المحتوى الرئيسى

أسامة أبوالقاسم يكتب: ولكنكم تستعجلون.

05/11 21:33

أسامة أبوالقاسم يكتب: ولكنكم تستعجلون.2 مايو 2011 |(خاص) الجريدة – كتب أسامة أبوالقاسمفى إحدى الجلسات الخاصة كان أحد الحاضرين ممن يعملون فى مجال البورصة وسوق المال وكان تعليقه أن الأحوال الإقتصادية فى البلد لا تسر، وأن الركود يتزايد وعمليات البيع والشراء فى السوق تراجعت بمعدلات كبيرة؛ كما أنه لا تظهر فى الأفق بوادر تبشر بتحسن قريب لتلك الأحوال. وكان هذا التعليق مكررا حيث سمعته منه للأسبوع الثانى على التوالى مما يؤكد أن الصورة فعلا لا تتغير كثيرا مع الوقت. ولكن الجديد هذه المرة أنه تابع يقول مردفا بعد ذلك أنه “يبدو” أننا ارتكبنا خطأً جسيما لم نحسب عواقبه جيدا (يقصد الثورة على النظام السابق والإطاحة به) وأنه “يبدو” أن شعبنا لا ينصلح له حال إلا مع نظام مثل هذا. أهمية هذا الكلام أنه يأتى على لسان من أعرف أنه كان مع الثورة وليس ضدها.الملفت للنظر أن هذا الإحساس متزايد بين شريحة لا بأس بها من الناس وهو ما أقلقنى إلى حد بعيد بالرغم من عدم واقعيته من وجهة نظرى ولكن ذلك لم يعطنى المبرر لتجاهله والتعامى عنه. وبداية أقول أنه حتى بحساب الأرباح والخسائر فلا يمكن القول أن الخسائر تخطت الأرباح حتى الآن لنبرر هذا الشعور بالندم، فاقتصادنا مهترئ من الأساس وإشارة بسيطة إلى عجز الميزانية والدين الداخلى تكفى، ثم زاد على ذلك الأزمة الاقتصادية العالمية منذ أواخر عام 2008 وأرجو أن يكون الكثيرون منا قد احتفظوا بعقولهم ولم يصدقوا تصريحات رئيس الوزراء الأسبق (النظيف) ووزير ماليته (الغالى) أن الاقتصاد المصرى بخير وأن الإقتصاد العالمى كله يعانى فيما عدا اقتصاد مصر المحروسة نتيجة حزمة الإصلاحات الحكيمة للحزب المنحل. وإذا أخذنا فى الاعتبار أنه منذ سقوط النظام توقف الاستنزاف المستمر للموارد عن طريق عدة جهات أذكر منها على سبيل المثال: ميزانية رئاسة الجمهورية، تصدير الغاز بنصف ثمنه، البذخ فى الانفاق الحكومى، ومخصصات كبار موظفى الدولة (معظمهم فى السجون أو يستعدون لدخولها)، فأعتقد أننا لن نخرج خاسرين ولو حدث فسيكون بفارق بسيط جدا يمكن تعويضه على المدى القريب. ومع ذلك لا أريد التعليق طويلا على الجزء الاقتصادى من المعادلة فلست من أهل اختصاصه على كل حال، ولكن النصف الثانى منها عن جدوى الثورة وعواقبها هو ما يهمنى. ذكرونى كم مر علينا من الوقت لنبدأ حسابات الأرباح والخسائر؟ العمل الحقيقى للحكومة الحالية لم يبدأ إلا منذ شهر ونصف، فهل يُعقل أن نتوقف للحساب الآن؟ هل سنحاسب المسؤولين كل شهرين بعد أن كنا نتركهم لعقود بل أحيانا للأبد دون حساب؟ وأين ما كنا نتشدق ونملأ به الدنيا غناء وصراخا على السواء أننا مستعدون للتضحية والفداء من أجل الوطن ورفعته؟ وكيف نحترم أنفسنا إن لم نتحمل فى سبيل ذلك بعض المشاق وبدأنا نشك فيما فعلناه وجدواه بعد ثلاثة أشهر فقط؟ وإن كان بيننا حالمون يتراءى لهم أن البلد ستستعيد عافيتها فى ظرف شهور معدودة فالأفضل لهم أن يفيقوا من أحلامهم الآن ويعدوا أنفسهم لعمل شاق لفترة أطول، فلا يمكن تصوُر أن مرضا عضالا دام لسنوات وعقود أن يكون الشفاء والنقاهة منه فى أيام وشهور. وأما إن كانوا مثاليين يتخيلون أن هناك زرًا تم الضغط عليه يوم 11 فبراير ولكن الآلة حتى الآن لا تريد أن تدور بكامل طاقتها فنقول لهم إن الواقعية تقتضى – أولا – صيانة هذه الآلة وشحذ تروسها بعد أن أصابها العطب وكثرة الأعطال على مدار سنوات من إساءة الاستخدام. ومرة أخرى لا أريد التوقف كثيرا عند حساب أرباح وخسائر الثورة اقتصاديا، ولكن أسألك عزيزى القارئ كيف كنت ستجيب إذا سُئلت منذ ثلاثة أشهر فقط: كم تدفع وبماذا تضحى لترى ذلك الطاقم من الوزراء مزاحًا عن مواقعه (ولن نقول يحاكمون أو يسجنون)؟ كم تدفع وبماذا تضحى لترى صاحب قانون الضريبة العقارية (وقد ملأ مجلس الشعب سبابا وألفاظا بذيئة عدة مرات) طريدا يطلبه البوليس الدولى؟ كم تدفع وبماذا تضحى لترى احتفال أعياد تحرير سيناء – بدلا من النفاق المقيت الذى سئمناه فى مثل هذه الاحتفالات – يقف فيها أحد مشايخ البدو فى حضور رئيس الوزراء وعلى الهواء مباشرة يشير بيده إلى المحافظ ليقول: “إنه فاسد؛ أخبرناه أكثر من مرة عن الفاسدين من موظفيه ولم يتخذ ضدهم أى إجراء”؟ كم تدفع وبماذا تضحى لترى فى بلدك العظيمة استفتاءًا شعبيا نزيها؟ كم تدفع وبماذا تضحى لتسمع محققا يسأل الرئيس وأبناءه “إسمك؟ وسنك؟ ومهنتك؟” “وما قولك فيما هو منسوب إليك؟”!!! وهل من الأموال ما نستطيع به تقييم انتحاب إسرائيل على وقف ضخ الغاز المصرى؟ أو تقييم اتفاق المصالحة بين الفلسطينيين بعد عامين من التعثر؟ وأستطيع الاستطراد بدون توقف لو أردت لأعدد من الأمثلة ما هو أكثر من ذلك مما لا أعتقد أن هناك من يشكك للحظة أنها نتائج مباشرة لم تكن لتحدث لولا الثورة المصرية أو أن يشاء ربى شيئًا. أغلب الظن أنك قبل ثلاثة أشهر لم تكن لتجيب ولكن قد تمد شفتيك وتأخذ نفسا عميقا ثم تخرجه من صدرك يائسا باعتبارها أسئلة استنكارية تحمل من الأمانى أكثر مما يحتمل الواقع أو الممكن، ولمن لا يصدق أو لا يستطيع أن يتخيل ما تم إنجازه، فللمصادفة يمر اليوم عام كامل على خطاب الرئيس السابق فى عيد العمال الماضى فليرجع إليه من يريد ليقرأ أو يسمع ماذا قيل فيه.وأتمثل هنا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم حين جاءه خباب بن الأرت يشكو له ما يلاقيه هو وإخوانه من تعذيب وتنكيل فى سبيل إيمانهم فقالوا له: “ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟” فقال: “قد كان من قبلكم، يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون.”بإمكانكم دومًا متابعة آخر أخبار الجريدة عبر خدماتها على موقع تويتر أو عبر موقع فيسبوك. google_ad_client="ca-pub-7775829105464138";google_ad_slot="2278089965";google_ad_width=336;google_ad_height=280; اقرأ أيضًا:أسامة أحمد يكتب : شرفاء الشرطة .. وشرطة الشرفاءأسامة أبوالقاسم يكتب: الإعلام ...واللهو الخفى

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل