المحتوى الرئيسى

الهند تقترب من الدائرة الأفغانية

05/12 11:24

الرئيس الأفغاني حامد كرزاي مستقبلا سينغ في كابل عام 2005 (الفرنسية)يبدأ رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ زيارة رسمية لأفغانستان تستغرق يومين في إطار محاولات نيودلهي إيجاد موطئ قدم في الجوار الغربي لجارتها اللدود إسلام آباد. وقرأ مراقبون هذه الزيارة في إطار إستراتيجية هندية جديدة تعمل من خلالها نيودلهي على الدخول على خط التطورات الإقليمية لمنطقة تتشابه في تعقيداتها الجيوسياسية بكافة مكوناتها التاريخية والإثنية والدينية من تعقيدات الشرق الأوسط نفسه. ويقول تقرير أعده معهد ستراتفور للدراسات الاستخباراتية الأميركي أن زيارة سينغ تأتي بالتزامن مع توتر العلاقات بين واشنطن وإسلام آباد على خلفية عملية مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن باعتبار أن واشنطن تريد من إسلام آباد ضمان الأمن الأفغاني لتسهيل عملية سحب القوات الأميركية من هناك. وبالتالي فإن زيارة الرئيس الهندي تعتبر رسالة غير مباشرة إلى القيادة الباكستانية تفيد بحجم الضرر الذي قد تتعرض له في حال عدم تجاوبها مع المطالب الأميركية. وفي معرض تفصيله لدلالات الزيارة، يعود التقرير الأميركي إلى تصريحات رئيس الوزراء الهندي الذي قال فيها إن بلاده تتطلع إلى رؤية طويلة الأمن لشراكة حقيقة مع أفغانستان. بعد 2005يُذكر أن هذه هي الزيارة الثانية لسينغ إلى أفغانستان التي سبق أن زارها عام 2005 أي عندما كانت الولايات المتحدة منشغلة في جهود الحرب على العراق وأفغانستان، مع الإشارة إلى أن نيودلهي استغلت سقوط حكومة طالبان عام 2001 لتعزيز علاقاتها مع كابل التي تعتبر عتبة مهمة للمصالح الإستراتيجية الهندية في عدائها القديم مع إسلام آباد. ويضيف التقرير أنه لم يعد خافيا على أحد أن الهند أقامت لها عيونا استخباراتية بالأراضي الأفغانية منذ ذلك التاريخ أولا لمراقبة الأنشطة الباكستانية وثانيا لدعم وتعزيز العلاقات مع الأقلية الطاجيكية المناوئة لحركة طالبان ومع المجموعات المناوئة لباكستان.  سينغ مستقبلا كرزاي في نيودلهي في أبريل/ نيسان 2010 (الفرنسية)اللافت للنظر أن الاستخبارات الأفغانية وقبل يوم واحد من وصول سينغ أعلنت اعتقال مجموعة كانت تخطط للهجوم على القنصلية الهندية بولاية ننغرهار، وعلى نحو يعكس حقيقة المخاوف الأمنية الهندية التي دفعتها للتعتيم على تفاصيل الزيارة الرسمية لسينغ إلى أفغانستان. من جهة أخرى -يتابع التقرير- لم تقف إسلام أباد مكتوفة الأيدي أمام التمدد الهندي في أفغانستان، وطلبت من الولايات المتحدة وقف هذا التمدد مقابل استمرارها في دعم جهود واشنطن في الحرب على ما يسمى الإرهاب. قلق مشتركويرى التقرير أن باكستان ليست الوحيدة في التعبير عن قلقها من الدلالات والتداعيات المحتملة لزيارة سينغ إلى كابل، بل ينسحب الأمر على واشنطن نفسها التي ستحاول استغلال الزيارة لتنبيه إسلام آباد مع إدراكها جيدا موقع باكستان الإقليمي وثقلها الأمني في أفغانستان وأهميته في تطبيق سياسة الخروج من ذلك البلد. كما تدرك الهند في نفس الوقت أن أي انسحاب أميركي من أفغانستان سيكون مرتبطا بشكل وثيق بباكستان، وبالتالي هذا يعني استمرار العلاقات الباكستانية الهندية بحكم الحاجة والأمر الواقع على حساب العلاقات الأميركية الهندية. ويرجح تقرير ستراتفور أن تكون زيارة سينغ تلك مجرد خطوة أولية لاختراق الدائرة الأفغانية لكن في حدود لا تخرج عن نطاق المسموح به أميركيا، مستشهدا على ذلك بأن المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان مارك غروسمان كان قد طلب -قبل 2 مايو/ أيار الماضي أي يوم مقتل بن لادن- من سينغ تأجيل زيارته إلى كابل. التداعيات المحتملةويقلل ستراتفور من حجم التأثيرات المنتظرة لهذه الزيارة لعدة أسباب أهمها أن مساحة جغرافية كبيرة معادية للهند تفصل الأخيرة عن ترسيخ أي نفوذ لها في أفغانستان، فضلا عن افتقارها للدعم الدبلوماسي لتطوير وجودها بذلك البلد إلى أبعد من مجرد علاقات تكتيكية مع مجموعات ضعيفة مناوئة لطالبان أو باكستان. وما يدل على هذا الإقصاء الدبلوماسي، أن الهند دائما مهمشة في أي مؤتمر دولي حول أفغانستان بسبب الرفض الباكستاني القاطع لأي دور هندي وبأي شكل وتحت أي ذريعة كانت. لكن وفي الوقت نفسه تعكس الزيارة بحد ذاتها حجم الصراع الباكستاني الهندي الدائر بالمنطقة والذي يلقي على الولايات المتحدة أعباء إضافية لتحقيق مبدأ التوازن بين الطرفين، والعمل على إنهاء حربها بأفغانستان قبل أن تتحول إلى عبء أمني وإستراتيجي يضعها ويضع المنطقة في خصومات غير قابلة للحل.

Comments

عاجل