المحتوى الرئيسى

الطابور الخامس لأمريكا في مصر

05/10 22:26

  - وزراء سابقون ورجال أعمال ومنظمات حقوقية وصحف مختلفة - دراج: "السي آي إيه" جنَّد "كُتَّاب مارينز" لتنفيذ مخططاته - اللبان: السفير الأمريكي كان يملي على (الأهرام) تغطية غزو العراق - صالح: أمريكا أتاحت لصحف تمولها حوارات مع شخصيات حصرية - السناوي: صحف ومنظمات حقوق إنسان تنفذ خطط الممولين   تحقيق- أحمد الجندي: في عام 2003م كشفت غرفة التجارة الأمريكية عن قيامها بتدريب أكثر من 500 شخصية سياسية وإعلامية واقتصادية مصرية بعددٍ من الدورات التي نظمتها في العين السخنة بالتعاون مع مركز إعداد القادة الذي كان يرأسه رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد، تحت عنوان "قيادات المستقبل"، وقد ضمت هذه الدورات أشخاص أصبحوا وزراء فيما بعد، ورجال أعمال سيطروا على كلِّ مقاليد الأمور خلال حكم مبارك، وعدد لا بأسَ به من قيادات لجنة السياسات، كما حضر الدورات- التي كانت بمثابة بوابة المرور لأي منصب قيادي- عدد من الصحفيين الذين أصبحوا فيما بعد رؤساء تحرير لصحف قومية ومستقلة، هذه الدورات تزامنت مع برنامج تطوير الديمقراطية الذي أعلنت عنه ليز تشيني نجلة نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، وهو البرنامج الذي وضعت له الولايات المتحدة ما يقرب من نصف مليار دولار بعد احتلالها للعراق لعدة أهداف، منها محاولة تجميل صورتها أمام الرأي العام العربي، وكان من نتائج ذلك راديو "سوا" وقناة "الحرة".   كما دعمت عددًا من الصحف التي كانت على وشك الصدور، وهو ما كشفته الزميلة أميرة هويدي وقتها في تقرير مطول نشرته جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، وكان من بين الصحف التي ذكرتها هويدي في تقريرها جريدتا "المصري اليوم" و"نهضة مصر" التي سبقت (المصري اليوم) في الصدور بعدة أشهر.   وبعد مرور أكثر من 10 سنوات شهدت سيطرة قوية من رجال أمريكا في مصر في السياسة والاقتصاد والإعلام وبعد سقوط نظام مبارك، هل ما زال لأمريكا طابور خامس في مصر، وخاصةً في المجال الإعلامي الذي يشهد حربًا منظمة على التيار الإسلامي، وخاصةً الإخوان المسلمين؟ وهل لما يحدث علاقة بما تشهده مصر الآن من أزمات نتاج لهذا الطابور الخامس؟. هذا ما نتناوله في هذا التحقيق:   صحف فاشلة    د. سليمان صالح بدايةً يقول الدكتور سليمان صالح أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة: إن هناك كثيرًا من الشبهات التي تُثار حول الكثير من الصحف في العالم العربي منذ الأربعينيات، وتمويل وكالة الاستخبارات الأمريكية (السي آي إيه) لها بشكلٍ غير مباشر.   ويؤكد أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين وكالات الأنباء الدولية والمخابرات الأمريكية التي تدعمها بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، موضحًا أن "السي آي إيه" تدفع لهذه الوكالات أموالاً؛ لإعطاء الصحف الحملات الإعلانية لبعض الشركات؛ بهدف دعمها وليس بهدف الإعلان.   ويضيف أن الشركات الكبرى متعددة الجنسيات لا تعطي إعلاناتٍ للصحف ووسائل الإعلام طبقًا للمعايير العلمية والأكاديمية للإعلان، ولكن تعطيها وفقًا لمواقفها السياسية ولاستخدامها لإثارة بعض الأفكار التي تدعم الرأسمالية العالمية بشكلٍ غير مباشر.   ويوضح أن وكالات الأنباء العالمية من خلال صلاتها بالمخابرات الأمريكية توفِّر لهذه الصحف بعض الخدمات الصحفية بما يعطيها نوعًا من السبق الصحفي كإجراء حوار مع شخصية صعب الوصول إليها، كما حدث مثلاً في الحوارات التي سبقت اغتيال بن لادن مع عددٍ من مساعديه وحراسه، وقد نشرت هذه الحوارات بالتوالي في عددٍ من الصحف المصرية والعربية والغربية.   ويستطرد: "هذه الصحف تروج للثقافة الاستهلاكية والعلمانية والعداء للإسلام، وتمنح الإعلانات مقابل نشر الأفكار التي تروج لذلك، موضحًا أن هناك العديد من المؤشرات التي تثبت ذلك في بعض الصحف المصرية.   ويوضح أن النظام المصري المخلوع هو الذي أتاح الفرصة لهذه الصحف المدعومة من الأمريكان بتبعيته الذليلة لهم، فضلاً عن عدم إعطائه أي رخص للصحف أو القنوات الفضائية إلا لمن يثبت ولاؤه للأمريكان وتبعيته لهم، مضيفًا أن كلَّ القوانين التي استخدمت لتقييد حرية الصحافة والإعلام منذ عام 1936م حتى الآن لم تستخدم إلا لمنع المواطنين الأحرار والإسلاميين والمنحازين لثقافة الوطن وهويته والمتمردين ضد الغرب من إصدار الصحف، وإنشاء الوسائل الإعلامية.   ويشير إلى أن نجاح هذه الصحف ليس لأنها مستقلة وحرة، ولكن للمناخ المقيد للصحافة في عصر النظام البائد، فلم يكن متاحًا أمام الجماهير شراء سوى هذه الصحف التي تعتبر مستقلةً إذا ما قورنت بالوسائل الإعلامية التي تُسيطر عليها الحكومة، مؤكدًا أن هذه الصحف ليست مستقلةً عن الحكومة ولا عن الغرب.   ويضيف أنه في حال إطلاق حرية إصدار الصحف ستجد الجماهير البديل الذي يُعبِّر عنها، ومن ثَمَّ ستفشل كل هذه الوسائل التابعة للغرب ولنظام البائد، وتضطر آسفةً إلى إغلاق أبوابها، فالمستقبل سيكون للوسائل الحرة المعبرة عن الثورة، ورغبة المواطنين المصريين في تحقيق الاستقلال الشامل.   ويستطرد: "الدور الذي تلعبه هذه الصحف ضد التيار الإسلامي لا يمكن أن يتم بمعزلٍ عن الإرادة الأمريكية"، مؤكدًا أن بعض الصحف المصرية من خلال تحليل مضمونها يتضح أنها تنشر ما يخدم السياسة الأمريكية في المنطقة، خاصةً العداء للتيارات الإسلامية المعتدلة.   الإغلاق ويقول الدكتور شريف اللبان أستاذ الصحافة وتكنولوجيا الاتصال ومدير مركز جامعة القاهرة للطباعة والنشر: إن تاريخ التعامل بين الصحافة المصرية والمخابرات الأمريكية طويل جدًّا، منذ بدايات عهد الرئيس المخلوع مبارك، مشيرًا إلى أن هذا التعامل لم يقتصر على المؤسسات الصحفية الخاصة.   ويضيف أن جزءًا من التعاون بين النظام السابق والحكومة الأمريكية في مجال الإعلام من خلال تخصيص جزء من المعونة الأمريكية لدعم الإعلام، موضحًا أن هذا الدعم هو الذي ساعد على تحويل الصحافة المصرية من الطباعة البارزة إلى نظام الأوفست في أواسط الثمانينيات بعد تولي الرئيس المخلوع بـ4 سنوات.   ويرى أن دعم الولايات المتحدة الأمريكية للإعلام المصري يعد مساسًا بالسيادة الإعلامية المصرية؛ لأن الإعلام هو الذي يُشكِّل عقول الناس، وأن أي تنازلٍ عن جزءٍ من هذه السيادة الإعلامية المصرية يعدُّ اعتداءً على السيادة المصرية بشكلٍ عام.   ويوضح أن المؤسسات القومية كانت تحصل على جزء من المعونة الأمريكية عندما أسست مبانيها الجديدة في مدينة السادس من أكتوبر، إبَّان حرب الخليج الثالثة واحتلال العراق، ملفتًا إلى أن صحيفة "الأهرام" المصرية مهَّدت لهذه الحرب من خلال إرسال وفد من الجريدة لإجراء بعض الحوارات مع أشخاص في الإدارة الأمريكية.   ويستطرد: "السفير الأمريكي كان يقوم بزيارات للمؤسسات الصحفية المصرية، لتوجيه تعليماته بشأن التغطية الصحفية للأحداث في وقت الحرب"، منتقدًا هذا التدخل السافر في شئون دولة مستقلة.   ويلفت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تدعم أي مؤسسة صحفية إلا من أجل تنفيذ أجندتها الخاصة، التي تخدم المصالح الصهيوأمريكية في المنطقة، مستنكرًا تعامل بعض الصحف الخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتنفيذ أهدافها السياسية في المنطقة، مشيرًا إلى أن هذا يتنافى مع حرية الدولة، فمن لا يملك إعلامه لا يملك حريته، فالحرية لا بد أن تنطلق من السيادة الإعلامية الخاصة بالمجتمع المصري.   ويطالب بأن تكون هناك منظومة أخلاقية حاكمة للصحف المصرية، بحيث تمنع أي تعامل مع جهات أجنبية، مشددًا على وجوب إغلاق أي صحيفة يثبت تعاملها مع جهات أجنبية؛ لأن ذلك يعد خيانة للشعب المصري.   الصحف المارينز   د. أحمد دراج ويوضح الدكتور أحمد دراج عضو الجمعية الوطنية للتغيير وعضو مجلس أمناء الثورة أن الأمريكان يدعمون أي شخص أو مؤسسة تحقق لهم مصالحهم، منتقدًا ما تقوم به بعض المؤسسات الصحفية المصرية أو غيرها من المؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني من تعامل الأمريكان أعداء الوطن، موضحًا أن المخابرات الأمريكية لا تقل سوءًا عن الموساد الصهيوني.   ويضيف أن أهداف المخابرات الأمريكية نشر بعض من وصفهم بـ"الكُتَّاب المارينز" في بعض المؤسسات الصحفية؛ لتنفيذ مخططات وأهداف جهاز الاستخبارات الأمريكية، موضحًا أن هذه الصحف تحصل على دعم غير مباشر من المخابرات الأمريكية على هيئة إعلانات من الشركات الدولية الكبرى.   ويشير إلى أن كلَّ جهة داعمة لها مستوى معين من مستويات الدعم، فمن الممكن أن يكون الدعم لبعض الصحف لكي تؤدي إلى إحداث فتنة بين أبناء الوطن الواحد، فالمخابرات الأمريكية دائمًا ما تسعى لاختراق المجتمعات العربية باعتبارها مجتمعات هشة.   تجريم تشريعي   عبد الله السناوي ويرفض عبد الله السناوي رئيس تحرير جريدة "العربي الناصري" بشكل قاطع تمويل أي جهات أجنبية للصحافة المصرية، وخاصة القوى العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن المؤسسات الصحفية تدخل في تشكيل الرأي العام وتحديد أولويات الوطن، فلا بد أن نرى اجتهادات وطنية لتمويل الصحف المصرية.   ويضيف أن هذا الاعتراض ينسحب على العديد من المؤسسات الحقوقية وغيرها من المؤسسات التي تحصل على دعم بشكل مباشر أو غير مباشر من جهات أجنبية، إلا أن الصحافة تلعب الدور الأكبر في توجيه قرارات البلاد، خاصةً في الدول الديمقراطية من خلال تداول الآراء بين أبناء الوطن الواحد.   ويوضح أن الجهات المانحة لا تدفع أموالاً لوجه الله، وإنما لا بد أن يكون لها أجندتها الخاصة، لكي تساعدها في نشر أفكارها وتوجهاتها والترويج لسياساتها.   ويطالب بأن تخضع المؤسسات الصحفية الخاصة في مصر للشفافية، وأن تعلن عن جهات تمويلها سواء كانوا رجال أعمال أو هيئات، فلا بد أن يكونوا معروفين، مقترحًا إصدار تجريم تشريعي للصحف التي تمول من الخارج؛ لأن هذه الصحف تعد ملكًا للرأي العام.   ويضيف أن هناك أشكالاً متعددةً من الدعم، سواء كانت منحًا من الاتحاد الأوروبي، أو عن طريق المنح التي تنقلها وزارة الصناعة لتمويل المطابع وتحديث الأجهزة، وتنظيم الدورات التدريبية، موضحًا أن هناك العديد من صيغ الدعم سواء المباشر أو غير المباشر، إلا أن أسهل شيء في مصر الآن أصبح هو التمويل المباشر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل