عالمنا

دويلات الثورة تستطيع أن تحصي أشياء كثيرة تهدد مصر في لحظتنا تلك, لكن أخطرها وأفدحها محاولات استبدال الدولة المصرية بدويلات تشيد هنا وهناك, ويسعي مشيدوها لفرض قوانينهم وأعرافهم الخاصة فيها, إذا استعرضت المشهد العام لن يصعب عليك اكتشاف ان الكنيسة الارثوذكسية تصر علي إعطاء ظهرها لثورة الخامس والعشرين من يناير, التي أطاحت بنظام تعودت خلال سنواته الاخيرة أن تفرض فيها كلمتها وسطوتها. ففي قضية كاميليا شحاتة, رفضت الكنيسة استلام اخطار النيابة باحضارها, للاستماع لاقوالها, حتي تخمد نيران الفتنة المندلعة, حول ما اذا كانت قد أسلمت أم انها متمسكة بديانتها المسيحية, هذا التصرف أوضح ان الكنيسة تعتبر نفسها كيانا مستقلا غير خاضع للقانون ولا للدولة المصرية, فهي لا تفعل الا ما تراه متوافقا مع قانونها. التيارات الاسلامية بدورها لم تبخل بجهد لكي تفرض منطقها ورؤيتها وأغرقت البلاد في طوفان من القضايا ليس هذا وقتها الملائم لاثارتها والجدل حول الانقسام ما بين معسكرين مؤيد ومعارض, فهذه التيارات تحدثنا عن تطبيق احكام الشريعة واقامة الدولة الاسلامية والسيطرة علي مسجد النوربطرق عنيفة ولاتليق بمكان يذكر ويعبد فيه الله عز وجل, والاسيرات المسلمات في الكنائس دون ان تضع في حسبانها احترام القانون وهيبة الدولة ولا الظرف الدقيق المضطرب الذي يمر به الوطن, فهذه جوانب لا موضع لها في حساباتها فما يعنيها هو اعلاء مفهومها ونظرتها لما يدور من حولنا, وان يرضخ الجميع لها بلا نقاش ومن يناقش يوصم بمعاداة الدين وانه من الداعين للعلمانية وما فعله اهالي قنا ليس ببعيد فقد قرروا ايضا بناء دويلتهم وقطعوا خطوط السكك الحديدية والطرق البرية وكذلك فعل البدو الذين ما ان تندلع خلافات بين عائلتين علي لعب الاطفال مثلا يقطعون الطريق الدولي وكأنهم يعيشون في كوكبهم الخاص وان ذكرتهم بانهم جزء من بلد اسمه مصر تواجه بالامتعاض و سرد معاناتهم ومشكلاتهم المتراكمة, علينا. الانتباه لخطر فكر التقسيم والتجزئة الذي ينتشر بين قطاعات المجتمع المختلفة فالناس همها كله مركز علي مصالحهم الفئوية الخاصة, نعم من حق الجميع التعبير عن الرأي والاحتجاج علي ما يتخذ من قرارات من قبل الحكومة والسلطات المعنية, شريطة ألا يجور هذا الحق علي تماسك البلاد ووحدتها وإلا سنجد انفسنا بدون ان نشعر نواجه سيناريو تقسيم بغيض. المزيد من أعمدة محمد إبراهيم الدسوقي