المحتوى الرئيسى

ألم النكبة .. أمل العودة بقلم:أ. لؤي عمير

05/15 21:25

ألــم النكبــة ... أمـــل العـــودة لم يكن الخامس عشر من أيار عام 1948م يوما عاديا في تاريخ الشعب الفلسطيني ، بل كان يوم جرح لم تندمل آثاره حتى اللحظة ، كان يوم نكبة أقسى وأصعب من كل النكبات ، بل هي نكبة العمر وألم الحياة . سنوات تمر وأعوام تمضي ويزداد الجرح اتساعا ، ثلاثة وستون عاما وما زالت الأرض ترزح تحت نير الاحتلال الصهيوني ، ثلاثة وستون عاما وما زالت فلسطين في الأسر ، ثلاثة وستون عاما والسرطان الصهيوني يتغلغل في جسد فلسطين . قبل ثلاثة وستين عاما قامت العصابات الصهيونية بقتل وتهجير عشرات آلاف الفلسطينيين وإبعادهم قسرا عن ديارهم ، تنفيذا لوعد مشؤوم وعدهم به سيء الذكر بلفور قبل أربعين عاما من النكبة ، وبتطواطئ حكومة الاستعمار البريطانية آنذاك والتي أمدت العصابات الصهيونية بأحدث أنواع السلاح في ذلك الوقت ، وتجهيز المعسكرات لها ، وكانت نتيجة ذلك سقوط أكثر ما يزيد عن خمسة عشر ألف شهيد ومئات الآلاف من المهجرين ومئات القرى التي دمرت بالكامل ، وهزيمة لأشباه جيوش قيل إنها عربية . ثلاثة وستون عاما مرت ولم يزل الاحتلال الصهيوني يمعن في ممارسة صنوف القمع والتدمير ضد أبناء شعبنا ، فمجازر قبية ودير ياسين وكفر قاسم ما زالت حاضرة في نفوسنا ، وأطلال القرى المدمرة في فلسطين بقيت ولا تزال وستبقى دليلا واضحا على جرائم هذا المغتصب الذي لم يراعِ فينا إلّاً ولا ذمة ، ولم يكتف بهذا بل أكمل تعميق الجرح عام 1967م باحتلال ما تبقى من أرض فلسطين ، مرتكبا المزيد من الجرائم والمجازر . هل هذا هو قدر الشعب الفلسطيني ، أن يعيش مشردا لا يكاد يخرج من مأساة حتى يدخل في أخرى ، فمن معركة الكرامة إلى أيلول الأسود مرورا بحرب تشرين ، ثم مجازر المحتل وأعوانه في مخيمات صبرا وشاتيلا وتل الزعتر ، مسطرا بحروف من نور أروع آيات التضحية والفداء من أجل الدفاع عن فلسطين ومن أجل تحرير الأرض والإنسان ، متحديا آلات القمع الصهيونية ، فكان شعبنا الفلسطيني لا يكاد يترك فرصة للانقضاض على عدوه المحتل ، وشكلت عمليات المقاومة الفلسطينية الدرع الواقي للثورات الفلسطينية المتتالية ، والتي حفظت لهذا الشعب العظيم حقّه في الوجود ، رغم مراهنة العدو الصهيوني على أن الكبار يموتون والصغار ينسون ، لكن القضية الفلسطينية كان تُرَضَّعُ مع حليب الأمهات لتشكل جزءا لا يتجزأ من الجسم الفلسطيني . كانت عملية الطائرة الشراعية عام 1987م – على سبيل الذكر لا الحصر – نقطة تحول في الصراع الفلسطيني مع الصهاينة ، حيث كانت الشرارة الأولى التي انطلقت منها الانتفاضة الفلسطينية الأولى والتي وضعت العدو الصهيوني في الزاوية ، فعرف أن لفلسطين شعب لا يتردد في الدفاع عنها ، فقدم من أجلها الغالي والنفيس . لم تغب الأنظمة العربية عن المشهد الفلسطيني ، فلعبت بعضها دورا كبيرا في الضغط على أبناء شعبنا للهروب من الخنادق والبنادق إلى الفنادق ، وكانت مدريد هي الطريق ، حيث كان ( مؤتمر مدريد للسلام) هو الطعنة الأولى في خاصرة المقاومة الفلسطينية ظنّا منهم أن ما أُخذ بالقوة قد يُسترد في أحد الأيام بغير القوة ، وتوالت اللقاءات والمفاوضات إلى أن وصلنا إلى ( اتفاق أوسلو) والذي حاولوا من خلاله تجريد الشعب الفلسطيني من حقوقه في إقامة دولته المستقلة على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها قسرا وقهرا ، ورغم ما بذلوه من جهد في هذا الاتجاه إلا أن الشعب الفلسطيني لم تنطل عليه ألاعيبهم وخدعهم ، ففجر انتفاضة الأقصى التي كانت ردا طبيعيا على انتهاكات العدو وجرائمه ، وانتصارا لحقوق هذا الشعب العظيم الذي أيقن أن الطريق إلى حيفا ويافا والقدس لن يكون بجلسات تفاوض أو قرار أممي يكدس في أدراج مجلس الأمن والأمم المتحدة ، وإنما يكون بالدماء والتضحيات التي تمتزج بثرى هذا الوطن لتشكل مع ما سبقها من دماء مشاعل تضيء دروب التحرر والاستقلال . ثلاثة وستون عاما أدركنا خلالها أن الرهان على أنظمة رجعية هو رهان خاسر ، وأن القادر على تغيير الواقع ليست أوراقا تكتب أو حبرا يسيل ، أو بيان شجب واستنكار ، إنما هبّة الشعوب وثوراتها هي التي تصنع المستقبل الأفضل لأبنائها وهي التي تحررهم من أنظمة أكل الدهر عليها وشرب ، وهي التي تخرجهم من ظلمات العبودية لأنظمة فاسدة رجعية إلى نور الحرية . إن ما تشهده البلدان العربية من ثورات ضد أنظمتها المتخلفة الفاسدة هو بشير خير وبركة على حتمية زوال الظلم وأهله وزوال الاحتلال وآلات قمعه ، وما شهدته البلدان العربية من مسيرات زحف وتضامن نحو فلسطين ما هو إلا مؤشر على صحوة هذه الشعوب ، وتحررها من أنظمة الكفر والطغيان . لقد أدرك الشارع العربي أن بوصلة الحرية والكبرياء لا تؤشر إلا باتجاه فلسطين ، وأن القدس هي محط أنظار الملايين والمسجد الأقصى هو قبلة الثائرين ، ولسان حالهم يقول : يا فلسطين وكيف الملتقى هل أرى عد النوى أقدس تربِ أ. لؤي عمير الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة اللجنة الإعلامية – نابلس

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل