المحتوى الرئيسى

انضمام المغرب لمجلس التعاون الخليجي .. هل سيدفعه لإستدارة ظهره للإتحاد المغاربي و لإتفاقية أكادير ؟ بقلم: عبد الواحد الأشهب

05/13 20:46

• عبد الواحد الأشهب (صحافي مغربي) أنهت القمة التشاورية الخليجية أعمالها في الرياض مساء الثلاثاء ، وأشار بيان مقتضب صدر عقب الاجتماع إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تبحث طلب انضمام تقدمت به كل من الأردن والمغرب. وهو ما يفهم منه أن المغرب هو الذي طلب هذا الإنضمام، فيما بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون ذكر أن " المملكة المغربية تلقت باهتمام كبير الدعوة التي وجهها مجلس التعاون الخليجي، المنعقد الثلاثاء بالرياض، بهدف انضمامها إلى هذه المنظمة وطلب مجلس التعاون الخليجي فتح مشاورات مع المغرب حول هذا الموضوع ". وحتى لا يفهم قبول المغرب لهذه الدعوة الخليجية بانه تخلي عن حلم الوحدة المغاربية، فإن البلاغ ذكر "بتشبث المملكة الطبيعي والثابت بالطموح المغاربي وبناء اتحاد المغرب العربي الذي يعتبر خيارا استراتيجيا أساسيا للأمة المغربية ". و فسر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي هذه الخطوة بأنها تأتي انطلاقا من وشائج القرب والمصير المشترك ووحدة الهدف وتوطيدا للروابط والعلاقات الوثيقة القائمة بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية. كما أن هذه الخطوة، يضيف الامين العام لمجلس التعاون الخليجي، تأتي متماشية مع النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي وميثاق جامعة الدول العربية اللذين يدعوان الى تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوى. و ذهب بعض المحللين إلى كون هذه الدعوة الخليجية المتأخرة لربما وراءها رغبة دول الخليج في إنشاء جبهة عربية موسعة ضد إيران، خصوصا وان البيان الختامي للقمة عبرعن " بالغ قلق القادة الخليجيين لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون من خلال التآمر على أمنها الوطني ، وبث الفرقة والفتنة الطائفية بين مواطنيها في انتهاك لسيادتها واستقلالها ، ولمبادئ حسن الجوار والأعراف والقوانين الدولية ، وميثاق الأمم المتحدة ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي". وجدير بالذكر أنه في الوقت الذي يحاول فيه المغرب تعويض الجمود الذي يصيب هياكل الإتحاد المغاربي بعلاقات ثنائية إقتصادية مع بلدان المغرب العربي، كما يحصل حاليا مع الجزائر، فإنه في ذات الوقت لا يمكنه الإستمرار في التمسك بهذا الحلم الوحدوي الذي صار كخيط دخان، خصوصا وان المبادلات التجارية بين دول إتحاد المغرب العربي لا تتجاوز %3,5، وعدم الإندماج المغاربي يكلف كل دولة من الدول الخمس 2% سنويا من ناتجها الداخلي الخام، لهذا من الطبيعي أن يكرس المغرب سياسة الإنفتاح الإقتصادي و التجاري التي بدأ سلوكها منذ الثمانينيات، ما مكنه من إبرام اتفاقيات للتبادل الحر مع 55 بلدا من أعضاء الإتحاد الأروبي و تركيا و بلدان عربية و إفريقية، و قد وطد عزمه على المساهمة في وحدة اقتصادية عربية من خلال إعلان أكادير لسنة 2001 المتعلق بإنشاء منطقة تبادل حر بين البلدان العربية المتوسطية، بدء بالمغرب، تونس، مصر و الأردن، كنواة لسوق عربية موحدة. إلى ذلك أظهرت التجارب أن للمغرب قدرة فائقة على الإندماج في كل الإقتصاديات العالمية، ولا أدل على ذلك من حصوله على الوضع المتقدم لدى الإتحاد الأوربي كتعويض لرغبة الملك الراحل الحسن الثاني في الحصول على عضوية كاملة في هذا الإتحاد، و كذا إبرامه لإتفاقية تبادل حر مع الولايات المتحدة الأمريكية، و لهذا فاندماجه في الفضاء الخليجي من خلال مجلس التعاون الخليجي لن يكون صعب المنال، نظرا اولا للتشابه الحاصل بين الأنظمة في هذه البلدان و النظام المغربي، وإن كان المغرب متقدما عليها في جانب الحداثة و تعزيز حقوق الإنسان، و هذا التشابه يتيح تطابقا في وجهات نظرالجانبين حول القضايا الأساسية، وهو كذلك ما خلق دعما من كل طرف للآخر حتى في القضايا الوطنية، مثل دعم المغرب في قضية وحدته الترابية و دعم هذا الأخير لمطالب الإمارات لإستعادة جزرها الثلاث المحتلة من طرف إيران( أبو موسى، طنب الكبرى، طنب الصغرى)، و لكن هذا الإمتياز في العلاقات السياسية بين المغرب و دول مجلس التعاون الخليجي لم يوازه تقدم في العلاقات الإقتصادية، وإن لوحظ منذ منتصف التسعينيات تدفق للإستثمارات الخليجية بالمغرب، و هي استثمارات تكاد تنحصر في القطاعين السياحي و العقاري، و كذا من خلال قروض لتمويل تجهيزات أساسية مثل الطرق السيارة و السدود يتلقاها المغرب من صناديق خليجية للتنمية الإقتصادية، كما هو الشأن لدى الصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية العربية و صندوق أبوظبي للتنمية، و لاحظنا مؤخرا كيف انه تحت وطأة الأزمة المالية العالمية اضطر مستثمرون خليجيون لتوقيف استثماراتهم بالمغرب سنة 2009 كما حصل مع شركة "دلة البركة" السعودية في المحطة السياحية لتاغازوت بأكادير و مع شركة" سما دبي" في مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، وإن كان العديد منهم أصبح يعود مؤخرا للمغرب. مع ذلك ظل مجال الإستثمارات الخليجية في المغرب ضيقا، ما يتطلب توسيعه ليشمل مجالات أخرى غير العقار و السياحة، منها التكنولوجيات الحديثة، التكوين و المعرفة، الطاقات المتجددة، الإستثمار في المجال الرياضي ، في الميدان الزراعي و ميدان الخدمات. يشار أن دول مجلس التعاون الخليجي تشكل 65% من الصادرات البينية العربية، تليها دول المشرق العربي ب 23%، ثم دول المغرب العربي ب9%. أما بالنسبة للواردات فتشكل دول مجلس التعاون الخليجي 41%، وتشكل دول المشرق العربي 26% منها، ثم دول المغرب العربي بنسبة 24%، وتعرف وحدة دول التعاون الخليجي تعثرات ، فبالرغم مما حققته على مستوى عبور السلع و الأشخاص من خلال بداية العمل بالإتحاد الجمركي منذ 2003 ، فإن الإتحاد النقدي الذي كان معولا على تنفيذه في السنة الماضية لم ينفذ بعد، وكانت كل من الإمارات و سلطنة عمان قد انسحبتا منه في يونيه 2009. وهكذا و إذا ما أسفرت المحادثات بين المغرب و مجلس التعاون الخليجي عن انضمام المغرب لهذا المنتظم الإقتصادي الخليجي، فهل سيستطيع تحقيق منافع للإقتصاد الوطني تعوضه عن منافع تناقصت سواء مع الإتحاد الأوربي في الشق الفلاحي أو مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تغنم من اتفاقية التبادل الحر ما لا يجنيه المغرب منها؟ وهل بمقدور زيادة تدفق الإستثمارات الخليجية على المغرب و طلب العمالة المغربية في الخليج ،ان يساهم في حل معضلة البطالة ؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل