المحتوى الرئيسى

اتفاق مصالحة لمدة أسبوع بقلم:د. طلال الشريف

05/06 12:52

اتفاق مصالحة لمدة أسبوع د. طلال الشريف كثيرون في هذا العالم الغريب من يريد التمسك أحياناً بوردة ولو على مزبلة، مثلما هم هؤلاء الدكتاتوريين الثائرة عليهم شعوبهم وعلى نظام حكمهم الجامع لكل القاذورات من الفاسدين والمفسدين. هؤلاء الدكتاتوريين يستخدمون كل أدوات الغش والتآمر والجريمة فتصبح من صفاتهم اللصيقة التي ما انفكوا يستخدمونها لقمع شعوبهم عندما تثور على إجرامهم وفي منظور هؤلاء المجرمون صورة لأنفسهم خادعة عن ماهيتهم وحواشيهم وممتلكاتهم فيحسون أنهم صالحين ويرفضون صفة الفاسدين. نحن في عصر باتت فيه الثورات على الهواء ومازالت السيناريوهات أمام الحضور مستمرة العرض للمشاهدين، ولكن المتسلطون لا يريدون رؤيتها، ويستمتعون بتبادل الحديث عن مؤامرة هنا ومؤامرة هناك، ونحن جزء من هذا العالم المتفرج على مصير هؤلاء . أمامنا من هم يتذاكون على شعوبهم، فبدل محاكمتهم على مسئولياتهم يقفزون إلى خشبة المسرح ليقدمون ملهاة جديدة عنوانها "نقتلكم وتتوجونا ملوكاً عليكم" ولدينا شهود زور بالجملة والمفرق. هذا ما يعرض على المسرح الفلسطيني من مكة مروراً بالقاهرة ولا ندري انتهاء بأين. ونحن نسأل ذاتنا المقهورة بالاستعمار الجاهلي البديل للاستعمار الصهيوني الأكثر إجراماً، إلى متى يبقى هؤلاء يعبثون بحالنا وقضيتنا. أمامنا تحضيرات منذ شهرين وأكثر لانتفاضة ثالثة رفضها أبو مازن وقطع الأيمان بأنها لن تحدث ولن يسمح بها وكأنه يملك العصا السحرية لتشغيلها وسكتت عن ذلك حماس دون تعليق وهي التي خولت نفسها مبعوثة النضال الفلسطيني الوحيدة ولم تعترض في الوقت الذي بات فيه الملعب الفلسطيني ليس ملكاً لأحد بل هو ملك الجماهير التي فعلت العجب بثوراتها إن كانت مخططة أو غيرها. ما يحزن مما جرى في المصالحة هو انكشاف لطرف على حساب طرف آخر، فمن أتقن فن المداهنة والتمويه لا يفارقه، وقد يكون الخداع هو صفة الثورات الهوائية كما كانت الحرب دائماً خدعة، فالثورات الآنية في هيأتها مفضوحة الشكل، وتنقل على الهواء مباشرة ولكن استخدام التوقيت أحياناً ومن يحسن ركوب الموجة لقيادتها هو الخدعة بعينها. أبو مازن للمرة الثانية إن لم يكن يعلم كما يقول بعد كل مصيبة، فهل هو يعلم بما ستؤول إليه الأمور في بلادنا؟ وكيف تترتب أحجار الشطرنج سراً يظهر مما جرى في لعبة اتفاق المصالحة، ولكنه في هذه المرة يتقدم وهو يعرف أنه مكشوف الظهر لحماس تماماً، فهو لا يملك برنامجاً سياسياً يتناسب مع واقع الحالة الفلسطينية، ولم يطرح جديداً مع أن المتغيرات في المنطقة هي دراماتيكية بامتياز، ولكونه لا يملك أوراقاً تتناسب مع هذه الحالة الدراماتيكية ذهب لخصمه اللدود حماس للتصالح في الوقت الذي بدا مشعل حماس بقسماته يدرك اللحظة التي تعيشها حماس وتناغمها مع باطنيتها لم تبرحها . أبو مازن ذهب إلى أبعد الحدود في حرق السفن، فهو مغادر للمسرح السياسي، وهو متأكد من عدم ترشحه للرئاسة الجديدة، ولن يستطيع، لأن كما قلنا المتغيرات جذرية، وغريب هذا الاستمرار مع ثورة كبرى غيرت المفاهيم في أرض الكنانة وحولها، ولكنه أراد أن يغادر والمسرح مشتعلاً في بيته الفتحاوي وكأنه يقول بي وبأعدائي وهذه خاصية من خصائص بعض السياسيين الذين يسمونها بمصطلح العدوانية السلبية passive aggressive . ذهب لاتفاق مع الخصوم وهو يعرف بأن أصحاب القضية والمتضررين منها في الانقلاب الأول ليسوا على المسرح، بل منذ أشهر كانت العدة تعد لتقديم هؤلاء القادة الذين لحق بهم الأذى نتيجة تقاعس قيادته في اتخاذ قرار الدفاع عن غزة قبلها بأشهر حين نبهوه للخطر الحمساوي ولم يستحب وهو حتماً المسئول الأول لما حدث في غزة . وقدمت سلطة رام الله تنبيها للغزاويين الذين حكمت عليهم الحالة بالتواجد خارج غزة بالعودة البها في الوقت الذي كانت هذه الخطوة تعد انتحاراً، والمفارقة حين عقدت التوقيعات على المصالحة لم يتسن له دعوتهم لتصوره الخاطئ بإمكانية الإجهاز عليهم تماماً، وكأنه يشير إليهم بالاتهام فيما حدث وكأنه هو والخصم يقدمونهم للمحكمة ويصدرون الحكم عليهم بجرم لم يفعلوه، ويتصافح مع الطرف الآخر المشتبك في قضية الانقلاب دماً، فماذا يسمى هذا في عرف المصالحات ؟ واذا كانت هناك من محاكمات فلتفتح كل القضايا والملفات من المال وحتى الدم، ويقدم المسئولين جميعا إلى المحاكم. هو يعرف أن القادم ليس في صالحه داخل فتح فاختار طريق الخلاص الفردي لقضايا بات الجميع يدرك شوفينيتها في مكان على الأرض يدعى غزة يعرف الكبير والصغير فيه كل شيء ولكنهم يصمتون إلى حين، هكذا علمتهم ثقافتهم التي لا يعرفها الرئيس جيداً ويبدو أنه تاه في الاستراتيجي الديمغرافي الخطير. لا لن تكون الأمور كما يريدها الرئيس ومن سار على هذا الدرب، فأهل غزة أدرى بشعابها، وهي كما قال عنها محمود درويش " صخرة ملساء " لا يرتقيها إلا من عرف سرها وسرها هو العدل بين الناس، ورفع الظلم المزمن عن فقرائها. هناك ثغرات يعرفها الرئيس وتعرفها حماس أكثر ، فلا توجد إرادات حقيقية للمصالحة، ولا يوجد إخلاص للنوايا، فمن يدعي الإخلاص لخصمه في النوايا، فالأولى أن يخلصها لبيته ورفاقه، والواضح غير ذلك فكيف بالإخلاص للآخرين والشعب، هذه محرقة جديدة يلعب بها السياسيون بالنار لتحرق شعب غزة من جديد ويبقى الدم سائلاً دون شعور بالمسئولية حقيقة لا إدعاءاً. هناك غموض لتأجيل الانتخابات لمدة سنة هو غير ضروري إلا لصالح من يريدون تحسين صورتهم المهزوزة أما الجمهور وهي بالمناسبة ستنقل الحالة الجماهيرية الملائمة للمصالحة إلى حالة ووقت غبر مفهوم إلا من خلال النوايا المبيتة للطرفين ومصالحهما في البقاء في السلطة. الأمر الأكثر خطورة هو تكرير الخطأ الذي استغلته حماس عند دخولها الانتخابات دون أن تتحدث عن موقفها من عملية السلام التي كانت ولازال يتبناها الرئيس وهو كان واضحاً في خطابه في حفل التوقيع بأنه ذاهب ثانية إلى المفاوضات التي فشلت من قبل وهذا يوضح الاختلاف في الهدف والبرنامج وقد لا يكون هناك اتفاق على أدوات النضال والموقف من مرجعيات السلام الذي سيعود إليه أبو مازن. وما مصير مشروع الدولة الإدارية التي زوقت المكاتب وقالت بالشفافية إذا لم يكن عرابها الأول في رحلة الإنكار الحزباوي المعترض من سلطتي الدجل الشعبي، وهذا الفياض الذي حفيت قدماه من افتتاح المكاتب والطرق والمؤسسات كما حفي مقص الشريط الأحمر المغموس بثمن الأرض في رحلته البنكية من حسابات واستثمارات على ضفتي معبر إيرز أم كانت مسرحية إلهاء لشعب غزة بأن هناك أمل لهم إن انتظروا التحرير كان قربانها ابعاد عرابها لأجل عيون المشاعة المطرودين من رحمة البعث المتهالك. أم أن الرئيس لا يدري أيضاً هذه المرة سر موافقة حماس على المصالحة فهو حقيقة : أن حماس وافقت على المصالحة لمدة أسبوع لكسب ماء الوجه وستقوم كل جماعات الإسلاميين في العالم يوم 15 /5 بالتحرك الفعلي في الداخل والحدود لتتحول حركة حماس إلى خط السياسة الأول في فلسطين، وستبدأ انتفاضة ثالثة تقود فيها حماس العمل السلمي وتتقدم الصفوف في وقت لازالت فتح تبحث عن حل لمشاكلها وأنا شخصيا أتمنى أن تحدث هذه الانتفاضة التي ستبرئنا مما نحن فيه من عقد وضغائن داخلية في الأحزاب وتنفجر في وجه أحزاب أخرى أكثر ضغينة واحترافاً للشعاراتية الإلهية ، وسواء كانت حماس أو فتح في المقدمة فما يهمنا أن تحدث الانتفاضة السلمية لأنها هي البعد السياسي الغائب من اتفاق المصالحة وهي ثغرة خطيرة لأن المطروح من أبو مازن هي العودة للمفاوضات الفاشلة في الوقت الذي لا توجد لدينا أداة نضالية حقيقية ضاغطة لإقامة الدولة الحقيقية وليست الإدارية إلا الانتفاضة الشعبية الشاملة على هذا الواقع وفي مقدمته الاحتلال لنجبر العالم واسرائيل عل تحقيق الدولة المستقل حقيقة وعلى أرض الواقع وليست دولة المكاتب المزوقة. 5/5/2011م [email protected] www.dtalal.jeeran.com

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل