المحتوى الرئيسى

الدور الشعبي المطلوب لإنجاح المصالحة الفلسطينية: بقلم د. خالد محمد صافي

05/09 21:03

الدور الشعبي المطلوب لإنجاح المصالحة الفلسطينية: بقلم د. خالد محمد صافي يسود الشارع الفلسطيني حالة من الترقب والانتظار لرؤية مدى نجاح تطبيق بنود اتفاق المصالحة الفلسطينية على أرض الواقع. ويمكن تصنيف الشعب في موقفه من الاتفاق بين المتفائل والمتشائم والمتشائل، مع عدم إغفال المستويات المتفاوتة لكل حالة، فمثلا على سبيل المثال هناك التفاؤل المفرط، التفاؤل، التفاؤل الحذر، التفاؤل الحذر جداً، وقس على ذلك. وبالتأكيد كل حالة من هذه الحالات تعكس الحالة المزاجية للشخص، ودرجة وعيه مما يحيط به، ومدى اقتراب أو ابتعاد مصالحة الشخصية مما يجري. ولا يستطيع أحد أن يغفل دور العوامل الذاتية والموضوعية في إنجاح الاتفاق أو فشلة، ولكن يكمن التساؤل هنا عن دور الشعب كعامل مؤثر فيما يجري على الساحة الفلسطينية. وهنا يفترض القول هل يكتفي الشعب بدور المتفرج عما يجري، وكأنه يشاهد مباراة لكرة القدم بين ريال مدريد وبرشلونة مثلاً؟ هل يكتفى الشعب بالهتاف عند اقتراب المهاجم من حارس المرمى لتسجيل هدف، أو الصراخ والشتم والسباب عندما يتعثر المهاجم أو يطرح الكرة بعيداً عن مرمى الهدف؟ يمكن القول هنا أن الدور المناط بالشعب يتم تحديده من قبل الشعب بفئاته ونخبه، وهي يكتفي بمشاهدة الحدث أم المساهمة في صناعته. وهذا بالتأكيد يعكس ثقة الشعب بنفسه، ووعيه بقضيته ومصيره بحيث لا يسمح لأحد أي كان بأن يعبث بمصيره وقضيته. والذي لاشك فيه إننا نعيش الآن دور الشعوب في صناعة الحدث، وأن الشعب الفلسطيني قد سبق الشعوب الأخرى منذ انتفاضة البراق سنة 1929م مروراً انتفاضته الشعبية في إبريل 1936م، والذي تم على أثرها تشكيل اللجنة العربية العليا، بمعنى أن الشعب قد سبق قيادته في إعلان الثورة، وممارسة فعالياتها. وتكرر هذا الأمر ثانية في الانتفاضة الفلسطينية (1987-1994) حيث تم اندلاع الانتفاضة الشعبية قبل تشكيل قيادتها والتي تمثلت آنذاك بالقيادة الوطنية الموحدة، وحركة حماس، بل أن حراك الشعب قد أجبر قيادة الإخوان المسلمين في فلسطين إلى تغيير استراتجيتها الدعوية، والتعامل مع الحدث على أرض الواقع ببعده الشعبي والنضالي، والتعاطي مع خصوصية القضية الفلسطينية في البعد الشمولي للمشروع الإسلامي للإخوان المسلمين. ثم تكرر الدور الشعبي الرائد في انتفاضة الأقصى التي اندلعت في 28/9/2009م عندما تم المس بمقدسات الشعب. كل هذه التجارب تثبت أن الشعب الفلسطيني كان الرائد في صناعة تاريخه، وصناعة أحداثة قبل أن تسارع قيادته المتشرذمة حيناً والمتصارعة حيناً، والنائمة أحياناً أخرى إلى اللهاث وراء الشعب للإمساك بعنانه قبل فوات الأوان. وهذا يعني أن الشعب الفلسطيني عليه أن يحافظ على منجزاته ومكتسباته التراكمية وعدم الحيد عنها. فهو أيضاً من ساهم في صناعة لحظة المصالحة من خلال تفاعله المستمر مع الحدث، وممارسته للضغوط على القيادتين لإنجاز المصالحة، وقدم المبادرات بدأً من مبادرة الشخصيات الوطنية، إلى مبادرة الأكاديميين (الذي كان لنا شرف المشاركة بها) إلى مبادرة إخواننا الأسرى الذي طغت على جميع المبادرات للمكانة الاعتبارية التي يتمتع بها الأسرى (فك الله أسرهم جميعاً). ثم كان دور الكتاب في مقالاتهم التي لا تنقطع للدعوة إلى تحقيق المصالحة، ومروراً بمئات الندوات والمؤتمرات الصحفية والمسيرات، وانتهاءً بمبادرات الشباب وحراكهم في 15 آذار مارس. كل هذا يبرز النضال التراكمي الشعبي الذي لم ينقطع والذي ازدادت وتيرته حينا، وخبا حيناً، وتعرض للقمع والملاحقة أحياناً أخرى. وبالتالي لا يمكن أن يتم إنكار دور الشعب بفئاته ونخبه في الوصول إلى لحظة توقيع المصالحة دون إغفال باقي العوامل الأخرى. ويشير قولنا هنا إلى أن دور الشعب لا يتوقف عند لحظة التوقيع بل يجب مواصلة دوره في إنجاح المصالحة على أرض الواقع. وأن يكون الشعب المراقب والساهر على مكتسباته، فلا يكفي هنا وضع عربة المصالحة على سكة الحديد بل يتوجب دفعها قدماً وصولاً إلى محطتها الأخيرة. وهذا يعني الاستمرار بالضغط على القيادات للإسراع بتطبيق الاتفاق، وتجاوز عثراته، وفي الوقت نفسه تحجيم مراكز القوى الفلسطينية التي تقف في وجه بدوافع حزبية وشخصية ضيقة. فقد ذكرنا في مقالنا السابق أن المصالحة معركة وليست ترف أو نزهة سياسية، وهذا يعني أن على الشعب أن يخوض المعركة مع قيادته لا أن يقف موقف المتفرج عليهم وهم يمتطون صهوة خيولهم. فالكل فارس في ميدانه، الأسير فارس في ميدانه، والمثقف فارس في ميدانه، والشباب فرسان في ميدانه... الخ. والمرأة فارسة في ميادينها المختلفة، وعلى الجميع أن يدرك أن زمن صمت الشعوب قد ولى، وزمن الاكتفاء بالتهليل أو البكاء قد ولى. وأن الشعب هو الذي يصنع لحظة تاريخه بعرقه ودمه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل