المحتوى الرئيسى

أكاذيب في ذكرى النّكبة بقلم صلاح حميدة

05/13 23:00

قال رئيس الدّولة العبرية شمعون بيرس في خطابه للجمهور، أنّ شعبه أقام دولة عبارة عن جنة خضراء، بعد أن أتوا إليها وهي صحراء قاحلة، وهو هنا يستمر في ترويج دعاية صهيونية قديمة تقول بأنّ الفلسطينيين خرجوا ولم يطردوا من بلدهم، وتصبغ على الفلسطينيين صفة الحيوانية والبعد عن الحضارة، وتقول أنّها بنت دولة ديمقراطية في محيط دكتاتوري عربي، رواية تعتبر أنّ الفلسطيني وحش غوغائي دموي، وبالتّالي فقتله مباح وماله وتاريخه وأرضه ومقدّساته مستباحه. يأتي هذا الخطاب في ظل حالة الفزع التي يعيشها هذا الكيان من حجم تصاعد المد الجماهيري الفلسطيني والعربي والعالمي، الهادف لإعادة الفلسطينيين إلى أرضهم التي هجّروا منها ظلماً وعدواناً، وفي ظل عنصرية وفاشية غير مسبوقة تجتاح هذا الكيان من أقصاه إلى أقصاه، وفي ظل أزمة بنيوية ووجودية يعيشها هذا الكيان، فهذا الكيان يحمل بذور موته في داخله، وهذا النّوع من الكيانات محكوم بالموت بحكم الطّبيعة والواقع والتاريخ. يعتقد هؤلاء اللصوص أنّ ترديد الأكاذيب سيجعلها حقيقة، ففلسطين - قبل الإحتلال- كانت جنة خضراء تزرع بالكثير من الفواكه والخضار والحبوب، وهي ذات أقاليم مناخية متنوعة، جعلتها تزخر بكمّ كبير وواسع من المنتوجات الزّراعية والحيوانية، وأصبحت فلسطين بلداً مصدّراً للبرتقال اليافاوي وغيره من المنتوجات الزّراعية، وفلسطين كانت تزخر بحركة سياسية و صحفية وفكرية نشطة، ولم يكن شعبها عبارة عن رعاة وغوغاء متخلّفين، فيها عمارة مميّزة، وتجارة نشطة، وموانىء وسكك حديد وحركة مواصلات نشطة، فيها حركة سياحية دينية وترفيهية داخليّة وخارجية، فيها قطاع مميّز للفندقة، لذلك فالدّعاية الصّهيونية في هذا الموضوع ليست إلا ترويج لأكاذيب ممجوجة تحاول إصباغ صفة الملائكية على دولة من السّراق وقطاع الطّرق والمجرمين، الّذين سرقوا أرضاً لا تعود لهم بالمرّة وقتلوا وشرّدوا شعبها. أمّا الفلسطينيون المطرودون من بلدهم، فلم يخرجوا رغبة في الخروج، ولكن تم قتلهم وطرد الأحياء منهم وسرقة بيوتهم وممتلكاتهم، بل تمّ ارتكاب فظائع ضد البشر والحجر والمقدّسات بدأت في دير ياسين ولم تنتهي عندها، بل استمرت العصابات الصّهيونية في ارتكاب المجازر وهدم المنازل والمنشآت ومصادرة الأراضي -حتّى اليوم- لإثارة الخوف والهلع في قلوب الفلسطينيين وتهجيرهم، ولعل رفض الحكومة الصّهيونية ومحكمتها الإفراج عن وثائق وصور توثّق مجزرة دير ياسين ( خوفاً على أمن إسرائيل) كما قالت المحكمة والحكومة، يدل على حجم الفظائع التي ارتكبت بحقّ المدنيين هناك، بل يدل أيضاً على أنّ ما ارتكب من فظائع بعيداً عن شهود العيان أكبر بكثير مما نقل على ألسنة من شهدوا وعاشوا تلك المجزرة. محاولة نزع الصّفة الإنسانيّة عن الفلسطينيين، لها أبعاد تتعلّق بعقليّة اللص الذي يسرق أملاك غيره، وعندما يضبط بالجرم المشهود يرتكب جريمة مضاعفة بقتل صاحب هذه الأملاك، ويستمر فيما بعد في قتل أبناء وأحفاد هذه الضّحية الأولى لعمليّة السّطو المسلّح، ولذلك يلزمه ترويج دعاية عنصرية إجرامية تعمل على صبغ المطالبين بحقّهم المسروق، بصفات تنزع عنهم الإنسانية حتى يتم تبرير استمرار ارتكاب الجرائم بحقّهم، والإستمرار في الاحتفاظ بأملاكهم المسروقة. بيريس ومن عايشوه ،قديماً وحديثاً من الصّهاينة، أقاموا دولة على أرض مغتصبة لحقوق الغير، وهي دولة ديمقراطية لليهود فقط، أمّا تجاه الآخر المختلف عنهم، فهي دولة عنصرية إجرامية متكبّرة خارقة للقوانين، تقتل وتسلب وتدمّر وتقرصن وتختطف وتغتال بلا حساب ولا عقاب، وهي عبارة عن آلة قتل إجرامية تعمل بلا ضوابط ولا قوانين، فهي بالتالي دولة تجمع مجموعة من القتلة المأجورين، يخدمون أهداف سياسية واستراتيجة غربية لها أطماع في الأرض العربية، ومركزها فلسطين، هذه السّياسة تقوم على دعم دكتاتوريّات استبدادية تحمي هذه الدّولة الاغتصابية المستحدثة، وترتبط معها في علاقة تبادل مصالح، وخدمات متبادلة، من ضمنها الخدمات الدّعائية التي يحاول تسويقها بيريس وأمثاله. هذه الطّريقة العنصرية الإجرامية في التّفكير والبنية الثقافية والإستراتيجية لهذه الدّولة، تلزمها بالوقوف في صف الحكومات الإستبدادية، ودعمها بالسلاح والنّفوذ والإعلام والإستخبارات، وتدفعها للوقوف ضد الحراك الشّعبي العربي المطالب بالحرّية والمشاركة السّياسية، فهي تتشارك في سياستها مع تلك الأنظمة بفرض نفسها على الشّعوب بالقوّة العسكرية والقمع الإجرامي، وهي تعلم أنّ نهاية الأنظمة الاستبدادية العربية سيعجّل في نهايتها لا محالة. حركة التّاريخ تسير دائماً بعكس ما تريده القوى العنصرية الإحتلالية الإجرامية، وتحطّم في طريقها كل العقبات التي يضعها هؤلاء والمستبدّون والمجرمون، ولذلك فقد اقتربت نهاية هؤلاء، أمام تساونامي ثورة الشّعوب العربية، ففجر الحرّيّة اقترب ودقّ أبواب سجن الشّعوب العربية، وعلى رأسها الشّعب الفلسطيني، فجر سيزيل كافّة الأكاذيب التي لن تستطيع الصّمود أمام رياح الحرّيّة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل