المحتوى الرئيسى

حرب ضد حزب الإخوان!

05/03 17:50

بقلم: أحمد إبراهيم    أحمد إبراهيم  أتعجب كثيرًا: لماذا ينزعج بعض المشتغلين بالكتابة الصحفية والمهتمين الشأن السياسي، من الإعلان التأسيسي لحزب "الحرية والعدالة" الصادر عن مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين؟!.   مصدر العجب يأتي من تبشير كثيرين منهم بأن الجماعة لا تحظى بتلك الشعبية الكبيرة الشائعة عنها في الشارع المصري.. وبأنها إذا ما دخلت الانتخابات البرلمانية فإنها لن تفوز بأكثر من 20% في أفضل الأحوال.   فما دام الأمر كذلك.. فلماذا الانزعاج من البيان التأسيسي لحزب الجماعة، وهي على حدِّ تحليلاتكم، تمثل أقلية قليلة في الشارع المصري لن يكون لها حظٌ من أغلبية في الانتخابات البرلمانية؟!   جماعة الإخوان المسلمين أعلنت عن تشكيل حزبها السياسي تحت اسم "حزب الحرية والعدالة" في مؤتمر مجلس الشورى العام.. وانتخب المجلس كلاًّ من: الدكتور محمد مرسي لرئاسة الحزب، والدكتور عصام العريان نائبًا للرئيس، والدكتور سعد الكتاتني أمينًا عامًّا.   وهنا قامت قيامة البعض ولم تقعد.. لماذا؟.. لأن هؤلاء الذين تم انتخابهم أعضاء في مكتب الإرشاد، وأن الذي اختارهم هو مجلس شورى الجماعة.   وتعجبتُ: هل عضوية مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين سُبَّة في جبين صاحبها، تستحق الانزعاج والقلق إلى هذا الحد؟!.. هل هي تهمة تمس شرف صاحبها فتحرمه من حق ممارسة العمل السياسي؛ على اعتبار أن أعضاء هذا المكتب هم من الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر وسرقوا المال العام؟!.   في الحقيقة لم أهضم هذا الانزعاج المفتعل.. لأنه من المعلوم بالضرورة أن هذا حزب جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسية المعبرة عن مشروعها الإسلامي الحضاري للنهضة.. وقد تم انتخاب قياداته ديمقراطيًّا من قِبل مجلس الشورى الممثل لجميع أعضاء الجماعة المعنيين بالأمر، دون غيرهم من أبناء الشعب المصري.   زاد انزعاج هؤلاء البعض من التصريحات التي رافقت الإعلان عن الحزب واعتبروها غير صحية، وتبث القلق لدى الآخرين؟!.. لماذا يا هؤلاء؟!.. لأن الجماعة رفعت من جديد سقف طموحها في البرلمان المقبل إلى خمسين في المائة تقريبًا، بينما كانت قد أعلنت قبل شهرين أنها لا تطمع في أكثر من 35% من مقاعد البرلمان المقبل، ثم قبل أسبوعين قالت مصادرها إنها لا تطمع في أكثر من 40%، ثم وصلت بالنسبة إلى 49% بعد اجتماع مجلس الشورى.   وماذا في ذلك أيها المنزعجون؟!.   لأنه بحساب المتواليات التصاعدية فإننا عندما نصل إلى موعد الانتخابات قد نسمع عن طمع الجماعة في 90% من مقاعد البرلمان!.   وأقول لهؤلاء: ما العيب في أن تطمح- وليس تطمع كما ذكرتم- جماعة الإخوان في أن يكون لها تمثيل برلماني يمثل نصف البرلمان أو البرلمان كله؟.. أليس هذا حق تكفله مبادئ الدستور وأحكام القانون؟.   أما أن يكون الإخوان قد أعلنوا أنهم لن يترشحوا إلا للحصول على ثلث مقاعد البرلمان ويتركون الثلثين للقوى الأخرى، فهذا تنازل منهم عن حق أصيل، مراعاةً للمصلحة الشرعية للوطن.. وإيمانًا منهم بأهمية اشتراك كل القوى السياسية في البرلمان المقبل، للإسهام في بناء نهضة مصر.. مصر الحرية والعدالة التي نتطلع إليها جميعًا.   هل أزعجتكم النسبة المعلنة لعدد المرشحين، أم خانكم التوفيق فسارعتم إلى الجهالة دون أن تتبينوا؟!.   لقد أعلنت الجماعة أنها ستترشح على ما بين 45 إلى 49% من إجمالي مقاعد البرلمان.. وهذا أمر طبيعي إذا كانت الجماعة أو أي قوة أخرى تريد أن يصل تمثيلها في البرلمان إلى حدود الثلث.. أم تُراكم تظنون أن صناديق الاقتراع في جيوب الإخوان، وليست بين يدي أبناء الشعب يختارون من خلالها مَن يشاءون؟!.   أفيقوا أيها الناس من غفلتكم.. فلقد انتهى زمن أحمد عز وسياسة تقفيل الصناديق!.لا يزال المنزعجون على تشكيكهم، فقالوا: حزب الإخوان يقوده ثلاثة من مكتب الإرشاد، قالوا إنهم استقالوا من المكتب، أعلى هيئة قيادية في الجماعة، للتفرغ للعمل الحزبي، ولكنهم في النهاية أعضاء في الجماعة.. "وما العيب في ذلك؟.. هل نحاكم نواياهم؟!".. أي أن رئيس الحزب الجديد يدين بالطاعة الكاملة للمرشد العام ومكتب الإرشاد ويعمل وفق توجيهاته.. "وأين ذهب برنامج الحزب وهيئاته ومؤسساته؟!".. فهل السلطة الحقيقية ليست لرئيس الحزب أو نائبه أو أمينه العام أو مكتبه السياسي أو أمانته العامة أو جمعيته العمومية.. "إذًا فلِمَن تكون؟!".. ستكون لمكتب الإرشاد الذي يدين له هؤلاء بالسمع والطاعة.   وإني والله لأتعجب لفهم هؤلاء.. يتحدثون عن السلطة والطاعة والتوجيهات، على الرغم من إعلان قيادات الجماعة أنه سيكون مستقلاً في هيكله وإدارته وتمويله وقراراته عن الجماعة.. ويتعمدون تجاهل ما يرون وما يسمعون من أهل الشأن!.   ما هذا الخطل؟!.. هل هي محاكمة للضمائر؟!.. هل نأتي بقيادات الإخوان ثم نوقفهم صفًّا واحدًا أمام كاميرات التلفزيون ليقسموا على المصحف أنهم لا ينوون ذلك؟!.   ومع افتراض كل الاتهامات السابقة؛ أليس الحزب المعلن هو حزب الإخوان المعبّر عن رؤيتهم ومشروعهم في المجال السياسي؟!.. أليس برنامجه خرج بموافقة مجلس شورى الجماعة؟!.. أليس مكتب الإرشاد ومرشده العام متفقين مع الحزب ومجلس الشورى على هذا البرنامج قبل أن يخرج إلى النور؟!.. أليست تلك القيادات قد انتخبها مجلس الشورى كذلك وفق شروط معينة زكاها فيهم؟!.   الإجابة عن كل ذلك بالتأكيد هي "نعم"   إذاً: فأين هي المشكلة؟!   يقولون: الوضعية الجديدة المطروحة بإعلان حزب يكون خاضعًا لتوجيه الجماعة، هي وضعية لا يمكن قبولها أو استيعابها في مصر.. "لماذا كفى اللهُ الشر؟!".   يقولون: هي وضعية أقرب ما تكون للنسخة الإيرانية، بوجود المرشد الأعلى للثورة، الذي هو فوق الدستور والحكومة والأحزاب والبرلمان والقانون، وهذا يستحيل تصوره في مصر.   وهنا أقول: لقد وقع هؤلاء بزعمهم هذا في المحذور.. إنه اتهام مبطن نشم فيه رائحة أمن الدولة.   كان ذلك الجهاز يطلق شائعة العلاقة بين الإخوان وإيران في الماضي، للتشنيع على الجماعة وتشويه صورتها لدى الرأي العام.. الذي أثبت أنه أذكى وأنزه ممن يرددون تلك المزاعم، ولم تنطلِ عليه هذه الشائعات.. لكننا ما زلنا نجد من يردد هذه العبارات المستهلكة.. وللأسف؛ ممن يتصفون بالغيرة الإسلامية بين الصحفيين؟!.   وعلى افتراض حسن النية في من قال ذلك؛ فإنه قد ارتكب عدة مغالطات في قوله هذا دفعة واحدة.   لقد تجاهل حقائق التاريخ، التي عرفناها في السير وكتب التاريخ عن خلفاء المسلمين وحكامهم؛ منذ الخليفة الأول أبي بكر الصديق، وحتى آخر خليفة عثماني في القرن العشرين.. فلم نقرأ أن أحدهم ادَّعى لنفسه العصمة أو اعتبر نفسه فوق أحكام الشريعة، التي هي في وقتنا الراهن ممثلة بالدستور والقانون.   وتعامى عن تجارب أعضاء جماعة الإخوان في إدارة النقابات المهنية الذين فازوا بإدارتها عبر الانتخاب.. فلم نسمع أن أحدًا من أعضاء تلك النقابات- حتى من خصومهم ومنافسيهم- اتهمهم في إدارتهم، بأنهم يتلقون تعليماتهم من مكتب الإرشاد!.   كما أغفل بهذا الزعم؛ الدستور ومبادئه.. وتجاهل القانون وأحكامه.. وتغاضى عن الأجهزة والمؤسسات الرقابية والمحاسبية والقضائية، التي لها سلطاتها في مراقبة ومحاسبة الجهات التنفيذية في الدولة ومتابعة أدائها.. وافترض أن الحكومة التي سيشكلها الإخوان- إن هم شكلوها- ستعمل في فراغ مجرد من الدستور والقانون والمؤسسات.. وهذا قول يخالف المنطق والنزاهة والموضوعية المعروفة في التحليل والتفسير واستنباط  الأحكام!.   إن الفقه السياسي الإسلامي عند أهل السنة لا يعرف نظرية ولاية الفقيه.. فهي ترتبط لدى الشيعة بالعقيدة التي يخالفهم فيها أهل السنة والجماعة من الأساس.. ومن ثمَّ يصبح القياس بالحالة الإيرانية قياسٌ موجَّه، غير موضوعي لا يستند إلى دليل.. اللَّهم إلا الوهم الذي لا يزال يعشِّش في عقول أصحابه، من ضحايا الدعاية السوداء لأمن الدولة البائد.   فهل هي حرب معنوية لاغتيال حزب الإخوان المسلمين؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل