المحتوى الرئيسى

> الإسلاميون لحظة مواجهة الحقيقة!

05/10 21:08

كتب - محمد خير«مبارك يستخدم الإسلاميين فزاعة في وجه الغرب» كم مرة سمعت أو قرأت وربما كتبت تلك العبارة السياسية مثل غيرها من فروع الحياة تحتمل الكثير من الكليشيهات الكليشيه ممل أو يصبح مملا مع الوقت ولكن كراهيتك لكليشيه معين لا يعني أنه غير صحيح ومشكلة كليشيه «الفزاعة» هي أنه لم يخدع الغرب بل خدعنا نحن كيف؟ لنتأمل أولا معني الفزاعة. الفزاعة هي الترجمة الشامية لما نسميه في مصر «خيال المقاتة» بالطبع ننطق القاف همزة ممدودة فتصبح «المآتة» وللخال عبدالرحمن الأبنودي قصيدة شهيرة بعنوان «موت خيال المقاتة» ولكن هذا ليس موضوعنا هنا ربما لأن فزاعتنا لم تمت بل استيقظت.. استيقظت تحديدا حين ظننا أننا سوف نجني المحصول لكن كيف خدعنا خيال المقاتة؟ خيال المقاتة ليس إلا دمية من القش يخيف الطيور ولا يخيف البشر إذ ليس له الخطر الذي توحي به صورته هكذا اسقطنا صورة هذا الكائن الريفي علي واقعنا وافترض بعضنا ضمنا أن كون الإسلاميين فزاعة مجرد فزاعة يعني أنهم ليسوا بهذا الخطر الذي يحاول مبارك وكل مبارك أن يوحي به، الغرب هو الطائر الذي يخشي الفزاعة لكننا الفلاح الذي يعرف حقيقتها كائن لا حيلة له حتي في نفسه جماد سرعان ما تتعود الطيور نفسها عليه. آمنا بذلك أو قل طمأننا أنفسنا واستخدمنا في سبيل تلك الطمأنينة عشرات الافتراضات، نسبة الإخوان الحقيقية لا تتجاوز عشرين في المائة التصويت لصالح الإخوان كان تصويتا احتجاجيا ضد الحزب الوطني والحكومة الإخوان يكسبون التعاطف لأنهم مضطهدون الشعب المصري يميل إلي الإيمان المعتدل مصر ليست أفغانستان.. إلخ. وكل هذه الافتراضات السابقة صحيحة إلي حد كبير لكنها جميعاً وككل حقيقة تحمل تناقضاتها داخلها، الافتراضات السابقة قد تكون حقيقية ولكنها ككل حقيقية ديناميكية متغيرة ومتكيفة قد لا تزيد نسبة تأييد الإخوان الحقيقة علي عشرين بالمائة ولكن في مجتمع ليس فيه أي قوي منظمة أخري سيكسب الإخوان قسطا مهما من الثمانين بالمائة المتبقية، حصد الإخوان بالفعل تصويتا احتجاجيا ضد الحكومة ولكن من قال إن ذلك التصويت سيتبخر بالضرورة عندما تختفي الحكومة وكون الإخوان نالوا تعاطفا بسبب اضطهادهم قد يعني أيضا أنهم سينالون التصويت نفسه أو أكثر كمكافأة لأنهم «اضطهدوا طويلا» والمصريون مؤمنون معتدلون لذا فإن تصويتهم للإخوان سيكون اعتدالا إذا كان المنافس هو السلفيون لا ننسي قبل ذلك وبعده أن معظم الناس يفضلون الجانب المنتصر أو الجانب الذي يتصورون أنه سوف ينتصر. مرة أخري فإن الافتراضات السابقة قد تتبخر لحظة الانتخابات ولكن الإخوان تلك الفزاعة السابقة لا تحل معضلتها حسب النسبة المئوية التي ستحصدها في الانتخابات عشرون بالمائة أو أربعون أو أكثر المسألة هي وجودهم نفسه، الأسئلة التي يطرحها وجود فصيل يستند إلي مرجعية تختلف عن أرضية الديمقراطية بوصفها عقدا اجتماعيا بشريا مدنيا نصوصه أرضية لا سماوية لو لم يكن الإخوان موجودين في البرلمان فهم موجودون في الشارع في الإعلام في الوعي العام ونموذجهم السياسي الاجتماعي لن تفرضه أو تلغيه أي نتيجة انتخابية لو حصدوا الانتخابات لن يفرضوا دولتهم علي العلمانيين والعسكريين والأقباط ولو خسروا الانتخابات فلن يتبخروا. المخاض العسير الذي نعيشه الآن سببه أننا نواجه لحظة الحقيقة وهي لحظة لا تتعلق بصراع الانتخابات بل بصراع الأفكار هيمنة حزب واحد طوال عشرات السنين منعتنا من أي نقاش جاد بين بديلين لا يلتقيان مدنية ودينية ظل ذلك النقاش افتراضيا طوال العقود السابقة لأن حكما واحدا متسلطا لا هو مدني ولا هو ديني كان يجثم علي أنفاس الجميع لذا كان النقاش الحقيقي مؤجلا حول مصدر الحاكمية في السياسة حول الحدود الشرعية حول معني الأغلبية والأقلية سواء بالمعني الانتخابي أو الطائفي كان «المدنيون» في منتدياتهم والإخوان في منابرهم فلم يلتقوا أبداً لا في معركة ولا في حوار واستفاق الطرفان فإذا بهما أمام انتخابات تكسير عظام يتلفت البعض فيجد نصيره في الجيش أو هكذا يأمل ويبحث البعض عن أنصاره بين السلفيين أو هكذا يأمل والواقع أننا أنا وأنت وهم وهن ننتظر جميعا نتيجة امتحان لم نستعد له لكن أياً منا لن يعترف بالنتيجة. كاتب وشاعر مصري

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل