المحتوى الرئيسى

عن الفلول والثورة المضادة

05/12 08:20

جميلة قصة «الفلول» التى اخترعها البعض ثم ما لبث أن صدقها البعض الآخر.. كما هى جميلة أيضاً قصة أن أهل السلف وراء كل حدث طائفى يحدث فيه اعتداء على الإخوة الأقباط.. وكأن هذه الحوادث جديدة علينا جميعاً. نبدأ أولاً بقصة «الفلول» وهى مرادف لكلمة «الثورة المضادة» التى اخترعها واحد من الكتاب الكبار الذى استخدم نفس اللفظ عقب قيام ثورة يوليو، عندما قال إن هناك ثورة مضادة ضد ثورة الضباط، وظل التعبير دارجاً إلى أن ثبت للدنيا أن الثورة المضادة يقودها الضباط أنفسهم الذين قاموا بالثورة! لكن صاحبنا ما فتئ يستخدم نفس المصطلح بذات المعنى عندما قامت ثورة 25 يناير المجيدة.. لكن ما إن قال به حتى وجدت فيه الحكومة ضالتها فى تبرير كل تقصير وإهمال وانفلات وعدم قدرة على ضبط وربط الدولة التى أصبحت رخوة، فأصبح كل تقصير وإهمال من أفعال الثورة المضادة، لدرجة أن اقتحام السجون وهروب المساجين أثناء الثورة سبق أن اتهم من يقولون بالثورة المضادة. جماعة الإخوان المسلمين آنذاك أصبحت بعد الثورة بقدرة قادر بعدما زادت عمليات اقتحام السجون وهروب المساجين الأيام الماضية من أفعال «الثورة المضادة». كما أن حوادث شارع عبدالعزيز وقطع الطرق فى قنا والدقهلية وجميع أنحاء مصر وكل ما شهدناه من سيولة أمنية ورخاوة يد حكومية أصبحت من أفعال الثورة المضادة. وجاءت أزمة إمبابة لتحوز الاتهام بالحسنيين وهما: «الثورة المضادة» و«السلفية»، وكأن المجتمع المصرى يرى لأول مرة اعتداء سافرا على دار للعبادة وحرقها وعمليات قتل وإصابات وترويع.. ونسى مثلاً حادثاً مشابهاً قبل عدة أشهر شهد تداعيات أخطر من حادث إمبابة، وهو حادث «كنيسة العمرانية»، وهذا ليس دفاعاً عن السلفيين، لكن الحقيقة أن هؤلاء ليست لهم علاقة بالحادث، وقد ثبت ذلك، وهذا أيضاً ليس معناه إعفاءهم من مسؤولية زيادة الاحتقان الطائفى فى الفترة الأخيرة بعد خروجهم من «الجحر» الذى كانوا يعيشون فيه تحت سمع وبصر وأمر مباحث أمن الدولة المنحلة. لكن اعتراضى هنا على «تعليب» الاتهام وتصديره دون بذل أى جهد أو عناء فى حل حقيقى للمشكلات التى يعيشها المجتمع منذ اندلاع الثورة والتى يأتى جلها فى الانفلات الأمنى الكبير الذى تشهده البلاد مما أضعف هيبة الدولة وأذهب ريحها. والحكومة الحالية ليست فى حِلٍّ من تصدير اتهامات غير صحيحة كهذه عن الأحداث التى تشهدها البلاد، لأنها ببساطة ورثت وضعاً اجتماعياً سيئاً للغاية وسياسات خاطئة أدت لكل ذلك، وهى ليست مسؤولة عنه الآن لكن مطلوب منها تغييره. والتغيير ليس فى اللحظة والحال، وبمقدورها أن تصارح الشعب بالقول إنها ترث وضعاً صعباً وهو حقيقى، وترث رخاوة أمنية تحتاج إلى عدة سنوات حتى تعود هيبتها وقوتها، لأن ما حدث أكبر منها ومن أى شىء. بمقدور الحكومة أن تحول كل محنة تمر بها الآن إلى منحة بتقديم علاج جديد مغاير لما كان يفعله نظام مبارك فيتحول «الحل» إلى نموذج تبتر من خلاله يد الطائفية البغيضة.. لو أردنا مثلاً الحديث عن محنة فتنة إمبابة فعليها أن تعمل على حل المشكلات الاجتماعية التى تنشأ هنا وهناك بحلول مبتكرة وجديدة تضمن للإنسان المصرى آدميته وحقوقه.. وألا تبحث عن شماعات للأحداث كما كان يفعل نظام مبارك.. أن تتعلم المواجهة وتجتهد فى الحل لا أن تذهب إلى الحلول السهلة وهى تعليب الاتهام وتصديره.. أن تستعين بالعلماء والباحثين كما تفعل كل الدول المتقدمة.. أن تدرك أنها حكومة بناء لدولة جديدة ولدت من رحم ثورة حقيقية.. ألا تظلم أحداً.. وألا تشارك فى ظلم أحد.. ولتدع الفلول والثورة المضادة إلى صاحب التعبير الأول!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل