المحتوى الرئيسى

ذاكِرتي تنزف وطناً عربياً بقلم:روان ابوعرقوب

05/03 19:43

سَماء البارحة مَجنونة عَلى غَير عَادتها,رَمتنا بالمَطر العَنيف ,متجَهمة كَوجوه البَشر في بَلدي , سَرقتني رُوحي لأخطو عَتبات ذاكِرة التاريخ ,ما بال النَحيب يطير فَوق صَوت المطر ..!! مَابال رائحة الثرى قَد تَبدلت بعطر الدماء..!! أكنت في غَفوة من أمري حينما شَممتها أم أن العقَل يرفض تَصديق ما أرى!! فتَحت الباب لأدهَش بأكوام الغَبار يَجثم فَوق الكُتب والوَثاق , أأطلت الغياب يا نَفسي ..!! أَم أن الزَمن كَان أسرَعَ من بَرق سَماء الشتاء المَجنون.!.. ماعادت الأزمنة تَعنينا فالحال يتغير بين الفينة والأخرة و ما عُدنا نميز عصور الجَاهلية من الإسلامية..!! تُثيرني أكوام من الكتب المرتمية كالجُثث هُنا وهناك..!! كأنها أمتعة بالية اشتَروها من سوق البضائع المستعمَلة..!! أَو أشياء لا حَاجة لَها ..عَجبي أنسو أنها التَاريخ بجله!! ساعدني يا اله الكون لأتخلص من عَلامات استفهام تشبثت بُنطقي..! ..سَاكمل نَظرتي التَفقدية.. نَحيب يأتي من هُناك..يُقلقني يوقظ فييّ الفُضول يناشد فييّ شُعور لَبسه السَبات مذ مدة..!! أزيل أغطية بيضَاء لُفَت بِها الأشياء ,فقَبلَ رَحيلهم أودَعوها لَها ولغبرة الزمن و للحشَرات والعَفن ,خافَوا أن تُنهَك و لَم يَخافوا أن تترك.!!,تَباً لزَمن نَدفن بِه تَاريخنا ونَدعي به انتصارنا ,والله إننا لأمة فارغة الجَوف , مَهلا ياصَوتاً تُضعفني .. ها أنا قادمة ,دَعيني وشأني يا خُيوطَ العَنكبوت ,واذهبي بَعيداً كَفاك نَسجاُ فَوقَ ذاكرتي المتَعبة. أُزيل غطاءاً أبيضاً من هُنا , و أنثر الرَمل من هُناك ,و أعيد تَرتيب الأشياء وإذ بذاك الشُعاع يضيء عَتمَةَ المَكان,آه يا وَجَع القلب , يَاعروس المُدن , أأنت هنا ياصَخرتي كَيف لَم أميز أنينك وسطَ كُل تِلكَ الَأكوام , و نَبضك أحيا القَصائد و الأزمان..!! لَاعَليك فَأنا هُنا ..مَعي عطر يافا و الجَليل ,لاعَليك ومَعي سلام الخَليل ,ومن نابلس لَك القبلات و جنين و غَزة..آه لَو تدري ماذا حَل بِغزة يا أم فِلسطين,لَكن الأوردة عادت لتلتقي و ينبض قَلب واحد فينا.. كَفكفي دموعك فَنَحن بِخير. أعانق القدس وأعطيها الأَمان و لا زالت الأصوات تَجوب المَكان,مابَال رَفوف الكتب تَرتَعش ..!! وأنين من هُنا و شَجن من هناك ,و بَوح بأسرار ,هُناك اللطيم واليتيم , و أشلاء أراها كأطياف وتَختفي , أسكن المكان أشباح الظلام..!! أم أنني أصبت بالجنون..!! حشدت طاقة الرُوح و أزلت اللثام عَن كل شيء هُناك, وجَلست عَلى كُرسي لُربما من عصر أيوبي أو أكثر ,وبدأت أوزع نَظري في الزَوايا و الأركان, تِلك الوجوه لا أعرفها ولا تعرفني ..!! أجهلها و تجهلني ..!! أحاول قرأتها وتَعتريني الأسئلة فَاخجل وأنحني بكاءاً , أأصبحنا في زَمن لا يُدرك الأخ أخاه ..!! أدقق النظر في عَجوز تُقابلني الجلوس .. صَفراء المَلامح ..تَرتَجف وكَانما يؤلمها البرد القارص ..!! أتِلكَ مصر .!! كَيف تَكون مصر ..! مذ مَتى ومصر مُنحَنية وَجبينها مقطب الجُروح.!! ماذا حدثَ يا أم الدنيا..! مَن تِلك التي تساندها الكُرسي و تَمسح دُموعَها بذاكَ العَلم ,مَهلاً مَهلا أليس هوَ ذاكَ عَلمك ياليبيا.!! ليبيا!! أأنت هَنا يا مَن أنجبت المُختار بكُبر شأنه..!(نحن إما ننتصر أو نَموت )..أطَعنوا النَخوةَ فيكِ و ساقوك إلى سُوق أجنَبي ..!! أم باعوك بالمزاد العَلني ..! تَبنا لفارس جَهل فَرسه يا لِيبيا. أُوجَعني الحال , وكَم من مرة قلت بأننا أمة لا تَسقط وأن هذا مُحال مُحال..!! أغير وجهَتي كَمن رأى امراً مُفزعاً و أحاول طَي رأسي لأجد كُمي و أمسح بع دَمعي ,سواعدي يَتملكهما الضَعف وكُلما حَاولت العزم عَلى الوقوف تَمسكت بي تِلك الكُرسي العَرجاء و أجبرتني الجلوس ,حَدثتني رُوحي كَـنما تَقول لي ارفَعي رأسك فَأنتي عَربية الدَم و الروح لا يُضعفك البكاء ولا البَوح, رَفعت رأسي عَالياً وإذا بي أرى لافتة تُنادي (حَماك الله يا درعا) .. عَن أي درعا يَتحَدثون..!! أيقصدون تلك التي في سوريا ..!! لا أحد يُجيبني انهم يتهامسون..!! أجيبوني بالله عَليكم .. ما حَل بدرعا السورية.!! أباتت جَريحة أم قَتيلة أم أسيرة..!! أعِن أهَل دِرعا يا رب السَماء , ففيها العُظماء لطَالما وَقفوا في وجه الأعداء , فساندهم في حربهم أمامَ الجُهلاء ...!! تَستَصرخني أَخَوات ثَلاث, يسحبنَ الأغطية خَشية البَرد , يُلملمن الجراح و يحضنّ الأَيتام و أجساد نَهشتها كِلاب الليل المأجورة ,يَدفنّ الجثث بدُموع و قُبلات , و يرددن (لأرواحكم السَلام) , أسعفيني ياذاكرتي فَما عُدت أحمل الأسماء من بَعد صَدمة, تَعالي يا لغتي العَربية وامكثي بُرهَةً لأرتب أسماء تلكَ النسوة , أذكر تِلك الوجوه ,تِلكَ اللهجة أليست تِلك تُونس الشقيقة.!! أليست تلك الجزائر الحرة أم المليون شَهيد..وتِلك جارتَهم مَغربنا الحبيبة.!!! هَل رَجمتك الأيام بأغبى الحكام..!! هَوني عَليك فالله لايَترك مَن ظَلمه الظُلام . كَفاني ألماً يارُوحي ,سآتي فيمَا بَعد , أحتاج مسَاحة السَماء من اللون الَبيض لأسكنه بدَلاً من سَواد زَرعته الأحزان في روحي هذا اليَوم المغبَر ..!! , لَم َأملك القوة لََأمنَحها لبصري كَي يتَفقد باقي الزوايا التي تَشكي وتأن دونما تَوقف ..!! أخشى عَلى روحي الصعود إلى بارئها من هَول الصَدمة ولا زِلت مشتاقة للحظة أنادي بها( الوطن العربي حُر حُر حُر ) ,فاهدئي يانفس و كفاكِ تَجرعاً للآلام . سأغطيكم يا كُتبَ التَاريخ ولي عَودة, سَأغفو الليل داعية الرَّبَ بأن يخفف عَليكم نزف سيوف الأوغاد,لَك الله يا أمتي العَربية , لَك الله والخيرَة من الحُكام المَفقودة, لَك الله وقَبلات كُل وَليد ,لَك الله و أمنيات التَحرير مَع كُل فَجر جَديد . خَرجت من ذاك المَكان, أقاتل المَطر والسَماء,أصرُخ رافضةً الذل والهَوان ,وكأنما كَان حُلماً ,لَا يَعرف للحقيقة مأوى ,ولَكنها الحقيقة يا أيها القلم الرافض لكتابة ما رأته عَيناي و الذاكرة , عانق أوراقي ولَكَ السَلام ,لروحِك السَلام , ولأوراقي السَلام, وللوطن العَربي السَلام أيضاً . الكتابة:روان ابوعرقوب

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل