المحتوى الرئيسى

قديس فى روما

05/04 08:05

كنت صباح أمس فى مدينة روما، حين قرأت أن البابا بنديكت السادس عشر، بابا الفاتيكان، قد أعلن أن البابا السابق يوحنا بولس الثانى قد أصبح رمزاً مقدساً، وقد قيل إن الملايين من المسيحيين من أتباع المذهب الكاثوليكى كانوا ولايزالون يعتبرون يوحنا بولس الثانى قديساً، ولم يكونوا فى حاجة إلى إعلان ذلك من البابا الحالى! وأياً كان الأمر، فقد حمدت الله، لأنه سبحانه وتعالى لم يرزق يوحنا بولس الثانى، سلفيين إيطاليين من النوع المتشدد عندنا هذه الأيام، وإلا كانوا قد بادروا بهدم ضريحه، إذا كان له ضريح، لأن الأضرحة فى ظن بعضهم يمكن أن تشوش على إيمان الناس بالخالق الواحد! وقد تمنيت لو أن الإخوة السلفيين لدينا قد آمنوا بأن الذين يذهبون إلى زيارة مسجد السيدة زينب - مثلاً - أو مسجد الحسين، يستحيل أن يشركوا بالله بأى مقدار، أو أن يؤمنوا بأن هناك إلهاً غيره، لا لشىء إلا لأن الذين يسعون إلى هذين المسجدين ثم يبتهلون ويدعون وهم واقفون حول الضريحين هناك، إنما يفعلون ذلك وفى أعماقهم يقين بأن قضاء حاجتهم أمر فى يد الله وحده، وأنه لا أحد سواه يمكن أن يستجيب لهم، وبالتالى فإن الذهاب إلى أى مسجد أو ضريح من هذا النوع يظل مجرد رغبة فى إلقاء الهموم على أعتاب شخص يظن الذاهبون إليه أنه قريب من ربه، وربنا، ورب الجميع، ولذلك فالدعاء فى الحسين، على سبيل المثال، لا يتجاوز مجرد الظن - وبعض الظن ليس إثماً - فى أن الحسين يمكن أن يكون شفيعاً عند الله، وأن يكون طريقاً قصيراً إليه، لا أكثر من ذلك ولا أقل. ولو أن أحداً تأمل آية الكرسى، فى سورة البقرة، فسوف يجد أنها تقول فى جزء منها: «من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه».. وهى عبارة كما ترى تدل على أن الشفاعة عند الله لا تكون إلا بإذن منه سبحانه، وأن أحداً، أياً كان، لا يمكن أن يكون شفيعاً، أو أن يتشفع لأحد عند الخالق، إلا إذا أذن هو فى علاه. وليس من الضرورى أن يكون الشفيع أو المقبول، فى مثل هذه الحالات، شيخاً، أو ولياً من أولياء الله، أو قديساً من نوعية «يوحنا بولس الثانى» أو.. أو.. إلى آخره، وإنما يجوز جداً، أن يستجيب الله لإنسان ليس من كل هؤلاء، بدليل أن الرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام، قال ما معناه إنه ربما يكون هناك إنسان «أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره»، أى أنه بنى آدم عادى جداً، منكوش الشعر، وهذا معنى كلمة «أشعث».. ثم أغبر الوجه، أى على وجهه التراب والغبار، ومع ذلك كله، فإنه لو أقسم على الله، وطلب منه شيئاً، فسوف يستجيب له خالقه دون وساطة. وكان الرسول الكريم يقول أيضاً، ما معناه، إنه لا أحد سوف يدخل الجنة بعمله مهما كان عمله صالحاً، ولما سألوه قال إن الذين سوف يدخلونها سوف يعبرون إليها برحمة الله، وليس بأى شىء آخر، حتى ولو كان هذا الشىء الآخر هو العمل الصالح الكثير. فما المعنى؟!.. المعنى أنه لا أحد يمكن أن يزعم أنه يحتكر الشفاعة عند الله، لأنها «بإذنه» فى أحوالها كلها بنص القرآن الكريم، وبالتالى فلا مبرر للخوف من الأضرحة، ولا من غير الأضرحة، ولا حق لأحد فى أن يحتكر الحكم على مدى إيمان الناس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل