المحتوى الرئيسى

الثقافة أوسع من الدين

05/13 10:56

بقلم: محمد برادة 13 مايو 2011 10:46:42 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; الثقافة أوسع من الدين  غدت ظاهرة الاصطدامات الدموية بين مسلمين وأقباط فى مصر، خلال العقدين الأخيرين، مثار قلق وتساؤلات؛ لأنها تلفت النظر إلى وجود أزمة عميقة بين أبناء وطن واحد عاشوا، من قبل، فى وئام واحترام متبادل.واستجابوا جميعا لمقتضيات التاريخ والوطن، سواء فى مرحلة الكفاح من أجل الاستقلال، أو عند بناء المجتمع والثقافة ودور مصر الطلائعى.. لكن تكرار الاشتباكات وسقوط الضحايا، يفرض التساؤل عن أسباب هذه الأزمة: هل الدينان لم يعودا قادرين على التعايش والتفاهم؟ أم أن الأمر يتعلق بقوى مغرضة تريد توظيف التعصب لتعطيل مسيرة مصر نحو التجدد والنهوض وبناء مؤسسات ديمقراطية؟أنا أعرف، من خلال معاشرتى لمصر، عن قُرب وعَن بُعد، أن التعصب الدينى لا يشكّل عنصرا مُكونا للشخصية المصرية، المتفتحة، المتسامحة والمتجاوبة مع مختلف الحضارات. ولا أذكر خلال السنوات التى أمضيتها بأرض الكنانة، من 1955 إلى 1960، إن اشتباكات قد وقعت أو أن علامات تعصب أعربتْ عن نفسها من جانب أو آخر. بل أكثر من ذلك، أمضيتُ سنتى الأولى بالقاهرة من دون أن أنتبه إلى أن هناك نسبة لا بأس بها من القبطيين المصريين، لأن التلاميذ الذين كانوا معى فى فصل شهادة التوجيهية، لم يكونوا يحملون صُلبانا أو يتحدثون عن دينهم؛ ولم أعرف أننى كنت أعاشر أقباطا أيضا إلا فى نهاية السنة، عندما دعانا زميل قبطى إلى منزله ولاحظتُ وجود علامات وصور على الجدار تحيل على الدين المسيحى! لكن «اكتشافى» لوجود الأقباط فى مصر لم يؤثر مطلقا على علاقتى بالأصدقاء ولا على الاحترام الذى أكنُه لهم. وفى مطلع دراستى بجامعة القاهرة، كنت معجبا بذلك الشعار الذى بلورتْهُ الحركة الوطنية المصرية: «الدينُ لله والوطن للجميع».إلا أن بروز هذه الأزمة فى سياق التحولات المتلاحقة التى عاشتها مصر، منذ عهد السادات، يقتضى أن نأخذ فى الاعتبار المناخ الاستبدادى والانحراف السياسى اللذين مهّدا الطريق أمام صعود التعصب وظهور التكتلات المافيوية، واستقواء الحركات الدينية التى تمارس السياسة تحت أستار العقيدة.. وكما هو معلوم فى التاريخ، استفحال الأزمة السياسية وتبديد القيم الحافزة على بناء المستقبل، يفتحان الطريق أمام «تحريف» مجالات النضال، ويجعلان التعصب وسيلة سهلة للبطولة تحت قناع الدفاع عن الدين!الآن، تأتى اشتباكات إمبابة المؤسفة فى سياق ثورة 25 يناير التى أشّرتْ على طريق الخروج من أزمة مجتمعية شاملة، نتجتْ عن تراكم الاستبداد والفساد وغياب العدالة والإنصاف؛ وهو سياق يفرض مجابهة هذه الظاهرة السلبية المعطّلة لمعركة الدمقرطة والتغيير، بقوة وحزم من مجموع أبناء الشعب المصرى، أقباطا ومسلمين، لأن منْ أشعلوا فتيلها يرومون إلهاء المواطنين عن المُضىّ فى معركة بناء حاضر ومستقبل مصر العائدة إلينا من سديم الاستبداد، ومن أخطبوط النهب والتدليس. وأرى أن من بين ما تقتضيه مواجهة أزمة التعصب الدينى مسألتين: الأولى، تطبيق القانون فى معاقبة الذين يتعيّشون من اختلاق الفتن، والمسألة الثانية تتصل بالعمل على اجتثاث التعصب من جذوره، أى من خلال مراجعة برامج التعليم، ومن خلال الحوار الدائم الذى ينطلق من مبدأ كون الثقافة أوسع من الدين، ذلك أن الدين هو فى العمق، علاقة تربط الفرد بالله، بينما الثقافة تحقق انتماء المواطن إلى التراث والمستقبل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل