المحتوى الرئيسى

د. عصام خليفة يكتب: صناعة الفلول

05/14 14:37

د. عصام خليفة يكتب: صناعة الفلول14 مايو 2011 |الجريدة (خاص) – كتب د. عصام خليفةالصناعة هي احدي المنجزات و المعجزات البشرية في العقود الأخيرة و ليست الصناعة كما يعتقد البعض في المعدات و الأدوات فقط و لكنها امتدت و تطورت لتشمل الصناعة الاجتماعية في الجنس البشري. فصار هناك صناعة اجتماعية تختص بالجنس البشري في وجود التطور التكنولوجي كصناعة النجوم أو حتى الرؤساء.كثر الحديث هذه الأيام بعد الثورة المباركة عن الثورة المضادة أو ما يسمي بفلول النظام و هذه الفلول بكل أسف هي صناعة مصرية ليس لها صانع سوي عدة عوامل تسببت في أظهار و صناعة هذه الفلول من قبل النظام السابق. نشأت و ترعرعت هذه الفلول علي مدي أكثر من ثلاثين عاما و تغلغلت بتوحش بين ثنايا المجتمع و صار استخراجها من وسط المجتمع من أصعب ما يمكن حتى أنها قد تحتاج سنوات للقضاء عليها. و في اعتقادي الشخصي أن صناعة الفلول من قبل النظام السابق كان بسبب عدة عوامل يمكن استخلاصها حتى نحاول بكل جهد  تلافيها مستقبلا حتى لا يظهر الجيل الثاني المطور من الفلول فيما بعد و يمكن تلخيص هذه العوامل كالآتي:عدم تداول السلطة: أن استمرار الشخص في منصبه القيادي أكثر من ثمانية سنوات حسب الدراسات العلمية يخلق ديكتاتورا يحاول الحفاظ علي حكمه بواسطة تسخير فلول السلطة و في نفس الوقت يفتقد إلي تجديد الفكر.غياب العدل و العدالة: تقاس تقدم أي دولة و نهضتها بالعدل و العدالة و لكن في فترة النظام السابق تم إقصاء جزء كبير من قضاة مصر الوطنيين الشرفاء و تهميشهم حتى غاب العدل و إذا غاب العدل عم منطق القوي و هو مناخ مناسب لظهور فلول القوة. أما غياب العدالة فتمثل في تطبيق القانون علي فئتين من الشعب و هو الفقير و الضعيف و من هذا المنطلق ساد وجود فلول القوة. و يحضرني قول الشاعر المصري الأصيل عن تطبيق القانون علي الفقراء فقط: تسرق شلن تبقي هيصة و دوشة و جريمة /  تسرق ألوف الألوف تبقي من الأبطال كل ما السرقة تكبر يبقي القانون سيمة /  و كل ما السرقة تصغر يبقي فيه حرام وحلال فيجب أن يتساوي الجميع أمام القانون و يطبق علي الغني قبل الفقير و علي القوي قبل الضعيف حتى تكون مصر بحق دولة مؤسسات.وجود العشوائيات: هذه العشوائيات هي مناخ جيد لصناعة أيدي الفلول التي يستطيع البطش بها و العبث في المجتمع عن طريقها و للبيئة تأثير حاد علي تصرفات الشعب فالبيئة العشوائية هي مناخ جيد لظهور مساعدين و مساندين لفلول السلطة و القوة فيمكن مثلا مع غياب الوعي في العشوائيات شراء أصوات بعض الناس بثمن بخس.عدم تكافؤ الفرص بين أفراد الشعب: هناك العديد من المستثمرين يستطيعون عمل مشروعات تنموية لو أتيحت لهم الفرصة بأخذ المتر بجنيه مصري فلابد من  إتاحة الفرصة لجميع المستثمرين بنفس القدر و علي قدم المساواة حتى تستفيد الدولة أكبر استفادة. و يمكن القياس علي بعض أفراد الشعب التي تري بوضوح ما يفعله النظام فظهر فلول  السلب و النهب.سيادة ثقافة المشاهير: لا يوجد في المجتمع قدوة حقيقية ظاهرة فتقلصت الرياضة في كرة القدم و الفن في التمثيل و الغناء فغابت الصورة المضيئة لفنان موهوب أو رياضي اوليمبي أو لطالب علم مجتهد أو مخترع أو حتى عامل مكافح بسيط و شريف  فاندثرت القدوة في المجتمع علي كافة مستوياته و سادت ثقافة المشاهير السطحية و ظهر فلول التنويم.غياب التعليم و الثقافة: التعليم هو التعليم النظامي أما الثقافة فليس لها حدود و هي التي تخلق الوعي الشعبي. و لذلك نجد الكثير من خريجي الجامعات المتعلمين قد لا يفرق بين الشيعة و الشيوعيين أو الأمم المتحدة و الولايات المتحدة نتيجة غياب الثقافة. أما قديما فقد تجد شخصا متعلم تعليم بسيط و لكنه في قمة الثقافة. غياب هذا النموذج و الذي يعطي المجتمع توازنا هو مناخ خصب لظهور غوغائية الفلول.تصدير جميع المشاكل للجانب الأمني و ليس السياسي: غياب الرأي السياسي المعتمد علي الفعل أو التنبؤ بالأحداث و ليس رد الفعل الأمني دائما. فتقلص دور الشرطة في حماية النظام قليل الحيلة سياسيا و ليس حماية القانون و الشعب فأرتفع شأن فلول النظام.البعد عن العقلانية و الاحترافية في مواجهة الأمور: أصبح لكل مجال فلول تحميه و الفلول دائما لا تعتمد علي المنطق في معالجة الأمور و يتميزون بالصوت العالي و المسموع نتيجة حمايتهم من فلول السلطة و القوة و الغوغائية.الاعتماد علي أهل الثقة و ليس أهل الخبرة: نتيجة أحساس الفلول بالضعف و السطحية فكل رجل سلطوي في الدولة يعين من يثق فيه لكي يستمر في السلطة فظهرت فلول تسيير الأعمال.التشبث بالرأي و عدم قبول الآخر: نتيجة اجتماع العناصر السابقة ظهر التشبث بالرأي و عدم قبول الآخر. و الناس علي شاكلة ملوكهم نتيجة الاستخفاف بمن نختلف معه في الرأي. فكان النظام يقول (خليهم يتسلوا) و آخر يقول (مصر مش تونس) نتيجة الاستخفاف بالمصريين الأحرار. و هذا هو الخطر القادم علي مصر نتيجة ثقافة الموروثات المرئية و هي تحتاج إلي عمل اجتماعي شاق لمحو هذه الثقافة المتولدة في المجتمع. فنري الفلول العرقية و الفكرية بين المسلمين و الأقباط أو السلفيين و الصوفية أو حتى بين جماهير فريقين في مباراة لكرة القدم فظهرت ثقافة التخوين و البعد عن النقد البناء نتيجة التشبث بالفكرة و عدم قبول الآخر. انه بحق الخطر القادم علي مصر في المرحلة القادمة و أن لم نتخلص منه فلن تقوم لمصر حماها الله قائمة لأنها سوف تصنع الجيل الثاني من الفلول و هو أشد خطرا و بأسا من الجيل الأول.نريد جميعا كمصريين أن نطوي صفحة الماضي و ننظر إلي الأمام و يكون كل شخص شريف أو موهوب في عمل بناء هو قدوة الأمة لأننا و السبب الأهم شاركنا جميعا بسكوتنا و سلبيتنا في صناعة هذه الفلول قال تعالي في و صف فرعون: (فأستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين). فلابد في النهاية من الرقابة الشعبية بالشعب لنفسه فسكوتنا و سلبيتنا هي الصانع الأول للفلول و حولتنا إلي فلول الصمت فيا عزيزي كلنا فلول.بإمكانكم دومًا متابعة آخر أخبار الجريدة عبر خدماتها على موقع تويتر أو عبر موقع فيسبوك. google_ad_client="ca-pub-7775829105464138";google_ad_slot="2278089965";google_ad_width=336;google_ad_height=280; اقرأ أيضًا:د. عصام خليفة يكتب: دولة ديمقراطية أم دينوقراطية؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل