المحتوى الرئيسى

اتفاق المصالحة الجديد بقلم محمد نمر مفارجة

05/07 19:30

اتفاق المصالحة الجديد بقلم محمد نمر مفارجة احتفل الشعب الفلسطيني اخيرا بتوقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح و حماس الذي وكما اعلن رئيس السلطة الفلسطينية ان مرحلة الانقسام قد طويت و تلا ذلك توقيع معظم القوى السياسية عليه في احتفال جرى في القاهرة حيث رعت الحكومة المصرية هذا الاتفاق و يناقش هذا المقال موضوع اتفاق المصالحة . الانقسام السياسي : لا يقصد بالانقسام السياسي اختلاف وجهات النظر في بعض الامور الايديولوجية او المواقف و التكتيكات السياسية ، و انما المقصود الانقسام الجذري و العميق في السياسات العامة و الاستراتيجية الكفاحية الوطنية . كان اتفاق اوسلو الحدث الدراماتيكي الاشد تدميرا للوحدة الوطنية ، و نتج عنه الانقسام السياسي العميق المدمر ليس فقط للوحدة السياسية ، و انما شمل كل ما يخص الشعب و قضيته الوطنية . و من هذا الاتفاق اقيمت السلطة الفلسطينية ، و كان اعتراف م.ت.ف. باسرائيل ، و التزام السلطة الفلسطينية بالحفاظ على الامن و الاستقرار ، و انفتاح لعدد من الدول العربية على اسرائيل اعترافا و قبولا و علاقات بمستويات مختلفة معها و اهمها معاهدة وادي عربة بين اسرائيل و الاردن . و كان ان جرى ترحيل بحث القضايا الاساسية ( الدولة المستقلة ، الحدود ، اللاجئين ، القدس ، الاسرى ، المستوطنات و غيرها ) الى وقت لاحق حدد بخمسة سنوات ، و الى الآن لم يتم اي شيء بشأنها و لا يمكن ان يحدث شيء في الزمن المنظور ضمن ميزان القوى الحالي . في عام 2006 جرت الانتخابات التشريعية ، و كان هناك اتجاهين رئيسيين و هما اتجاه يراهن على العمل السياسي و المفاوضات ضمن سقف اوسلو و مثلته حركة فتح و قوى اخرى صغيرة تشاركها الرأي ، و اتجاه آخر يرفض نتائج اوسلو و يتمسك بالقضايا الاساسية و يرفع شعار المقاومة و يتكون من حركة حماس و قوى يسارية . كانت النتيجة مفاجئة للجميع في داخل الساحة الفلسطينية ، و في الخارج اسرائيل و حلفاؤها امريكا و اوروبا و الانظمة العربية الموالية ، حيث اكتسحت حركة حماس الانتخابات و فازت بالاغلبية الساحقة من المقاعد في المجلس التشريعي . ردت اسرائيل و حلفاءها بفرض حرب شاملة على السلطة الجديدة ، حيث اعتبرت ان نتائج الانتخابات افرزت قيادة متطرفة ( دعتها بالارهابية ) و فرضت حصارا ماليا و مقاطعة لها ، و اعتقلت العشرات من النواب المنتخبين بما في ذلك رئيس المجلس التشريعي مستخفة بالشعب الفلسطيني و ارادته و مباديء الديموقراطية التي تدعي العمل بها . و لم يفد توقف المجابهة المسلحة و العنيفة في كبح المعارضة الشرسة لنتائج الانتخابات . حاول الجانب الفلسطيني بشقيه المعتدل و المعارض التعامل مع الوضع الجديد و ما نتج عنه . حيث قبل الاتجاه المعتدل بالنتائج ، و شكلت حكومة جديدة من حماس بمفردها ، و ردت اسرائيل و الدول الحليفة بحصار سياسي و مالي ادى لعجز الحكومة عن دفع الرواتب و دفع نفقات تسيير اعمالها . و رغم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية فيما بعد بمشاركة جميع القوى المعارضة ، استمر الحصار . استغلت القوى الخاسرة هذا الوضع و اخذت تخوض مجابهة مع حكومة حماس تمثلت في البداية بحركة اضرابات لموظفي السلطة مما فاقم الاعباء على الحكومة و الشعب الذي اخذ يحرم من الخدمات الحكومية كالتعليم و الصحة و غيرها . ثم تطورت المجابهة مع حكومة حماس الى اعمال عنف من الجانبين ، و حدث اقتتال دموي سقط فيه مئات القتلى و الجرحى و اسفر عن سيطرة حماس على قطاع غزة و اخرج اجهزة الامن و قيادات السلطة و حركة فتح من القطاع . البعض يعتقد ان ذلك كان صراعا حزبيا على السلطة و مراكز النفوذ و هو ما بدا في ظاهره ، و لكن حقيقة الامر ان حكومة حماس اضرت بمصالح فئات اجتماعية تشكلت مع انشاء السلطة و هي فئات العاملين في المؤسسات الحكومية و اصبحت حكومة حماس سببا في قطع الرواتب و سبل العيش لها ، و كان لا بد من ازالة هذه الحكومة . و هذا ما حدث بعد الاقتتال و الانقسام الجغرافي بين غزة و الضفة الغربية ، حيث عادت الرواتب و انتظم صرفها . تفاهمات فتح و حماس : تتمثل التفاهمات التي اتفقت عليها حركتا فتح وحماس في 1- الانتخابات و تشمل تشكيل و اسماء لجنة الانتخابات و تشكيل محكمة للانتخابات و توقيت الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني بحيث تكون متزامنة بعد عام من تاريخ توقيع اتفاقية الوفاق الوطني من جانب الفصائل والقوي الفلسطينية . 2- منظمة التحرير الفلسطينية حيث اتفقت حركتا فتح وحماس على أن تكون مهام وقرارات الإطار القيادي المؤقت غير قابلة للتعطيل وبما لا يتعارض مع صلاحيات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية . 3- الأمن تشكيل اللجنة الأمنية العليا من ضباط مهنيين تكون بالتوافق . 4- تشكيل الحكومة الفلسطينية وتعيين رئيس الوزراء والوزراء بالتوافق . ب - مهام الحكومة : - تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني والإشراف على معالجة قضايا المصالحة الداخلية الفلسطينية الناتجة عن حالة الانقسام و متابعة عمليات إعادة إعمار قطاع غزة وإنهاء الحصارو متابعة تنفيذ ما ورد في اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني و معالجة القضايا المدنية والمشاكل الإدارية الناجمة عن الانقسام و توحيد مؤسسات السلطة الوطنية بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس و تسوية أوضاع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والخيرية . 5- المجلس التشريعي تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني حسب القانون الأساسي . اسباب الاتفاق : كان لاحداث الاحتجاجات و الثورة في بعض الاقطار العربية و حدوث تغييرات مهمة في بعضها و خاصة ثورة مصر اثر كبير في الاتجاه نحو المصالحة حيث سقط النظام الذي كان يتحالف مع السلطة الفلسطينية و يساهم في تكريس الانقسام و كذلك احتجاجات سوريا و تخوف حماس من تأثيرها على الاوضاع في المنطقة و كذلك وصول المفاوضات بين اسرائيل و السلطة الفلسطينية الى طريق مسدود و فضائح فريق التفاوض الفلسطيني و كذلك الموقف من حكومة فياض حيث كانت حماس تعتبرها موالية لامريكا و سلوك حكومة فياض في تهميش دور حركة فتح في الحكومة و اجراءات اثرت على مصالح فئات منتفعة من السلطة . مع عدم اغفال دورالحركة الشبابية ( الشعب يريد انهاء الانقسام ) . تحديـــات امـــام الاتفــــاق : اخيرا تم توقيع اتفاق المصالحة و لكن هذا الاتفاق يواجه تحديات كبيرة اهمها : 1-معارضة اسرائيل و حلفائها و خاصة امريكا للاتفاق حيث من المتوقع ان تلجأ الى فرض حصار سياسي و مالي على الحكومة الموحدة مما يخلق صعوبات اقتصادية و اجتماعية في داخل الاراضي الفلسطينية كما حدث سابقا بعد فوز حماس و تشكيلها الحكومة . 2-سلوك كل من حركتي فتح و حماس في الحكومة باتجاه المحاصصة و تهميش دور القوى الاخرى مما يعمق من سلبيات و مآزق يعيشها الواقع الفلسطيني و تتعلق بالفساد و تداعياته . 3-اهمال و تهميش اشكال النضال و الكفاح الاخرى من اجل الاهداف الكبرى و الثوابت الفلسطينية و الانشغال بامور السلطة و الحكم و مكاسب مادية و فئوية . مثلا يخلو الاتفاق من الاشارة الى الجمع بين السياسة و المقاومة . رغم اهمية هذا الاتفاق و ضرورته فانه يتصف بالعمومية و في التفاصيل توجد اسباب كثيرة و كبيرة للاختلاف قادت سابقا الى فشل اتفاق مكة و غيره .

Comments

عاجل