المحتوى الرئيسى

ماجدة ابراهيم تكتب : جرس تليفون

05/07 00:10

كذبت إحساسى تجاهها واستجمعت شجاعتى وصارحتها بما عرفته.. نعم أنت امرأة وصولية متسلقة.. لقد تزوجتنى وأنا فى كامل لياقتى وعافيتى، ونلت من الشهرة والتفوق ما يحسدنى عليه الناس ورغم ذلك كنت تتفننين فى معايرتى بأننى لم أكن فارس أحلامك.. أين هو فارس أحلامك؟ لماذا انتظرت كل هذه السنوات من أجل سراب لا يصلح، وأفنيت عمرك مع رجل بعيد كل البعد عن أحلامك العذرية الطاهرة؟ عزيزتى (أنت طالق.. طالق)! ينفرط جسدها على الأريكة غير مصدقة أن عبدها المتيم بحبها قرر الانتفاض فى الوقت المناسب تذوب عيناها بكاء وتنهال على مسامعى بكل دعوات المقهورين والمظلومين (حسبى الله ونعم الوكيل.. ربنا يأخدك.. عمرك ما هتشوف يوم حلو من بعدى). انتابتنى حالة من المرح مفزعة حولتنى إلى شاب فى العشرين من عمره أطلق صفارات السعادة مودعا أعوام بؤسى وشقائى، واستدعيت كل مقاطع الأغانى المبهجة لكى تعبر عن مشاعرى، عن تلك اللحظات المصيرية فى حياة رأفت الجوهرى. تنتفض زوجتى سابقا انتفاضات داعبتنى وزادت حدة ضحكى على حركاتها الاستعراضية حتى فى الآلام والانكسار ممثلة بدرجة أستاذ، شاورت لها بأصابعى الغليظة وقلت لها: «مع السلامة والقلب داعيلك» . تركت لها كل شىء، نجوت بعمرى الباقى من سمها الزعاف. ما خطوت خطواتى خارج البيت حتى شعرت براحة صافية. ومتعه متناهية.. هاجمتنى أحاسيس مختلطة.. أبتسم تارة وأبكى تارة أخرى. لأول مرة من سنوات طويلة أنام بملابسى كاملة أتقلب فى سريرى كيفما أشاء أصحو فى هدوء وليس على هتافات زوجتى الجهورية، وهى توبخ خادمتها لأنها جاءت متأخرة. طلبت إفطارى فى الحجرة التى حجزتها بالفندق وتناولته على السرير لا أبالى بما يقع من فتات الخبز، ولا بقايا الكاتشب على الملاية، فأنا حر وأدفع من مالى الخاص من أجل راحتى.. كم كنت أفتقد قراءة الجرائد فى الهواء الطلق بلا إزعاج. أفتح التليفزيون وأضبطه على إذاعة الأغانى فيأتينى صوت أم كلثوم نقيا مبهرا، أرتشف قهوتى على أنغام صوتها العذب، لا أفكر فى شىء سوى استمتاعى بعمرى الجديد الذى بدأ تأريخه منذ الأمس! يرن جرس التليفون فأتعجب فلا أحد يعرف بوجودى هنا.. بعد تردد دام لحظات رفعت سماعة التليفون فيأتينى صوت ذو نعومة تذوب لها الأذن، وينتفض لها الفؤاد. تركتها تعبث بأذنى، تسمعنى قائمة عروضها، فهى من العاملين فى النادى الصحى بالفندق وتقدم لى عرضاً مميزاً فى التدليك والمساج، بالإضافة إلى حمام سونا وجاكوزى، كل هذا بخصم خمسين فى المائة.. لم تبذل جهدا لإقناعى لأننى كنت فى أشد الحاجة إلى هذا العرض حتى ولو كان يتكلف ضعف ما قالته. أحسست بأننى مقبل على دنيا جديدة، لم أكن أحلم بها من قبل.. تركت جسدى لفتاة من تايلاند ممشوقة القوام، مشرقة الوجه، وغبت مع يديها فى حلم رقيق الملامح ترفعنى لمسات يديها متقنة الحركات إلى آخر سلم المتعة والاندماج، وتهبط بيديها على جسدى فى نظام آخاذ من الشد والجذب والضغط والارتخاء، حتى تاه تركيزى فيما يحدث لى ورحت فى نشوة غير مسبوقة. تبدلت حالتى من اللامبالاة إلى تسرب أحاسيس حياة جديدة تدب فى جسدى وكأننى تحولت فجأة إلى شاب فى العشرين من عمرى يملك ذهنا صافيا من أى منغصات، تحولت رغبتى فى التشفى من مطلقتى وارتكاب كل ما كانت تمنعه عنى سواء كان لديها حق أم لا، إلى هدوء وسكينة أنزلتها جلسة المساج والتدليك التايلاندى على كل جزء من أجزاء جسدى، وتمنيت أن أظل تحت هاتين اليدين ما تبقى من عمرى دقائق، وأحسست أن يدا عنيفة تعبث بجسدى تهزه بعنف ففتحت عينى فلمحتها بشحمها ولحمها ملتهبة النظرات لا أنساها أبدا تلك النظرات فانتفظت من نومتى فإذا بى فى نفس البيت القمىء تحوطنى أنفاسها المكتومة من كل ناحية، أغرق فى كلماتها قاتمة الألوان والحروف، فأنظر لها شذرا وأكتشف لوهلة أن كل ما مضى كان حلما رائع المذاق.. لن أتركه يفلت منى هذه المرة، فلأجمد قلبى وصوتى وأنطقها بنبرة حازمة: «سهير.. إنت طالق».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل