المحتوى الرئيسى

لا يا دكتور (3)

05/03 08:19

ما رأى د. عبدالمنعم أبوالفتوح فى أن نستخدم صفة وتعبير تاريخ المسلمين بدلاً من تاريخ الإسلام؟ حتى نرفع الحرج عن الدين ونبرئه من بعض ممارسات الاضطهاد الفكرى، التى مارسها حكام مسلمون ضد مفكرين مسلمين اختلفوا معهم فى الرأى، والتى ذكرت بعضاً منها فى مقال الأمس، وننسبها إلى المسلمين بدلاً من نسبتها للإسلام، وإذا تحدثنا عن المسلمين فنحن نتحدث عن سياسة لا عن دين، فمثلما أحرقت الكنيسة القس جيوردانو برونو وحاكمت جاليليو انطلاقاً من مفهوم الدولة الدينية واحتكار الحقيقة، أحرق محمد بن أبى بكر الصديق وهو فى بطن حمار، وذبح الجعد بن درهم فى عيد الأضحى وهو مقيد فى منبر المسجد!، ومثلما كان الكهنة يبررون للملوك ألوهيتهم ويقنعونهم بأنهم ظل الله على الأرض ويبيعون صكوك الغفران، كان معاوية يقول: «أنا خليفة الله فى أرضه»، وأبوجعفر المنصور يهدد بأنه «سلطان الله فى أرضه»، ومن قبلهما كان ذو النورين عثمان يقول: «لن أخلع رداء سربلنيه الله»، أى أن الحكم تحول إلى رداء إلهى!،  ولهذا أرفض مقولتك يا دكتور أبوالفتوح عن أن العلمانية احتياج أوروبى مسيحى فقط، ونحن كمسلمين لا نحتاجها لأننا لا نحتاج للدواء، لأننا غير مصابين بالداء، لا يا دكتور الداء كان موجوداً ومتأصلاً فى تاريخنا السياسى، وقد اختلطت حدود الدينى فيه بالسياسى على امتداد تاريخ حكم المسيحيين والمسلمين أيضاً، ولكن الفكر الغربى بعد محاكمة جاليليو لجأ إلى العلمانية كحل، وأصبحت أوروبا وأمريكا فى المقدمة، بينما لجأ فكرنا، للأسف بعد محاكمة ابن رشد وصلب الحلاج، إلى مزيد من الخلط الدينى السياسى، ومزيد من الشرنقة الأصولية، وصرنا فى السبنسة والذيل والقاع. إذا قلت يا دكتور إن مرجعيتك فى الحكم والسياسة إسلامية وترفض العلمانية، أسألك سؤالاً بسيطاً عن أهم ركن فى العمل السياسى، الذى أنت مقدم عليه ألا وهو اختيار وترشيح رئيس الجمهورية، هل سيكون بطريقة سقيفة بنى ساعدة، أم بترشيح شخص معين بالاسم، أم باختيار واحد من ستة أشخاص، أم برفع راية لا حكم إلا لله، أم الملك العضوض؟ أيهم تستطيع أن تقنعنى بأنه أسلوب اختيار الرئيس فى الإسلام؟ نأتى إلى تكوين البرلمان الذى تختزلونه فى كلمة الشورى التى لم تتحدث عن آلية هذه الديمقراطية، أو بالأصح هذه الشورى، وأسألك سؤالاً بسيطاً: هل هى شورى أهل الحل والعقد؟ وهل الشورى ملزمة أم غير ملزمة كما قال بعض الفقهاء؟ ومن يستحق من هؤلاء الفقهاء أن نقول عنه إنه يمثل رأى الإسلام، وليس رأى نفسه؟ وما الضرر إذن من الاستفادة من منجزات العلمانية فى الفكر السياسى بدلاً من تلك الأرتيكاريا المزمنة منها؟. ترشيحك لرئاسة الجمهورية يا دكتور أبوالفتوح جاء نتيجة ثورة ومظاهرات وخروج على حاكم، هل تريد معرفة ماذا تقول كتب الفقه غير العلمانية عن عقوبة الخروج على الحاكم؟ وإذا اعتبرت هذه الكتب هى مرجعيتك فيجب التنازل فوراً عن الترشيح، ولو رفضت ما فيها فيجب أن تشكر العلمانية على جميلها الذى أسدته إليك بإفساح الطريق للثورة على الحاكم والجلوس على كرسيه!. هذه مجرد اقتباسات وشذرات من تراثنا الفقهى عن وجوب عدم الخروج على الحاكم، عن ابن عباس: «من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج عن السلطان شبراً مات ميتة جاهلية!»، وهناك فى صحيح مسلم «تسمع وتطيع الأمير وإن ضرب ظهرك..»، وهناك أيضاً «الإمام الجائر خير من الفتنة»، وأخيراً ما قاله ابن تيمية: «ستون سنة فى حكم إمام جائر أفضل من الصلاة بدون إمام»!! ما رأيكم دام فضلكم، وإلى كل من سيأتى بأقوال أخرى مضادة أقول له الحل لهذا التضاد والصراع هو فى العلمانية كما سنوضح غداً. [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل