اتجاهات سياسية

سلطة الدولة لم يعد من الممكن الإستمرار في الصمت علي ما يحدث من فوضي داخل مصر تعدت الحدود, بل وبالرغم من المطالبات المستمرة للشعب بتهدئة الأمور إلا أنه للأسف أفلت الزمام في الكثير من المواقع والكثير من المحافظات بمفهوم خاطيء للحرية والثورة.. وقد تكررت خلال الأسابيع الماضية مشاهد الانفلات الشعبي, والتي ظهرت بوضوح في أحداث قطع السكة الحديد في قنا والتي استمرت فترة ليست بالقصيرة أضرت بالمواطن المصري في الكثير من أمور حياته, بل وأدت إلي مآس إنسانية متعددة وقاسية علي النفس ليس لها ما يبررها سوي أمر واحد, ويؤسفني التصريح به وهو إختفاء سلطة الدولة, وقد أصبحت في معالجتها للامور كأنها يتواري خجلا من التصدي بقوة وحسم ولكن تناول المواقف بمرونة تزيد عن الحدود وتنقلب إلي الضد, بل ويتسرب إلي المواطن الإحساس بضعفها وضياع هيبتها وهو الأمر الذي يمثل خطورة شديدة علي أمن المواطن.. وقد يتكرر الأمر بعد نجاحه في قنا وفي العديد من المحافظات الأخري عند عدم استجابة الدولة لأحد المطالب, بل وزاد علي ذلك ما شاهدناه الأسبوع الماضي من الهروب الجماعي للمساجين المحتجزين في سجن الساحل في شمال القاهرة, واستخدام البلطجية الذين سعوا لإخراجهم للذخيرة الحية والأسلحة البيضاء مع مواجهة الشرطة لهم فقط بخراطيم المياه.. ومع تكرار هذه الحوادث لا يجب الوقوف في صمت والإشاحة بالوجه والسمع والمراقبة عن هذه الأحداث وكأنها تحدث في دولة أخري لا شأن لنا بها.. وإنني لا أعتقد أن الأمر قاصر علي مهمة الشرطة في المواجهة لمثل هذه المواقف, ولكن هناك اتجاها عاما في الدولة بعدم التصدي بعنف لهذه التصرفات, وإنني أقر هنا أن مثل هذا التفكير يعد خطأ فادحا لأن ذلك يعني سيطرة البلطجية علي مقدرات الأمور وعدم إحترام القانون وإستخدام سلاح الثورة والحرية لتدمير الأمن في البلاد, وزيادة علي ذلك ضياع هيبة الدولة وسلطتها وهو أمر سيعاني منه كل المواطنين, بل وستعاني منه أجهزة الدولة ذاتها ومسئولوها تدريجيا لتسود ثقافة البلطجة وفرض الأمور بالقوة وغياب القانون في كافة المؤسسات بل لتسود هذه الثقافة أيضا في نفوس المواطنين, وتتحول الحياة إلي غابة كبيرة وليست مصر التي عرفناها دائما, ومن هنا فإنني أهيب بالمسئولين التصدي بالقانون وبكل الحزم والحسم لمحاولات الخروج علي القانون وعلي سلطة الدولة لصالح الأمة المصرية جميعها. المزيد من أعمدة نهال شكري