المحتوى الرئيسى

صالون نون الأدبي يناقش مفهوم الواقعية في بعض روايات جورج إليوت

05/04 18:42

مفهوم الواقعية في بعض روايات جورج إليوت عند الخامسة من بعد عصر الثلاثاء الموافق الثالث من مايو 2011م اجتمع رواد صالون نون الأدبي من مجتمع النخبة المثقف، لمناقشة مفهوم الواقعية عند جورج إليوت، افتتحت الأستاذة فتحية صرصور اللقاء بقولها: بادئ بدء نبارك الوحدة الوطنية التي تاقت لها نفوسنا وضمائرنا، ثم قالت: الحضور الكريم: أسعد الله أوقاتكم، وزاد فيها النفع والمعرفة. أهلا بكم وقد عدنا وإياكم للمكان الذي اشتقنا له، واشتاقت جدرانه لسماع صدى جلساتنا القيمة والمثمرة. عدنا للمركز القومي للدراسات والتوثيق، هذا الصرح الوطني، بيت الثقافة. أنتم من سعى لعودتنا، ويسر لنا أمرا كان يقلقنا؛ وما سعيكم وحرصكم على أن نكون في هذا المكان الجميل إلا شهادة منكم بقيمة ما نؤديه، وحرصكم على أن تكون جلساتنا متكاملة، معرفة وثقافة ومكان يتسع لجميع محبي ورواد صالون نون الأدبي: شكرا للأستاذ محمد طه شاهين (أبو أسامة) وشكرا للأستاذ سعيد شامية، وكل الشكر والتقدير للأخ الكريم الدكتور كمال الشرافي والأخ الكريم الأستاذ ناهض زقوت لما يبذله معنا من جهد، شكرا لكم جميعا، وشكرا لمن أطلق صرخة العودة الدكتور سويلم العبسي. ورحم الله والدنا والراعي لمسيرتنا الأستاذ عبد الله حوراني "أبو منيف". وهنا لا يفوتنا أن نشكر الأكاديمية الدولية التي فتحت لنا أبوابها لننفذ جلساتنا كي لا تتوقف نشاطاتنا؛ نشكر الأستاذ محمد السويركي والشباب جميعا لما أولونا من حفاوة وترحيب، وحسن استقبال. الحضور الكريم: نعود إليكم اليوم بموضوع جميل وشيق، قصة للمرأة النموذج؛ للأنثى الرجل، هي ماري آن إيفانس، تخفت وراء اسم جورج أليوت واشتهرت به، فهي كاتبة من العصر الفيكتوري، تناولناها سابقا في لقاء مع الأستاذة رائدة ثابت، وهي مَن رأت أن جورج أليوت تستحق أن نتناوله بتفصيل أكثر، وكان التوجه للمتخصص في أدب جورج إليوت إنه الدكتور أيمن الحلاق الحاصل على بكالوريوس في آداب اللغة الإنجليزية من جامعة النجاح الوطنية وماجستير في تدريس الأدب من الجامعة الإسلامية في ماليزيا، ثم دكتوراة في النقد الأدبي من جامعة انديانا في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية. الخبرات المهنية: عمل مترجما في مؤسسة الترجمة الوطنية الهندية، ومحاضرا للأدب الإنجليزي في الجامعة الإسلامية الماليزية (نظام الساعات)، ومحاضرا للأدب واللغة الإنجليزية بالجامعة الإسلامية من العام 1998 وحتى تاريخه. كما يعمل مترجما معتمدا للوثائق، ومترجما لمؤسسات عالمية ومحلية. مؤهلات أخرى: مترجم محلف قانوني بترخيص من وزارة العدل الفلسطينية. مؤلفاته: - دراسة موضوعية لجورج إليوت (آدم بيد) the Mill) Middlemarch) Silas Marner)) - تحليلات نفسية لشخصيات جورج إليوت في كتابها. نشاطات إضافية: درس المساقات التالية: - أدب القرن العشرين - الأدب الرومانسي – الدراما - الأدب الأمريكي - التذوق الأدبي جزأين - الأدب الفيكتوري - الشعر - نظريات الترجمة - الترجمات القانونية - ترجمة للتجارة - ترجمة إعلامية. بعد أن رحبت الأستاذة فتحية بالدكتور أيمن قدمت له الشكر لاستجابته الكريمة بالحضور ليتحدث لنا عن مفهوم الواقعية في بعض روايات جورج إليوت. بدأ الدكتور أيمن حديثه مقدما الشكر لصالون نون وقد أتاح له فرصة التواجد بين هذه النخبة المثقفة، ثم قال: كنت أتمنى لو تعرفت لهذا الصالون من قبل، لكن شاءت الصدفة أن أتعرف إليه حديثا من طريق صديقي الدكتور أكرم حبيب. واليوم أتي للصالون متحدثا. يسعدني أن أتحدث عن جانب من جوانب نظريات إليوت، ونظرتها للواقعية خاصة من خلال دراستها للرواية. صحيح أن هناك قضايا عديدة تثار حولها، لكنّا لسنا معنيين بما يقال عنها وعن سلوكها أو عن يهوديتها، فهذا أمر خارج نطاق اهتمامي. ما أودّ تقديمه بشيء من البساطة هو مفهوم الواقعية، واختلاف النقاد والأدباء حول مفهوم الواقعية، إذ يكاد لا يتفق اثنان عليه، لأن هذا أمر نسبي، وما يعتبره شخص واقعيا، يعتبر لدى شخص آخر غير واقعي. ولأن دراسة الواقعية لابد لها من الوصول لتعريف؛ فإنه تم صياغة مفهوم الواقعية للمرة الأولى في منتصف القرن التاسع عشر، صحيح أنه توجد ممارسات للواقعية من فجر التاريخ، لكن التأصيل لها كان في القرن التاسع عشر. كان أفلاطون أول من كتب في الواقعية، ورأى أن الأدب والفن تقليد للحياة، لذا عمد لطرد الشعراء والفنانين من مدينته الفاضلة لأنهم حاكوا الطبيعة، على اعتبار أنهم جنحوا للخيال والخيال عكس الواقعية. أما أرسطو فناقش مفهوم الواقعية ووضح أنها إعادة تمثيل للطبيعة وليست استنساخا لها، فالفن والأدب يعتمدان على فكرة المحاكاة". كانت هذه أوائل المفاهيم للواقعية، جاءت بعدها فكرة ديكارت عن الواقعية والعالم الخارجي للطبيعة، ما اعتبرته إليوت مفهوما مبسطا للواقعية تجاوزته في كتاباتها خاصة المتأخرة منها. أيضا هيجل عرّف الواقعية بأنها النقل الصادق والحقيقي لما يوجد في الكون، إلا أن هذا التعريف لم يتم تطويره لنظرية من قبل هيجل. في القرن السادس عشر ظهر في الفن الألماني فنانان هما: ديفيد تينيز وبيتر روبنز كان لهما أثر في تأصيل مفهوم الواقعية عند إليوت حيث نقل الحياة الفنية البسيطة، فلا يرى الحقيقة في عالم المدينة وإنما يراها في عالم الريف، وطرح الفن مفهوما للواقعية على أنها تقليد للطبيعة والحياة البدائية بتفاصيلها. أما عصر الواقعية الأكبر والحقيقي فهو الذي تلا العصر الرومانسي؛ وهو عصر كبار الكتاّب كصموئيل ويلت وميري شيلي وغيرهم، وقد رأوا أن الحياة لابد أن تكون جزء من الخروج من الحياة الطبيعية، فقدّسوا الطبيعة وقدّسوا الفلاح، وسميت رومانسية لأن نظرتهم للحياة كانت نظرة هروبية من الواقع، فبدلا من مواجهة مشاكل المدينة؛ يهربوا منها للقرية، فاعتبرت نقيضا للواقعية، واقتصر مفهوم الواقعية على أنها النقيض. أما العصر الفيكتوري فكان رافضا للأفكار الرومانسية، وكان عصر الفتوحات، فكان لديهم نوع من أنواع الجوع للعلمية؛ وهي رديف الواقعية، فكان عصرا للواقعية. كان القرن التاسع عشر يسمى بعصر الكاتبات النساء؛ ابتدأ بجين أوستن، والأخوات برديني، وماري ولستن وماري شيلي وغيرهن. كما كان لديهم كتَّاب وروائيين من الرجال كتشارلز ديكنز، وقد اشتهر بالواقعية الاجتماعية، فركزّ على الطبقة الوسطى وطريقة حياتهم الواقعية، كذلك تركزت كتاباته حول العائلة والبيت، وبعد ذلك حول الإمبراطورية المتنامية الأطراف؛ الإمبراطورية الفيكتورية التي امتدت حتى الهند، فكان لديهم ميلا شديدا للواقعية وكانت إليوت واحدة منهن، لكن كان لها واقعية مختلفة عن الآخرين، فطورت لنفسها مفهوما خاصا للواقعية جاء كنتيجة لدراستها المكثفة للآداب والفنون والفلسفة. كتبت مقالا بعنوان "روايات تافهة لكاتبات تافهات" أعلنت فيه حربا على الكاتبات واتهمتهن بعدم الواقعية؛ خاصة كاتبات أسمت أدبهن بأدب ليس لكل أنواع الرواية، وبنت نقدها للرواية الشعبية المكتوبة في عصرها على مفهومها للتجربة الحقيقية للكاتب والملاحظة، وعليه كانت ترى أن هؤلاء الكاتبات غير واقعيات، لأنها ترى أنه ليس للواقعية طبيعة سهلة وثابتة فرأت أن: "يعتمد التوصيف الموضوعي للواقعية على الحقائق والملاحظة" فكأن على الكاتب أن يكون في معمل، فمفهومها للواقعية في بداية حياتها رأت أن تعريفات الواقعية السابقة للمؤلفين اعتمدت على شيء واحد هو مفهوم الواقعية على أنها تصوير العالم الخارجي بموضوعية، ورأت في هذا التعريف الكثير من المثالية لأنها تعتبر أنه يستحيل على الشخص أن يكون موضوعيا، ولا يمكن للمثالية أن تكون موضوعية، تقول إليوت: "كل الكتاب يعتقدون أنهم واقعيون برغم اختلاف أفكارهم وتصوراتهم، فالكلاسيكيون يرون الواقعية بكلاسيكيتهم، والرومانسيون يرون الواقعية برومانسيتهم، وحتى السرياليون يرون الواقعية تتجسد بسرياليتهم. إذن لا يمكن أن نفصل مفهوم الواقعية عن شخص الكاتب، فكل يتكلم عن واقعيته. وترى إليوت أنه يجب أن ينفصل تعريف الواقعية عن شخص الكاتب، ورأت في واقعية العديد من كتاب عصرها الكبار واقعية منقوصة رغم أنها عبّرت عن احترامها الشديد لهم، إلا أنها قالت عن ديكنز: إنه لا يستطيع معرفة البناء الواقعي للشخصيات، فإما أن شخصياته مثالية جدا فلا تكون واقعية، وإما أنها سيئة جدا وهنا أيضا لا تكون واقعية. ورأت بجين أوستن والأخوات برونتي رأت أن رواياتهن تتمحور في صنفين؛ والعقدة في رواياتهن عقدة غير واقعية، وتقسمها لصنفين: - العقدة التي تعتمد على مقترح زواج واحد - عقدة تعتمد على مقترحين لزواج واحد فالحكاية تتمحور في رجل وامرأة، يعرض الرجل على المرأة الزواج فإما أن توافق فيكون مقترح واحد للزواج، وإما أن تعتذر وترفض، ولكن نتيجة لظروف غير عادية؛ ككارثة طبيعية، أو اغتناء مفاجئ، يعاود بعده الطلب فتوافق على الزواج فيكون مقترحين لزواج واحد. لكنها ترى الواقع غير ذلك، فهذه العقدة المطروحة من الكاتبات لا يمكن أن تطرح واقع النساء في تلك الفترة. كما رأت إليوت أن شخصية المرأة منقوصة، فالمرأة الجيدة هي التي تعزف البيانو لتمتع الرجال في الحفلات الراقصة، أو هي التي تجيد الخياطة وتتحدث بقصص الزواج والطلاق فهي مسلية، أو هي المرأة الفنانة وليست العاملة والطبيبة، وهذه الصور لا تعكس حقيقة النساء العاملات والمجدات، فرأت إليوت عدم الواقعية في كتابة النساء في تلك الفترة. في المقابل طورت إليوت مفهومها الخاص للواقعية والذي يمكن تقسيمه لقسمين: - واقعية متقدمة: انعكست في رواياتها الأولى "آدم بدر والطاحونة التي اعتقدت من خلالها أن كل ما هو بسيط وعادي وطبيعي هو مصدر غنى للأدب الواقعي. وكذلك في كتاباتها النقدية المبكرة. ظهر ذلك المفهوم في بداية مقال لها كتبته باسم "التاريخ الطبيعي للحياة الألمانية" تعرّف فيه وظيفة الفن بما يلي: - إن أقدس مهمات الفنان هو رسم حياة الناس، والتزوير هنا هو المقابل لواقعية الفنان وليس المثالية" - ومفهومها للواقعية هنا هو أنها شكل مما يسميه الغرب وخاصة جورج لويس " الصدق التام" المبني على تجربة الكاتب الحقيقية، وليس على تخيلاته. - الكتابة يجب أن تكون مكتوبة بناء على تجربة تم معايشتها وليس تخيلا، وهذا ما اعتبرته إليوت واقعيا، فهي لا تؤمن بمقولة "إن أعذب الشعر أكذبه" لأنه يكون مبنيا على تجربة متخيلة. - في نهاية المقال اعتبرت إليوت نساء عصرها فشلن في كتابة أدب عظيم، ليس لأنهن يفتقرن للعلم والمعرفة، بل لأنهن لم يكن صادقات في عيش التجربة، ولم يعتمدن على الملاحظة في نقل طبيعة الحياة. - في رواية أدم بيد، وفي الفصل السابع عشر على وجه الخصوص؛ تتوقف إليوت عند سرد القص، وتخبر القارئ عن مفهومها للواقعية مباشرة فتقول: "أنا إن مارست أفضل مهارات الروائيين لتشمل الأشياء على غير طبيعتها فيمكنني أن أعيد تشكيل الحياة والأشخاص حسبما أرى، فمثلا يمكنني أن أختار رجال دين استثنائيين، وأقول على ألسنتهم كل ما يبهر القارئ ويسعدني أنا، ولكن وبالعكس فإن أكبر مجهوداتي هي أن أتجنب عكس مثل هذه الصورة العشوائية، وأعكس صورة حقيقية للأشخاص والأشياء كما انعكست تماما على مرآة عقلي" - إذن الواقعية عندها انعكاس على مرآة عقل الكاتب، فماذا لو كان في المرآة شرخ أو انتفاخ؟ إذن المقصود عندها الواقعية الشخصية، والصدق في تصوير الخارج كما يراه الكاتب وبناء على مفهومه. - لازال مفهوم الواقعية لديها يقوم على المحاكاة التقليدية للحقيقة الخارجية المبنية على التجربة الشخصية والملاحظة للكاتب. - في كتاباتها المتأخرة كما في دانيل ديروندا عكست مفهوما آخر للواقعية، مفهوما أكثر نضجا نتيجة لتغير في المفهوم الفلسفي أو بناء على التجربة. - في رسالة أرسلتها لناشرها قبل نشر ميدل مارش قالت فيها "أحاول تقديم الأشياء كما هي، والحقيقة التقريبية هي الحقيقة الوحيدة المتاحة والممكنة، ولكن يجب أن نناضل من أجل تقديمها قبل أن ننجرف إلى التزوير" وهذا يعني أن لا حقيقة مطلقة لدى إليوت. - وإن كان مفهومها السابق للواقعية يعني محاكاة الواقع الخارجي، فإن مفهومها الجديد ليس وصفا، إنما هي ترجمة للحقيقة، والفرق بينهما أن الترجمة تحويل من نص لنص آخر كما فهمه هو، أما الوصف فهو رؤية عينية لما يُرى.بدأت تتحول من محاكاة المظاهر الخارجية إلى إعادة فهم للحقيقة، وعليه فقد لجأت في رواياتها الأخيرة إلى عكس الحقائق الداخلية للشخوص (العقلية والنفسية) وأصبحت مهتمة بتصوير السلوك الإنساني وعلاقته المعقدة بالبيئة المحيطة. - في رواياتها المبكرة كانت تتكلم عن تجربتها الشخصية ثم تبني الأفكار حولها، بينما في رواياتها المتأخرة كانت توجد الأفكار ثم تبني الرواية حول هذا الإدراك، فأصبحت تتحول وتبني رواياتها على التخيل، لكن على أساس ما نسميه المفهوم الشخصي للحقيقة. هنا وضع الدكتور أيمن كلمة النهاية لهذا الجزء، معلنا أن الموضوع أكبر من يسعه لقاء واحد، فقد يكتمل في جلسة أخرى. بعدها فُتح باب النقاش وكانت المداخلة الأولى من الأستاذ محمد طه شاهين الذي قدّم عظيم شكره وامتنانه للدكتور أيمن على ما قدّم من معلومات رائعة، ثم قال: أود أن أضيء بعض الإضاءات على العصور القديمة، فأفلاطون قال: الفن محاكاة للمحاكاة، أي أن الفنان لا يحاكي الطبيعة، لأن الطبيعة محاكاة للسماء، وهو يحاكي هذه المحاكاة. وقال: لكل عصر من العصور اهتمامات معينة؛ فإن كان الاهتمام بالتفكير النظري المجرد كان لنا عناقيد من الفلاسفة كأفلاطون وأرسطو، وإن كان في الناحية التجريدية فلنا نيوتن، أما في العصور الأخرى كالإسلامي والعربي فكان الاهتمام بالناحية الدينية التي لا يمكن فهمها إلا عبر لغتها العربية فكان الخليل بن أحمد الفراهيدي وغيره. وأضاف شاهين؛ أيضا لكل عصر من العصور مسحة أو سمة تغلب عليه؛ فبعض العصور غلبت عليها العاطفة، وأخرى غلبت عليها الواقعية، وثالثة جمعت بينهما وهكذا. جان جاك روسو رأى أن الحياة هي الطبيعة، وهو يرى أن الحضارة أفسدت الأخلاق، لأن هذه الحضارة ألبستنا أثوابا من الغش والنفاق؛ كأن يسألك أحدهم عن حالك فتقول الحمد لله مشتاق لك، وأنت على عكس ذلك، فهذه المجاملات جعلتنا نعيش في قوالب لا تعبر عن مشاعرنا. أما الأديب غريب عسقلاني فبعد شكره للدكتور أعرب عن إعجابه به وقد امتلك أداتين متكاملتين: الأولى أنه يمتلك موضوعه بدقة متناهية ومتدرجة ويستوعب ما يقول، والثانية أنه من موقع تربوي تعليمي أوصل المعلومة بشكل مُيسر ومتدرج، فجمع من سعة العلم وجلال التواضع، ثم قال: أما عن الموضوع فأعتقد أن التطور الزمني يعكس نفسه على مفهوم العلوم والآداب والفنون. الكاتبة شاعرة؛ تُلهم شعرا ثم تنتقل للكتابة الروائية، كانت هناك رؤى فكرية يطرحها الكاتب من خلال روايته، وهذا يُلجئ الكاتب لأدوات توصل الفكرة، في تحليل للوضع، وهذا يُلزم الكاتب أن يكون متسلحا بالمعرفة. ثم وجه أسئلته قائلا: عندما نطرح هذا التصور هل يحق للروائي أن يبتكر شخصيات، أو بيئة ومناخ يقوم على خدمة أفكاره التي يريد أن يوصلها وينزاح قليلا عن الواقع؟ وهل يعتبر كاتبا واقعيا؟ وهل يكون إعادة إنتاج للواقع؟ وإلا كيف لنا أن نعيد إنتاج الواقع؟ وأضاف عسقلاني الاستفادة من العلوم والمعارف، والقدرة على التخيل لابتكار النموذج الأجوف وجعله نموذجا مقبولا. إذا مفهوم الواقعية يدخل في تشابكات مع عدّة مدارس تتطور بتطور المعرفة والتاريخ. هل نفكك الواقع لنعيد ترتيبه فنعود للمدرسة التفكيكية؟. أخيرا هل أسست إليوت تيارا خاصا ورؤية خاصة، هل فرّخت تلاميذ لها يحملون نظريتها وفكرها؟ الأستاذ عبد الكريم عليان شكر الدكتور ومن ثمّ قدّم ملاحظة قال فيها: ركز الدكتور في حديثه على كتاب الغرب ولم يتطرق للأدباء الروس في نفس الفترة التي تحدث عنها؟ ثم تساءل قائلا: أرى فرقا بين الأدب العالمي، والأدب العربي، إذ إن هناك أدباء استدلوا بالأدب على عقدة أوديب وإلكترا، فهل استنتج أدبنا العربي شيئا؟ الأديب محمد نصار قال كنت أتوقع أن يكون الحديث عن أدب إليوت وأن يشرح لنا الدكتور -كناقد- نظرته لمنهجها. الدكتورة مي نايف تساءلت عما إذا كانت فكرة الواقعية التي تطورت في رواية إليوت «دانييل دوروندا» هو ما جعل اليهود يعجبوا بها ويطلقوا اسمها على أحد الشوارع المهمة؟ في ختام المداخلات أجمل الدكتور إجابته مبتدئا من حيث انتهت الدكتورة مي، فقال لقد أعلنت منذ البداية أنني بمنجى من الخوض في سيرتها الشخصية، على المستوى الشخصي أنا لا أحترم هذه السيدة لكن كونها يهودية لا يمنعنا من دراستها، فنحن ندرس أدبا، ثم إن من الكتاب الغربيين من يناصر اليهود ومع ذلك ندرسه. ثم قال: بالنسبة لسؤال عسقلاني بالنسبة لخلق الشخصيات؛ نعم فللكاتب الحق بصناعة شخصية يقول أفكاره من خلالها، شريطة ألا يصنع الرجل السوبر البعيد عن الوجود في الواقع. بالنسبة لسؤال الأديب نصار فرأيي في واقعية إليوت يعتبر واقعيتي أنا وليست واقعية إليوت، لكن موضوعنا هو نظرة إليوت ومفهومها للواقعية. أيضا لا يصح أن أقيس واقعيتي في القرن الحادي والعشرين بمفهومها للواقعية في عصر سابق، قد يكون مفهومها مقبولا وجيدا في عصرها. وأضاف الدكتور أيمن: المفهوم الشخصي للواقع أن لا أرى الواقع على ما هو عليه، إنما لابد أن أركبّه كما يراه القارئ. وردا على مطلب الأستاذ عبد الكريم قال الشكلانيين الروس في تلك الفترة فهذا يحتاج لحلقة خاصة، وعن الاستدلال بالأدب العربي على نظريات فقال يمكن لأساتذة الأدب العربي أن يجيبوا عن هذا السؤال. أخيرا قدّم الشاعر الشعبي فايق أبو شاويش قصيدة بعنوان "هنادي" انتهى اللقاء والجميع يحمل التقدير للدكتور أيمن لما قدمه لهم من وجبة ثقافية نقدية دسمة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل