المحتوى الرئيسى

> حقيقة ماحدث في عيد العمال

05/03 21:11

كانت أحداث مساء الأحد الأول من مايو في ميدان التحرير ساخنة ومقلقة، فقد اجتاحت مجموعة من الشباب منصة الاتحاد المصري للنقابات المستقلة لمنع احتفالية فنية بمناسبة عيد العمال، رافعة شعار «الوفاء لدم الشهداء»، ولكن من هم هؤلاء الشباب! وهل هم فعلا «أهالي الشهداء» كما وصفتهم وسيلة إعلامية! أسرد هنا شهادتي بوصفي صحفيا وناشطًا سياسيا كنت متواجدا في التحرير منذ ظهر يوم الأحد وحتي انفضاض الأحداث. تيار جديد! تصر هذه المجموعة من الشباب علي ربط نفسها باعتصام التحرير الأخير (8 إلي 12 إبريل) وتربط نفسها بأسماء مختلفة، فقد أكد أحد قياداتهم أنه من الحزب الوطني وقال آخر إنهم من حزب «المصريون الأحرار» الشهير بـ«حزب ساويرس» ويتداول معظمهم أسماء لحركتهم.. الأول هو «شباب الحرية» والثاني هو «صوت الحرية»، ورغم ان اعتصام 8 إبريل قد اعتبر من أغلب القوي السياسية حركة معادية للثورة إلا أن حقيقة أنه تخضب بالدم تعطيه هالة وقدسية ما لدي العديد من الشباب وخاصة من شباب هذه المجموعة الذين يغلب عليهم المستويات التعليمية المتواضعة والأصول الاجتماعية الفقيرة، وفيما عدا اثنين أو ثلاثة من قياداتهم -يبدون من الطبقة الوسطي- فإن أغلبهم يظهر عليهم الانتماء للمناطق الشعبية. بدأت هذه المجموعة التحرش باحتفالات الميدان مع انطلاق مؤتمر «حزب العمال الديموقراطي» (حزب يساري جديد) بعد ظهر الأحد، حيث اقتحمت مجموعة منهم المؤتمر معترضة علي رفعه لأعلام حمراء وهاتفة ضده بشعارات منها «لا إخوان ولا أحزاب.. ثورتنا ثورة شباب»، وبعد تصدي بعض النشطاء لهم -باستخدام الحد الأدني من العنف- علي أساس أنهم مجموعة من شباب الثورة الذين لم يتعلموا بعد قيمة وحق الاختلاف في الرأي تفرقوا ثم عادوا للتجمع داخل المؤتمر، وبعد شد وجذب لفترة طويلة لم ينجحوا في فض المؤتمر ولم ينجح النشطاء في إبعادهم تماما عنه حتي انتهي في وقته المحدد له. بعد الخامسة مساء بدأت أعداد كبيرة في التجمع في الميدان، يقدرها البعض بنحو 20 ألفا أكثر من نصفهم من العمال، وانطلقت الاحتفالات علي منصة ائتلاف شباب الثورة والتي شهدت محاكمة شعبية لحسين مجاور رئيس الاتحاد العام للعمال (الاتحاد الرسمي) وعائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة السابقة (مقبلة يد سوزان)، شارك فيها محامون من لجنة استعادة اموال مصر المنهوبة بينهم المحاميان محمد الدماطي وطارق العوضي، وشارك فيها ايضا النائب السابق جمال زهران، وأعقبتها فقرة غنائية (لنتذكر ذلك فهو أمر ستظهر أهميته لاحقا) للفنانة عزة بلبع، ومجموعة كلمات لتنتقل بعد ذلك الأضواء إلي منصة الاتحاد المصري للنقابات المستقلة. بدأت منصة الاتحاد بالفقرات التقليدية من كلمات للنشطاء النقابيين وكلمة لوزير القوي العاملة حتي جاء موعد الفقرة الرئيسية في احتفالية عيد العمال في التحرير كلها وهي الفقرات الفنية التي تشمل إلقاء للشاعر سيد حجاب وغناء الفنان علي الحجار، وهنا بدأ الهجوم، حيث ظهرت المجموعة التي حاولت إفساد مؤتمر حزب العمال، ولكن بأعداد أكبر ومدعومة بأعداد كبيرة من أطفال الشوارع، تهتف ضد الفنانة بسمة مقدمة البرنامج الفني، ثم ضد البرنامج الفني نفسه بحجة أنه «لا يصح أن تقدم فقرة فنية في الميدان الذي شهد سقوط شهداء لم يات حقهم بعد»!! (رغم أن فقرة عزة بلبع كانت قبل أقل من ساعة من هذه الفقرة) ومع بدء ظهور أعضاء الفرقة المسرحية التي ستقدم أولي حلقات البرنامج الفني بدأ إلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة علي الفرقة ثم اجتاحت هذه المجموعة المسرح فجأة ودمرت كل الديكورات الفنية عليه، وعبثا حاول النشطاء إنزالهم من علي المسرح حتي جاءت الشرطة العسكرية وأجبرتهم علي النزول منه. قد يسأل البعض ربما كان هؤلاء الشباب من المجموعات السلفية، ولذلك رفضوا الفقرات الفنية!! أجيب بكل ثقة «لا»، فمن موقعي كمراقب خضت معهم حوارات في الميدان وحاولت إقناعهم بالنزول من علي المسرح لم أسمع من أغلبهم خطابا دينيا ولم يكن أي منهم ملتحيًا أو مرتدًا لازياء السلفيين التقليدية، بل إن واحدة من أهم قياداتهم كانت فتاة ذات شعر مسترسل -مصبوغ بطريقة رديئة ليظهر أصفر اللون- كما أن بين هؤلاء الشباب العديد ممن يطيل شعره علي طريقة نجوم السينما، ولكنهم يبدو أنهم رغم انتمائهم بوضوح لتوجه مدني فإنهم يتشابهون مع السلفيين وكذلك الإخوان في كراهية اليسار وربما الفن أيضا. قد يميل التحليل البسيط إلي اعتبار هذه المجموعة من البلطجة المأجورين، وأنا لا استطيع أن أجزم انهم غير ممولين، ولكن كون حركة سياسية تتلقي تمويلا لا ينفي عنها كونها «سياسية»، فلطالما تلقي الإخوان والسلفيون تمويلا من أفرعهم والمتعاطفين معهم بل وحكومات بالخارج، وهو ما كان يحدث أيضا مع الشيوعيين حتي ثمانينيات القرن العشرين، ولكن ذلك التمويل لم ينف كونهم حركات سياسية، صحيح أيضا أن هذه المجموعة تستخدم اساليب البلطجية إلا أن ذلك لا يعني أنهم بلطجية وفقط، فكما استخدم الاسلاميون العنف البدني وأساليب البلطجة ضد اليسار في السبعينيات، يبدو أن هذه المجموعة تعيد هذ السيناريو بطريقة جديدة. ولكن يبقي السؤال لصالح من يعملون؟ فإذا كان الاسلاميون قد ضربوا اليسار في السبعينيات لصالح السادات، فلمن يعمل هؤلاء؟ الأغلب أنهم يعملون لصالح رجال أعمال وبهدف غير معلن هو حماية الرأسمالية المصرية من صعود اليسار والنقابات المستقلة. في الحقيقة إنهم يذكرونني بنشأة الفاشية في إيطاليا علي يد الديكتاتور موسوليني، فقد كان يستخدم اسم الثورة في كل خطاباته ويجمع الشباب من الطبقة والوسطي والفئات الفقيرة التي يحركها الغضب ضد المجتمع حتي كون منهم مليشيات عمياء تقدسه وتعمل في المجتمع قتلا وتدميرا حتي حملوه إلي سدة الحكم قد يكونوا تيارا فاشيا يظهر في المجتمع، قبل ان يظهر زعيمه المجنون أو الملهم كما ظن الفاشيون عن موسوليني. ولكن في جميع الأحوال أظن أن الديمقراطية التي نسعي لبنائها اقتداء بروح ثورة 25 يناير تعني بوضوح قبول الآخر والتعددية الفكرية والسياسية، وتحمل الاختلافات في وجهات النظر ونبذ العنف كوسيلة لحلها، لذلك أري أن قوي المجتمع الحية مدعوة لاتخاذ موقف قوي تجاه هذه المجموعة وغيرها من المجموعات ذات الميول الفاشية لمنع تكرار أحداث الأول من مايو المؤسفة في التحرير أو غيره من ميادين مصر الحرة. محمد البلعى ناشر وناشط سياسي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل