المحتوى الرئيسى

الأكراد ذراع الدولة العربية إلى قلب آسيا بقلم:نازك ضمرة

05/09 00:37

الأكراد ذراع الدولة العربية إلى قلب آسيا نازك ضمرة/ أمريكا دول كثيرة كبريطانيا والسويد وأمريكا وأستراليا تقبل الأجانب والمهاجرين من أصول مختلفة، تساعدهم وتوطنهم وتستوعب ثقافاتهم أوتترك لهم حرية التكيف، تشجعهم على الانصهار مع غالبية الشعب والرسوخ في الأرض، على أمل الإبداع في أوطانهم الجديدة، لكن حكام العرب في العصور الحديثة لهم حكايات عجيبة، فهم يحولون دون حرية طوائف خلقت ونشأت في مناطق من أقطار عربية، أو يحاولون استغلال تلك الطائفة، ولجعل الحديث موضوعياً لا بد من الاستعانة بالتاريخ حتى نستطيع الولوج إلى ما أردنا لهذا اليوم. يعيش على الأرض العربية في القلب وفي الأطراف أقليات غير عربية تعتز بجذورها وبثقافتها وبلغاتها وبأصالتها، وقد لعبت تلك الأقليات أدواراً فاعلة صانعة بانية في التاريخ العربي، تمازجت تلك الشعوب غير العربية بأجسادها وعقولها وثقافاتها وقدراتها مع العرب الناهضين بقوة بعد انتشار الإسلام، فارتقت تلك الأقليات بارتفاع الشأن العربي، وتعايش الجميع في عزة وكرامة، وعلا شأن الأصيل والدخيل كلما انضوت جذور وأصول جديدة تحت الراية العربية وعلى أرض الدولة العربية، جرى ذلك موثقاً عبر فترات مختلفة في القرون القديمة والمتوسطة والأخيرة، وللدخول في صلب موضوعنا أصل إلى الشأن الكردي نموذجاً، فإنني أرى أن هذا الأمر هو موضوع الساعة في العالم العربي، وظل يلح عليّ عبر العقود الماضيات لإظهار وجهة نظري فيه. فبعد أن برز العقل العربي الشاب في الشهور الأخيرة، والمتطلع للحياة الحرة الكريمة، وعلى أسس واضحة مدروسة النتائج، ومطلوبة بقوة في عصر التواصل الألكتروني، والعالم يصبح كأنه مدينة واحدة، يتعايش سكانها بعضهم مع بعض برغم خلافاتهم اللونية والفكرية والاقتصادية والجذور. إن الشأن الكردي مفصل مهم وركيزة أصيلة لمستقبل الأرض العربية ومن يحيا عليها. وتعاقب الأحداث والغليان على الأرض العربية يؤشر بدور عالمي كبير لهذه الأمة قريباً، وليس جديداً على العرب أن يصبحوا قوة عالمية، فلقد سبق وحصل ذلك في عصور متعاقبة منذ بزوغ فجر الإسلام. إذ إن العرب بالتآلف مع من اتبع دينهم أخضعوا امبراطوريات سائدة في القرن الخامس فأزالوا دولة الفرس وضموا أراضيها والشعوب التي فوقها للدولة العربية الجديدة ايامها، ثم واجهوا الامبراطورية الرومانية، القوة الأوربية الأعظم في ذلك الزمن والتي لم تبلغ نظيراً لها باتساع حدودها أي دولة أخرى في العالم القديم، هزمها العرب واستعادوا كل شبر من الأرض العربية كان تحت حكم الرومان، ثم تبعوها إلى أوربا في إسبانيا والقسطنطينية، ثم في دول البلقان. وفي الحروب الصليبية واجه العرب كل أوربا بقواتها الحاشدة بقيادة صلاح الدين السلجوقي، ثم جاء المماليك والعثمانيون مستقوين بالعرب وبالإسلام، ووحدوا كل من عاش على الأرض العربية. كانت الحرية متاحة لجميع شعوب المنطقة، والتي تشكل أقاليم الآمبراطورية العربية، فكان العرب ينشرون تراثهم بين تلك الشعوب غير العربية، ويحتضنون ويحتوون تراث ولغات وثقافة تلك الشعوب التي شاركتنا الأرض والحلم والحكم والحرية. الشعوب العربية قبل الثلث الأول من القرن العشرين لم تشعر يوما ما بنفور من غير العرب، بل ظلّ المؤسس الأول للدولة العربية رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوتهم، إذ قرب المستشارين والصحابة ممن يرجعون في تراثهم وثقافتهم ونشأتهم إلى الفرس والروم، مثل أبو سلمان الفارسي وصهيب الرومي، وأبدع القائد الفذ صلاح الدين حين قاد الجيوش العربية لطرد الصليبيين، أعاد توحيد أقاليم الدولة الإسلامية في آسيا وإفريقيا، وتلك حقائق معروفة للجميع. وللاختصار أصل إلى لبّ الموضوع، يدعو كاتب هذه السطور لاحتواء الشعوب الكردية، ومنحهم الحرية والكرامة على أراضيهم ومواقعهم، آن الأوان لأن يكتمل الوعي العربي، بأن نفتح عيوننا وعقولنا، لنعطي الثقافة الكردية والأمازيغية الاعتبار الواجب حسب تقاليد ديننا (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا). وحتى قبل انتشار الحرية والديمقراطة في العالم الغربي ونشوء الدول الغربية الحرة المعاصرة، والتي تمنح مواطنيها حرية العيش والثقافة والكرامة لمن يعيش على أراضيها، مادام القانون الوطني هوالذي يحكم التصرفات والحدود. فمن من العرب يكره أن تمتد الدولة العربية إلى شرق تركيا وشمال إيران وشرقاً صوب أواسط آسيا وجنوب روسيا، فما الذي يضير تاريخنا وتراثنا وديننا إن ازدهرت الثقافة الكردية والقومية الكردية على أرضهم التي هي امتداد لأرضنا، نتعايش إخوة في أقاليم متجاورة متداخلة، نتزاوج ونختلط ونتعلم ونعلم، نأخذ ونقلد ويؤخذ عنا ولا يؤثر ذلك على لغتنا وثقافتنا وديننا بأي أثر سلبي، إن الشعوب في العصور الحديثة تتقارب وتتفاهم وتتوحد حسب ترابط المصالح وبروز الأخطار القادمة من كل صوب، فلنفسح المجال للأكراد كي يأخذوا مكانهم الصحيح وحجمهم الطبيعي في الحكم والثقافة والاهتمام، ضمن الحكم العربي القوي الحر، والأمة العربية مقبلة على مرحلة تتخلص فيها من حكام أفراد وعائلات متشبثين بالسلطة والحكم، ووجدوا أن مصالحهم هي في خلق توترات وخلافات مع القوميات غير العربية والأقليات، أو تقريبها واستغلال كل فرصة سانحة لخلق الوقيعة والمبررات لحكم العسكر، ولكبت الحريات حيث يزدهر الفساد والرشوة والشللية والمحسوبية والفئوية وحتى الشوفينية. يعيش في محيط الأرض العربية وداخلها الكرد والأمازيغ والأفارقة والفرس والترك والأقليات الدينية والأوربية ومن أواسط آسيا. وحين تبرز الدولة العربية الموحدة لكل هذه الأقليات ستمتد ولاياتها المستقلة داخليا إلى أواسط آسيا وجنوب روسيا وأجزاء من أوربا، يمارس كل جنس حريته في مشاعره ولغته وفنونه وثقافته، والحاضنة الكبرى هي الحكم المركزي العربي، حيث تتفاعل جميع هذه الثقافات وتتوالد منها إبداعات خلاقة وفنية من مختلف المنابت والأصول على ارض الدولة العربية الموحدة او المتفاهمة شبه الموحدة، وسيزدهر العلم والأدب والديمقراطية، ليس هذا حسب، بل إنني أؤكد لكل عربي وكردي وتركي وأمازيغي أن يدرك أبعاد ما أرى، وترسيخ ذلك في ذهن كل قارئ لهذه السطور. لو تم توحيد الولايات العربية مع تكريم الشعب الكردي، بالمساواة والحرية والديمقراطية ضمن هذه الدولة العربية فسوف تمتد حدود الدولة العربية لتحتضن إيران وتركيا، فهذه الشعوب كلها مسلمة في الغالب، ومهيأة للتفاهم والتقارب، وللعودة للحضن العربي بالمساواة والكرامة كما سبق أيام الأمويين والعباسيين والعثمانيين، خاصة وأن الأكراد عانوا من ظلم المستعمر معنا، ولاننسى أن بعض تلك القوى العظمى ما زالت تحلم بالسيادة والتحكم بمصائر الشعوب. إن العالم لا يتسع لقوى عظمى كثيرة، اثنتان او ثلاث أو أربعة للتوازن، وأوربا أدركت ذلك فاتحدت، وانهيار الاتحاد السوفياتي أفسح المجال للمارد العربي المخنوق أن يكسر القمقم، والأكراد سيكونون رسل امتداد للدولة العربية، والشعب الكردي يتميز بمعرفة مصالحه ويدركون أن ماضيهم وحاضرهم مرتبط بالتعايش مع العرب والأرض العربية، منبسطاً لهم ومقاماً، يصلون العالم والبحر والسماء عبر الأرض العربية وأجوائها وبحارها، وكون الكرد ولاية مستقلة ذاتياً ضمن الدولة العربية الكبرى، فإنني أجزم أننا سنتوافق مع الأفغان والباكستان ومع كثير من شعوب بحر الخزر ومعظم أواسط آسيا وجنوب روسيا أو كلها، وستصبح لغتنا العربية وتراثنا ملاذاً لمعظم شعوب آسيا وإفريقيا. في دولة عظمى لم يسبق لقوة عالمية أخرى لها اتساع بمثل اتساع دولتنا العربية المتحدة، وتركيا ستكون أكثر المرحبين بهذا الازدهار والانفتاح، بل ستصبح منار إشعاع ثقافي عربي إلى أوربا بالاختلاط والتواصل والتعاون، وستزول مشكلتها الرئيسة وهي الصراع الإثني، بين الكرد والجنس التركي، وستوحد الحرية والثقافة والوسطية العربية كل الاختلافات التي ستنشأ أوكانت بين مختلف الأجناس على الأرض العربية أو ما جاوها، والعرب هم القادرون على مزج الثقافات واحتواء الفروقات وامتصاصها في بوتقة العربية والتاريخ العربي ولآزالة عوامل الخوف وأسباب الفرقة ومسبباتها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل