المحتوى الرئيسى

الذكرى 63 للنكبة والحلول الديمقراطية للوحدة الوطنية بقلم:محمد بهلول

05/14 21:18

لتجاوز الاحتكارية الثنائية في الحالة السياسية الفلسطينية محمد بهلول كاتب عربي فلسطيني ـ دمشق من حق الفلسطينيين اليوم أن يحاذروا في نسبة التفاؤل تجاه اتفاق المصالحة الفلسطينية الموقع أخيراً في القاهرة (4/5/2011)، فتجربة الأعوام الخمسة من عمر الانقسام والتي تخللها أكثر من محطة حوار تؤدي إلى المصالحة، لكنها سرعان ما كانت تنهار أمام المطالب والمطالب المضادة، حتى أن اتفاق مكة الثنائي بين فتح وحماس والذي أقسم الموقعون عليه علانية على المصحف الشريف لم يعمر طويلاً. صحيح أن الاتفاق الحالي وهو ما أسميه اتفاق الاضطرار يأتي في ظروف نوعية مختلفة سواء على الصعيدين الداخلي الفلسطيني والمتمثل أساساً بنمو حركة شبابية شعبية عارمة بوجه حالة الانقسام الذي أدى فيما أدى إليه إلى حالة انسداد شاملة أمام المشروع الوطني، ووضع الشعب الفلسطيني أمام أزمة وطنية شاملة، أما على الصعيد الخارجي فهناك أيضاً تحولات نوعية أدت وستؤدي إلى تغييرات سياسية شاملة، لكن من أبرز عناوينها الانتقال بأنظمة عربية عديدة من مرحلة سلطة الفرد والحفنة إلى سلطة متنازع عليها "سلمياً وليس بالضرورة عنفياً" بين قطبين رئيسيين: الأول تحالف شعبي وطني ديمقراطي علماني واسع ينادي بالدولة المدنية، أما الثاني فهو العودة من جديد لتحالف الإسلام السياسي اليميني بتلاوينه المختلفة، مع فلول الأنظمة البائدة وتعبيراتها السياسية والاجتماعية، وعلى رغم أن المرحلة القادمة ستشهد تعايشاً اضطرارياً بين كلا القطبين ليتمكن أحدهما من الفوز إما بالنقاط أو الفوز الشامل مع أرجحية دعم دولية واضحة أمريكية على وجه الخصوص للقطب الثاني، ولعل حادثة اغتيال بن لادن وتوقيتها والانتشار الإعلامي الواسع حول نهاية التطرف الإسلامي، علماً أن هذا التطرف لا يمكن ربطه بشخص أي كان، ما يفسح المجال أمام الإدارة الأمريكية للتعامل مع الحالة العربية المستجدة تحت شعار "الإسلام المعتدل"، والذي يشكل الإخوان المسلمون عماده الرئيسي كما تشير تصريحات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية أثناء زيارتها الأخيرة لمصر، وترويج ذلك في أوساط الرأي العام الأمريكي والأوروبي. إن فترة التعايش الاضطراري بين كلا القطبين في الحالة العربية فرض نفسه واقعاً وتأثيراً على ضرورة المصالحة الفلسطينية والتعايش الاضطراري بين قطبيها السلطويين. ما من شك أن عوامل عديدة خارجية وداخلية أسهمت في السابق في إحداث الانقسام، إلا أن من العوامل المؤثرة هو طبيعة النظام الانتخابي الانقسامي في الضفة والقطاع، والقائم على أساسين: نسبي 50% ودوائر (أغلبية) بنسبة 50%. لقد أنتج هذا النظام الانتخابي احتكارية ثنائية في الحالة السياسية الفلسطينية، فالنتائج التي أحدثتها انتخابات المجلس التشريعي (25/1/2006) أدت إلى مجلس تشريعي، احتلت فيه حماس موقع الأغلبية، وحلت فتح في الموقع الثاني من بين الكتل البرلمانية، علماً أن تحليل نتائج الانتخابات "نسبة التصويت + نسبة الأصوات التي نالتها القوى والشخصيات الأخرى" تؤكد أن الطرفين مجتمعان لم يحصلا على أكثر من 42% من أصوات الذين يحق لهم الانتخاب، وهو ما يؤكد أن النظام الانتخابي المختلط يؤدي إلى تجاهل آراء وأصوات واسعة ممن لا ينتخبوا القوى الكبرى، والأهم من كل ذلك أن مثل هذه الانتخابات وعلى أساس هذه القوانين تحول الانتخابات من عملية سياسية وعلى أساس خيارات سياسية إلى عملية مصلحية ضيقة تقع تحت تأثير النفوذ السلطوي والمال السياسي، ومثل هذه الانتخابات لا تناسب على الإطلاق الحالة الوطنية للشعب الفلسطيني، والذي يعيش في مرحلة تحرر وطني تتطلب تعزيز الوحدة الوطنية بين كافة فئات وطبقات الشعب وجغرافياته المتعددة في مواجهة الاحتلال والاستيطان، كما لا تلبي تعزيز الخيار السياسي الموحد للشعب على قاعدة المشروع الوطني وتفتح تالياً أمام خيارات الانقسام، المشكلة لم ولن تكون يوماً بالمشروع الوطني، بل هي في الجوهر في أزمة التراجع أو الخروج عنه. وما يلفت في أن الاتفاق الجديد في القاهرة لم يلحظ ويراعي هذه المسألة، بل على العكس أمعن فيها من خلال عدم التأكيد على الالتزام السياسي البرنامجي بالمشروع الوطني والاتفاق حول سياسة فلسطينية موحدة للمرحلة القادمة، والأهم أنه أبقى على النظام الانتخابي السابق وأن بتعديلات جزئية، 75% نسبي و25% دوائر على أساس الأغلبية. وبالعودة إلى مراجعة التجربة السابقة، والتي أنتجت نظام سياسي برأسين، فإن الإصرار على نفس القانون الانتخابي في ظل جمود الخطوات التوحيدية طوال الفترة الانتقالية، والتي ستمتد سنة طويلة كاملة فإنه من المتوقع إعادة إنتاج نظام سياسي برأسين، من المؤكد أنهما لن يتعايشا، فإذا فازت حماس فإن الطرف الآخر سيصر على السلطة في رام الله والعكس صحيح، للخروج من هذا المأزق الوطني لا بُدَّ من خطوات ضاغطة شعبية في الأساس عمادها تغيير النظام الانتخابي والدعوة لاعتماد النسبية الكاملة وعلى أساس الدائرة الواحدة، مما يمهد الحالة الفلسطينية للانتقال من الاحتكارية الثنائية إلى التعددية السياسية، وهذا بدوره يستدعي من قبل كافة القوى السياسية ذات الالتصاق الحقيقي بالمشروع الوطني من يسارية إلى ليبرالية وقومية ودينية متنورة، فصائل وأحزاب ومؤسسات وشخصيات للتوحد في ائتلاف انتخابي واسع وشامل؛ يمهد الطريق إلى بروز الخيار الثالث، والذي وحده الضمانة لحماية المصالحة والانتقال إلى مرحلة أرقى في مواجهة الاحتلال. الغالبية من الشعب الفلسطيني إذ لم نبالغ ونقول كله تلوّع من الانقسام والتشرذم، وعليه يجب أن يُدرك أنه وحده صاحب القدرة على تقديم حلول حقيقية لأكبر أزمة وطنية. إن الاستعارة الشكلية لمبدأ تداول السلطة والاستقواء بها في مرحلة التحرر الوطني للاستفراد بالقرار السياسي والاقتصادي والمالي على قاعدة الفوز بالانتخابات، سواء تشريعية أو رئاسية، من شأنها أن تمس بصورة جوهرية بالوحدة الوطنية، والمشاركة الجماعية كقاعدة ذهبية يجري التمسك بها وصونها ورعايتها للنهوض بمهمات التحرر الوطني. إبقاء الشعار الأساس "الشعب يريد إنهاء الاحتلال" منوط بإطلاق أوسع حملة شعبية ـ شبابية بوجه مبدأ الانتخابات على قاعدة الدوائر (أغلبية، أقلية)، والدعوة الحثيثة للانتخابات وفق التمثيل النسبي الكامل، الذي يضمن المشاركة الجماعية لكل الأطياف السياسية والفصائلية والمجتمعية في الحياة السياسية والنضالية للشعب الفلسطيني. بدون انتخابات على قاعدة النسبية سنبقى تحت رحمة الاحتكارية الثنائية، ويبقى الانقسام سيفاً مسلّطاً على الجميع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل