المحتوى الرئيسى

أي دور للمغرب في النسخة الموسعة من مجلس التعاون الخليجي؟

05/13 19:34

الشرقاوي الروداني يعيش العالم العربي تحولات سياسية واجتماعية سيكون من الصعب التكهن بمستقبلها ومآلاتها في ظل وجود متغيرات أصبح من اللازم التعامل معها برؤية ومنهجية تكتلية لمجابهة الصعاب، وإعادة تثبيت التوازنات الجيوسياسية في شرق أوسط متقلب، ومركب من خلال سلام قابل للانفجار في أي لحظة، وفي داخل محيط عربي يعرف ثورات داخلية حيث الانجرافات لا يمكن التنبؤ بها نجد التكامل والاندماج الاقتصادي آليتان قويتان لتجاوز إخفاقات السياسات الإقليمية. كل هذا من أجل بناء فضاء عربي تكون من خلاله التكتلات فرصة للقراءة مستقبلية متأنية. في السياسات الإقليمية الدولية وحتى التصور السياسي الداخلي للدولة ما لا يمكن وضع إستراتيجية ولا خطة حكومية بدون وضع مقاربة تدقيقية تكون الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط مأخوذة بعين الاعتبار، هذه المنطقة هي القلب النابض للطاقة العالمية وهي أيضا منطقة الصراعات السياسية ولإيديولوجية، فالصراع الإسرائيلي ـ العربي حتى وإن تم تخفيف حدة التوتر من خلال اتفاقيات السلام لـ "كامب ديفيد"، نجد أن الصراع الإيديولوجي من خلال الثورة الخمينية في إيران وطموحاتها يجعل التنبؤ بالمستقبل على المدى المتوسط والمدى البعيد عملية افتراضية. فمنطقة الخليج إستراتيجية، فهي نقطة التقاء بين عوالم مختلفة من القوقاز، إلى آسيا الوسطى، فالشرق الأوسط، ومن ثم الخليج الفارسي، وهذا الالتقاء يجعل منها منطقة ذات أهمية إستراتيجية وجيوسياسية بالغة للجميع دول العالم، هذا المعطى، جعل من أي تصعيد عسكري و هزة سياسية قد تؤثر بشكل قوي على اقتصاديات دول العالم، فالخطاب المنتظر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي في23 من الشهر الجاري، قد ربما يكون نقطة رجوع إلى الوراء ويمكن أن يعصف بحالة الاستقرار الهش الذي تعيشه المنطقة العربية، خاصة مع وجود أصوات داخل إسرائيل تدفع برئيس حكومتهم إلى تبني مواقف راديكالية من حق العودة وتكريس لقانون الكنيست "الحاضر الغائب"، وحتى نسف المصالحة الفلسطينية. وربما قد يكون هذا الخطاب فرصة للمناورة من خلال حشد الدعم للضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية. كل هذه التحولات التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط لها ثأتير كبير على السياسة الخارجية للمغرب، فالفشل الذريع لمشروع اتحاد المغرب العربي، وتعثر العلاقات الجزائرية المغربية التي تعيش حالة فتور تام، يجعل التكتل الجديد، الذي دعي المغرب إليه، من خللا مجلس التعاون الخليجي، فرصة قوية للرباط لوضع آليات جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي، مع دول ترى السلطات المغربية أن الروابط مع دول الخليج أكثر في صبورة العد أكثر من عوامل التفريق. فحالة اللاستقرار التي تعيشها ليبيا والمخاض العسير الذي تعيشه تونس، زيادة على الأجواء السياسية المكهربة التي تنغمس فيها موريتانيا، يؤكد أن مشروع منطقة مغاربية يبقى صعب التنفيذ، على الأقل، على المدى المتوسط. إن للمغرب تجربة في عدة ميادين يمكن أن تفيد دول الخليج، التي تعيش تحولات في مفهوم التنمية السياسية، وتقلبات في البنية الاجتماعية، زيادة على ذلك، الأمن الداخلي لدول الخليج له تأثير كبير على استقرار المغرب وأمنه. فوجود درع أمني دفاعي قوي يمكن أن يكون قوة ردع لأي محاولة إيرانية للتغلغل في منطقة ذات خصوصيات لها ارتباطات بالحالة الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، والتكتل الجديد يمكن أن يكون صمام آمان للمحيط عربي في حالة أي تغيير أو عملية إعادة تشكيل ما. ويبقى من شأن هذا التعاطي المغربي مع التكتل الجديد أن يقوي من مركزه داخل معادلات التعاون السياسي والأمني والاقتصادي الذي تجمعه مع الاتحاد الأوروبي ودوله، فالمغرب كما أنه قاطرة التعاون جنوب ـ شمال، يمكن أن يلعب دورا كبيرا في عملية التعاون مشرق ـ شمال، من خلال دور فعال في عملية السلام في الشرق الأوسط، والعمليات الأمنية ذات البعد العالمي؛ خاصة مع كثافة العلاقات المغربية ـ الأوروبية، والتي كانت تكللت باتفاقية "الإطار المتقدم" مع الاتحاد الأوروبي. وفي نفس الاتجاه، تظل الرهانات السياسية والإستراتيجية في منطقة الخليج العربي من الممكن أن تستفيد إيجابيا من المكانة المتميزة للمغرب في حلف الشمال الأطلسي، والتي جعلت من المغرب يكتسب خبرة متميزة في المجالات الأمنية، كمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب وفي مجالات الدفاع العسكري. ومن الممكن في لغة الاحتمالات أن تكون المملكة المغربية صاحبة قدرة على لعب دور إستراتيجي قوي في منطقة الخليج العربي ذات الطبيعة المفرطة في الحساسية، فالمقاربة التقليدية، التي تقتدي تقوية العلاقات مع دول الجهات المحاذية، أبانت على فشلها، وجعلت المغرب يفقد وقتا كبيرا في عملية التنمية. ونقطة تميز الحياة المؤسساتية للمغرب، مكسب قد يقوي المقاربة التفاوضية للمغرب ويجعله يتطلع للعب ادوار أكثر طلائعية على المستويين العربي والدولي، زيادة على التراكمات المؤسساتية التي تطبع البنية السياسية للمغرب، وما يوازيها من تجربة خاصة مع الاتحاد الأوروبي، عناصر يمكن أن تجعل من الاتفاق الجديد مع مجلس التعاون الخليجي فرصة للطرفين للوصول إلى بناء مستقبل في إطار شراكة مبنية على توازن المصالح، خاصة مع وعود الإدارة الأمريكية الجديدة بتبني سياسة شرق أوسطية، لا أحد قادر على التنبؤ بآلياتها خاصة في عالم عربي يعيش على إيقاع الثورات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل