المحتوى الرئيسى

ما لكم كيف تحكمون؟

05/04 20:08

بقلم: د. محمد يوسف يؤلمني بعض الأصوات والاتجاهات المنتقدة لجماعة الإخوان المسلمين من غير هدي ولا وعي، ولا يعني هذا أن الإخوان فوق الانتقاد أو يستعلون- لا سمح الله- على ذلك، بل هو التسرع والجهل أحيانًا ومحاولة إثبات الذات أحيانًا أخرى وبخاصة بعد قيام ثورة 25 يناير المجيدة، لست بصدد الدفاع عن الجماعة الصامدة ولكني أستشرف وأحلل الأسباب للهجوم الضاري أحيانًا على الجماعة والذي ليس له ما يبرره.   ولكي أتحدث عن أجواء هذا الهجوم وأسبابه, علينا أن نقسم الذين يهاجمون الجماعة لثلاثة أقسام:   1- مغرضون في كل الأحوال: وهم الذين يرفضون الحوار ويكرهون الجماعة على طول الخط سواء حالفها التوفيق أم لم يحالفها وهم الذين يتصيدون الأخطاء ويصطادون في الماء العكر، وأحسبهم من فلول النظام السابق وبقايا أمن الدولة السابقين والمتنفذين في الإعلام المصري المرتبطين بأجندات خارجية ويساندهم المشروع الصهيوني الأمريكي للانقضاض على الثورة ومكاسبها؛ لأن نجاح الثورة المصرية والاستمرار في حصد نتائجها يضر ضررًا بالغًا بالعدو الصهيوني وبالمصالح الأمريكية والغربية الاستعمارية في المنطقة، ولعل المصالحة السريعة التي تمَّت بين فتح وحماس في القاهرة على يد حكومة الثورة والغضب الصهيوني والأمريكي العارم؛ بسبب هذه الخطوة المصرية لخير دليل على الضربة الموجعة التي تلقاها هؤلاء ومشروعهم المعادي، ولعل الانزعاج الشديد والتمادي في الضغوط على المجلس العسكري المصري وحكومة الثورة حول خطط فتح معبر رفح المصري الفلسطيني فتحًا دائمًا ليؤكد أن هذه الجهات المعادية تشن حربًا ضروسًا على الثورة المصرية، بعد أن فقدت كنزها الإستراتيجي المتمثل في الرئيس المخلوع حسني مبارك.   وأعتقد أن علاج هؤلاء بالثبات أمامهم والمواجهة وفضح المخططات والضغط الشعبي واليقظة، حتى نستكمل مسيرة التحرر الوطني بعد الثورة المصرية العظيمة.   2- جاهلون بالإخوان ودعوتهم: وهم ضحايا النظام السابق الذين تأثروا بالإعلام الفاسد ولم يبلغهم الفهم الكامل لهذه الدعوة المباركة وأفرادها الصالحين المصلحين, وهؤلاء من الواجب على الإخوان أن يبادروا لفتح حوار معهم للتعريف بالدعوة، ولتصحيح الصورة الذهنية لديهم عن الجماعة والعمل معهم لرفعة الوطن.   3- مَن يريدون إثبات ذواتهم والبروز على الساحة، وبخاصة بعد الثورة وإزالة العوائق الأمنية: وهؤلاء يرون خطأ أن الإخوان يقفون سدًّا منيعًا؛ لانطلاقتهم بزعم أن الإخوان جماعة منظمة ويستطيعون أن يهيمنوا على العمل العام ويقصون غيرهم وهم ما زالوا ينظمون أنفسهم والوقت لا يسعفهم في الظهور، وبخاصة مع قرب الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهؤلاء يهاجمون الجماعة بدعوى أنها جاهزة لأي انتخابات وهم غير جاهزين، ومن ثَمَّ فإن الجماعة- كما يقولون- ستسيطر على كل شيء وتذهب بثمار الثورة وسيخرجون هم خاوي الوفاض, ومن المتناقضات الغريبة ما حدث في الجمعيات العمومية الأخيرة للأطباء؛ حيث ثار عدد كبير من تلك الفئة على الدكتور عصام العريان وعلى مجلس النقابة؛ بزعم أنهم يعطلون انتخابات النقابة وأنهم يريدونها الآن وقبل أي شيء على الرغم من أن مَن عطل الانتخابات هو النظام البائد، وليس مجلس النقابة وقانون النقابة يقول إن الانتخابات في شهر ديسمبر فيردون قائلين إن الشرعية الثورية هي الحاكمة، ويجب إجراء الانتخابات الآن دون النظر لأي قوانين وهم لا يدرون بأن الثورة أسقطت النظام السياسي، ويجب ألا تسقط الدولة ويجب ألا يسقط القانون بل نبني الدولة ومؤسساتها وتسود دولة القانون, هم جاهزون في الانتخابات النقابية ويجب أن تتم الآن وغير جاهزين في الانتخابات النيابية، ويجب أن تؤجل لحين جهوزيتهم وكأنهم يريدون أن يقصون الإخوان في كل الأحوال ويتحينون الفرصة لذلك، وهم بدأبهم يكررون نفس أخطاء النظام السابق الذي كان يريد إقصاء الإخوان على أية حال.   هؤلاء أخوتنا وشركاؤنا في الوطن وهم المتحمسون وإفراز مجتمعي طبيعي للثورة المصرية العظيمة، ويجب علينا وعليهم أن نتحاور بجدية لصالح الوطن ولصالح أمنه وبنائه، ولا يعني هذا الحوار أن نضع العصي في الدواليب أو أن يمارس فيه القهر الفكري أو الاستعلاء من أي طرف أو التجريح أو التشويه والاتهام أو فرض إرادة أحد الأطراف, بل نجتمع على المتفق عليه وهو مساحة كبيرة جدًّا ونترك المختلف فيه وهو مساحة صغيرة جدًّا، ونعمل فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.   الوطن يعيش مرحلة حرجة من تاريخه والمتربصون بالثورة يريدون وأدها أو الالتفاف عليها واحتواءها، وليس من المفترض أن نتنابز أو نحدث استقطابًا ضارًّا في المجتمع وحتى نضع أنفسنا في الصورة، ويجب علينا أن نلتفت لتلك المسائل الشائكة:   1- أثناء الثورة وقبل تنحي الرئيس المخلوع شنَّ النظام وأمن دولته هجومًا ضاريًا على الجماعة، واعتقل نصف أعضاء مكتب إرشادها وشنت الماكينة الإعلامية للنظام حملة تشويه عارمة على الجماعة على أنها سببًا في هذه الثورة التي ستأكل الأخضر واليابس وبخاصة بعد الخطاب العاطفي الذي ألقاه الرئيس المخلوع قبل موقعة الجمل 2 فبراير، واتهم أفراد عاديون من المجتمع الجماعة بأنها سبب الانفلات الأمني وحالة الفوضى؛ لأنهم يصرون على التظاهر وتنحي الرئيس المخلوع.   2- في نفس الوقت وبعد تنحي الرئيس المخلوع وبداية نجاح الثورة اتهمت مجموعة من الشباب الذين شاركوا في الثورة وبعض وسائل الإعلام الموجهة ضد الجماعة وبعض القوى السياسية الجماعة بأنها لم تشارك في بداية الثورة، ولم تنزل للشارع إلا بعد أن نجحت الثورة، بل فيهم من قال إنها لم تشارك من الأساس في الثورة.   3- نزل شباب الإخوان ورموزهم السياسية في يوم 25 يناير مع الشباب الآخر والرموز السياسية الأخرى، ولم يكن يدري أحد أنها ثورة بل دعوة إلى التظاهر لتحسين الوضع السياسي، ثم بعد ذلك نزل الإخوان بمنتهى القوة وكانوا سببًا- بفضل الله- في نجاح الثورة وحمايتها، وربما من أبرز الأسباب التي أدَّت لنجاح الثورة أنها لم تكن محسوبة على أي تيار وقادها جموع الشعب المصري بمختلف أطيافه.    4- قبل الثورة كان النظام شديد البطش بالإخوان؛ بزعم أنهم خطر على الأمن القومي المصري واعتقل أكثر من 30 ألف منهم في عهده البائد وصادر أموالهم وشركاتهم وممتلكاتهم، وألهم الغرب بأن الديمقراطية لا تصلح في مصر؛ لأنها تعني وصول الإسلاميين للسلطة وفي القلب منهم الإخوان المسلمون، وكان الإخوان في كثير من الأحيان وحدهم في مواجهة النظام، ثم لحق بهم العديد من القوى السياسة في مواجهة النظام الذي كان شديد البأس على الإخوان لينًا هينًا في مواجهة معظم القوى المعارضة الأخرى.   5- بعد نجاح الثورة المصرية العظيمة وبعد توحد الشعب حولها رأينا مَن يعرّض بالإخوان لأن الديمقراطية ستأتي بهم؛ لأنهم أكثر تنظيمًا، وكأنهم يرددون نفس مقولة النظام السابق ويسيرون على هديه في رفض الجماعة ورفض الديمقراطية.   6- هل تعني ممارسة الإقصاء ضد الجماعة العودة للوراء؟ وهل يعني ذلك أن الجماعة مظلومة في عهد الكبت والاستبداد، مظلومة في عهد الحرية والانفتاح؟   لقد أعلنت الجماعة أكثر من مرة أنها بصدد المشاركة لا المغالبة في أي انتخابات قادمة وأنها تريد التوافق على ذلك من كل القوى الوطنية حتى لا يقفز على الثورة أذناب وفلول النظام السابق.   أعتقد أن على الجميع أن يدرك أننا في مرحلة التحول إلى الديمقراطية ولسنا في مرحلة الديمقراطية، ومن هنا وجب الحذر من البناء على الأوهام وشخصنة الأمور فيما يتعلق بمستقبل الوطن، وأن يدرك الجميع أن مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل