المحتوى الرئيسى

فاصلة في جملة المشهد السوري بقلم:حسين موسى

05/14 18:25

تباينت الروايات بشأن المشهد السوري ، وأقام كل طرف متراسا حول روايته، وجند لها كل ادوات الحرب،في مشهد بدا وكأن الامور قد وصلت مرحلة الحسم ، استنادا الى معطيات وتحليلات مغلوطة ناجمة عن خطأ قراءة الواقع الذاتي والموضوعي لسورية، وهذا على غير الحقيقة والعقلانية في شي. والمراقب للمشهد السياسي في سورية، لا بد ان يرى التباين في المواقف، والمساحة الممكنة للحل، وهي المساحة الغائبة عن العديد من الاعلاميين والسياسيين الذين تحزبوا بمعظمهم الى هذه الجهة او تلك ، مما ساهم في المزيد من التعمية السياسية، بإثارة الغبار من حول المشهد مما سمح للكثيرين بممارسة هواية صيد سياسي ،الخاسر الاكبر فيه هو الشعب السوري خاصة والعربي عامة. فالمشهد يرينا ان هناك نظاما سياسيا يقود البلاد منذ اربعين عاما ، استطاع من خلالها ان يقدم خطابا سياسيا ، او برنامجا للحل ، سواء اكان هذا البرنامج مرحليا ،سريعا ام بطيئا ، فهو بالنهاية برنامج ، نرى فيه العقلانية اذا ما دعمناه بالتطبيق وعبر الحوار والنقد. اي ان هذا البرنامج يمكن ان يشكل الحد الادنى ولكنه الاساس للبناء عليه، ليصل بسوريا الى بر الامان. وفي الطرف الاخر ، بدا المشهد غير المنظم بحركة احتجاجات ، لم ترق الى ما يحلو للبعض ان يسميه ثورة شعبية ، او حتى انتقاضة سياسية، وذلك لجملة عوامل يمكن قراءتها من مسير الشهرين الماضيين : اولا: لقد بدأ الاحتجاج من خلفية احتقان اني تحول الى مطلبي ، اجتماعي الطابع، امتد الى غير منطقة ، ولم يحمل مضامين ابعد من اصلاحات محددة في جوانب اجتماعية واقتصادية ، واخرى تخص الادارة المحلية والبلديات وسلوكيات أفراد، وفساد اشر عليه النظام قبل غيره واتخذ الاجراءات التي تعالج الهنات المسببة له ونتائجها. ولا ينكر احد على القائمين على الاحتجاجات احقية ما طالبوا به ، بل انها مطلب سوري شعبي بامتاز، فالقضاء على الفساد ليست مجرد قرار ، لان الفانون بالاساس لم يجيزه ، بل يحتاج الى ثقافة لانجاز الفضاء عليه بالشكل الامثل. واول من تحدث بهذا الامر هو راس النظام قبل غيره. ثانيا: لقد كانت الاحزاب والقوى السياسية التي تسمي نفسها معارضة مشتتة في اطر تواجدها وبرامجها وتوجهاتها، السياسية والايديولوجية، وحتى متصادمة ومتناقضة في خطابها السياسي. وبدا واضحا انها لم تشكل قيادة لما جرى من مسيرات ومظاهرات واحتجاجات. بل حاولت ركوب الموجه لتجد لها مكانا في خارطة المشهد السوري المتأزم والمحتدم. ثالثا: استغلال قوى بعينها للوضع المتفجر ، لتنفيذ مخططات مريبة ، عبر عسكرة الاحتجاجات، والاانتقال الى مواجهة مسلحة مع النظام، وهي عسكرة تخدم جهات خارجية بعينها. رابعا : متنفذين يطلون برؤوسهم عبر ادوات وجدت في المناخات المسلحة ملاذا لاستنبات مصالح ، عبر تاجيج وتازيم الامور. وعلى ضوء تلك المقاربة السريعة كيف يبدو المشهد السوري ، وما هي افق الحل؟ من نافل القول ان حركة الاحتجاج ، ومن خلفها القوى السياسية المختلفة ، لم تستطع حتى الان ان تقدم برنامجا سياسيا تشرح فيه رؤيتها لمستقبل سوريا . والدليل على عدم فاعلية هذه القوى ان حركة الاحتجاج مازالت غير منظمة ولم تستطع ان تقدم ائتلافا كما حدث في غير حركة تغيير " مصر، تونس ، اليمن....."تفاوض النظام او تمثل الشعب. فالاحتفان الكائن في الساحة السورية ، وتفجر الاوضاع وصولا الى ما وصلت اليه الامور ، قد فاجأ النظام السياسي وحتى المحنجين الذين لم يكونوا بوارد التصعيد الى هذا المستوى. وكذا القوى السياسية المختلفة، حيث تحرك الجميع بارباك سياسي واعلامي على ايفاع التواتر من الانباء دون اطلاع ميداني من قلب الحدث. وهذا بدوره قاد الى الارتجال في السقوف السياسية التي لا تتماشى مع واقع الاحداث وقدرة الواقع الموضوعي على التنفيذ. والملاحظ هي حركة الهروب الى الامام لدى المحتجين عبر صم الاذان عن التغييرات والاصلاحات مهما قلت او كبرت ، والنوم في اريكة الشعارات الكبرى ، التي لا نعتقد ان الظرف الذاتي والموضوعي قادر بعد على ان يحملها. فالعقلانية تكمن هنا ، في ان تقوم كل الاطراف بتقديم برامجها ورؤيتها ،مادام الهم هو وطني بامتياز ،وهو امر نحن على ثقة بانه الطريق الموصل الى حوار وطني شامل ، يعمل على مناقشة كل شئ ، ابتداء من حزمة الاصلاحات التي قدمتها الحكومة وصولا الى القوانين واجراء التعديلات اللازمة عليها ، وهي جوهر الحلقة المفقودة في رؤية المشهد السياسي في سوريا. لقد استطاغ النظام ان يلقي الكرة بنجاح قي ملعب الطرف الاخر ، فهل يمكن لهذا الطرف ان ينتخب ممثليه لهذا الحوار ؟ وهل توصل الى رؤية مشتركة للبرنامج المطلوب؟ وبالتالي من سيمثل من؟؟ وهل الاحزاب مفوضة بتمثيل حركة الذين قاموا بالمسيرات والتظاهر وقدموا خلالها دما غاليا على قلب الجميع؟ اعتقد في هذا المقام ان النظام لم يكن مخطئا باللقاء بالوفود الشعبية في المناطق ، وهذا مبرر قدمته القوى السياسية نتيجة عجزها على اقامة ائتلاف وطني يمثل الجميع . وحتى سياسسيا فمن المنطق الذي سقناه يبرر هو الاخر عدم اعتراف النظام بما تسميه القوى السياسية " الثورة" التي لم اجد لها توصيفا سوى بفعلها وان كان غير منظم. وحتى" اعلان دمشق" فإنه قارب برنامج النظام في رؤيته للاصلاحات ونأى بنفسه عن الاسهام في تحويلها الى ممارسة على ارض الواقع ولم يتقدم باي مبادرة ليلتقي مع النظام في منتصف الطريق الذي يمكن من اجراء حوار. والمثير للجدل هنا ان هذه القوى لم تبحث عن طرف ثالث ليعمل على توفير مناخ ملائم للحوار الوطني ، رغم ان الواقع يقول ان هناك الكثير من الاطراف على مستوى الدول الصديقة والشقيقة لديها الاستعداد لفعل ذلك ابتداء من الجبهة الوطنية التقدمية وليس انتهاء بالقوى الفلسطينية التي تعلمت تضميد الجراح وهي التي اكتوت بنار الانقسام والاقتتل وهبت الى المصالحة ، على اختلاف البرامج والارضيات السياسية، وصولا الى تركيا التي ابدت استعدادها في المساعدة. ان ايصال الامور في المشهد السياسي الى القطيعة ومرحلة كسر العظم خطا سياسي جسيم سيؤثم عليه الجميع ومن يعتقد ان الحل سياتي من الخارج فهو آثم كذلك ، والتجربة من حولنا لا تجعلنا نستجير من الرمضاء بالنار، عندها لا ينفعنا حتى الرحمات. حسين موسى كاتب وصحفي فلسطيني

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل