المحتوى الرئيسى

> تورط مبارك وحسين سالم في عملية «إيران جيت»

05/08 21:12

الحلقة الثانية في السجلات الأمريكية طبقاً لشهادة السيدة "باربرا هونيجر" كبيرة الباحثين بالبيت الأبيض في فترة الرئيس رونالد ريجان ومديرة معهد هوفر للبحوث الاستراتيجية ومحللة المعلومات الشهيرة في شرطة واشنطن سابقاً كانت قد وثقت في كتاب لها علاقة سالم بالمخابرات الأمريكية منذ بدايتها، وقالت: "كان رجل الأعمال حسين كامل سالم يعمل مع المخابرات الأمريكية منذ وقت طويل وقد كون معهم شركة تسمي (إياتسكو) المصرية لخدمات النقل، وشهدت بأن أهم شركائه فيها كانا "جورج بوش" الأب و"تيودور ويلسون شيكلي" مدير مركز العمليات السرية بالمخابرات الأمريكية وأن الاثنين كانا يمتلكان 49% من الأسهم، في حين يمتلك سالم ورجل آخر رفيع المستوي ببلاده باقي الأسهم.. وهذا في أول إشارة موثقة عن حسني مبارك، وأكدت كبيرة باحثي البيت الأبيض في شهادتها أن الشركة المصرية الأمريكية كانت منشأة من قبل المخابرات الأمريكية للمساعدة في نقل السلاح سراً إلي إيران ودول أخري، وهو ما كشفت عنه بعدها فضيحة «إيران جيت» التي ذكر فيها اسم سالم والرجل القوي وراءه عدة مرات دون أن يدرك أحد حقيقة الوصف. باربرا هونيجر أشارت إلي أن شراكة حسين سالم ومن معه بالمخابرات الأمريكية بدأت بتسجيل إياتسكو المصرية الأمريكية للشحن في عام 1979 وقد كان معهم شركاء آخرون كان منهم "ريتشارد سيكورد" ضابط المخابرات الأمريكية الذي عرف في القضية بالمتآمر وكذلك "توماس كولينز" و"إيريك ماريود فون" الذي كان يشغل منصب نائب وزير الدفاع الأمريكي للمساعدات الأمنية وهم من أطلق عليهم بعدها اسم (الضباط الفاسدين)، باربرا قالت في شهادتها: إن هؤلاء الفاسدين كان معهم شريك إيراني في فضيحة إيران جيت يدعي "الحكيم ألبرت" وهو رجل تلقي السلاح علي الجانب الإيراني من العمليات، الغريب أن باربرا أكدت تورط كل هؤلاء في منع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر من استكمال مستقبله السياسي وأنهم تآمروا عليه في قضية الرهينة الأمريكية في إيران وهي القصة التي قوضت سمعة رئاسة كارتر، باربرا قالت إن الفاسدين ــ وبالقطع كان بينهم الشركاء المصريون ــ اتفقوا مع المتمردين في إيران علي تأخير إطلاق سراح الرهينة الأمريكية لما بعد سقوط كارتر في الانتخابات وبذلك نجحوا في الدفع برونالد ريجان بمساعدة المخابرات الأمريكية وقتها، وذلك علي حد تعبيرها، عقاباً لكارتر علي معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي كانت المخابرات الأمريكية لا تريد لها النجاح طبقاً لشهادة باربرا. في قضيتهم التي قدموا إليها متهمين بالفساد، قالت باربرا: إن وليم جي كيسي ورونالد ريجان الرئيس الجديد أرسلا مستشار وزارة الخارجية الأمريكية "مايكل ليدين" حيث تقابل مع المدعية العامة الأمريكية وقتها "بارسيلا لورانس" وأقنعها بعدم التصميم علي تقديمهم للمحاكمة لأن ذلك كان سيضطر المحكمة الأمريكية إلي أن تحكم علي مبارك نفسه بالسجن وأن تكتفي المحكمة بالغرامة مع حجب أسماء معينة بالقضية، وهو ما قد سجله تاريخ تلك المحاكمة الغريبة، التي فجرت أيضاً تدخل الراحل أشرف مروان، في بعض العمليات التي جاءت بفضيحة "إيرانسكو" وفيها أشرك مروان سالم ومبارك في نقل السلاح لإيران بمساعدة رئيس المخابرات الإيرانية وقتها "منصور رافيزاده" وكشفت عن أن التسمية الشهيرة بعدها «إيرانسكو» كانت مأخوذة من اسم شركة سالم ومبارك «إياتسكو». المعروف أن «إيرانسكو» يحقق فيها الآن سكوتلاند يارد سراً في قضية اغتيال الدكتور أشرف مروان لأن هناك شبهة ما تتجمع خيوطها، إذ ربما هناك طرف عارض دخل علي الخط بسبب شهادة مروان التي كان يعدها في كتابه وربما هو من ارتكب الجريمة، سكوتلاند يارد تحقق وقد زال شبح مبارك من العالم وربما نشهد مفاجأة جديدة.. ما هذه المعلومات المؤكدة والمنشورة؟ إننا في صدمة حقيقية وكيف أخفوا كل هذا طيلة فترة حكم مبارك؟ ولماذا لم يساعد أحد علوي حافظ يوم كشف أول معلومات عنها؟ هنا نتوقف قليلاً، فنحن في عام 1983 ووليم جي كيسي أو وليم جوزيف كيسي رئيس المخابرات الأمريكية «سي آي إيه» بداية من تلك القضية هو الراعي الرسمي لتلك المجموعة في مصر غرضًا منه في تجنيدهم في مواضيع أسمي بكثير للولايات المتحدة، ومساعدتهم في مناطق نفوذهم لخدمة الولايات المتحدة الأمريكية، كيسي رئيس «سي آي إيه» من 1981 إلي 1987 كان هو الأب الشرعي لكل هؤلاء الفاسدين ممن ذكرتهم أوراق القضية، وكان هو أول من فكر في استغلال القضية فدعاهم للعمل مع الإدارة الأمريكية لتكسب المال والصداقة الأمريكية الثمينة التي كانت في نظر كيسي قد رفضت بسبب وطنية السادات وعدم إطاعته الأوامر الأمريكية. كيسي والعام 1983 ونحن في المحكمة العليا الأمريكية في أوج قوته وسطوته ويسيطر علي مقاليد الأمور بل هو من ساعد رونالد ويلسون ريجان المعروف برونالد ريجان الرئيس الأمريكي الأربعين بداية من 1981 إلي 1989 كان يسيراً عليه التأثير علي المحكمة وإقناع الرئيس الأمريكي بضرورة التدخل لأن الفرصة لن تتكرر ثانية في تاريخ هؤلاء، وعلي حد تعبيره: "ربما يصبحون أكثر دهاء حيث لا يمكن لأحد بعد ذلك كشفهم والضغط عليهم بأوراق أخري". من هم شركاء مبارك وحسين سالم من مجموعة «سي آي إيه» (الضباط الفاسدون) نتوقف قليلاً لنكشف لكم لأول مرة ما لم تذكره مضبطة مجلس الشعب المصري، فالأوراق بالقضية الفيدرالية تشير إلي أن هناك عدة متهمين لدينا في مصر منهم اثنان هما سالم ومبارك، وتعرفوا معنا علي بقية الشركاء في المخابرات الأمريكية وتذكروا أنهم كانوا وقتها لا يزالون بالخدمة وكان سالم ومبارك يعملان معهم وهذا دليل كافٍ، أولهم "توماس جي كولينز" ضابط وجاسوس تابع للمخابرات الأمريكية والشخصية الرئيسية في فضيحة «إيران جيت» المتورط فيها مبارك وحسين سالم، توماس كولينز عمل سرا في عمليات نقل السلاح غير شرعي سراً لكوبا ثم لاوس وفيتنام ثم عمل تحت قيادة "تيد شيكلي" أشهر مدير لمركز العمليات السرية بـ«سي آي إيه» وهو نفس المدير الذي سيعمل معه مبارك وسالم بداية من 1976 وطبقا لشهادة كولينز الذي لا يزال يتذكر أن سالم هو من أوشي بهم في المحكمة الفيدرالية، فساعتها فكرت المخابرات الأمريكية في تجنيد شخصيات مفصلية في حكم بلادها حتي تتمكن من التمويه فرجال سالم ومبارك ذو الهيئة الشرق أوسطية هوياتهم ومستندات عملهم كانت تبعد أي شكوك حول عملهم لحساب المخابرات الأمريكية خاصة أننا كنا وقتها في بداية السبعينيات وجمال عبدالناصر قد صنع رصيداً محترماً أجبر به دول العالم علي تقبل العرب والشرق أوسطيين، وكان معروفاً أنه لا توجد لهؤلاء مشاكل سياسية مع فيتنام أو لاوس أو كوبا أو غيرها من الدول التي كانت تحارب ما أسموه بالإمبريالية كما كان تواجدهم في إيران ظاهرة عادية لأنهم عرب ومسلمون ولا علاقة لهم بما تفعله سي آي إيه، كان هذا هو سبب حرصهم علي سالم ومبارك وقد سقط منهم الثاني في 11 فبراير 2011 ولم يبق غير سالم. كولينز صاحب الخبرة الطويلة أوشي به سالم بعد أن شاركه هو ومبارك منذ عام 1979 وتشهد الموسوعة المخابراتية علي هذا بدعوي أنهم اتفقوا علي توريد السلاح والمعدات الأمريكية إلي مصر ودول الشرق الأوسط ويشهد هو بأنهم حققوا الملايين معاً من خلال «إياتسكو» المعروفة باسم (الشركة المصرية الأمريكية للنقل والخدمات المعاونة)، وفي محاكمته وبسبب وشاية سالم كان نصيبه من الغرامة مائة ألف دولار أمريكي، الجدير بالذكر أن كولينز أكد أن علاقته بسالم ومبارك ظلت جيدة تحديداً حتي 27 يوليو 1986 عندما نشر أول مقال في مجلة (سان فرانسيسكو إكزامينر) وكان قد قبض عليه من قبل المخابرات الأمريكية فحققوا معه وكان مضطرا لتقديم شهادة كاملة عن نشاطه ونشاط مبارك وسالم في شركة «إياتسكو» التي كانت من بين الشركات الرئيسية في توريد السلاح إلي إيران وقد وشي بالاثنين فيها، ويؤكد كولينز أن شهادته لم تكن أبدا انتقاما من سالم بسبب قضية 1983 لكنها كانت الحقيقة في وقت قال عنه: "كان لا يمكن لأحد الكذب"، وتدل الأحداث علي أن سالم ومبارك بدآ ملفهما في سي آي إيه وأجهزة مخابرات العالم يمتلئ بالفساد وأصبحا من الرجال الخطيرين بالعالم بل كانا يشكلان خطراً حتي علي بلدهما إلا أنهما كانا من أذرع المخابرات الأمريكية. أما شريكهم الثاني في المخابرات الأمريكية فهو "ريتشارد سيكورد" وهو صديق قديم لمبارك حيث كان طياراً في السلاح الجوي الأمريكي وهو من مواليد 1930 بولاية أوهايو الأمريكية وقد تخرج في أكاديمية ويست بوينت التابعة للقوات الجوية الأمريكية وقد كان وقتها يعمل رئيساًَ لشركة (ستانفورد تكنولوجي جروب وكان في ذات الوقت رئيس مجلس إدارة شركة (إنتربرايز) التي استخدمها الرئيس الأمريكي ريجان لتوريد السلاح للدول التي يريد إحداث الانقلابات فيها، فكر سالم في ضمه للفريق حيث إنه معروف بتورطه من قبل في عمليات سي أي آيه القذرة في لاوس وفيتنام فوافق سيكورد لأنه وجد في شركة سالم ومبارك التمويه المناسب لعمليات كثيرة كان لا يعرف تمريرها عن طريق شركاته غير أنه سقط معهما في قضية الفساد في 1983 بعد وشاية سالم عليه. شريكهم الثالث هو "إدووين بيتر ويلسون" المولود في 1928 بولاية إيداهو الأمريكية كان ضابطاً بـ«سي آي إيه» وربما سمعتم عنه حيث أنه كان في الواجهة في قضية توريد السلاح سراً للعقيد القذافي في ليبيا والمفاجأة أن السلاح كان يذهب إلي لبنان وللجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان يرأسها أحمد جبريل ويرعاها معمر القذافي، ومن هنا تظهر معلومة جديدة، فقد تورط سالم ومبارك من جديد في توريد السلاح لقلب الأوضاع في لبنان التي كان يدافع عنها مبارك ويعمل سالم وسيطاً بينها وبين إسرائيل بعدها بأعوام. المهم أن الوثائق تؤكد قيام الشركاء بتوريد السلاح لليبيا بداية من عام 1979، وفي عام 1984 يتضح في المحكمة الفيدرالية أن مبارك وسالم من جديد كانا شريكين "بيتر ويلسون" في عملية نصب وخيانة أمانة غير أنها هذا المرة تمس الصميم المصري، فقد كشفت المباحث الفيدرالية الأمريكية في قضية داخلية كشفتها موسوعة المخابرات العالمية عن أن بيتر ويلسون أدين بالتورط مع سالم ومبارك في سرقة أموال المعونات الأمريكية لمصر وأنهما نفذا الخطة، حيث يشحن ويلسون السلاح لمصر عبر شركته بعيداً عن شركة مبارك وسالم لكنه يدفع لهما عمولاتهما دون ذكرها في الأوراق وعلي أساس أنه يورد لدولتهما وأنه يجب أن يحفظ لهما العمولة كما يفعلان هما معه في عمليات أخري، المهم ويلسون قدم للمرة الثانية فواتير مزورة كشفتها المباحث الفيدرالية وفي التحقيقات اعترف ويلسون بأنه كان مضطرا إلي أن يدفع إتاوة الرجل الكبير في مصر علي حد تعبيره، في شهادته دفع ويلسون وحده تعويض وغرامة الخزانة الأمريكية مقدارها، كما يحدد القانون الأمريكي في تلك القضايا، 8 ملايين دولار أمريكي وتهرب سالم ومبارك من رد أي أموال إليه واتهماه بأنه غبي. الغريب أنه ربما كان فعلاً غبياً لأنه في عام 1984 عاد وشاركهما شحن الأسلحة إلي إيران، وسارت العملية في سرية تامة غير أن مباحث الهجرة الأمريكية كشفت شحنة خمور شحنت من شركة ويلسون وعند تفتيشها في شركته اتضحت لها أوراق قضية ستصبح بعدها حديث الصحف الأمريكية وهي ضلوعه مع سالم ومبارك في توريد السلاح إلي إيران. في عام 2004 وبعد تولي جورج دبليو بوش الابن الرئاسة الأمريكية حدثت مشادات كلامية بين بوش ومبارك وهدد بوش الابن باعتقال سالم لو لم يتوقفا عن مد دول بعينها بالعالم بالسلاح حتي لو كان مستعملاً، فتعجرف عليه مبارك علي أساس أنه ابن غير بار لأن والده نفسه كان شريكاً لهما من قبل بنسبة 49% في إياتسكو (الشركة المصرية الأمريكية للنقل) وأنهم قاموا بعمليات غير شرعية وأن المصرية كانت لمبارك وسالم والأمريكية كانت لبوش، غير أن بوش الابن شعر أن مبارك راح يبتزه ويهدد سمعته وكانت تلك بداية النهاية لمبارك وطبقاً للرسميات ومن وراء الكواليس طلب بوش الإبن من المخابرات الأمريكية الجديدة بعد أحداث سبتمبر 2001 أن يعدوا ملفا كاملاً عن مبارك وسالم وعمليات الاثنين في العالم وأكد بوش للجميع انهما أصبحا يمثلان تهديدا للأمن القومي الأمريكي، بل كانت صدمة الأوروبيين عندما وزعت المخابرات الأمريكية الملف علي أصدقائها في أوروبا وبات واضحاً أنهم قد بدءوا خطة التخلي عنه ولو نتذكر فقد شهدت الفترة من 2004 إلي يوم سقوط مبارك هبوطاً مثيراً في العلاقات المصرية ــ الأمريكية كان الواقف وراءها ملف فساد مبارك فقد رأي فيه الكثيرون بالإدارة الأمريكية شخصية لا تصلح إلا لإدارة عصابة علي حد تعبير الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل