المحتوى الرئيسى

القضاء على بن لادن..خطوة في منتصف الطريق..بقلم:جمال الهنداوي

05/03 18:37

القضاء على بن لادن..خطوة في منتصف الطريق.. جمال الهنداوي وسط كل هذا الكم الهائل من الاخبار التي تتساقط على رؤوس المتابعين منذ الاعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن ..اشك في ان هناك الكثيرين ممن لم يمر في خاطرهم التساؤل المحير عن كيفية تواجد المطلوب الاول في العالم في مكان مكشوف ومأهول وفي المحيط الامني لقاعدة عسكرية تابعة لبلد يعد مكافحة الارهاب ومطاردة قياداته –والتي يمثل الهدف جائزتها الكبرى- شغله الشاغل ومهمته المقدسة والعقيدة الاساسية لجهده العسكري والامني.. تساؤلات قد تكون جزءا من احجية كبيرة متكونة من العديد من الاحداث والمواقف والتصريحات قد تشكل في مجموعها صورة تختلف كثيرا عن الكلمات الودية المتبادلة ما بين الولايات المتحدة وباكستان..وقد تقدم مقاربة مختلفة عن الخطاب الرسمي الذي يؤكد على قوة التعاون وفاعلية الجهد الاستخباري الباكستاني في الحملة الدولية لمكافحة الارهاب.. مقاربة قد لا يكون التناقض ما بين الانفراد الامريكي بتنفيذ العملية وبين التصريحات التي تحدثت عن الاستفادة من المعلومات المتحصلة من الجانب الباكستاني كافيا لاحالتها الى نظرية المؤامرة او سوء الظن المبيت..خصوصا مع تواتر التقارير التي تضع اجهزة الاستخبارات الباكستانية في رأس قائمة سرية من سبعين منظمة تعتبر "ارهابية او داعمة لكيانات ارهابية" وضعها الاميركيون عام 2007..وتصنفها في نفس المستوى الذي تضع فيه حركة حماس وحزب الله والاستخبارات الايرانية .. وقد يكون هذا هو السبب في التكتم الكامل والسرية التامة وحجب المعلومات عن الشريك الستراتيجي الى الحد الذي يصل الى المخاطرة بحياة العشرات من الجنود في عملية ارضية قد كان يمكن تجنبها وتجنب ذلك السقوط-او الاسقاط- الغامض للمروحية الامريكية من خلال الانطلاق من القاعدة العسكرية التي لا تبعد اكثر من بضعة امتار عن الهدف الذي لم يعتن كثيرا بتأمين التغطية اللازمة لتأمينه.. من دواعي الحكمة ان نعترف بان مثل هذه الحوادث المتعلقة بالامن القومي لدول عظمى مثل الولايات المتحدة..والتي لها هذا القدر العالي من الحساسية والتعقيد..قد لا يكون من السهل عادةً التوصل الى اجابات حقيقية وحاسمة لعلامات الاستفهام الكثيرة التي ترافق مراحلها..الا انه لن يكون من التعسف لو قادتنا المعطيات المتوفرة الى نوع من الاتفاق على وجود نوع من الارتباط الاكيد والوثيق -وان كان غير معروف المستوى- بين المخابرات الباكستانية وتنظيم القاعدة وهو الامر الذي يؤكد التوظيف السياسي من قبل بعض الدول للتنظيمات الارهابية المسلحة كوسيلة لتصدير مشاكلها وتناقضاتها الداخلية الى خارج حدودها واستخدامها كسلاح للتأثير على سياسات وخيارات ومتبنيات الدول الاخرى.. وان كانت افغانستان وحراكها السياسي هو المستهدف في الحالة الباكستانية..فاننا يجب ان لا نتغافل عن ان العراق قد تعرض لنفس هذه الموجة الدنيئة الشرسة من الاستنبات الدؤوب للتنظيمات الارهابية كوسيلة لافشال تجربته الديمقراطية وعمليته السياسية عن طريق الامعان في استهداف شعبه وقواه الامنية وبناه التحتية وثرواته في حرب ضروس تستحضر الهمجية في احقر صورها واحط دركاتها واعتمها..مما يجعل من هذه السياسة المتخلفة القذرة اولوية قصوى في ممارسات الانظمة الديكتاتورية المتهالكة.. ان الفهم الصحيح لطبيعة العلاقة الآثمة ما بين الارهاب واجهزة الامن في الدول القمعية الاستبدادية المتسترة بدثار كثيف من الزيف والتشويش المربك من انتحال الشعارات المناهضة للارهاب هو المدخل الصحيح لالحاق الهزيمة المنكرة بالهجمة الظلامية التي تستهدف الحرث والنسل والحريات السياسية وحقوق وكرامة الانسان.. ان مقتل بن لادن قد يكون خطوة ومعنوية في مهمة في القضاء على الارهاب ..ولكن الانتصار الكامل يستدعي من الجميع وقفة حازمة ومسؤولة تستهدف تفكيك وازالة الانظمة الداعمة للعنف وذلك من خلال التخندق والاصطفاف مع الانتفاضات الشعبية في المنطقة والتي تعلي من شعارات الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة وحقوق الانسان ..والاعتراف بالقوى الشعبية ونخبها الثائرة كصاحبة الحق الوحيد في تمثيل الشعوب الحرة والنطق باسمها..واسقاط الشرعية عن جميع الانظمة التي اختلست الحكم في ظروف سياسية وتاريخية قد لا تكون متلائمة مع تطلعات وآمال الشعوب بالحرية والعدالة والمساواة..ودون ذلك لن يعد حادث كمقتل زعيم القاعدة او غيره الا فقرة ترويجية مستهلكة قد لا تفيد الا في السباق المحتدم لاستطلاعات الرأي الامريكية..

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل