المحتوى الرئيسى

الاسلامفوبيا العربي بعد الثورات بقلم: عبد الغفور عويضة

05/07 17:43

بقلم: عبد الغفور عويضة/ رئيس التحرير فيمجلة خارقة الجدار تحقق حلم طالما حلم به المواطن العربي في لياليه الطويلة تحت ظلم أنظمته، حتى ان بعضا من شعراء المعارضة اليسارية للأنظمة العربية _ وان كانت مبالغة_ تحدثوا عن ان أجهزة المخابرات فيها قد تسللت و غزت أحلامهم، تحقق الحلم فقال المواطن العربي "لا" كاسرا سلسلة قوانين الطوارئ و الاستبداد المخابراتي للانظمة، و كان الحديث في بداية كل ثورة يكثر عن الاسلاميين او الاحزاب او الجماعات الاسلامية بانواعها المختلفة السياسية و الرديكالية او ذات الطابع الايديولوجي ، وهذا كان حديث نظام زين العابدين بن علي و نظام مبارك البائدين و هو الان حديث نظام القذافي المحتضر، و نظام الاسد المتخبط و نظام علي عبد الله صالح محدود البصر و البصيرة ، و ربما سيكون حديث اخرين فيما بعد، فكلهم تحدثوا عن حزب التحرير الاسلامي و الاخوان المسلمين و تنظيم القاعدة... لكن ما سبب هذا الحديث؟؟ و لماذا لم يلق أذنا صاغية؟؟ و ماهو ماله بعد الثورات ؟؟ هناك شيئان يميزان الانظمة العربية وسياستها بشكل عام، اولا انها استهلاكية و هذه الصفة تشترك فيها الانظمة و الشعوب، و ثانيها انها انظمة مقلدة او تابعة و هذان الامران وضعاها في الحضيض الاممي لتصنف على انها "متخلفة" او دول "عالم ثالث" وهو على العكس تماما مما اعتقدته هذه الانظمة من ان التقليد او التبعية سيقودها الى التقدم فقلدت الشعوب الغربية بعلمانيتها، هذه العلمانية وان قامت على اسس سليمة و صحيحة بل وضرورية للنهوض بتلك الامم, الا انها لم تكن كذلك في العالم العربي على الرغم انها قامت على الاسس ذاتها التي قامت عليها في الغرب فاستيرادها من قبل نجيب عازوري وطه حسين و شكيب ارسلان كان مجرد تقليد للخروج على سياسة الدولة العثمانية العنصرية و التي اهملت بسببها الوطن العربي و حرمته من التقدم فكانت العلمانية في بلادنا غير موفقة منذ ذلك الحين مرورا بعهد الانتداب و الوصاية الى عصر التحرر الى ايامنا هذه و الفشل العلماني هذا اتى من الاختلاف في طبيعة الديانتين الاسلامية و المسيحة و درجة التدين و التقليد الاجتماعي بين المجتمعات العربية و الاوروبية و نتيجة لهذا الخوف و الفشل العلماني ساداك نوع من التخوف التلقائي عند الانظمة العلمانية الجديدة من الدين وعودة دستور البلاد الاصيل الذي حكمها لاكثر من ثلاثة عشر قرنا " الاسلام" و بقي هذا الخوف مسيطرا علية بقمع الانظمة للاسلاميين الذين وصل بهم الامر نتيجة لهذا العنف و الضغط الى اعتبار المجتمع جاهليا و دعوا الى " تقويض دعائمه" غير ان الامور ظلت في نطاق السيطرة القمعية للانظمة التي ضاعفت من سطوتها و وصلت الى القتل بالجملة بعدما كانت تعتمد على الحبس فقط لسنوات طويلة مع استمرار حالة الخوف من الاسلاميين عنده. بعد احداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر من العام 2001 وجدت الانظمة العربية و الاسلامية في التحالف الدولي ضد الارهاب سندا لها و استعارت ـ كما العادة ـ لقب الارهاب لتلصقه على كل اسلامي من مواطنيها يثبت انتمائه لحركة اسلامية باي شكل من كان،و هذا شكل اخر من التقليد او التبعية او الاستهلاك ايضا و بذلك حققت مكاسبا سياسية و اقتصادية، فبات الاسلام و الاسلاميون عدوها الاول الذي يسلب كل ما حققته من مكاسب سياسية و اقتصادية و للتقريب لا للحصر هذا الحال نشاهده في كل من مصر قبل الثورة في الدول العربية و باكستان الان، و عندما شعرت هذه الدول بالتهديد الشعبي و تفاجأت بشعوبها تصرخ قائلة "لا" في الشوارع و الميادين العامة سارعت لالقاء التهمة على عاتق عدوها الاول و التاريخي الوحيد " الاسلاميين" او المعارضة الاسلامية، غير ان عظم الكذبة يكشف حقيقتها ، فكيف يعقل ان يكون التحالف الدولي ضد الارهاب داعما للارهابيين ؟! وهنا ينتهي شهر العسل الذي استمر لاكثر من عقد من الزمن لكن بسقوط انظمة و احتضار اخري و خضوع ثالثة لمطالب الشعوب بالاصلاح و التغيير و بداية نهاية لرابعة ، ليسود نوع من الحرية و بداية عصر من الانفتاح السياسي و الديموقراطي، و هنا تاتي المفارقة المضحكة من جماعة الاخوان المسلمين التي تتبعها كافة الاحزاب الاسلامية المعتدلة و ذات الطابع السياسي فكرا و نهجا في هذا العالم... هذه الجماعة يبدو انها لا زالت تشعرانها تعيش في فترة الاستبداد السياسي، او ربما لم تدرك المعنى الحقيقي للديموقراطية فهي نفسها تسعر بالخوف من الاسلام كبرنامج لحكم البلاد بعد الانتخابات فاحد نواب الاخوان في محافظة الاسكندرية في مصر يقول " نحن لا نسعى لاقامة دولة دينية ، لكننا نكرة الدولة العلمانية التي تحارب الدين" و هذا التصريح يمكننا قراءته:نحن لا نريد ان نقيم دولة اسلامية و دولتنا العلمانية القادمة يجب ان تكون على قدر كبير من الحرية التي تتيح لجماعتنا او حزبنا الجديد ممارسة نشاطاته ولا نريد ان نكون جماعة او حزبا محظورا، و هذا ان دل على شئ فانما يدل على طمأنة لنظام لم يأت بعد... ولم تحدد ماهيته، طمأنة له من الاسلام ، هذا من ناحية و من ناحية اخرى هو طمأنة للشعب المصري لحشد اكبر قدر ممكن من الاصوات الانتخابية التي تمكن الحزب الجديد للاخوان من المنافسة على نصف مقاعد البرلمان المصري التي تحدث عنها قادة الاخوان، و هنا ندرك الحقيقة المرة و التي مفادها ان الاسلامفوبيا قد تسلل الى الاسلاميين انفسهم ايضا غير ان الصورة مغايرة نوعا ا في تونس وان كانت على مستو لا يرقى الى حكم دولة بل على مستوى قيادة النقابات التي حققت فيها الحركة الاسلامية فوزا كبيرا في الانتخابات الاخيرة التي جرت بعد الثورة. ان ظاهرة الاسلامفوبيا ظاهرة ترافقت مع الاستقلال العربي و تأصلت عند الانظمة الحاكمة على مدار اكثر من الخمسة عقود، و هاهي تعود اليوم بعد حركة الثورات و التغيير الشعبي الذي يحدث ولكنها تعود وسط اهل الاسلام او الحركات الاسلامية نفسها وان بدى ان هذه الظاهرة تأخذ شكلا من الحساسية عند هذه الحركات من اعلان رغبتها باقامة حكم اسلامي في برنامجها السياسي و الانتخابي و هذا الخوف نابه من امور كثيرة في حيانتا اليومية و التي باتت امرا مسلما به وفي التقليد و العرف الاجتماعي و يرعاها القانون الأرضي كشرب الخمر و الفوائد البنكية و الأهم من هذا كله حكم الاسلام على اهل الكتاب من اليهود و المسيحيين الذين اخذوا صفة المواطنة في هذه البلاد الذي يلزمهم بدفع الجزية للنظام الاسلامي الحاكم و هذا الامر الأشد خشية عند هذه الحركات ومنه تتخوف للاعلان عن رغبتها باقامة حكم اسلامي و هذه الامور سابقة الذكر و تحديدا مسالة الجزية فيها تفصيل كثير و يتتبع الحكم فيه التاريخ الاسلامي و دور اهل الكتاب في الدولة الاسلامية وما لهم وما عليهم و مساواتهم او عدم مساواتهم مع المواطنين المسلمين و طبيعة حكم الاسلام في هذه البلاد ان كان دينا اصيلا يحكم او دينا جديدا جاء محررا بعد قتال او نية في القتال تمخضت عن صلح و معاهدات و تفاصيل كثيرة اذا ما اميط اللثام عنها يمكننا الغاء الجزية في هذا البلد او ذاك، و هنا لا اعتقد ان هناك داع لان تشعر الحركات الاسلامية بالخوف من الاسلام او برنامجها الاسلامي يتم الاعلان عنه بعد دراسة كل الظروف المحيطة تقود الى الغاء الجزية اذا ما اكتملت شروط المواطنة الحقيقية و المساواة في الدولة،وهنا لا داعي لخوف الحركات الاسلامية او الانظمة العلمانية من حكم الاسلام اذا ما اقتصر الامر على هذه الجوانب غير ان ما يربك الحركات الاسلامية أيما إرباك و الانظمة العلمانية في على حد سواء هو تغيير الدستور العلماني الى الدستور الاسلامي اذا ما وصلت الحركة الاسلامية الى سدة الحكم و هنا تكون الطامة الكبرى للانظمة و الحركة الاسلامية على حد سواء مما يوقع البلاد في ازمات دستورية في كل انتخابات رئاسية او تشريعة تجري في البلد. ان هناك قصورا في فهم حقيقة الاسلام عند الانظمة العلمانية في البلاد العربية و الاسلامية و عند الحركات الاسلامية نفسها قبل الثورات و بعدها ، هذا القصور في الفهم ياتي في وقت تسيطر فيها ثقافة الحرب العالمية على الارهاب و هو امر ذاد الطين بلة اذ ان الارهاب بات رديفا للإسلام و اصبح الاسلام دينا يخشى منه ومن أهلة و من حكمه، ان حقيقة الاسلام التي لا تدعو الى الخوف تقول ان الاسلام لا يريد ان يقيم "مدينة الله" التي دعا اليها القديس اوغسطين بل انه يريد ان يقيم مدينة الانسان بفطرته الطبيعية و بكينونته البشرية و بانسانيته المقدسة في هذا الدين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل