المحتوى الرئيسى

يا فخامة الرئيس بقلم:داود البوريني

05/06 12:19

يا فخامة الرئيس داود البوريني كان هاديء ذلك المساء في دمشق، الساعة كانت تشير إلى التاسعة مساءً تقريباً يوم 14/11/1970 عندما سمع صوت طلقة رصاصه واحدة في فندق الحجاز الذي تعودت على الاقامه فيه عند زيارتي دمشق أيام التلمذه، في وسط الشام ليس بعيدا عن سوق الحميدية والمسجد الاموي والسبع بحرات وعرنوس وكذلك جامعة دمشق حيث كان لي العديد من الاصدقاء الاعزاء الذين كانوا يدرسون فيها ، دمشق التي كنا نسميها جنة الفقير والتي كنا تستطيع ان نحصل فيها على وجبه محترمه بنصف السعر في مدينة عمان في تلك الايام الخالية الجميلة، طبعا أن أيام الشباب جميلة، أقول سمعت طلقة رصاص واحدة لكن الحال تغير كثيرا بعدها، فجأة أنزل صاحب الفندق البسيط ابو هيثم صورة السيد نور الدين الاتاسي رئيس الجمهورية حتى تلك اللحظة ورفع صورة لعسكري موجها كلامه لي وهو يرى معالم الاستغراب على وجهي من تصرفه السريع والمبادر، يا ابني هذا هو الرجل ويعني به المرحوم حافظ الاسد من سيجلب الاستقرار والخير إلى سوريا، لم أعلق كثيرا على الموضوع أو ربما لم أعلق إطلاقا فسوريا بالنسبة لي كأردني قادم من جنوب الشام هي دائما أكبر من شخص وأغلى من عائله وأثمن من نظام، سوريا هي أرض الشام التي بارك فيها الله ورسوله ولم يعرف عنا يوم إلا بإننا شوام، هكذا عرفتنا جزيرة العرب وبلاد المغرب ووادي النيل والعالم كلّه، نحن الشوام من أي كيان سياسي جئنا نظل شوام وبيننا ما زالت المحبة والرحمة وستبقى إلى الأبد، المرة الثانية التي اخد فيها المرحوم حافظ الاسد الصورة كاملة كانت حرب تشرين 1973 ولا ينكر الا جاحد دوره ودور الجيش والشعب السوري في تلك الحرب، ثم جاءت بعدها أحداث واحداث مؤسفة مثل حماه وسجن تدمر وخلافه وخلافه الكثير وكان الاكثر أثرا فيها للفراق بين النظام والشعب هي أحداث حماة وحملة النظام ليس على الاخوان فقط بل حتى على التدين بشكل عام. عفوا فخامة الرئيس أنا أحب التاريخ مثلك لأنه عندما يدرس بشكل جدي يساعدنا في تلمس المستقبل واتخاذ ما يلزم من خطوات وقرارات. سيدي فخامة الرئيس: بعد وفاة المرحوم والدكم نودي بكم رئيسا واستقبلكم الشعب السوري ومعه العربي بحب واضح وامال عريضه ورجاء حار للتغيير وكنت انا كشخص مثل غيري نرى فيكم أملا او قل ضوءا في نهاية نفق مرحلة طالت، طبعا لم تجري الامور بيسر وسهولة وكان لك موقف لا يستطيع إلا الجاحد نكرانه فقد حملت انت امانة الامة في أثناء عدوان تموز على لبنان وكان دورك ودور كل سوريا في هذا النصر كبيرا ولا يقل بحال عن تضحيات الابطال من أبناء حزب الله المجاهدين البررة، كما ظلت سوريا في عهدك كما كانت طيلة تاريخها الحضن الدافي للجهاد وللمقاومة وللمانعة ولرفض اي أمر فيه مساس بحقوق امة العرب ولكن نظامها قد فشل بامتياز في مواكبة العصر وفي بناء الدوله وفي ايقاف غول الفساد، هذا الغول الذي يفترس معظم الشعب العربي من أقصاه إلى أقصاه لقد أمسك الفاسدون بمفاصل السلطة في كل ارض العرب، ونحن كعرب نسافر في بلاد الله الواسعه، كم نتألم عندما نقارن حالنا بحال باقي الشعوب القريبه والبعيده، هم يتقدمون في كل ساعة مراحل ونحن لأننا مكاننا راوح تتأخر عنها في كل ساعة بمراحل، لقد اصبح الفساد والاستبداد والظلم يخيم على ديارنا كل ديارنا، الفاسدون مثل الجيف في البحر هم الذي يظهرون على السطح وأبناء الوطن وهم الكثرة الكاثرة الذين يرفضون الفساد والظلم والنفاق قد إختفوا او كادوا من المشهد السياسي، مرة اخرة انا شخصيا بعد انفجار بركان البوعزيزي في تونس كنت آمل بأن فخامتكم ستكونون اول من يلتقط المشهد ويحللة ثم يسابق الزمن في اصلاح الامور فسوريا يا فخامة الرئيس لنا نحن ابناء الجنوب السوري أما وابا كما تدري، بدأت الاحداث الحالية في سوريا، تكلمتم فخامتكم وشخصتم الحالة بشكل ممتاز ولكن للأسف ما جرى بعد هذا التشخيص يشير إلى أن البعض من حلقات النظام القريبه لم يعجبها هذا التشخيص فقررت هي بطريقة او بأخرى استعادة مشهد لا يمكن أن يتكرر في العصر الحالي وهو مشهد حماة وقد نسي هؤلاء بأن هذا العصر غير عصر، وأن سوريا سنة 2011 هي غير سوريا سنة 1980 وأن أجيالا جديدة قد أتت إلى الحياة ولها احلام وتطلعات وتصورات مختلفة وعندها قدره على التغيير وعلى دفع ثمن هذا التغيير، عندما فتح الشاب التونسي صدره لبندقية رجل الامن في الجنوب التونسي متحديا في اليوم الثالث او الرابع لانفجار البوعزيزي ادرك العالم تماما بأن الشعب التونسي سوف ينتصر وبأن تاريخا جديدا يكتب لكن الحمقى الذين اعتقدوا بأنهم سوف يتمكنون من ايقاف المظاهرات السلميه بالدم وبمزيد من الدم وبإذلال الناس لم يدركوا ماذا يحصل حولهم و مثل هؤلاء يا فخامة الرئيس هم أعداء سوريا واعداءك الشخصيين!!! عفوا فخامة الرئيس، أنت مدين للشعب السوري وانت كما قلت في مجلس الشعب من سيكون مستعدا للتضحية بحياته في سبيل سوريا فإذا كان هذا صحيحا واعتقد بأنك شجاع كفاية لتفعل في سبيل سوريا ما هو حتى اكبر من الشهادة فأرجوا ان يسمح وقت فخامتكم بأن تعودوا إلى سماعة الطبيب ثانية وان تسبروا نبض الشارع وسوف تصلون أكيدا إلى نتائج تختلف تماما عن كل ما يقول العسس ورجال الامن وابطال أقبية التعذيب ولصوص الشبيحه، سوف تصلون بعقلكم وبضميركم بأنه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان فلا حياة لإنسان طبيعي دون حرية وكرامة وكبرياء وفخر وكل هذه الضروريات للحياة الطبيعية محروم منها الانسان العربي عموما والانسان السوري خصوصا كذلك نحن جميعا محرومون من الحلم ، الحلم بمستقبل سعيد وبأرض حرّه وبأمة موحدة، سوف تصل يا فخامة الرئيس بعقلك الواعي بأن أعدى أعداء سوريا وبشار الاسد هم المسؤولون الذين هان عليهم دم أبناء الشعب وهانت عليهم كبرياءه معتقدين بأن الشعوب تقاد بالعصي والسياط والاهانات . أنا آسف للقول أنه حتى الاشخاص الذين كان يمثل الاعلام السوري لهم ملجا ابتعدوا عن هذا الاعلام ولم يشتري احد منهم بضاعته بل قد أصبحوا يتجنبون كل ما يقوله هذا الاعلام ويرمز اليه . ارجع إلى سماعتك يا فخامة الدكتور وقم بثورتك على مساعدين جهله ورموز بائسه وعصابات جلادين وقتله، لقد رأيناك قبل اسابيع خارجا من مسجد بني أمية وانت تلاطف وتستمع إلى سيدة مع اطفالها تذكرت لحظتها كلمة داهية بني امية والعصر الاسلامي الاول كله معاوية بن أبي سفيان ، لو كان بيني وبين الناس شعرة لما انقطعت، ما زال هناك الكثير من حبال الود بينك وبين الشعب يا فخامة الرئيس فرجاء حافظ عليها فأنت خير من يعلم بأن الدول لا تبنى بالجماجم والدماء والظلم والطغيان والسياط وان الشعوب الحرة فقط هي القادره على دعم نظام وحماية وطن وتحرير ارض والسير في ركاب الحضارة وان الفاسدين واللصوص والمنافقين لا دين ولا وطن لهم. في سنة 2003 عندما بدأ الهجوم الاميركي على العراق وبدأ بعض العراقيين الذين كان النظام قد شردهم إلى إيران وغيرها من ديار الله الواسعة في التحضر للعودة إلى بلادهم، قال عجوز ربما قد تجاوز الثمانين عاما عندما سأله صحفي عن رأيه بما يجري قائلا نعم نحن نحب بلدنا العراق ولكن لينتقم الله من هذا الظالم ويعني به المرحوم صدام حسين. إتق دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجابا هذا قول كريم لنبي الرحمة والظلم عاقبه وخيم هذا ما قالته العرب . انا لا أعلم يا فخامة الرئيس كيف سيكون موقف فخامتكم أمام أي رئيس دوله آخر ومنظر قوى الامن السوري وهي تعتلي ظهور وهامات أبناء سوريا المكبلين والملقى بهم أرضا على وجوههم في خلفية المشهد ؟ وكم برأيك ارتفعت قيمة النظام في سوريا من ارتقاء هؤلاء الاوغاد بأحذيتهم لظهور أبناء الشعب السوري ؟ ثم ماهو شعور الانسان العربي السوى فيما قد رأى ؟ مع خالص الاحترام فخامة الرئيس

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل