المحتوى الرئيسى

> ثورة 25 يناير امتحان جديد في معني السياسة والوطنية؟!

05/10 21:08

كتب- فيروز كراويةسيكون من الممتع تتبع كيف تحاول تيارات الحياة السياسية المصرية «التي تسمي نفسها الرئيسية» من قومية وليبرالية وإسلامية ويسارية أن تضع توقيعها علي بعض أو كل مقدمات ونتائج ومطالب الثورة المصرية في 25 يناير. سيحاولون كثيرا أن يقولوا إن الثورة قامت لاسترداد الكرامة العربية التي دهستها الأنظمة العميلة، وأن تحرير فلسطين هو الغاية الأسمي لتلك الثورة وما سبقها وتلاها من ثورات في تونس وليبيا وسوريا واليمن والبحرين. ولكنهم سيتحيرون في أمر حزب الله - وهو سفير المقاومة العربية - عندما يدعم النظام السوري الذي يسحق شعبه بالدبابات في درعا وحمص وبانياس، ويعتبر أن الزعيم المقاوم بشار الأسد يتعرض لمؤامرة إمبريالية لأنه خطير علي إسرائيل «التي لم يطلق عليها طلقة واحدة بالمناسبة»، ولن يستطيع القوميون تفسير السكوت المطبق علي ما حدث للبحرينيين علي يد القوات السعودية وغابت عن تغطيته- بالأمر - حتي السي إن إن والبي بي سي، سيتحير القوميون في المفارقة والفراق بين شرعية مقاومة العدو الصهيوني وشرعية مقاومة الحاكم القاتل.. من أين لهم بالاجابات؟ سيحاولون أن يعلنوها ثورة من أجل الديمقراطية التي تنتهج الاقتصاد الحر وتحافظ علي مصالح الأغنياء لأنهم شركاء في الثورة ولكنهم سيفاجأون أن أولاد الأغنياء جنبا إلي جنب مع أولاد الفقراء كانوا يهتفون: «تغيير، حرية، عدالة اجتماعية»، وستسمع الآن من كثير من الشباب من يعلم أنه خرج للشارع يوم 25 يناير لأنه كان يشعر بوطأة الذنب ولم يعد يطيق أن يعيش آمنا في بيته والمصريون الأفقر منه ينكل بهم في أقسام الشرطة، ولم يعد ضميره يتحمل أن يحصل علي مرتب عال «حتي لو يستحقه»، ويركب سيارته الجديدة ليعاين في الشوارع كم الأطفال النائمين علي الأرصفة، وكم الأمهات المعيلة التي تتسول في الإشارات، وكم من يعيشون تحت سقوف الفقر في العشوائيات والريف والصعيد سيسمع الحافظون لاقتصاد السوق - علي علاته وإجحافه - أصوات أولادهم المستعدين لاقتطاع جزء من ثرواتهم لخير الآخرين، المطالبين بالضرائب التصاعدية ورفع دعم الطاقة ومجانية التعليم عن الأغنياء.. وسيتفكرون. سيجاهرون بأن الثورة ما قامت إلا كي تستعيد الأمة هويتها الإسلامية التي عاداها النظام واستبعدها، وقهر الإخوان المسلمين والسلفيين وأودعهم السجون بسبب تمسكهم بكلمة الله ومطالبتهم بالحكم بشرعه وشريعته، ولكنهم في قرارة أنفسهم سوف يستيقظون علي صور التحرير التي جمعت كل من يعرفونهم الآن علي أنهم فرقاء، سيستعيدون في أحلامهم صراخ الملايين: «مدنية مدنية لا دينية ولا طائفية»، ويتذكرون أن هذه الملايين حية ولم تختف بعد الثورة، ستعود إليهم أصوات القداس يوم الجمعة صباحا، وصور المسيحي يرفع مع السلفي الصليب، وصور البنات المحجبات والسافرات والمنقبات في المستشفي الميداني بباب اللوق يداوون الجرح دون سؤال عن دين صاحبه، سيسألون أنفسهم: وماذا عن هوية مصر؟ ألن يخرج كل هؤلاء مشتاقين ليستردوها أيضا؟.. لن ترحمهم الأسئلة. سيهبون لإعلان الثورة يسارية بامتياز، لأنها عبرت عما يجيش في نفس الفقراء والفلاحين والعمال وعن توق الجميع للتحرر من طوق الدولة البوليسية ثم إعادة توزيع الثروة ولكن عمال مصر عندما يبدأون تشكيل نقاباتهم الحرة المستقلة سيفاجئونهم أن كل من يعمل بأجر صار عاملا وأن من هؤلاء من يعملون في مؤسسات عالمية ربما ويتقاضون أجرا ضخما، ولكنهم سيثورون علي عدد ساعات العمل الذي يقضي علي كل معني لحياتهم الآدمية الكريمة ويحولهم لعبيد لكن بأجر عال هذه المرة. وسيطرح عليهم من نزلوا للتحرير أسئلة ضخمة عن تصوراتهم لدور الدولة في الاقتصاد وكيف يمكن مقاومة أنماط الحياة الاستهلاكية التي تخترق الحياة اليومية للجميع بلا استثناء في ظل عولمة شرسة، وكيف سيتعاطون مع كل تلك المستجدات في أسلوب الحياة ورغبات البشر؟... وستعييهم التناقضات. لعل هذا هو سؤال 25 يناير الكبير، وربما أعطي الثوار، ومازالوا يعطون، في كل يوم عددا من المؤشرات التي تعين علي الاجابة، يا كل من عشتم عمرا مضي داخل خاناتكم المصفوفة تخوضون حربا وهمية.. ارفعوا أيديكم عن المصريين الباحثين عن هويتهم التوافقية الجديدة ووطنيتهم الحديثة التي لا تهدر حقوقهم الفردية وتقايض كرامتهم الإنسانية الغالية مقابل التضحية غير المشروعة للوطن والأمة، واعلموا أن هؤلاء الذين خرجوا وماتوا وجاعوا سعيا في مطلبهم سيختلفون كثيرا وستتعدد مشاربهم واتجاهاتهم ولكنهم لن يسكنوا المقابر القديمة.. فلا هم أعاروكم اهتماما في الماضي ولن يعيروكم إياه اليوم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل