المحتوى الرئيسى

لماذا تفترس الشائعات العقل المصرى بسهولة؟

05/14 08:06

هل تستطيع أن تنشر شائعة فى مؤتمر علمى؟ هل تستطيع أن تقول فى مؤتمر طبى محترم إن دواء قد شفى فيروس سى فى المكسيك بنسبة مائة فى المائة أو أنه قد عالج جميع أنواع السرطان فى موزمبيق، أو تقول فى مؤتمر هندسى إن الموتور الذى اخترعته يجعل التوك توك يطير أو البسكليته تغوص؟.. سيقول لك الحاضرون فى نفس واحد هات دليلك، أثبت ما تقول وأعطنا حيثيات اكتشافك، نحن لا نصدق إلا بالأدلة والأبحاث، وهكذا تموت الشائعة قبل أن تولد، تموت بالضربة القاضية العقلية. العقل العلمى الذى تربى على المنهج العلمى الصحيح من الصعب جداً أن تفترسه الشائعات أو يضحك عليه تجار النصب والدجل وسماسرة الأوهام والخرافات، فهو عقل محصن بالأسئلة والفضول، لا يقبل شيئاً إلا بعد المرور على فلاتر علامات الاستفهام، من الممكن أن تصف هذا العقل بالرذالة والغلاسة والوسوسة، إلا أن كل هذه الاتهامات التى تصف بها هذا العقل هى سبب حضارة الغرب العلمية التى تفوق بها على بلادنا المصابة بداء معاداة العقل وفوبيا العلم. لماذا صار العقل المصرى الجمعى صيداً سهلاً للشائعات؟  لماذا بمجرد شائعة ملفقة أو خبر تافه مفبرك تتحرك الجماهير الهادرة كقطعان الخرفان دون السؤال عن مضمون الشائعة أو البحث فى صياغتها الرديئة أو مناقشة نسيجها المهترئ اللا معقول؟!.. الحق كاميليا، الحق عبير، امسك يا جدع الكنايس فيها أسود ونمور، فيه زيت ودموع بتنزل من صورة فى إحدى الكنايس بتشفى الشلل، هناك ست كفيفة فتحت وشافت يوم ظهور العدرا، هناك غابة ألمانية يلتف فيها الشجر على هيئة لا إله إلا الله محاطة بالمدرعات حتى لا يخر أمامها الألمان ساجدين مسلمين، هناك شجرة على طريق مصر ـ إسماعيلية مكتوب عليها لفظ الجلالة، هناك طفل من عائلة الزمر شفاه الإنجيل الموضوع تحت الوسادة من سرطان المخ!!...إلخ.  كل هذا ونحن نصدق ونحتفل ونحتفى وندق الدفوف، دون سؤال، دون استفسار، دون طلب دليل، مرض الخرافة لم يعد يفرق بين مسلم ومسيحى، صار مرضاً مصرياً، الخرافة هى السلوك الوحيد الذى صالح المسلم على المسيحى، وظهرت فيه أقوى أواصر الوحدة الوطنية! الكوكتيل الهادر من الجماهير التى حركتها شائعة تافهة فى صول أو إمبابة فأحرقوا ودمروا.. هذا الخليط الذى نزع من مخه سوفت وير السؤال والاستفسار والعقل النقدى، كان منهم المتعلم والحاصل على شهادة جامعية، بل من الممكن أن يكون منهم الحاصل على الدكتوراة.. لم يكن كلهم أميين، كما يروج البعض، وعندما تجد أن هناك الكثير من مشاهير الدعاة السلفيين أطباء، بل عندما تعرف أن صاحب صفحة الفتنة على الـ«فيس بوك» التى أشعلت أحداث إمبابة هو طبيب أيضاً، فلا تتعجب أو تندهش، فهؤلاء قد تعلموا الحفظ والصم والتلقين فقط.. نعم، هو يحمل شهادة جامعية ولكنه لا يحمل منهجاً علمياً فى التفكير، وهناك فرق كبير بين الاثنين.. من الممكن أن يفكر بقال فقير متواضع حاصل على الإعدادية بعقلانية أفضل منه، لأنه فقط تعلم أن يسأل: «كيف؟»، تعود أن يحمل معه دهشة وفضول الطفل بداخله، والمهم أنه احترم منحة الله التى تقبع فى جمجمته التى تسمى المخ. [email protected]  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل