المحتوى الرئيسى

السلفيون والكنيسة «يد واحدة»

05/15 08:16

كل من السلفيين وقيادات الكنيسة رفضوا الثورة وأيدوا النظام السابق بطرق مختلفة، وكثير من الجماعات السلفية رفضت الخروج على الحاكم وإحداها أحلت دم الدكتور محمد البرادعى قبل أسابيع قليلة من اندلاع الثورة، صحيح أن الطرف الأول استفاد من الثورة وخرج على سطح الحياة العامة بفضل دماء الشهداء بعد أن ظلوا حبيسى أوامر أمن الدولة لسنوات طويلة، أما قادة الكنيسة فقد جاءتهم الثورة من حيث لا يحتسبون، فقد راهنوا دائما على حكمة الرئيس المخلوع، وتعالوا على مؤسسات الدولة ورفضوا تنفيذ كثير من أحكام القضاء واستهانوا بالرأى العام واعتبروه رأى «العامة والدهماء» وظلوا يرون فى نظام مبارك حاميا لهم وبديلا عن الشعب المصرى غير الواعى والمتعصب. وجاءت ثورة 25 يناير سلمية ومتحضرة، ومع ذلك دعوا المسيحيين إلى عدم المشاركة فيها ورفضوا الحضور حتى للصلاة على أرواح الشهداء من المسيحيين إلى أن أنقذ قس إنجيلى الموقف وصلى على أرواحهم، وظهر معدن الشعب المصرى النبيل الذى أخافوا المسيحيين منه وقدم رسالة تحضر عظيمة فى تاريخ الثورات وتجارب التغيير فى العالم، رغم كل ما كان يردد عنه خلف أسوار الكنائس. نعم، يتحمل الخطاب الإسلامى مسؤولية كبيرة فى انسحاب المسيحيين وعزلتهم الشعورية عن المجتمع، ويتحمل أيضا مسؤولية ابتعاد كثير منهم عن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى وحصر مشاركتهم فى أنشطة الكنيسة أو مواجهة التمييز أو الاعتداء الذى يتعرضون له. نعم أيضا هناك طرف مسلم هو الذى قام بحرق الكنائس ويتحمل المسؤولية الكبرى فى سقوط العديد من الضحايا والشهداء، وهو أمر يجب أن يدينه المسلمون بشكل قاطع إذا أردنا أن نخرج من الاحتقانات الطائفية، ونؤسس لدولة القانون لا المواءمات. إن الثقافة التى بثتها التيارات السلفية لدى أتباعها ليست بعيدة عما بثته قيادات الكنيسة بين «شعبها»، فهناك هيمنة سياسية واجتماعية ودينية على أتباع كل طرف جعلتهم لا يرون أى مشكلة إلا من منظورهم الطائفى الضيق، فمصر المأزومة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والتى تفرج على ثورتها كثير من السلفيين ومعظم قادة الكنيسة لا توجد فيها مشكلات إلا عبير وكاميليا ووفاء قسطنطين، وهى نفسها مصر التى لم تر الكنيسة أن على أرضها شعبا مصريا عريقا أغلبيته من المسلمين، يستحق أن نتكلم ولو سهواً عن همومه السياسية والاجتماعية والدينية، وليس فقط مشكلات الأقباط (على كثرتها) التى أصر الكثيرون على عزلها عن سياقها الوطنى وحصرها فى إطارها الطائفى. إن ثورة الشعب المصرى المتحضرة هددت تراث كثير من قيادات الكنيسة فى تجاهل الشعب والاستعلاء عليه، ولم يعد هناك مفر إلا انتقاد الثورة وشتمها لأنها أدخلت الشعب «الجاهل» فى المعادلة السياسية بعد أن خرج منها طوال عهد مبارك وبدعم كنسى وسلفى واضح. نعم، على المسيحيين أن يخرجوا من تلك الثقافة التى عاشوا فيها ثلاثين عاما، ويعلموا أن هناك ملايين المسلمين يحبونهم حبا كبيرا ولا يرون مصر بدونهم كشركاء حقيقيين فى الوطن، وأنهم على استعداد لمواجهة أى جريمة يتعرضون لها، سواء جاءت من بلطجية الحزب الوطنى أو من بعض السلفيين، بشرط ألا يمارس أحد استعلاء على الدولة، مهما كانت مشكلاتها، لأن المطلوب إصلاحها لا هدمها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل