وأخيرا بدأت المرحلة الأصعب بقلم: م .عماد عبد الحميد الفالوجي
وأخيرا بدأت المرحلة الأصعب م. عماد عبد الحميد الفالوجي رئيس مركز آدم لحوار الحضارات www.imadfalouji.ps كثيرون هم الذين اعتقدوا أنه لا مجال لتحقيق المصالحة ورهنوا أنفسهم وعقولهم أمام معطيات الواقع الصعب الذي فرضته ظروف الانقسام , ولكن لم يكن يساورني أدنى شك بأننا سنصل – ولو بعد حين – لهذا اليوم الذي يحتفل فيه شعبنا بيوم المصالحة وإنهاء مرحلة الانقسام السوداء , وأن نرى كافة القادة الأمناء العامون للفصائل تجتمع وتتصافح وتبتسم مع بعضها البعض وتعمل جاهدة على إعادة الروح للجسد الفلسطيني بعد أن أنهكته سنوات الانقسام . ولكن وبعد أن تمت بنجاح كبير الخطوة الأولى لعملية المصالحة – مع أننا كنا نتمنى أن لا تأخذ كل هذا الوقت الطويل ولكن كما يقول المثل الروسي " أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي – وهنا نكون قد دخلنا عمليا فى المرحلة التى انتظرناها طويلا وهي المرحلة الأصعب والمتمثلة فى تجاوز مرحلة الانقسام وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى بنود المصالحة , وهنا الاختبار الحقيقي لقادة الشعب الفلسطيني فى تجاوز العقد النفسية والشخصية للكثيرين منهم , وهل سننجح فعليا فى تحدي كل العقبات والعراقيل التى قد يفترضها البعض وقد يمارسها بعض المستفيدين من مرحلة الانقسام ؟ ولذلك لابد من المشاركة الشعبية فى مراقبة تنفيذ كافة بنود الاتفاق , وهذه الرقابة الشعبية يجب أن تكون ممثلة فى التحرك الشبابي المجتمعي السلمي والذي يجب أن يبقى يقظا لأن دورهم لم ينتهي بالتوقيع على اتفاق المصالحة بل إن دورهم يجب أن يتعزز خلال المرحلة المقبلة . ولكن حتى نحقق أكبر قدر من المشاركة الشعبية فى رسم الحياة السياسية الفلسطينية القادمة وضمان مستقبل أفضل مختلف عن المرحلة السابقة للانقسام يجب التأكيد على حق كل التجمعات الفكرية والثقافية على ترتيب صفوفها بشكل منظم وفاعل والعمل على صياغة مشروع تأسيس لحالة فلسطينية جديدة تضم بين جناحيها كل تلك التجمعات , سواء تجمعات المستقلين أو التجمعات الشبابية وكذلك ذلك الحجم الكبير من المثقفين والمفكرين وكافة شرائح المجتمع الفلسطيني الذي يعتقد بضرورة تأسيس حالة شعبية منظمة قادرة وفاعلة وقوية لتكون صمام أمان فى وجه الحزبين الكبيرين فى حالة تهرب أي منهما من تنفيذ استحقاقات المرحلة القادمة . وعند الحديث عن الانتخابات القادمة يجب العمل من اليوم على حشد كافة الطاقات لضمان مشاركة شعبية كبيرة وعدم السماح للبعض بنشر ثقافة اللامبالاة وكأن الشعب الفلسطيني أسير الحزبين الكبيرين ولا أمل فى ميلاد حالة فلسطينية جديدة قادرة على معالجة أسباب سلبيات المرحلة القادمة وطرح حلول جذرية بطريقة مختلفة عن العمل الحزبي الضيق , حالة جديدة تقود عملية ثقافية فكرية وتعيد الحياة للمشروع الفلسطيني من جديد , حالة مكملة لعمل كافة الفصائل وليس بديلا عنها وهي ستكون الرافعة للجميع لتقديم الأفضل لشعبنا فى كل المستويات , هذه الحالة التى يجب أن تكون على يمين فتح ويسار حماس ستكون الخيار الثالث لمن أراد التغيير بعد أن عانى شعبنا من تجارب الماضي , ولإثبات أن الشعب الفلسطيني لازال قادرا على تقديم البدائل لكل مرحلة ولن يكون جامدا أبدا أمام قوالب جامدة . المرحلة المقبلة صعبة ومعقدة وتحتاج الى تضافر كل الجهود والتخلص من عقدة الخوف والتردد , وكذلك التخلص من عقدة الانتماء الحزبي الضيق , المرحلة المقبلة بحاجة الى العمل على إعادة صياغة الفكر والثقافة ليكون الولاء للوطن والقضية هو الأساس , ثقافة تقبل وتحتمل الاختلاف وتعدد الآراء , والتوافق على ان يتعايش الجميع تحت سقف القانون ويربطنا ثقافة الاحترام المتبادل مهما كانت درجة الاختلافات , فهل سننجح فى الاختبارات القادمة ؟
Comments