المحتوى الرئيسى

أشرف بيومي يكتب: اقتصاد ما بعد الثورة والمشروعات القومية للتنمية (2)

05/05 14:05

قد لايختلف معى احد ان الميزة النسبية فى الطاقة البشرية المتوفرة للاقتصاد المصرى هى احد الاعمدة الاساسية الواجب توافرها فى اى مشروع قومى تنموى بالاضافة الى الاستفادة من الموارد المحلية المتاحة فى النطاق الجغرافى للمشروع من ارض صالحة للزراعة والصناعة وخدمات فى اقامة بنية اساسية و الاستهداف الجغرافى للفقر وتوفير البدائل المناسبة لتمويل استثمارات المشروع.وهو ما سعى الى تحقيقه مهاتير محمد فى المشروع التنموى الماليزى فالمشكلة الماليزية كانت تبدو مثل مشكلة مصر لحد كبير حيث تخلصت من الاستعمار عام 1957 ولكن ظلت بلدا زراعيا حتى الثمانينيات وكان هدفه هو إخراج ماليزيا من وضع الدولة الزراعية. وهذا لم يكن معناه مجرد إخراج مادى بإنشاء مصانع وبنية أساسية وغيره، ولكن إخراجها من العقلية الزراعية التى ترضى بالواقع ولا تحب المغامرة والمنافسة والتطوروالانفتاح وفهم الدين كعمل للآخرة فقط.ويؤكد مهاتير محمد على ان تطوير أى شعب وإخراجه من حالة الفقر والتخلف يستلزم التركيزعلى ما يمكن أن نسميه الآن بلغة الكمبيوتر السوفت وير والهاردوير ، فالسوفت وير هى التركيبة العقلية والذهنية للشعب ، أماالهارد وير فهو البنية الأساسية اللازمة من كهرباء واتصالات وغيره وبالنسبة للسوفت وير كان لابد من تطوير نظام التعليم بالكامل من خلال التركيز على تعليم الانجليزية والعلوم الهندسية والرياضية والتكنولوجية بالذات.واستكمالا لما سبق فانه من المشروعات المطروحة على الساحة السياسية فى مصر كمشروع قومى تنموى  ويمكن ان تحقق نهضة تنموية نجد مشروع تنمية وتعمير سيناء و مشروع ممر التنمية  للعالم المصرى د.فاروق الباز.فمشروع تنمية وتعمير سيناء احد المشروعات التى روجت لها الحكومات السابقة اعلاميا عند كل مناسبة للاحتفال بتحريرسيناء ونصر اكتوبر بداية من عام 1994 وحتى سقوط النظام السابق دون انجاز ملحوظ على ارض الواقع على الرغم من انفاق اكثر من 111 مليار جم طبقا لتقرير لجنة الصناعة بمجلس الشورى عام 2008 الذى تضمن دلائل على مؤشرات الاخفاق فى تحقيق التنمية والتعمير والتى منها ان نسبة الانجازعلى ارض الواقع فى كافة المشروعات السياحية والخدمية والصناعية لا تتجاوز نسبة 10 فى المئة مما هو مخطط له منذ عام 1994 فقد كان من المفترض انشاء بنية اساسية لمد المياة للاستصلاح 600 الف فدان ويتم تنفيذها على ثلاث مراحل متزامنه مع اقامة مشروعات سياحية وصناعية وزراعية وخدمية لاستيعاب 3 مليون نسمة فى سيناء  حتى عام 2017 ولكن بعد مرور 16 عاما لم يتحقق الكثير بل  حجم كبير من الفشل بنسبة  70 فى المئة فى المشروعات الزراعية و 66 فى المئة فى مشروعات الصناعة والتعدين و 95 فى المئة فى التنمية العمرانية  و  57 فى المئة  فى النقل والمواصلات و 86 فى المئة  فى المياة والصرف الصحى و 97 فى المئة  فى برامج التنمية  و 90 فى المئة للخدمات البشرية و 83 فى المئة للمشروعات السياحية .وعلى الرغم من تلك المؤشرات المفزعة  الا ان تنمية سيناء كمشروع قومى  له اهميته وقدرته على حشد وتحفيز و زيادة معدلات النمو والتنمية المستدامة  لتمتع سيناء بمقومات وخصائص  وامكانيات جغرافية واقتصادية لا تتوافر فى اماكن اخرى كما ذكر المؤرخ جمال حمدان.ويمكن اعتبار ما تم انجازه بداية لانطلاقة جديدة بعد ثورة 25 يناير مع انشاء هيئة مستقلة لتنمية وتعمير سيناء تتوالى اعداد وطرح وترويج الدراسات الاقتصادية والتمويلية اللازمة لاستكمال واعادة النظر فى مراحل المشروع بما يساهم فى تحقيق نتائج ايجابية على المدى المتوسط والطويل .اما مشروع ممر او محور التنمية الذى طرحه العالم المصرى د. فاروق الباز فهو يربط شمال مصر بجنوبها بطريق دولى موازى لنهر النيل فى الصحراء الغربية مع مد خطوط من مواصلات لسكة حديد وبنية اساسية للطاقة والخدمات اللازمة لانشاء مجتمعات عمرانية سوف تسهم فى  تفريغ الكثافة السكانية بوادى النيل  وقد قدر الخبراء التكلفة المبدئية للمرحلة الاولى 24 مليار دولار وهو ما اثار جدلا بين علماء مصر فى امكانية نجاح المشروع فى تحقيق اهدافه التنموية وان مراحل تنفيذه سوف تستغرق 20 عاما لكى تظهر له نتائج ايجابية فضلا عن وجود صعوبات فى التمويل و التنفيذ قد تعترض المشروع .لكن لابد ان نعترف  بانه كمشروع تنموى على المدى الطويل سوف يؤدى الى تحولات كبيرة فى الاقتصاد وانشاء قطاعات حديثة غير تقليدية تستخدم الطاقة البشرية  الهائلة لمصر تعمل على مضاعفة معدلات النمو الاقتصادى بصورة كبيرة تحقق تنمية شاملة اضعاف ما تحقق من قبل.فضلا عن الاستفادة من قدرات مشروع توشكى الذى بلغ حجم الانفاق على بنيته الاساسية اكثر من 14 مليار جم  وحتى الان  لم يتضح اثره التنموى على المجتمع المصرى .فى نهاية الامر ان الدراسات المطروحة تشير الى امكانية الاستفادة من مميزات كل من مشروع تنمية سيناء و ممر التنمية فى تحقيق الطفرة الاقتصادية اذا حرصنا على وضع الميزة النسبية للطاقة البشرية المصرية  نصب اعيننا و كذلك الاستهداف الجغرافى للفقر وعلى اساس ان استكمال مراحل مشروع تنمية سيناء  يحقق نتائج ايجابية على المدى المتوسط  نظرا لوجود مقومات بنية اساسية وتوافر خامات اقتصادية لتنفيذ مراحل التنمية.اما تخطيط ودراسة مشروع ممر التنمية وتنفيذه على المدى الطويل يحقق تحولات كبيرة فى حجم ونطاق الاقتصاد المصرى وخلق مجتمعات عمرانية حديثة تستوعب معدلات النمو السكانى  مع التركيز على استهداف الفقر جغرافيا بالمحافظات الاكثر فقرا بالمنطقة الوسطى لصعيد مصر وربط المشروع بما تم انجازه فى توشكى.خلاصة القول ان الاهداف النبيلة من وجود مشروع قومى للتنمية  يمكن ان تتحقق  الكثير من معالجة وحل المشكلات المعقدة التى يمر بها الاقتصاد المصرى واحداث تحولات جوهرية فى المجتمع بعد سريان روح جديدة تبغى التحدى ولها اعتقاد جديد ان مصر قادرة على فعل كل شىء وثورة إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وعلمية سوف تنقلها من دول العالم النامي إلى العالم المتقدم .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل