المحتوى الرئيسى

البحث عن قضية

05/05 15:50

ياسر أيوب هكذا يخسر الإعلام الرياضى المصرى دائما معظم قضاياه.. لأنه نادرا ما يتناول أى قضية بشكل واضح ومباشر وبحجمها الطبيعى وشخوصها الحقيقيين.. وإنما هناك دائما محاولات لاستغلال أى قضية، سواء لتحقيق أهداف أخرى.. أو تصفية حسابات قديمة لا علاقة لها بالقضية الجديدة.. وبالتالى يتحول الأمر بعد قليل إلى حالة فوضى وارتباك.. تختلط أمامنا فجأة الأوراق والحكايات ونشعر كلنا بالحيرة وسط اتهامات قديمة أو جديدة.. حقيقية أو كاذبة.. وتكون النتيجة المؤكدة لذلك عدم حسم أى قضية بشكل واضح ونهائى.. وتبقى كل الملفات والجروح مفتوحة أو تبقى كل الشرايين تنزف.. و«الشرايين النازفة» هو عنوان أجمل كتب إدواردو جاليانو.. أهم وأشهر كاتب سياسى فى العالم يكتب بغرام وإنسانية ووعى عن كرة القدم ويربط بينها وبين الحياة داخل أمريكا اللاتينية.. ومن المؤكد أن كل شرايين الكرة المصرية تنزف طول الوقت.. ولا أجد تجسيدا واضحا لكل ما قلته إلا قضية مجدى عبدالغنى، عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، والقضية بوضوح هى أن الاتحاد الأفريقى اختار مجدى ليكون عضوا بلجنة التظلمات لبطولة أمم أفريقيا للشباب التى استضافتها جنوب أفريقيا مؤخرا.. وسافر مجدى بالفعل وبدأ ممارسة العمل وقبض بدل السفر الخاص به، إلا أنه فجأة قرر ترك البطولة والعودة إلى القاهرة لتقديم إحدى حلقات برنامجه على شاشة مودرن.. وما إن علم مسؤولو الاتحاد الأفريقى بذلك حتى قرروا بمنتهى الاستياء والغضب استبعاد مجدى من العمل.. ولكن مجدى عاد مرة أخرى إلى جنوب أفريقيا فقرر الاتحاد المصرى إسناد رئاسة بعثة مصر المشاركة فى البطولة له بدلا من فتحى نصير.. هذه هى القضية.. وفيها من الخطايا والإثارة والوجع ما كان يكفى الإعلام الرياضى المصرى ليصرخ ويفتش ويراجع ويحاكم ويدين ويجذب اهتمام أى أحد.. لكننا، كالعادة، فوجئنا بمن يحاول استغلال هذه القضية، ولكن ليس من أجل حسمها، وإنما للهجوم على اتحاد الكرة.. أو لفتح ملف لجنة شؤون اللاعبين.. أو لتصفية حسابات شخصية وقديمة.. وكانت النتيجة تمييع القضية تماما، فلم تجر محاسبة مجدى كشخص على هذا الخطأ الفادح والضغط عليه بشكل مباشر ليتقدم باستقالته من اتحاد الكرة كما هو مفترض.. ولم يسقط اتحاد الكرة لأن الجبلاية لم تكن طرفا فى تلك الفضيحة.. بل إنه حتى البيان الرسمى الذى تطوع اتحاد الكرة بإصداره للدفاع عن مجدى أصبح دليل إدانة فاضحاً وفادحاً يجب أن يرحل بسببه كل مسؤولى اتحاد الكرة بلا استثناء.. فاتحاد الكرة الذى لم يكن طرفا فى البداية.. أصدر، أمس الأول، بيانا رسميا يقول فيه إنه تلقى إخطارا بما جرى من الاتحاد الأفريقى، فقرر تعيين مجدى رئيسا لبعثة مصر.. وهو اعتراف من اتحاد الكرة بأنه أصبح طرفا، بل وقرر مكافأة من ثبت ارتكابه الخطأ بتعيينه ممثلا رسميا لمصر.. مما يعنى أنه لم يعد هناك أى أحد يمكن محاسبته على أى شىء.. فهذا هو حالنا الدائم مع كل قضايانا، سواء داخل مؤسسة الكرة أو خارجها.. بل ولم يبق الأمر مقصورا على تمييع القضية، رغم وضوحها وتفاصيلها المحددة والثابتة، ولكن كان هناك الخروج على أى قواعد مهنية وإعلامية وأخلاقية أيضا.. وعلى سبيل المثال انزعجت جدا وأنا أرى آخرين تظاهروا بالاهتمام بهذه القضية، وفوجئت بهم يخوضون فى علاقة مجدى بأسرته وأشقائه، وتاريخ عائلى قد يكون حافلا بالتوتر أو المشكلات.. ولم أفهم ما العلاقة بين قضية عدم التزام مجدى بمهمته فى جنوب أفريقيا وهذه الأمور الشخصية.. وما الذى يعنينى فى علاقة مجدى بأسرته.. وبالطبع كان لابد أن يرد مجدى.. فخاض هو الآخر فى أمور لا علاقة لكرة القدم واتحادها بها.. وهكذا مارس الإعلام الرياضى المصرى أشد فصوله سخافة وخروجا على النص.. وعاد يقدم للجمهور من جديد دليلا واضحا على أنه إعلام لم يتغير ولم ينضج.. وليس هناك أمل فى أن يتحقق ذلك قريبا. * نقلاً عن "المصري اليوم"

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل