المحتوى الرئيسى

المتفوقون الأرمن بلغوا النجومية باحتراف.. فاستحقوا اللقب

05/07 10:36

لمجرّد ذكر اسمهم والذي ينتهي بـ«يان» نعرف أنهم أرمن ومع أن اللبنانيين يتعرفون إليهم أولا من لهجتهم المكسورة التي تبرز في حديثهم مثلا عن المذكر أو المؤنث إذ يكسرون تاء الأول ويفتحون تاء الثاني فتتلخبط المعاني فتصبح في قلب الشاعر إلا أن جيلا من الإعلاميين والكتاب والممثلين وحتى السياسيون منهم جاء ليدحض هذه الظاهرة ويجعلها من الماضي بعد أن صاروا من رواد اللغة العربية وكتّابها. ويعتبر زافين قيوميجيان أول أرمني يخترق جدار الإعلام اللبناني عندما عمل كمراسل ومن ثم كمذيع أخبار في تلفزيون لبنان الرسمي عام 93 - 94 ويتذكر هذه الحقبة قائلا: «كان ذلك بمثابة تحدّ كبير أخوضه في هذا المضمار واستغرب كثيرون خطوتي هذه وكانوا يتساءلون فيما بينهم (أرمني وبدّو يذيع؟) كبر التحدّي في داخلي وأصررت على تحقيق حلمي وكان علي أن أتخلص من الشعور بالنقص الذي يختلجني لأن العربية هي الثالثة في دراستي بعد الإنجليزية والأرمنية وهكذا رحت أضاعف جهودي في اكتسابي العربية فأخذت دروسا خصوصية مع اختصاصي فيها مع الدكتور عفيف دمشقية وكان يملك أسلوبا متطورا ونظريات جديدة في أصول هذه اللغة وقواعدها وبعدها انتقلت عند أستاذ الإلقاء العربي عمر الزين فتمكنت من العربية وصرت أساعد زملائي في الأخبار في تحريك النصوص التي ينوون قراءتها». وزافين الذي درس الإعلام في الجامعة اللبنانية الأميركية كان ينوي التخصص في الطب إلا أن حبّه الكبير لمهنة المتاعب دفعه لتغيير وجهة دراسته. ويذكر أنه في أحد الأيام دخل حصة درس العربية المتقدم في الجامعة نفسها وعندما تلت المدرّسة أسماء الحضور توقفت عند اسم زافين قائلة له: «أعتقد أنك في الصف الخطأ» مستهجنة حضور شاب أرمني لحصّتها. وأكمل مسيرته الإعلامية وقدّم برنامجه الحواري 57 وبعدها انتقل إلى شاشة «المستقبل» التي ما زال يقدّم فيها حتى اليوم برنامجه الأسبوعي «سيرة وانفتحت» ونجح زافين في التحدّي وحصل على أكثر من جائزة إعلامية عن تميّزه في التقديم ومنها صاحب أكثر شخصية مؤثرة لعام 2005 في استفتاء أجرته مجلّة «نيوزويك» الأميركية فاختارته مع 43 شخصية أخرى كما اندرج اسمه ولعشر سنين متتالية من الخمسة الأوائل لمجلة عربية كأحد أفضل الإعلاميين وصاحب أفضل برنامج. ويقول: «أنا فخور كوني افتتحت بوابة العبور هذه أمام الأرمن لدخول الإعلام العربي». ويعترف زافين بأن أول من تأثر في شخصيته الإعلامية هي مذيعة الإخبار في «إل بي سي» دوللي غانم عندما كان يتابعها في بداياتها كمراسلة وينتظر ظهورها كل مساء ويقول: «ما زلت حتى اليوم أنتظر إطلالتها في البرنامج الصباحي (نهاركن سعيد) لأبدأ نهاري بفرح حتى إن زوجتي تعلم ذلك وإذا اتصلت بي وكنت بمزاج سيئ تقول لي (أكيد اليوم ما تصبحّت بدوللي)». كما تابع أيضا المذيعين عرفات حجازي وسعاد قاروط العشي. ويعكف زافين اليوم على تأليف كتاب يحكي تاريخ التلفزيون اللبناني منذ عام 1959 حتى اليوم. ومن ناحيته استطاع المقدّم التلفزيوني نيشان ديرهاروتيان وبفضل جهوده الكبيرة في هذا المضمار أن يتعمّق في العربية ويجعلها من هواياته المفضلة فصارت الفصحى من خصائصه وأظهرها بوضوح في مقدمات حلقات برامجه التلفزيونية. ويقول: «أغرمت بالعربية وكبر التحدي في داخلي عندما قررت أن أغير الفكرة السائدة لدى اللبناني عادة وهي أن الأرمن لا يجيدون العربية». ويضيف: «صحيح أن رجالات أرمنا كبارا سبقوني في هذا المجال أمثال النائب الراحل خاتشيك بابكيان إلا أني أردت أن أتواصل مع جيل اليوم وعلى طريقتي وأعتقد أني نجحت». ويروي كيفية بداية مشواره مع اللغة العربية قائلا: «لوالدتي الفضل الأكبر في ذلك ففي عمر التاسعة تقريبا كنت وأختي سالبي عندما ننهي فروضنا المدرسية نتسمّر أمام الشاشة الصغيرة لنشاهد أفلام الكارتون المعروفة في تلك الحقبة والمدبلجة للعربية (غرين دايزر) و(زينة ونحول) وفي أحد الأيام نهرتنا والدتي ومنعتنا من متابعة هذه الأفلام فيما لو لم نترجم يوميا دروسنا الأرمنية إلى العربية من استظهار وقراءة ولشدة تعلقنا بتلك الأفلام اضطررنا أن نطيعها وهكذا بدأ مشواري مع اللغة التي أعشقها حتى اليوم». ويتذكّر نيشان اللقب الذي أطلقه عليه تلامذة صفّه في الثاني تكميلي «أمير الصف» لإجادته هذه اللغة بتفوّق بعدما صار يعرب الجملة المحكية في أحاديثه معهم. ويرفض نيشان استخدام اللغة العربية دون الحفاظ على أصولها وقواعدها تحت شعار الـcool مؤكدا أن العربية لا تتحمّل ذلك. وأوضح أن شغفه بالمقدّم التلفزيوني الراحل رياض شرارة أثار لديه هذه القناعة وأنه ولشدة تعلقه به كان يقلّده في طريقة إلقائه وضحكته حتى إنه كان يعيد العبارات التي يقولها وبصوت عال وأنه ما زال يملك نسخة مسجلة من شريط كاسيت للإعلامي الراحل يلقي فيه الشعر. ويرى نيشان أن الجديد الذي أحدثه نجوم الأرمن اليوم أمثال زافين وبولا يعقوبيان وأنطوان كسابيان وغيرهم هو اختراقهم الإعلام اللبناني مما سهل التواصل فيما بينهم وبين جيل اليوم. من جهتها الإعلامية بولا يعقوبيان والتي حققت انتشارا واسعا من خلال عملها في هذا المضمار فكانت بداياتها في تلفزيون «آي سي إن» كمذيعة أخبار ومن ثم كمحاورة سياسية في تلفزيونات أخرى محليّة كـ«إم تي في». وعالمية كمحطة «الحرة» فالتقت رجالات سياسيين عدّة بينهم الرئيس الأميركي جورج بوش تؤكد أنها بطبيعتها تهوى تعلّم اللغات وهي تجيد الفرنسية والإنجليزية إلى جانب بعض الإسبانية أما العربية فهي تتقنها بعد أن أحبتها لا سيما أنها وجدتها لغة راقية وجميلة وتتذكر قائلة: «كنا في المنزل نتكلم العربية خصوصا أن والدتي هي لبنانية من منطقة جبيل الأمر الذي سهّل علي مهمتي فقط والدي كان يكلّمنا بالأرمنية ولذلك بالكاد أجيدها فأنا وبدل أن أتكلم العربية المكسورة انعكست الآية وتأثرت أرمنيتي بالأمر فكنت ضعيفة فيها». وتعتبر بولا أن عملها في مجال الإعلام ساهم دون شك في سعيها وراء العربية الصحيحة فكانت تلميذة مجتهدة لدى أستاذ إلقاء العربية الراحل عمر الزين والذي كان أحيانا يتفاجأ بحبّها الكبير لهذه اللغة إذ كانت تكثّف دروسها عنده إلى أن استطاعت تعلم أصول تجويد القرآن وتقول: «العربية لغة فيها منطق وقواعدها ثابتة ومرنة على السواء» وتضيف: لا أذيع سرّا إذا قلت إنني لا أملك الذاكرة القوية في القواعد بل أعتمد على لغة السمع أي إن أذني هي التي تقودني في كتاباتي وفي مخاطبتي للمشاهد». وبولا التي لا تنفك تقرأ حتى اليوم «الأجنحة المتكسّرة» لجبران خليل جبران ومؤلفات أخرى للأخطل الصغير أو نزار قباني تعترف أنها لا تجيد تأليف الشعر وهي بالمناسبة تفضّل قراءة المقفّى منه وليس الحر. وهي ترى أن اختراقها للإعلام العربي عامة واللبناني خاصة جاء نتيجة جهد فردي خصوصا أن العربية أعطتها الثقة بالنفس ومساحة لا يستهان بها من الحريّة في التعبير مما سهّل مهمتها كإعلامية. وتتذكر بولا يعقوبيان حادثة طريفة حصلت معها في بداياتها كمذيعة أخبار في «آي سي إن»عندما اعتذرت زميلة لها عن مشاركتها قراءة نشرة الأخبار فاضطرت أن تقوم بذلك لوحدها فنجحت في الامتحان الذي وضعها أمامه مديرها في تلك الحقبة فاستطاعت أن تفوز بالتحدي الذي أرادت زميلتها يومها أن ينقلب عليها فشلا. ويذكر أن أول أرمنين عملا في الإعلام المسموع والمرئي وتمتعا بلغة عربية رصينة هما السوريان ميشال قوشقجي وترأس مديرية البرامج في إذاعة دمشق ومهران يوسف الذي عمل في التلفزيون السوري منذ السبعينات. ومن نجوم الإعلام الأرمن الممثلة والكاتبة اللبنانية كلوديا مرشيليان فبرعت في صياغة القصة التلفزيونية فقدّمت أكثر من مسلسل تلفزيوني ناجح كان أحدثها «لونا» «واجيال» وهي تعترف أنها لا تجيد الأرمنية وأنها لم تشعر يوما أنها مختلفة عن غيرها من صديقاتها إلا أن ذلك لم يجعلها تنسى يوما أنها أرمنية وتعمل من أجل قضية الأرمن بكل جوارحها. أما أنطوان كسابيان ولمن فاته الأمر فهو أحد أهم صانعي نجوم الإعلام المرئي العربي فعمل في كواليس عدة محطات عربية بينها «إيه آر تي» «إل بي سي» و«إم بي سي» وتلفزيونا القاهرة والكويت. ويشدد كسابيان من خلال إعداده المذيعة تلقينها معلومات عامة مركزة تساعدها على إثراء ثقافتها فيعرّفها على أكثر من 300 شخصية عالمية و20 حدثا شهيرا كي تكون على أهبة المشاركة في أي حوار يجرى معها أو خلالها. ومن بين المذيعات اللواتي درّبهن هيلدا خليفة وكاتيا مندلق وجومانا بو عيد وغيرهم. يبقى القول إن النجوم الأرمن أضافوا بريقا إلى سماء لبنان في كل المجالات فاستطاعوا ترجمة حبّهم لهذا البلد على طريقتهم فتواصلوا مع أهله بتفوق خصوصا أنهم يندرجون ضمن عائلته الكبيرة وصاروا يشكلون ركيزة أساسية أن في مجالي الإعلام والفن أو حتى في السياسة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل