المحتوى الرئيسى

باكستان قامت بما عليها

05/04 08:25

آصف علي زرداري انضمت باكستان، الدولة الأكثر تضررا في العالم من الإرهاب، إلى الأهداف الأخرى لـ«القاعدة» - شعوب الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا وإندونيسيا وأفغانستان وتركيا وكينيا وتنزانيا ومصر والسعودية والجزائر - التي نعتقد أنها مصدر أعظم الشرور في الألفية الجديدة والتي أخرست ونال ضحاياها حقهم بمقتل زعيمها الذي لم يكن في أي مكان كنا نتوقع وجوده فيه. وعلى الرغم من أن العملية التي جرت يوم الأحد الماضي لم تكن عملية مشتركة، فإن عشر سنوات من التعاون والشراكة بين الولايات المتحدة وباكستان أدت إلى القضاء على أسامة بن لادن الذي شكل تهديدا مستمرا للعالم المتحضر. ولقد شعرنا في باكستان بالقناعة بأن مساعداتنا الأولى في التعرف على رسول «القاعدة» أدت في النهاية إلى هذا اليوم. يعلم الجميع أن باكستان دفعت ثمنا باهظا لوقوفها ضد الإرهاب. فقد فقدت باكستان من جنودها عددا يفوق ما فقدته دول الناتو مجتمعة، فقد فقدنا ألفي ضابط وما يقرب من 3,000 مدني، وفقدت باكستان التقدم الاجتماعي لشعبنا لجيل كامل. بالنسبة لي لم تكن العدالة ضد بن لادن مجرد عدالة سياسية أو أيضا شخصية كإرهابيين قتلوا أعظم قادتنا السياسيين، والدة أبنائي. ولقد حاول بن لادن اغتيال زوجتي مرتين. وفي عام 1989 رصد 50 مليون دولار لتصويت حجب الثقة عنها وإسقاط حكومتها. وقالت إنها كانت أسوأ كابوس لبن لادن، فقد انتخبت بصورة ديمقراطية وكانت تقدمية ومعتدلة وزعيمة تعددية. لكنها دفعت ثمن ذلك من حياتها. وقد أشار البعض في الصحافة الأميركية إلى أن باكستان تفتقد الحيوية في متابعة الإرهاب. بل الأسوأ هو اتهام البعض بأنها تؤوي الإرهابيين الذين يفترض بنا أن نطاردهم. مثل هذه التخمينات الواهية ربما تشكل مادة مثيرة للقنوات التلفزيونية، لكنها لا تعكس الحقيقة. فقد كان لدى باكستان من الأسباب ما يجعلها تحتقر «القاعدة» كأي دولة أخرى. والحرب على الإرهاب التي تخوضها باكستان هي أشبه بالحرب الأميركية. ورغم أنها ربما تكون قد بدأت ببن لادن فإن قوى الحداثة والوسطية لا تزال تتعرض لتهديد جاد. والحكومة الباكستانية تحيي كلمات الرئيس أوباما وتثمن المصداقية التي أولانا إياها ليلة الأحد لنجاح العملية في خيبر باختونخاوا، كما نحيي أيضا ونشيد بكلمة وزيرة الخارجية الأميركية بأن علينا أن «نتجه إلى تعزيز شراكتنا وتدعيم شبكاتنا والاستثمار في رؤية إيجابية للسلام والتقدم، وأن نسعى جاهدين خلف القتلة الذين يستهدفون الأبرياء». نحن لم نفز بالحرب بعد لكن الواضح أننا نشهد بداية النهاية وجنوب ووسط آسيا الذي نحلم به. بعد ساعات فقط من مصرع بن لادن ألقت طالبان المسؤولية على الحكومة الباكستانية ودعت إلى الانتقام من قادة الحكومة الباكستانية، وتحديدا رأس الدولة، لكننا لن نهاب تلك التهديدات، فباكستان لم ولن تكون حاضنة للتطرف كما تحاول بعض وسائل الإعلام الترويج له. الأحزاب الراديكالية الدينية لم تنل أكثر من 11 في المائة من الأصوات. واستطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن 85 في المائة من الشعب الباكستاني يعارضون أفكار «القاعدة». وفي عام 2009 سيطرت طالبان على وادي سوات لفترة وجيزة، وبدا للباكستانيين نوع المستقبل الذين يمكن أن تكون عليه البلاد في ظل السياسات القمعية والتعصب الديني والتمييز بين الجنسين وإغلاق المدارس وحرق الكتب. تلك الأشهر القليلة ساهمت بقوة في توحد الباكستانيين حول رؤية وسطية للمستقبل أكثر من أي شيء آخر. وتعمل الحكومة المنتخبة ديمقراطيا بدعم من الشعب والديمقراطيات الأخرى في العالم على بناء باكستان قوية مزدهرة تكون نموذجا للعالم الإسلامي بأسره لنعطي الأمل لشعبنا والفرصة لأطفالنا. وقد نصبح أكثر ما تخشاه «القاعدة» وطالبان - رؤية لمستقبل إسلامي حديث. إن شعبنا وحكومتنا وجيشنا وأجهزتنا الاستخباراتية موحدة للغاية. لكن البعض في الخارج يصر على أن هذا ليس من الأهمية بمكان، لكنهم مخطئون في اعتقادهم هذا، فالباكستانيون مترابطون. لقد عانت دولنا جميعا وقدمت تضحيات، وقد حاربنا بشجاعة وعاطفة والتزام، وفي النهاية نحن من سينتصر، ولعلي أستلهم ما قالته زوجتي الشهيدة بي نظير بوتو: «الحق والعدل وقوى التاريخ إلى جانبنا». * نقلا عن "الشرق الأوسط" السعودية

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل