المحتوى الرئيسى

مشعل والاعتدال الايجابي

05/10 09:41

طارق الحميد في حواره المنشور في صحيفتنا أمس، وضع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تعريفا جديدا لمفهومي «الممانعة» و«الاعتدال»، وهما المصطلحان اللذان تم تداولهما في السنوات الخمس الأخيرة بشكل مكثف، بل واستُخدما كسلاح تشويه سمعة في المنطقة، للدول والأفراد على حد سواء. ففي الحوار يقول مشعل، من القاهرة حيث يوجد الآن، إنه يتطلع إلى انتهاء تقسيم العالم العربي إلى دول اعتدال، ودول ممانعة، مضيفا: «ما أريده أن تكون الأمة العربية كلها مع الاعتدال الإيجابي والانفتاح على العالم، وفي الوقت نفسه لا نترك قوى المقاومة. ما أعنيه ببساطة هو أن نصل إلى خريطة سياسية جديدة في المنطقة، وأن يتوحد الجميع في خندق واحد، وأن نقف صفا واحدا لنخرج بقرارات موحدة تعبر عن نجاح عربي في السياسة الداخلية والخارجية». حسنا، دعونا نصدق مشعل، ولو مرة، وليس القصد هنا التصيد، وإن كان حديث خالد مشعل هو ردا على كل ما سبق أن قاله مشعل نفسه، ورفاقه، وغيرهم من المنافحين عمَّا يسمى محور «الممانعة»، ويهاجمون من ينادون بالاعتدال، على الرغم من أن الاعتدال هو أساس كل شيء، وليس عمالة وخيانة كما كانوا يقولون، خصوصا أن من كانوا يدعون الممانعة والمقاومة، لم يمانعوا إلا التغيير، وهو سنة الحياة، ولم يقاوموا إلا شعوبهم، وهذا ما رأيناه طوال السنوات الخمس الماضية، ونراه اليوم على رؤوس الأشهاد، خصوصا في سوريا، ورأيناه يوم انقلب سلاح حزب الله على اللبنانيين. وبالتالي، وإن أردنا تصديق مشعل ولو مرة - على الرغم من أنه أمر ليس بالسهل - خصوصا أن اعتداله يأتي مع تضعضع سوريا، وانكسار القذافي، وحدوث شرخ في إيران بين الولي الفقيه والرئيس الإيراني، إلا أن كلام مشعل عن الاعتدال الإيجابي يعني ألا تسير دولنا خلف الميليشيات والجماعات والأحزاب، وألا يكون للدولة - حتى إن كانت دولة حلم مثل الدولة الفلسطينية - أكثر من رأس يتكلم باسمها، ويتخذ مواقف منفردة، ويشوه ويحطم مفهوم القيادة وقيمها.. فالقيادة ليست تسلطا، بل انضباط! رأينا هذا الأمر في لبنان يوم قرر حزب الله الإيراني جر البلاد إلى حرب، فقط لأن نصر الله قرر ذلك بناء على معطيات إيرانية، وليست لبنانية. ورأينا ذلك من حماس حين جرت على غزة مصائب لا أول لها ولا آخر، فلم نسمع من قبلُ عن انقلاب تحت احتلال إلا ما فعلته حماس، ولا نعلم - إلى الآن - ما الفائدة من الحرب الأخيرة التي وقعت بغزة، ويومها قلنا: إن «دماء غزة.. مشروع تجاري»، وشتمنا بأقذع الألفاظ، بل وخونا لذلك. مشعل اليوم ليس معتدلا فحسب، بل «معتدل»، أي: معتدل وزيادة، أو معتدل إيجابي، حسب قوله. فإن كان مشعل صادقا في اعتداله، فللاعتدال شروط، أولها: الانضباط، وعدم «المقامرة» أو «المغامرة»، وعدم الارتماء في أحضان إيران مرة أخرى، وعلى مشعل أن يتذكر أن زواج حماس وإيران غير الشرعي قد نتج عنه أطفال، فماذا سيفعل بهم مشعل الآن؟ وكما قلت، سنحاول تصديق أبي الوليد، لكن مهمته أن يثبت ذلك، والطريق طويل. *نقلا عن "الشرق الأوسط" اللندنية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل