المحتوى الرئيسى

نقطة تحول أفغانية

05/04 08:19

ساطع نور الدين ليست أميركا هي التي قتلت اسامة بن لادن. تنظيم القاعدة هو الذي تخلى عن زعيمه التاريخي، وتركه يلاقي حتفه في مقر شبه مكشوف لا يخضع لأي حراسة مشددة أو أي إجراءات أمنية خاصة، يفترض أن يتمتع بها المطلوب الاول في العالم. الارجح ان أسامة بن لادن عُرض على الاميركيين، سواء من قبل التنظيم أو ربما من الاستخبارات الاميركية التي كانت تعرف بإقامته منذ أشهر على مقربة من أحد مراكزها الرئيسية، لكن إدارة الرئيس باراك أوباما رفضت العرض وفضلت اغتيال الرجل بدلا من اعتقاله الذي كان كما يبدو متاحا بسهولة فائقة للقوة الاميركية الخاصة التي اقتحمت منزله ولم تعثر سوى على اربعة حراس ولم تواجه مقاومة تذكر قبل أن تبلغ غرفة نومه. لم تكن إدارة أوباما، التي أحجمت عن تسلم بن لادن وتعمدت تصفيته، بحاجة الى إنجاز أمني أو سياسي مدو، يخدمها في الانتخابات التي لا تزال بعيدة، ولا كانت تتطلع الى تعويض عما يقال انها خيبات تتعرض لها سياستها الخارجية في العالمين العربي والاسلامي.. والتي ليس عليها برهان سوى في أفغانستان حيث يغرق الاميركيون منذ عشر سنوات في رمال متحركة أخطر من الرمال الفيتنامية. لا يمكن عزل اغتيال بن لادن عن وقائع الحرب الافغانية العبثية، حيث يطارد الاميركيون أشباح تنظيم القاعدة وحركة طالبان التي باتت تسيطر الآن وبعد عقد من المعارك الضارية مع قوة أميركية هائلة وتكتيكات أميركية مروعة على أكثر من ثلثي مساحة أفغانستان وسكانها. وأول ما يتبادر الى الذهن في هذا السياق ان أميركا حصلت على هدية ثمينة تمثلت في تمكينها من تصفية زعيم التنظيم الذي لم يكن زعيما فعليا بل مجرد رمز ومصدر للمال، مقابل موافقتها على التسليم مرة جديدة بعودة طالبان الى السلطة، تماما كما حصل في أعقاب النصر المشترك على السوفيات في ثمانينيات القرن الماضي، عندما تمت الصفقة الاميركية الطالبانية الاولى وشملت النفط والغاز والتنظيم المولود من رحم الاستخبارات الاميركية. اليوم يبدو أن الاميركيين، بتمكينهم من اغتيال بن لادن، حصلوا على ما يحفظ ماء وجههم وتلقوا تشجيعا قويا ومبررا حاسما للاسراع في خطة الرحيل من أفغانستان، وترك طالبان تتولى ما ضاع من الحكم وما بقي من التنظيم الذي صارت شبكاته وخلاياه الخارجية قادرة على القتال الى ما لا نهاية من دون الرجوع الى قيادتها الافغانية، ومن دون طلب الاذن من الملا عمر، أو التسبب بأي أذى أو حرج للشعب الافغاني، الذي دفع ثمنا غاليا جدا للحرب المستمرة منذ أكثر من أربعين عاما. التنظيم هو الذي سلم بن لادن بناء على تقدير للموقف مع صديقه الاقرب زعيم طالبان الملا عمر، بأن الوقت قد حان لإقفال ساحة الجهاد الافغانية المشتعلة، في إطار تسوية مع الاميركيين تضمن خروجهم من أفغانستان نهائيا وفي أقرب وقت ممكن، وتفسح المجال للافغان العرب لكي ينتقلوا الى ساحات اخرى للمواجهة مع الشيطان الاكبر. *نقلاً عن "السفير" اللبنانية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل