المحتوى الرئيسى

تقدير موقف:حول مآل الانقسام الفلسطيني بعد الثورات العربية

05/03 15:54

  المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية   تقدير موقف حول مآل الانقسام الفلسطيني بعد الثورات العربية وبعد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق إنهاء الانقسام   هاني المصري*     نيسان 2011   فهرست فهرست.......................................... 2 مقدمة، وملخص تنفيذي.................................................................. 3 ربيع الثورات العربية.................................................................... 4 ظواهر الوضع الفلسطيني................................................................ 5 الاستجابة الفلسطينية للثورات............................................................ 6 جذور الانقسام........................................7 مبادرات حركة فتح...................................................................... 8 دوافع ومخاوف حركة فتح.............................................................. 10 المخارج المطروحة من قبل حركة فتح.................................................. 11 المعادلة المطروحة على حماس......................................................... 13 دوافع ومخاوف حركة حماس........................................................... 15 الأسباب المُسهلة للوحدة................................................................. 17 عقبات متبقية ومقترحات حلول ..........................................................18 أسباب التوصل إلى اتفاق إنهاء الانقسام ..................................................22 سيناريوهات ما بعد الاتفاق ..............................................................24   مقدمـة أعدت هذه الورقة للنشر صباح 27/4/2011، قبل الإعلان عن توقيع اتفاق إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة بالأحرف الأولى بين ممثلين عن حركتي فتح وحماس، بمشاركة ممثلين عن وزارة الخارجية المصرية وجهاز المخابرات، ورغم أهمية هذا الاتفاق إلا أن حمايته وتطويره ضروريان من أجل تطبيقه بنجاح على أساس أن تطبيقه أصعب وأهم من الوصول إليه، ما اضطرنا إلى تأجيل النشر، وإضافة أقسام جديدة تتناول: الاتفاق، وأسباب توقيعه، وآفاق نجاحه، والسيناريوهات المتوقعة.   ملخّـص تنفيـذي إن نجاح الثورات العربية ووصول رياح التغيير إلى سوريا، وانتصار الثورة المصرية تحديدًا بسقوط نظام حسني مبارك، وقيام حكومة انتقالية من قبل المجلس العسكري الأعلى، وطرحها لسياسة مغايرة بشكل جذري للسياسة المصرية السابقة، خصوصًا من القضية الفلسطينية وكيفية حلها، وأسلوب التعامل مع الانقسام الفلسطيني وحصار قطاع غزة، هي كلمة السر التي أوصلت إلى اتفاق المصالحة، لأن مصر الجديدة اتخذت موقفًا متوازنًا وفاعلًا؛ فرض نفسه على الأطراف الفلسطينية المتنازعة، وخلق أجواءً إيجابيةً على صعيد العلاقات المصرية السورية التركية الإيرانية، ما ساعد على هذه النهاية السعيدة، التي تحتاج إلى إرادة حقيقية مصممة على الاستمرار والنجاح، وإلى يقظة شعبية فلسطينية تواصل الضغط حتى يتم فعلًا طي صفحة الانقسام السوداء، والتسلح بالوحدة باعتبارها ضرورة وطريقًا إجباريًا؛ لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال وإنجاز الحرية والعودة والاستقلال.   في موسم الربيع العربي، وبعد انتصار الثورة في تونس ومصر، وميلاد نظام سياسي جديد لم يتبلور بشكل نهائي حتى الآن، ولكن الاتجاه العام يشير إلى إننا أمام أنظمة ديمقراطية مختلفة كثيرًا عن نظامي حسني مبارك وزين العابدين.  ما يهمنا في الموضوع الذي نحن بصدده هنا، رؤية تأثير الثورات العربية على القضية الفلسطينية، خصوصًا في ظل طرح النظام المصري الجديد مواقف مختلفة من القضية الفلسطينية وعملية السلام والانقسام الفلسطيني، حيث أكد على أن القضية الفلسطينية قضية أمن قومي مصري، وأكد على أهمية البعد المصري والعربي، منتقدًا كذلك مسار المفاوضات الثنائية، وطالب بعقد مؤتمر دولي لتنفيذ القرارات الدولية وحل الصراع بدلًا عن إدارته.  وأكدت الحكومة المصرية التزامها أيضًا بضرورة إنهاء الانقسام بعيدًا عن شروط اللجنة الرباعية الدولية، ودون التعامل مع الورقة المصرية كورقة مقدسة، بل أبدت الاستعداد لفتحها والانفتاح على الملاحظات والرؤى التي تطرحها حركة حماس، وغيرها من القوى والشخصيات الوطنية المستقلة، وأخيرًا أبدى النظام المصري الجديد انفتاحًا لافتًا حول مشاركة الدول العربية والإقليمية، وذلك ليس من باب التخلي عن ملف إنهاء الانقسام، وإنما من موقع الثقة والإدراك بأنه لا يمكن أن يجد حلًا دون إشراك الأطراف المؤثرة، وبما يتناسب مع مرور مصر بمرحلة انتقالية حتى إجراء الاناتخابات الرئاسية والنيابية. ومن أجل أن تقوم مصر بدورها الفلسطيني بشكل فاعل أكثر من السابق، نقلت هذا الملف من جهاز المخابرات العامة لوحده؛ ليصبح ملفًا تتعاون فيه ثلاث جهات، هي: وزارة الخارجية، والمخابرات العامة، والمخابرات الحربية، وهذا يوفر فرصة لوضع طاقات مصر، وإمكانيات مؤسساتها المختلفة في اتجاه واحد منسجم. وعلى الرغم من أن مصر في مرحلة انتقالية حتى نهاية هذا العام، وهذا يؤثر على دورها وفاعليتها بشكل عام، وعلى الصعيد الفلسطيني بشكل خاص، وأن الثورات العربية أدت على المدى المباشر إلى انشغال الدول العربية بشؤونها الخاصة؛ إلا أن موجة الثورة العربية الكبرى التي تهب في المنطقة ستصب على المدى المتوسط والبعيد في مصلحة القضية الفلسطينية، لأنها تعني أن الشعوب العربية باتت تلعب دورًا هامًا في سياسة بلدانها الداخلية والخارجية، وهذا يعني أن الدول العربية مجتمعة ومتفرقة، يمكن أن تأخذ مكانتها اللائقة بها في العالم، أو على الأقل يمكن أن تلعب دورًا أحسن بكثير من الأدوار التي لعبتها في المرحلة التي لا تزال توشك على الانتهاء؛ مرحلة الاستبداد والتبعية والفساد والتفرقة العربية. إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف تعاملت القوى والفعاليات الفلسطينية بعد اندلاع الثورات العربية؟ وكيف من المفروض أن تستجيب لها، بحيث تغتنم الفرصة التاريخية التي تلوح في الأفق لإنجاز الوحدة ودرء الأخطار؟ حتى نجيب عن هذه الأسئلة، لا بد من الانطلاق من أن الثورات العربية اندلعت والوضع الفلسطيني في أضعف حالاته، ووذلك يظهر في الظواهر الآتية: v    الظاهرة الأولى: تظهر من خلال أن الانقسام يتعمق أفقيًا وعموديًا، حيث أصبح مؤسسيًا، وأوجد مصالح لأفراد وجماعات أصبحت مستعدة للدفاع عن بقائه وإدامته. v    الظاهرة الثانية: تظهر في وصول طريق المفاوضات الثنائية إلى حائط مسدود، جراء تعنت وتطرف الحكومة الإسرائيلية، وتراجع الإدارة الأميركية عن وعودها؛ ما يجعل لحظة الحقيقة تقترب عندما يحل أيلول القادم؛ لأنه لن يقود إلى قيام الدولة، ما يظهر أن نظرية بناء المؤسسات والتحسن الاقتصادي والأمني ودعم الصمود، والالتزام بعدم المقاومة، وتطبيق الالتزامات الفلسطينية في اتفاق أوسلو وخارطة الطريق من جانب واحد، ثم الانتقال إلى التركيز على المسار السياسي والدبلوماسي؛ لن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على الأرض، وإن أقصى ما يمكن أن يصل إليه، هو قرار دولي من الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاعتراف بهذه الدولة، ورد فعل إسرائيلي يمكن أن يصل إلى خطوات أحادية، من ضمنها إقامة دويلة ذات حدود مؤقتة على جزء من الضفة الغربية دون القدس ودون حل قضية اللاجئين أيضًا. v    الظاهرة الثالثة: تظهر في انشغال حماس في حماية سلطتها في قطاع غزة من الاعتداءات الإسرائيلية ومصادر تهديدها الداخلية المختلفة، وعدم نجاحها في الحصول على الاعتراف العربي والدولي بها، أو عدم نجاحها في إقامة سلطة مقاومة تقدم نموذجًا مختلفًا، بل ما وصلت إليه هو تعليق المقاومة حتى إشعار آخر، والانشغال بالحفاظ على على السلطة والسعي إلى تعميقها. إن الاستجابة الفلسطينية المطلوبة للمتغيرات والثورات العربية لم تكن بالمستوى المطلوب، وكان ولا يزال يمكن أن تتم من خلال: أولًا: تأكيد حماس قولًا وعملًا عن عدم تبنيها لفكرة إقامة كيان سياسي مستقل في قطاع غزة، كما يظهر ذلك من خلال التركيز على فتح معبر رفح، ورفع الحصار، وعدم إعطاء إنهاء الانقسام الأولوية التي يستحقها، وبناء سلطات أفقية وعمودية للسلطة في غزة بعيدًا عن المؤسسات الموحدة؛ ليكون القطاع قاعدة ارتكاز لتحرير الضفة الغربية وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة عندما يصبح الظرف مناسبًا أو مواتيًا، وإبداء الاستعداد للموافقة على برنامج سياسي ونضالي، يحتوي على بعدًا سياسيًا لحكومة الوحدة الوطنية، التي ستشكل بعد توقيع اتفاق وطني قادر على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، بعيدًا عن شروط اللجنة الرباعية الدولية، ولكن متسلحًا بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. إن الانفصال ما بين الضفة وغزة، والذي بدأ منذ النكبة عام 1948، حين فرضت مصر الوصاية على قطاع غزة، وضمَّ الأردن الضفة، ثم تواصل القطاع والضفة جغرافيًا واجتماعيًا وعلى مختلف المستويات بعد وقوعهما تحت الاحتلال الإسرائيلي علم 1967، إلى أنّ فرضت إسرائيل سياسة الفصل ما بين الضفة والقطاع، عشية اتفاق أوسلو ورفضت فتح الممر الآمن والحر المنصوص عليه في هذا الاتفاق، وصولًا إلى تطبيق خطة فك الارتباط عن قطاع غزة عام 2005، الذي أوجد ظروفًا مختلفة، بحيث أصبحت الضفة تعيش احتلالًا مباشرًا، وتتعرض إلى مخططات استيطانية وعنصرية، بينما أصبح يعاني القطاع من احتلال غير مباشر؛ عن طريق الحصار والعداون الذي يصل إلى في أحيان عديدة إلى: القصف، والتوغل، والاحتلال المباشر. إن الاعتراف الضروري بالانفصال بين الضفة والقطاع والانقسام بينهما لا يجب أن يعني اتخاذ خطوات وتدابير تكرس هذا الانقسام، أو التعايش معه، وإنما يفترض التعامل مع هذا الواقع وأخذه بالحسبان، والعمل من أجل تغييره وضمان تحقيق المستقبل السياسي المشترك للضفة والقطاع في كيان سياسي واحد. ثانيًا: أن تستجيب فتح ذهنيًا وعمليًا وتوافق على قيام نظام سياسي؛ يقوم على شراكة حقيقية يتسع لمشاركة حماس وغيرها، بعيدًا عن هيمنة فتح عليه، فالتغيرات التي حدثت في الخارطة السياسية الفلسطينية وأكدتها الانتخابات المحلية والتشرييعة، لا تسمح باستمرار انفراد حركة فتح بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة لوحدها. جـذور الانقسـام إن الانقسام السياسي والجغرافي له أسباب وجذور فلسطينية وعربية وإقليمية ودولية، وتلعب إسرائيل دورًا رئيسًا في وقوعه واستمراره؛ لما يقدمه لها من مزايا ضخمة. كما أن الانقسام يعود أيضًا إلى اختلاف البرامج السياسية والتحالفات العربية والإقليمية والدولية، ويرجع إلى الاختلافات الفكرية والأيديولوجية، على الرغم من حدوث تقارب سياسي ملموس منذ عام 2003 وحتى الآن، خصوصًا بعد موافقة حماس على برنامج الدولة الفلسطينية ومبدأ المفاوضات، واعتمادها التهدئة مع إسرائيل بعد انخراطها في النظام السياسي الفلسطيني كما ظهر في مشاركتها في الانتخابات المحلية والتشريعية وحصولها على الأغلبية، وتشكيلها حكومة منفردة سرعان ما سقطت لأنها لم تستطع الحكم بفعل الحصار والمقاطعة، ولأنها لم تكن مستعدة للحكم وغير قادرة عليه، ومن ثم شاركت في حكومة الوحدة الوطنية برئاستها، والتي ما لبثت هي الأخرى حتى سقطت لنفس الأسباب. لقد قامت السلطة على أساس اتفاق أوسلو وملحقاته، وهو يتضمن: الاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف والإرهاب، وتطبيق الالتزامات المترتبة عليه، خصوصًا التنسيق الأمني، ومن سيحكمها -أقصد السلطة- عليه أن يلتزم بذلك، أو ليختار مسارًا سياسيًا جديدًا، فلا يمكن – كما أثبتت التجربة- الجمع ما بين السلطة والمقاومة المسلحة، وبين رفض أوسلو والتزاماته والالتزام بالسلطة التي أنتجها أوسلو، على الرغم من الحديث عن العمل لتغييرها من الداخل، أو لجعلها سلطة مقاومة، أو على الأقل سلطة لا تطعن المقاومة من الخلف. فلا يمكن تغيير وظيفة السلطة إلا في سياق بلورة إستراتيجية فلسطينية جديدة قادرة على إعادة بناء وتجديد النظام السياسي الفلسطيني، وبالأخص منظمة التحرير الفلسطينية، التي تعتبر الكيان الوطني والمرجعية العليا والجسم الحاصل على الشرعية العربية والدولية، وإلا في سياق وضع عربي وإقليمي ودولي جديد، يسمح باعتماد مثل هذه الإستراتيجية. وهذا أمر بات مختلفًا بعد الثورات العربية التي تبشر بحال عربي جديد. لقد كانت الاستجابة الفلسطينية للثورات العربية ضعيفةً جدًا ومرتبكةً كما يظهر من خلال ما يلي: لقد قدمت حركة فتح والرئيس أبو مازن ورئيس الحكومة سلام فياض المبادرات الآتية: v    دعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير للتوجه إلى انتخابات رئاسية وتشريعية لإنهاء الانقسام، سرعان ما تم التراجع عنها؛ بتأكيد الرئيس أن الانتخابات غير ممكنة بدون مشاركة قطاع غزة. v    مبادرة من الدكتور سلام فياض في شباط 2011 لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تستند إلى وثيقة الأسرى وتُرَسِّمُ الالتزام المشترك بالهدنة مع إسرائيل، وتبقي الأمر كما هو عليه في الضفة الغربية وقطاع غزة، لحين نشوء قوة دفع جديدة، في محاولة لتحسين الفرص الفلسطينية لإنجاح استحقاق أيلول القادم، ووضع المجتمع الدولي بكل مكوناته أمام مسؤولياته؛ لتجنب حلول أيلول دون قيام الدولة، لأن السلطة روجت بأن ما بعد أيلول مختلف عما قبله اختلافًا جذريًا. v    مبادرة أطلقها الرئيس أبو مازن في افتتاح أعمال المجلس المركزي بتاريخ 16/3/2011، أعرب فيها عن استعداده لزيارة غزة إذا تمت الموافقة على تشكيل حكومة من المستقلين، والذهاب إلى إجراء انتخابات للمجلسين الوطني والتشريعي وانتخابات رئاسية متزامنة، وبدوره أقر المجلس المركزي مبادرة الرئيس، وجاء في قراره: "يؤكد المجلس المركزي تصميم شعبنا على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، ويعبر عن تأييده الكامل ومساندته لمبادرة الرئيس محمود عباس الذي يعتبر إعادة إعمار غزة أحد أهم بنودها، الأمر الذي يمكن تحقيقه من خلال إنجاز الوحدة الوطنية بناء على هذه المبادرة، كما ويعبر المجلس عن تأييده ومشاركته لشباب فلسطين الذين خرجوا يوم 15 آذار في الضفة والقطاع، منادين بصوت واحد الشعب يريد إنهاء الانقسام. وقرر المجلس اعتماد كافة الاتفاقات التي تم الإجماع عليها في الحوارات الفلسطينية، وتحديدًا وثيقة آذار 2005، ووثيقة الوفاق الوطني في حزيران 2006 وسائر القضايا التي تم الإجماع عليها في الورقة المصرية وما تلاها من تفاهمات حول الانتخابات وتشكيل لجنة الانتخابات المركزية ومحكمة الانتخابات، وما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية كما وردت في إعلان القاهرة والورقة المصرية، وكذلك تأجيل البت في القضايا العالقة لمزيد من الحوار في إطار تنفيذ الاتفافات الأخرى، وتشكيل لجنة خاصة من بين أعضائه تتجه للبحث فورا في تنفيذ هذه الاتفاقات مع كافة القوى المشاركة فيها". أما حركة حماس، فمن ناحيتها لم تقدم مبادرة متكاملة، رغم أن رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل أعلن أن حركته تعد مبادرة لإطلاقها، ومضت أشهر بدون إطلاقها مع تسريبات حولها تدل على أن حماس تؤيد الاتفاق على رزمة متكاملة، تشمل كافة القضايا، وتفضل البدء في منظمة التحرير الفلسطينية، وأخذت بعد الثورات العربية وانتصار الثورة المصرية وسقوط نظام حسني مبارك المعادي لها، والمرتبط بالشروط الأميركية – الإسرائيلية إزاء المصالحة الفلسطينية، يعطي أهمية للاتفاق على المرجعية العليا (المنظمة) والبرنامج السياسي النضالي. أكثر من السابق بشكل أوضح، حيث اكتفت حماس بتقديم ملاحظات على الورقة المصرية، وطالبت بالأخذ بها قبل التوقيع عليها. وقام إسماعيل هنية في 15 آذار بدعوة أبو مازن لزيارة قطاع غزة؛ من أجل استكمال الحوار لإنهاء الانقسام، واعتبرت هذه الدعوة محاولة من حماس للتجاوب أو لاحتواء التحرك الشبابي، وقطع الطريق على استمراره وتعاظمه، خصوصًا أنه استُخدِمَ من حركة فتح في سياق صراعها مع حماس، وليس كطريقة لإنهاء الانقسام. وإذا دققنا في المراهنات والمخاوف والعوامل التي تحكم حركة فتح والرئيس، من خلال تحليل المبادرات التي وافقت عليها أو طرحتها؛ نجد أن ما يحركها ما يلي: v    إن حركة فتح هي صاحبة التاريخ المجيد في المقاومة، وهي من أطلقت الرصاصة الأولى وقادت الحركة الوطنية ومنظمة التحرير والانتفاضتين الأولى والثانية، وجسدت الشرعية الفلسطينية سواء شرعية المنظمة أو شرعية السلطة، ولذلك تخشى من خسارة القيادة والشرعية، خصوصًا بعد أن فقدت ياسر عرفات زعيمها وزعيم الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفشلت في إستراتيجيتها السياسية، إستراتيجية اتفاق أوسلو والمفاوضات، ولم تنجح في النهوض بعد مؤتمرها الوطني السادس، وأصبحت في حالة تنازع على السلطة ليس بينها وبين حركة حماس فقط، وإنما مع سلام فياض والأفراد والفئات التي تدعمه، وما يحظى به من دعم خارجي مؤثر جدًا. فتح تعرف أن شرعية المنظمة باتت ضعيفة، إن لم نقل معدومة، بعد مرور سنوات طويلة بدون عقد المجلس الوطني، كما أن شرعية السلطة مفقودة كذلك بعد فشل المسار السياسي، وانتهاء المدة القانونية للرئيس وللمجلس التشريعي، وفي ظل الانقسام، وفي ضوء اقتراب أيلول بدون ضمان تحقيق وعده ولا الاستعداد لما بعده. v    على هذا الأساس، فإن حركة فتح تخشى من فقدان القيادة والشرعية، لذا تركز دائمًا على التمسك بالمسار السياسي الذي سارت عليه، رغم اعترافها بفشله؛ لأنها تخشى من خسارة الدعم السياسي والمالي، ومن عدم قدرتها على حمل مسار سياسي جديد، مسارًا سيؤدي حتمًا إلى مجابهة مع الاحتلال والولايات المتحدة الأميركية، لأن بنيتها ومصالحها ونفوذها واندماجها الكلي في السلطة يحد من قدرتها على شق مثل هذا المسار الجديد وتحمل أعباء المجابهة. في هذا السياق، ومنذ إعلان نتائج الانتخابات عام 2006، وعلى الرغم من اختلاف الظروف والمراحل من وجود المفاوضات أو توقفها، نرى أن فتح تطرح السياست أو المخارج الآتية: 1.    طرحت حركة فتح قبل وقف المفاوضات في أيلول الماضي ضرورة الحصول على تفويض يسمح للرئيس وللجنة التنفيذية بالتفاوض، كما هو وارد في وثيقة الأسرى، وترفض أية مصالحة يمكن أن تغلق الطريق أمام المسار السياسي، رغم اعترافها بوصوله إلى طريق مسدود. 2.     ركزت فتح على اللجوء إلى الانتخابات المبكرة أو اللجوء إلى الانتخابات بأسرع وقت ممكن، بعد انتهاء الفترة القانونية للرئيس وللمجلس التشريعي، حتى تجدد الشرعية للسلطة وللرئيس. 3.    طرحت فتح تشكيل حكومة وحدة وطنية أثناء الحوار الوطني في القاهرة، تلتزم بشروط اللجنة الرباعية الدولية؛ حتى تفك الحصار عن غزة ولا تتعرض للحصار، وعندما عارضت حماس ذلك، وافقت على تشكيل لجنة فصائلية تدير واقع الانقسام لحين إجراء الانتخابات. 4.    طرحت فكرة حكومة مستقلين أو تكنوقراط؛ لتجنب مسألة البرنامج السياسي، لأن حكومة المستقلين ستتبنى بشكل مباشر أو غير مباشر برنامج الرئيس، ولن تكون معرضة للحصار والمقاطعة الدوليين مثل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حماس. فحكومة المستقلين ستقوم على إنهاء الانقسام أو إدارته لحين إجراء الانتخابات. فمن الملاحظ أن مبادرة سلام فياض ومبادرة الرئيس تضمنتا الإبقاء على سيطرة حماس الأمنية على قطاع غزة لحين إجراء الانتخابات، ما يعني أن السلطة باتت مستعدة لدفع ثمن مقابل إنهاء الانقسام أو الإيحاء بإنهائه، لكي ترى ما تحصل عليه في أيلول القادم، وتحدد بعد ذلك التوجهات المقبلة إزاء الوحدة الوطنية. 5.    أصرت فتح دائمًا على التمييز ما بين الوضع الأمني في الضفة الغربية وقطاع غزة، لأنها تعتقد أن القطاع تحت حكم حركة تمردت على الشرعية، والمطلوب استعادة الشرعية؛ لذا تشدد حركة فتح على إعادة بناء الأجهزة الأمنية وعودتها إلى قطاع غزة، بينما لم تشهد الضفة الغربية انقلابًا على الشرعية، وقطعت الأجهزة الأمنية شوطًا واسعًا على طريق إعادة تشكيلها، بحيث أصبحت مهنية وفرضت نوعًا من الأمن الداخلي الذي تشيد به إسرائيل والمجتمع الدولي بأطرافه المختلفة. 6.    طرحت فتح دائمًا اللجوء إلى الانتخابات والاحتكام إلى الشعب، لأنها تعتقد أن حماس ستخسرها؛ جراء ترجيح أن حماس ستدفع ثمن الحصار والدمار والجوع الذي عاناه القطاع، وتعليقها للمقاومة ومساسها بالحريات والحقوق، وعدم إطلاق سراح الأسرى، وعدم إعادة الإعمار 7.    لا تتحمس حركة فتح لإجراء إصلاح وتطوير أو إعادة تشكيل لمنظمة التحرير لعدة أسباب، أهمها: أولًا: لأن إصلاح وتطوير المنظمة، حتى بدون مشاركة حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية، مرفوض عربيًا ودوليًا وإسرائيليًا، لأنه سيعقد المسار السياسي والمفاوضات، فالمنظمة الفاعلة سيكون موقفها أقوى ومطالبها أشد، ما يصعب إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام نهائي ومن إمكانية الاستمرار في مسار المفاوضات، وفقًا للشروط والكيفية والمرجعية التي اعتمدت سابقًا، والتي لم ولن تؤدي إلى اتفاق عادل أو متوازن، وإنما إلى عدم الاتفاق والتفاوض بلا نهاية، أو إلى اتفاق انتقالي جديد مثلما حدث في اتفاق أوسلو وملحقاته، وصولًا إلى خارطة الطريق ومؤتمر أنابوليس، والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في مرحلة حكومة أولمرت- ليفني، التي استهدفت إضاعة الوقت، والتغطية على ما تقوم به إسرائيل من خلق حقائق احتلالية، وقطع الطريق على الجهود والمبادرات العربية والدولية، والتقدم على طريق كي الوعي الفلسطيني ودفع الفلسطينيين لقبول أحد صيغ الحل الإسرائيلي، أو التعايش معها على الأقل. ثانيًا: إن إعادة تشكيل منظمة التحرير بمشاركة جميع القوى السياسية الفلسطينية، يعني أن قيادة فتح للمنظمة ستنتهي، حيث ستكون المنظمة تشاركية، وعبارة عن جبهة وطنية متحدة، تشارك فيها فتح وحماس وغيرها من الفصائل والمنظمات الشعبية والشخصيات الوطنية، وهذا يطرح إعادة الاعتبار للميثاق الوطني بعد تعديله بما يتناسب مع التطورات والمتغيرات والخبرات والتجارب المستفادة، وبما يتجاوز عملية إلغاء أو تعديل الميثاق لتسهيل التوصل إلى اتفاق سلام. كما أن دخول منظمة التحرير من قبل فصائل مصنفة تحت "قائمة الإرهاب"، وبدون أن تعترف بشروط الرباعية الدولية، ما يمكن أن يؤدي إلى عقوبات أميركية، يمكن أن تصل إلى سحب الاعتراف بالمنظمة، وقد تتعرض لحصار ومقاطعة دوليين. ثالثًا: إن المنظمة آخر وأهم المؤسسات التي لا تزال تقودها فتح، ولا يمكن أن تفرط بها طواعية، إلا إذا خسرت انتخابات المجلس الوطني، أو إذا سُحِبت الشرعية عن قيادتها الحالية عبر انتفاضة شعبية أو تحرك شعبي قوي؛ ينزع الشرعية عن قيادة فتح للمنظمة. تأسيسًا على ما سبق، فإن ما تطرحه حركة فتح على حماس يمكن اختصاره بالمعادلة التالية: على حماس التخلي عن غزة؛ أو القبول بمشاركة فتح في السلطة فيها؛ أو القبول بالمشاركة في السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة كأقلية، وضمن برنامج فتح السياسي المعتمد، بحيث لا تستطيع ولا يسمح لها أن تحكم، مع احتفاظ حركة فتح بدورها القيادي المهيمن؛ أو القبول بنوع من التقاسم، بحيث تبقى غزة في يد حماس مقابل المشاركة عبر نوع من المصالحة الشكلية، عبرت عن نفسها تارة بقبول فكرة ما جاء في الورقة المصرية حول تشكيل لجنة فصائلية مشتركة من ممثلين عن حركتي فتح وحماس بصورة أساسية، مع استمرار حكومتي الضفة وغزة خلال الفترة الانتقالية، إلا أنها فترة كانت مرشحة للاستمرار طويلًا رغم الاتفاق على عقد الانتخابات خلال فترة ستة أشهر أو عام كحد أقصى؛ أو على حماس أن تقبل بالاحتكام إلى الشعب عبر إجراء الانتخابات خلال ستة أشهر، في ظل تقديرات ترجح خسارة حماس لهذه الانتخابات، لكي تخرج من البوابة التي دخلت منها، أي صناديق الاقتراع. لكن فتح رغم مخاوفها المشروعة وغيرالمشروعة من الوحدة، والتي أدت إلى عدم مبادرتها بشكل جدي لإنهاء الانقسام، إلا أنها تدرك أهمية الوحدة حتى تستطيع تحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية، وتخشى من خطورة ذهاب حماس بعيدًا في خطة بناء كيان سياسي مستقل في قطاع غزة، يلتقي موضوعيًا مع الخطة الإسرائيلية القديمة الجديدة، الرامية إلى رمي قطاع غزة في حضن مصر، وإنهاء المستقبل السياسي المشترك للضفة والقطاع في سياق الخطة الإسرائيلية الأشمل الرامية إلى تجزئة القضية الفلسطينية إلى أجزاء، والأجزاء إلى تفاصيل، من خلال الفصل الكامل ما بين الضفة وغزة، بعدما أدى أوسلو إلى فصل الأراضي المحتلة عام 1967 عن الأراضي المحتلة عام 1948، وإلى الفصل ما بين الفلسطينيين داخل الوطن المحتل وخارجه في الشتات. وأخيرًا، راهنت حركة فتح موضوعيًا على الحصار الطويل لقطاع غزة، وما خلفه العدوان الإسرائيلي من موت ودمار وخسائر، وعلى الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الغَزِّيّ الذي تغير، حيث حل محل الاقتصاد الطبيعي اقتصاد الأنفاق، إضافة إلى عدم الشروع في إعادة الإعمار، وعدم الاعتراف العربي والدولي بحماس وسلطتها، وكذلك ما يشهده قطاع غزة من أشكال من المعارضة المتزايدة لسلطة حماس، سواء من جماعات سلفية متطرفة أكثر تشددًا من حماس، أو من حركة فتح وغيرها من فصائل منظمة التحرير، أو من بداية لتحركات شبابية وشعبية دعت إلى إنهاء الانقسام. كما تزايدت حالة الرفض للسياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المقالة بخصوص الحقوق والحريات، والقيود على الممارسات الشخصية، ومحاولة أسلمة المجتمع، ولا تزال حركة فتح تراهن على ما سبق من أجل ترجيح كفتها على حساب حركة حماس، وتحقيق الوحدة على هذا الطريق، وزاد في رهانها امتداد نار الثورة العربية إلى عدد من دول الممانعة المتحالفة مع حماس، وخصوصًا سوريا، الذي يعتبر نظامها حليفًا قويًا لحماس، وهي مقر لإقامة قيادتها. إن التحرك الواسع نسبيًا في 15 آذار الماضي، والقمع الشديد التي استخدمته حماس ضده، جعل فتح تراهن أكثر على تصاعد التحركات الشعبية ضد سلطة حماس. في وقت كشفت فيه التطورات في مصر أن النظام المصري الجديد ليس مع حماس، وإنما يتخذ موقفًا متوازنًا من الفرقاء الفلسطينيين، وليس منحازًا كما النظام السابق، ما أسقط مراهنة حماس أو بعض أوساطها، عن أن المياه ستصب في طاحونتها بعد انتصار ثورة مصر ولو بعد حين. إن ما سيحدث بعد الانتخابات النيابية والرئاسية المصرية، أمر في رحم المجهول، ولا يصح لطرف أن يبني سياسته على المجهول، ولكن المستقبل يولد من رحم الحاضر.     حركـة حمـاس وإذا انتقلنا إلى حركة حماس، نلاحظ أنها سيطرت على السلطة في غزة، وتمضي قدمًا في تعميق سلطتها، وتسعى للحصول على دعمها والاعتراف العربي والدولي بها، وأعطت الأولوية لهذا الأمر على أي شي آخر. ودعت حماس وركزت بعد انتصار الثورة المصرية على فتح معبر رفح، وتحويله إلى معبر تجاري، وليس لمرور الأفراد فقط، وحاولت أن تزيد الروابط بين مصر وقطاع غزة من خلال فتح ممثلية مصرية في القطاع، أو على صعيد ربط الكهرباء مع مصر وغير ذلك؛ ما يعزز قطاع غزة ككيان مستقل، سواء بقصد أو بدون قصد. ومع الإدارك أن حركة حماس لا تريد إقامة كيان مستقل في غزة طواعية، كما تؤكد باستمرار خصوصًا بعد إدراكها أن هذا مرفوضًا في زمن نظام حسني مبارك، وكذلك بعد سقوطه وانتصار الثورة المصرية، ولكن سياستها ساعدت على هذا المصير، فهي تصدت بالحسم العسكري كما تقول لمؤامرة نفذت ضدها، ولكنها لم تكتف بالقضاء على المتآمرين، بل سيطرت على قطاع غزة، واستولت على كافة مقرات السلطة بما فيها مقر الرئيس، ولم توافق على عودة السلطة، وإنما وظفت سيطرتها على غزة للتعامل معه على الأمد الطويل كقاعدة ارتكاز تستخدم للسيطرة في الوقت المناسب على السلطة في الضفة الغربية وعلى منظمة التحرير. ومن الملاحظ أن حماس تخشى الانتخابات سواء عندما كانت تطرح مبكرًا قبل انتهاء الفترة القانونية للمجلس التشريعي، أو التي تعقد بسرعة خلال أشهر قليلة من توقيع الاتفاق لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة؛ لأنها تعاني في غزة من الحصار والعدوان والتجويع، كما تعاني في الضفة الغربية من حملة ممنهجة لتصفية بنيتها التحتية وعناصرها وقاعدتها الجماهيرية، وتتعرض لحملتين مترافقتين من الاحتلال والسلطة، حيث إن الانتخابات السريعة لا تسمح لها بالإعداد المناسب للحملة والانتخابات والمرشحين، وسيكون الناخب في ذهنه العقاب العام والفردي الذي تعرض له سابقًا، ويمكن أن يتعرض له لاحقًا إن انتخب حماس مرة أخرى، خصوصًا إذا جرت الانتخابات بدون اتفاق وطني عام، وإذا كانت تنافسية إلى أقصى حد، ما يتعارض مع ضرورة الاتفاق على القواسم المشتركة والتنافس في إطار الوحدة. في ظل هذا الواقع، لا تبدو حماس في عجلة من أمرها لإنهاء الانقسام، وإنما تُؤثِر الانتظار حتى يتم إعادة الإعمار ورفع الحصار وإتمام صفقة تبادل الأسرى، وحتى تتغير الظروف العربية والدولية أكثر، ما يسمح لها بعقد اتفاق وحدة بشروط أفضل لها. فكما قال أحد قادة حماس: "غزة في اليد، خير من عشرة عصافير على الشجرة في الضفة"، فمطلوب من حماس التنازل عن غزة، أو السماح لفتح بالمشاركة معها دون السماح لها بالمشاركة في الضفة أو المنظمة. إن حماس تدرك إن مشاركتها في الضفة ليست في يد فتح لوحدها، وإنما هي بحاجة إلى قرار إسرائيلي- أميركي ودولي، وهذا مستبعد ما لم توافق حماس على شروط إسرائيل التي أصبحت تسمى شروطًا دولية، أو ما لم تتغير الشروط وموازين القوى المحلية والمحيطة. إن حماس تريد المحافظة على ما لديها، ولا تريد الخسارة، وهي بانتظار ما سيحدث، وتراهن على فشل المسار السياسي الذي اعتمدته المنظمة والسلطة، وعلى عدم نهوض حركة فتح، والصراعات ما بينها وبين سلام فياض، واستمرار العدوان والتوسع الاستيطاني، وتهويد وأسرلة القدس واستكمال بناء جدار الضم والتوسع العنصري، وتقطيع أوصال الضفة، مع عدم وجود مسار سياسي جديد لدى خصمها الرئيسي، ما يجعل الضفة ستقع في حضنها ولو طال الزمن. إضافة إلى كل ما تقدم، تُراهن حماس على إمكانية اندلاع انتفاضة شعبية ثالثة، يمكن أن تستهدف السلطة، التي تنسق أمنيًا مع الاحتلال، وتمنع المقاومة الشعبية ضده في المدن التي تقع تحت سيطرتها، وتقوم بانتهاكات واسعة للحقوق والحريات، أدت إلى تزايد المعارضة ضدها؛ ما يهدد بانهيارها وعودة الفوضى والفلتان الأمني، خصوصًا إذا مر استحقاق أيلول بدون إنجاز سياسي على الأرض، وبدون إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية. إذا كان هناك سابقًا ما تخشاه حماس كثيرًا في ظل عداء نظام حسني مبارك الصريح جدًا لها، وخصوصًا أنه كان الراعي للمصالحة الوطنية، والطرف الذي سيشرف على تطبيقها على إعادة تشكيل وبناء الأجهزة الأمنية، ومع ذلك لم تقبل بالورقة المصرية، فكيف ستقبل بها الآن بعد أن تراجعت مخاوفها، وحل محلها آمال عريضة مبالغ فيها، تستند إلى أن الوضع العربي تغير أو سيتغير بشكل جذري لصالحها، في ظل التأثير الواضح لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وغيرها من البلدان العربية، وإمكانية أن تتبوأ مواقع مؤثرة في الحكومات القادمة في أكثر من بلد عربي. إن هناك تغيرًا هامًا حدث في تونس مصر ومرشح للحدوث في بلدان عربية أخرى، ويمكن أن يصب لصالح حركة حماس، ولكن دون مبالغة، فسياسات الدول مثل مصر لا يمكن أن تتغير جذريًا باختلاف الحكام والحكومات، خصوصًا أن مصر يحكمها حتى الآن مؤسسة الجيش، وجهاز المخابرات فيها حافظ على دوره، وأعلنت القيادات الجديدة في الجيش والحكومة أنها متمسكة بمعاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية، وعبرت عن مواقف تشير إلى أن الأمور لن تنقلب جذريًا في مصر، على الأقل في المدى المنظور وخلال السنوات القليلة القادمة. إن حماس تخشى كذلك من ضربة عسكرية إسرائيلية، تحاول إسرائيل من خلالها استباق تداعيات الثورات العربية، وخلق أمر واقع احتلالي يفرض نفسه على هذه الثورات، ومن احتمال انتفاضة شعبية ضد سلطتها في غزة، ومن خسران مقر قيادتها وحليفها السوري، ولديها آمال عريضة بانهيار المفاوضات وخصمها الرئيسي، وتغير الأحوال العربية بشكل جذري. تأسيسًا على ما تقدم ذكره، فإن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة ليس مهمة سهلة، لأن كل طرف متمسك بتحقيق مصالحه وبرنامجه الخاص به، ويراهن على هزيمة أو انهيار الطرف الآخر، ولكنّ الوحدة الآن أصبحت أقل صعوبة للأسباب الآتية: 1)    تغير الظروف الموضوعية والعوامل الإقليمية والدولية، فمن الملاحظ أن الظروف الموضوعية باتت أفضل بحكم انشغال الدول العربية والعالم بالثورات، والتحسب لتداعياتها، وتراجع التمسك بشروط اللجنة الرباعية الدولية، والتزام أي حكومة وحدة أو وفاق وطني قادمة بها، فعلى لم تعد هذه الشروط مطروحة بنفس القوة. 2)    تبلور معادلة مناسبة للحل، تقوم على قاعدة خروج الجميع منتصرين، أي على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب"، تستند إلى ما تم الاتفاق عليه سابقًا وإمكانية الاتفاق على ما تبقى من قضايا قليلة هامة. 3)    وجود حاضنة قوية راعية وفاعلة تمثلها مصر حاليًا، التي انتقلت من طرف منحاز ومتبنٍ للشروط الأميركية والإسرائيلية، إلى لعب دور فاعل متوازن، يتناسب مع دورها ومكانها الطبيعي كدولة قائدة في المنطقة العربية.   عقبـات متبقيـة.. ومقترحـات حلـول   أولًا: منظمة التحرير الفلسطينية. تم الاتفاق في حوارات القاهرة وفي الحوارات الثنائية بين فتح وحماس على أن الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، الذي سيبدأ العمل من لحظة التوقيع على اتفاق إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وينتهي بإجراء الانتخابات للمجلس الوطني، واختيار أعضاء المجلسين الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية؛ يجب أن تكون قراراته غير قابلة للتعطيل، بما لا يتعارض مع صلاحيات مؤسسات منظمة التحرير. المشكلة الأولى: إن عبارة "قراراته غير قابلة للتعطيل" تتعارض مع عبارة "صلاحيات مؤسسات منظمة التحرير"، بحيث ينشأ ازدواج في الصلاحيات وتضارب في القرارات خلال المرحلة الانتقالية. الحل: تحديد صلاحيات الإطار القيادي المؤقت بدقة، بحيث تكون قراراته في إطار صلاحياته نافذة وغير قابلة للتعطيل، بينما صلاحيات مؤسسات منظمة التحرير تحترم وتمارس عملها كالمعتاد في بقية القضايا، لحين إعادة تشكيل المنظمة بعد الانتخابات. المشكلة الثانية: إن مشاركة حماس والجهاد الإسلامي في منظمة التحرير؛ يمكن أن يؤدي إلى إجراءات دولية، أو من بعض الدول خصوصًا الولايات المتحدة الأميركية، يمكن أن تمس بالاعتراف بمنظمة التحرير والمكتسبات التي حققتها، وبالدور السياسي الذي قامت به. الحل: يجب الاتفاق على إستراتيجية عمل تحدد الموقف الفلسطيني إزاء التحديات والمخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية، وكيفية التقدم على طريق تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية، ولا بد أن تستند هذه الإستراتيجية إلى القواسم الوطنية المشتركة (ركائز المصلحة الوطنية العليا)، وقواعد العمل وأشكال النضال الأساسية.   ثانيًا: الحكومة. تم الاتفاق في حوارات القاهرة على ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني، يمكن أن تكون حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الفصائل، أو حكومة وفاق وطني يشارك فيها المستقلون والتكنوقراط. المشكلة: إن تشكيل حكومة وحدة وطنية يفترض أن يستند إلى برنامج سياسي، والبرنامج السياسي مختلف عليه، بين من يطالب باعتماد شروط اللجنة الرباعية، وبين من يريد التحرر منها واعتماد برنامج المقاومة. الحل: أ‌-     إن حل هذه المشكلة يتطلب انطلاق برنامج الحكومة من الالتزام بالحقوق والأهداف الوطنية: (حق العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس)، بالاستناد إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة؛ حتى تستطيع هذه الحكومة التحليق عربيًا وإقليميًا ودوليًا. وهذا حل قد يستطيع الحصول على دعم العرب والأمم المتحدة وأوروبا وبقية دول العالم، بدون أن يحصل على التأييد، خصوصًا في البداية، من الولايات المتحدة الأميركية. ب‌- اعتماد شروط اللجنة الرباعية الدولية صعب جدًا، إن لم يكن مستحيلًا، لأن حماس ليس من المحتمل أن توافق على الاعتراف بإسرائيل أو حقها في الوجود، وأن تلتزم بتطبيق الالتزامات الواردة في الاتفاقات الموقعة ما بين إسرائيل والمنظمة، وأقصى ما يمكن أن توافق عليه حماس ما وافقت عليه سابقًا من احترام للاتفاقات، وتطبيق تهدئة تضمن تطبيق مفهوم أمني مشترك، بحيث تكون ممارسة المقاومة ضمن مرجعية وطنية وتوافق وطني، بما ينسجم مع القانون الدولي الإنساني، ودون استهداف المدنيين. ج- إن تشكيل الحكومة من المستقلين (بتوافق وطني) دون الاستناد إلى برنامج سياسي، وهذا يقدم حلًا شكليًا، لأنه يعني أن برنامجها سيكون برنامج الرئيس، أو أن هذه الحكومة ستكون لها مهمات محددة، وهي: إعمار غزة، والمصالحة، وتوحيد المؤسسات، والتحضير والإشراف على إجراء الانتخابات. المشكلة إن مثل هذه الحكومة يصعب أن توافق عليها حماس، وإذا وافقت عليها ستكون معرضة للفشل، لأنها يمكن أن تتعرض للمقاطعة والحصار الدوليين، ويمكن أن تتعقد المسألة خصوصًا إذا لم يتم الذهاب إلى انتخابات لأسباب فلسطينية أو جراء معارضة إسرائيل. إن البرنامج السياسي ضروري لأي حكومة، حتى لو كانت مؤقتة؛ بحيث تستند إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها بعيدًا عن شروط اللجنة الرباعية الظالمة، حتى لا تتعرض للمقاطعة والحصار.   ثالثًا: الأمن. إن الاتفاق على إعادة تشكيل وبناء الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة على أساس عقيدة وطنية، وعلى أسس مهنية بعيدًا عن الحزبية على أهميته لا يحل لوحده المشكلة. المشكلة: الضفة الغربية لا تزال محتلة، وإسرائيل سترفض أي مشاركة لحماس أو غيرها من الفصائل المقاومة للاحتلال والمصنفة ضمن قائمة الإرهاب في قيادة أو تشكيلات الأجهزة الأمنية، ويمكن أن تمنع عملها السياسي والجماهيري العلني كذلك. الحل: ضرورة التمييز ما بين الوضع وكيفية التعامل مع الأمن في الضفة الغربية وقطاع غزة، نظرًا للاختلاف بينهما الناجم أساسًا عن إعادة انتشار قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بحيث لم يعد الاحتلال موجودًا داخل القطاع بشكل مباشر، بل يقوم بمحاصرته والاعتداء المتواصل عليه. وهذا يقتضي الاتفاق على سياسات وتشكيلات أمنية مختلفة، ولكن على أساس مشترك يضمن أن تكون الأجهزة الأمنية مهنية وغير فصائلية تخضع لسيادة القانون. كما يمكن الاتفاق على أعضاء اللجنة الأمنية العليا بالتوافق، ويتم إصدارها بمرسوم رئاسي.   رابعًا: لجنة الانتخابات المركزية، ومحكمة الانتخابات. المشكلة: إن الرئيس وفتح يريدون تشكيل لجنة الانتخابات ومحكمة الانتخابات بالتشاور، بينما حماس تطالب بأن يكون ذلك بالتوافق الوطني. الحل: يمكن أن يتم تشكيل لجنة ومحكمة الانتخابات بالصيغة التي اتفق عليها وفدي فتح وحماس في لقائهما في دمشق في شهر أيلول الماضي، والتي جاء فيها أن الحركتين والفصائل الأخرى يتفقون على أسماء أعضاء لجنة الانتخابات ومحكمة الانتخابات، مع مراعاة الطبيعة الخاصة القانونية بمحكمة الانتخابات، ويقوم الرئيس بإصدار مراسيم لتشكيلها، عبر تجاوز الخلاف ما بين التشاور والتوافق.         أسباب التوصل إلى اتفاق إنهاء الانقسام أولًا: يُعد اندلاع الثورات العربية، وانتصار الثورة المصرية تحديدًا، العامل الأساسي الذي أدى إلى توقيع اتفاق إنهاء الانقسام؛ لأن القيادة المصرية الجديدة، خلافًا للتوقعات، أعطت أولوية، ولعبت دورًا فاعلًا في رعاية الحوار الفلسطيني، وما ساعدها على النجاح أنها اتخذت موقفًا فاعلًا ومتوازنًا وضاغطًا على الطرفين المتنازعين، انطلاقًا من أن قناعتها بأن القضية الفلسطينية مسألة أمن قومي مصري، وضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة، والسعي لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس مغاير عن مسار المفاوضات الثنائية الذي وصل إلى طريق مسدود، وذلك عبر الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي يسعى إلى حل الصراع وليس إلى إدارته، ويهدف إلى تنفيذ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وليس التفاوض حولها. إن الاتفاق بات ممكنًا بعد فتح القيادة المصرية صفحة جديدة في علاقاتها مع مختلف البلدان العربية والإقلييمة والدولية، خصوصًا مع سوريا وتركيا وإيران، ما أزال أو خفف من التأثير السلبي لهذه البلدان على احتمالات الاتفاق الفلسطيني- الفلسطيني. كما أن الثورات العربية تدل على تراجع الدور الأميركي في المنطقة، رغم محاولة الإدارة والأميركية الحثيثة لاحتواء هذه الثورات، كما أن أحد انعكاساتها انشغال الولايات المتحدة والأطراف المؤثرة على القرار الدولي، بما يجري في المنطقة من تغيرات، وعدم قدرتها على وضع شروط اللجنة الرباعية الظالمة كشرط للتعامل مع أي حكومة فلسطينية قادمة. إن المتغيرات يمكن أن تسمح بوجود حكومة لا تتعرض إلى مقاطعة دولية شاملة، وإنما إلى مقاطعة إسرائيلية وأميركية، يمكن أن تتحول بسرعة إلى مقاطعة إسرائيلية فقط، خصوصًا إذا اعتمدت الحكومة الانتقالية الفلسطينية في برنامجها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها. ثانيًا: وصول أطراف النزاع الفلسطيني إلى مآزق مرشحة للتفاقم خلال الِأشهر القادمة. فالرئيس أبو مازن وحركة فتح في وضع صعب جدًا بعد الاستمرار في جمود المسار السياسي، وعدم نجاح الإدارة الأميركية في إقناع إسرائيل بتقديم ما من شأنه لاستئناف المفاوضات، وانتقالها للضغط على الفلسطينيين بدلًا من الضغط على إسرائيل، ما دفع أبو مازن إلى الإعراب عن خيبة أمله وقوله بأن أوباما صعد معه إلى رأس الشجرة ثم نزل لوحده وسحب السلم وأبقاه لوحده هناك. وساهم نشر وثائق الجزيرة، واقتراب استحقاق أيلول بالتوصل إلى الاتفاق، خصوصًا مع عدم توفر ضمان يتحمل فيه المجتمع الدولي لمسؤولياته. فأقصى ما يمكن أن يحدث حتى أيلول، هو أن تصدر اللجنة الرباعية الدولية بيانًا لا يلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، أو لا توافق عليه إسرائيل كأساس لاستئناف المفاوضات، أو أن تصدر الجمعية العامة قرارًا بالاعتراف بدولة فلسطينية، قرار على أهميته لا يغير الواقع على الأرض، وقد يفتح مجابهة سياسية مع الإدارة الأميركية، ومجابهة مع إسرائيل بعد تهديدها باتخاذ خطوات متعددة أحادية وعقابية ضد الفلسطينيين، في حال ساروا في اتجاه الاعتراف بدولة من جانب واحد. ثانيًا: إن حركة حماس التي توقعت أن الثورات العربية، وتحديدًا الثورة المصرية، ستصب في صالحها تمامًا، تقاجأت بأن مصر اتخذت موقفًا متوازنًا يضغط على الطرفين، ولن تكون قادرة على رفع الحصار عن قطاع غزة بشكل جذري ما لم تتحقق المصالحة الوطنية، كما أن حماس تخشى من عواقب وصول رياح التغيير إلى سوريا، وخصوصًا أنها في وضع لا تحسد عليه، وذلك ضمن ثلاث جهات: من جهة أولى: لا تعرف إلى أين ستنتهي الأمور في سوريا، وهل سيتم تغيير النظام السوري أم لا؟ وما هو موقف القيادة الجديدة من استمرار التحالف مع حماس، ومن تواجد قيادتها في العاصمة السورية دمشق.  ومن جهة ثانية: إذا استمر النظام الحالي، فماذا سيكون موقفه من العلاقة معها، خصوصًا في ظل الموقف الحذر الذي اتخذته حماس من الأحداث في سوريا، حيث حاولت أن تمسك العصا من النصف، بحيث أيدت النظام وسياساته الخارجية ودعمه للمقاومة خصوصًا في لبنان وفلسطين، وأيدت في الوقت ذاته المطالب المشروعة للشعب السوري. وما يزيد الموقف تعقيدًا على حماس أن حلفاءها في قطر وجماعة الإخوان المسلمين تقفان موقفًا معارضًا للنظام السوري وتؤيدان الثورة، ما جعلها في موقف حسّاس، ومحل انتقاد في وسائل الإعلام السورية. ومن جهة ثالثة: تخشى حماس أن تحاول إسرئيل استباق تداعيات الثورات العربية، بشن عدوان حاسم على غزة؛ لفرض أمر واقع يفرض نفسه، خصوصًا على النظام المصري الجديد. صحيح أن العدوان الإسرائيلي ليس سهلًا، ويمكن أن يكون له عواقب غير مسبوقة على إسرائيل، خصوصًا بعد الثورات العربية، ولكن لا يمكن إسقاطه من الحسبان في ظل تعنت وتطرف الحكومة الإسرائيلية، والميل الكاسح في إسرائيل نحو الاتجاهات اليمينية والعنصرية. ثالثًا: إن فلسطين لا يمكن أن تبقى بعيدة وبمنأى عن التأثر برياح الثورة والتغيير، خصوصًا في ظل تآكل شرعية المؤسسات الفلسطيينة كافة، سواء مؤسسات المنظمة أو مؤسسات السلطة بعد انتهاء الفترة القانونية للرئيس وللمجلس التشريعي، ومع استمرار الاحتلال والاستيطان والعدوان وتقطيع الأوصال والحصار والجدار، والجمود في العملية السياسية؛ بدليل التحركات السياسية والشبابية والشعبية التي بدأت تتعاظم في 15 آذار، ومرشحة للتصاعد خصوصًا في 15 أيار و5 حزيران ومع قدوم أسطول الحرية 2، وصولًا إلى انتفاضة شعبية تكون موجهة ليس ضد الاحتلال فقط، وإنما ضد الانق

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل