المحتوى الرئيسى

مجلس التعاون الخليجي + 2 لا يساوي 3

05/15 06:47

عبد الوهاب سعيد أبو داهش وأنا أكتب مقال اليوم أبدو وكأنني أمشي على الشوك كما هو حال مجلس التعاون الخليجي، الذي يبدو أنه يمشي على الشوك منذ إنشائه حتى الآن. ولإبداء رأي واضح حول دعوة دولتين إضافيتين لعضوية المجلس هما الأردن والمغرب - هو كمن ينقطع عليه الطريق فجأة بعد أن رسم خريطة الطريق للوصول إلى هدفه ليجد نفسه حائرا في كيف يواصل الطريق. فما كتب عن الحدث الأخير ما هي إلا انطباعات تبحث عن طريق آخر يوصل إلى المحطة الأخيرة، وانطباعاتي هذه ما هي إلا واحدة من الانطباعات الأولية التي اندفعت بقوة حال سماع الخبر. فما حدث يوم اجتماع القمة التشاورية ينبئ بتغير كبير في تحالفات المنطقة لما بعد الثورات العربية، وقد يشكل إعادة قيادة المنطقة بشكل آخر. بل إن دعوة انضمام الدولتين فيه لفت انتباه كبير إلى شعوب وحكومات العالم، خصوصاً العالم العربي، إلى أن الحكومات الملكية قد تكون الأصلح للشعوب وللحكام على حد سواء. وفي هذه الدعوة لفت انتباه ذكي وقوي إلى استقرار الملكية وقدرتها على التغير التدريجي في ظل صعوبة الحديث السابق لأوانه عن نجاح الثورات العربية. وأيا كانت المبررات والأسباب والتحليلات لدعوة تلك الدولة إلى الانضمام فإن ردود الفعل التي تلت الإعلان اتسمت بالاندهاش وعدم التصديق من البعض، والبعض الآخر وجد أنها محل تندر في ظل صعوبة مناقشة موضوع كهذا بشكل منطقي يعتمد على ربط عوامل الشبه والاختلافات لتلك الدول للمقاربة واختبار مدى ملاءمة هذه العوامل في إنجاح مجلس التعاون. وذهب البعض إلى أبعد من ذلك بالبدء بتحليل الأرقام الاقتصادية كعدد السكان، وإجمالي الناتج المحلي، وحجم الاستثمارات بين الدول المعنية، وغيرها من الأرقام التي أرى أنها مجرد أرقام لن تفيد في شيء في المرحلة الحالية، وذلك لعدة أسباب أهمها: النظر أولاً إلى تجربة المجلس الخليجي بمعزل عن هذه الأحداث، ومن ثم تقييم حجم الاستفادة أو الضرر الذي قد يتركه انضمام مثل هاتين الدولتين على مسيرة المجلس. فتجربة المجلس الخليجي تشير إلى أنه في المراحل الأخيرة للسوق المشتركة والاتحاد الجمركي، وأنه يعمل بمثابرة عالية لإنشاء عملة خليجية موحدة مع ما يتطلبه ذلك من إجراءات ومؤسسات تابعة. ولا شك أن انضمام هاتين الدولتين ــ حتى لو كان تدريجياً ــ سيشكل إعاقة كبيرة في عمل الاتحاد الجمركي، ناهيك عن أنه سيقضي تماماً على حلم عملة خليجية موحدة. وسيضيف عبئا كبيرا ــ على ما هو قائم من أعباء ــ في تحرك رؤوس الأموال والمواطنين والمقيمين بسلاسة في ظل السوق الخليجية المشتركة، ما يعوق النجاحات التي تحققت عبر 30 عاماً من عمر المجلس. بل إنه قد يضيف اختلافات أكبر بين أعضاء المجلس الأصليين، حول تبني المعايير التي في ضوئها يبدأ تطبيق وتفعيل إجراءات المجلس. فعل سبيل المثال، فإن معايير عملة خليجية موحدة له علاقة بنسب واضحة في عجز الموازنات الحكومية وميزان المدفوعات والتضخم وغيرها من النسب التي سببت قلقاً واختلافاً بين دول المجلس الحاليين، ودعت دولا مثل الإمارات وعمان إلى الانسحاب من مسألة العملة الموحدة. ولو أضيفت دولتان ــ أيا كانتا حتى لو لم تكونا الأردن والمغرب - فإن الكثير من المعايير ستتعطل وسيصعب تطبيقها، ما يعني تعثر المجلس في القيام بدوره الرئيس. ولنا في انضمام اليمن إلى بعض أنشطة المجلس مثل الرياضة ــ كمنفذ أولي للانضمام إلى مؤسسات المجلس الأخرى - وكيف أن دورة الخليج الأخيرة التي أقيمت في اليمن كانت في مرحلة الإلغاء حتى آخر لحظة، ما جعل بعض الدول تشارك بمنتخبات رديفة. وعطفاً على ما تقدم، يبدو أن الدعوة إلى قيام اتحاد سياسي جديد للدول التي تتشابه فيها أنظمة الحكم أفضل من إقحام أعضاء جدد في منظومة عمرها 30 عاماً تختلف بشكل جذري اقتصادياً وجغرافياً عن الدول المدعوة. إن قيام أي اتحاد جديد بأهداف واضحة لا تتعارض مع الاتحادات الإقليمية القائمة سيجد القبول من دول المنطقة وأيضاً من الدول الأخرى. فقيام اتحاد جديد للحكومات الملكية ــ مثلاً ــ هدفه الاستفادة من تجارب الحكم الملكي وتقديمه كنموذج للتغيير التدريجي نحو حياة وتنمية اقتصادية أفضل، سيكون محل نجاح، خصوصاً إذا أمكن الاستفادة من تجارب دول ملكية عريقة مثل بريطانيا التي تعتبر من أقدم الديمقراطيات في العالم رغم أنها ملكية. وبهذا المقترح آتي إلى نهاية المقال لأجد نفسي وكأنني خرجت بمقترحات بناءة، فحافظت على خريطة طريق المجلس الخليجي الحالي، ورسمت خريطة أخرى قد يكون رسمها كنموذج للمنطقة أمرا مقبولا، فكل الطرق تؤدي وتهدف وتبحث عن استقرار يضمن حياة كريمة للشعوب. *نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل