.. وأفصح عن سر الأسرار فيما ناله من سمعة.. تغنت بها ميدياهم فهجصت بها أيما تهجيص.. قال الرجل وببساطة من يعلم مدي استحالة أن يصدقه محدثه: "لم أهزم لا استبسالا ولا استئسادا. كنت أكر متي وجب الكر.. وأفر متي وجب الفر" وبقول آخر لم يهزم وحش الوحوش -لا وحش الشاشة- لأنه لم يدخل يوماً معركة لا تكافئ بالضبط حدود قدرته.. لم يناطح يوماً من يفوقه قوة.. من هنا هزم كل من واجهه واستحق السمعة.. حسب المحارب الصحراوي حساباته دائماً فاستحق كل سنتوفة إعجاب نالها عن جدارة، ذلك أنه قد علم إن من يحسب الحسابات في الهناء يبات. تذكرت هذا الموقف "جملة وقطاعي"، وتركت لخيالي مطلق العنان في استحضاره، تعامياً عن أحد رفاق الطريق من ركاب الميكروباص حينما صرخ في السائق: "جري إيه يا أسطي أنت هاتركبنا ذنوب أكتر من كده؟! مش كفاية بقي الغناء الحرام اللي أنت مشغله ده طول الطريق؟! مش سامعها عمالة تقول: روحي في إيديك؟! وأبصر إيه.. يا أخي الروح بيد خالقها.. هتكفرنا ع الصبح؟!" فأغلق السائق محموله المتصل بكاسيت السيارة عبر وسائط يحار في فهمها خبراء سيمنز وجن سليمان معاً.. ثم قال مزايداً علي غشم محدثه: "يا أخي هي جت علي دي؟ ما الغناء كله حرام.."، فصرخ قامعه ناهياً النقاش:"طب كويس والله إننا عارفين"، وخشعت الأصوات في السيارة فلا تسمع ولا همسا.. غير أن إقدام المثقف أبي أن يتركني في حالي.. أبي إلا أن يؤرق جلستي فهاجت خواطري وماجت هواجسي.. واستعذت بعنترة وبحكمته.. وخاطبت السائق.. بعد وصولنا بالسلامة في استخزاء يليق بمثقف قديم فقلت له وأنا أتلفت: "هي لما تقول روحي في ايديك.. قصدها يعني بتحبه وحاجات زي كده.. حاجة في اللغة والكلام.. زي مثلا لما نلاقي في القرآن الكريم.. "يد الله فوق أيديهم".. يعني ربنا معاهم.. خدت لي بالك يعني مجاز .." رد السائق: "والله لو كلامك ده جه علي بالي لكنت سميت بدنه بيه". وسواء أصدق السائق أم كان وعيده محض سخع.. كانت الحقيقة الجلية أن دفاتر الثقافة قد أرضت كبريائي الانهزامي باستحضار من عنترة؟! هو في بقي بعد عنترة؟! لن يكون سهلا، لا ولا يسيراً أن ننسلخ من عهد رضعنا فيه القبول دائماً بأنصاف الحلول.... نص الجدعنة.. نص العماء.. نص الحلو. والعاقبة عندكم في الثورات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل