المحتوى الرئيسى

الاقتسام ليس السبيل الأنجع لإنهاء الانقسام بقلم دكتور سعيد عياد

05/02 19:23

الاقتسام ليس السبيل الأنجع لإنهاء الانقسام بقلم / دكتور سعيد عياد من المهم أن يبقى المرء متفائلا لمواجهة أحداث خطيرة ، ليتجاوزها نحو قادم أفضل مغاير، وخاصة إذا كانت تلك الأحداث قد استوطنت ردحا من الزمن داخل الذات الجمعية تفعل فعلها التدميري على قاعدة معالجة الضرر بضرر أكبر.ولكن التفاؤل قد لا يكون حقيقيا إذا لم تكن معالجة ما وقع لا تتجاوز ترحيل الضرر إلى الأمام، إما بصفقة سياسية فرضتها شروط موضوعية راهنة خارجية على الأطراف المسببة للضرر، وفي مقدمتها التغيير التدريجي داخل الأنظمة في المنطقة العربية والذي حتما له تأثيره السياسي على المنظومة السياسية الفلسطينية بكلياتها وبدرجات متفاوتة، ولكن أعقدها ما يجري في سوريا حيث تقيم بعض الفصائل الفلسطينية، التي قد يفرض عليها تطور الأحداث البحث عن بديل غير الجغرافية السورية للإقامة، ومثال ما جرى لقوى فلسطينية في العراق بعد غزو 2003 لا زال ماثلا للعيان. صحيح أن الارتداد نحو الذات الجمعية لمواجهة العوامل الخارجية مهم وضروري وربما هو الأمثل، لكن غير الصحيح وغير المقبول أيضا أن لا تكون العودة للذات نتيجة لتقييم موضوعي وحكيم لكل الأسباب التي أنتجت الضرر الأكبر بالذات خلال السنوات الماضية، حتى لا تعيد إنتاج ذاتها مرة أخرى عند أقصر منعطف أو تفسير مختلف ما لبند من بنود ""الصفقة"". لقد وقع الانقسام نتيجة تطور العلاقة البينية بين الفرقاء في الذات الجمعية من الاختلاف الذي تولد بسبب تضارب المصالح والأهداف، إلى الخلاف، ونتيجة لأنماط التفكير المشوهة لدى هذه الأطراف والتباين الفكري الأيديولوجي وتباين حدود الأهداف وسقفها ومرجعياتها، فقد تطور الخلاف إلى انقسام الذي يعني بدوره تمزق وتفكك بنية نظام المجتمع بكل مكوناتها السياسية والاجتماعية والثقافية، التي تشكل وحدة عضوية للمجتمع، وبالتالي نشوء صيغة جديدة مغايرة في العلاقة البينية بين مكونات المجتمع السياسية، تتأصل على أساس التجاوز والانفصال، فيعمل كل فريق على إقصاء الفريق الآخر ( المختلف ) المضايق أو المتناقض أو الرافض لمشروعه باعتباره إما معطلا أو معوقا أو عائقا، إذ يستدعي كل طرف أدواته أو استعارتها بما فيها الأيديولوجية وأنماط التفكير المشوهة وكذلك كل الممكنات المادية لإقصاء الخصم أو إنهائه. ولأن الواقع الفلسطيني ليس منعزلا عن بيئته المحلية والإقليمية والدولية فهو يؤثر ويتأثر في التفاعلات المكونة لتلك البيئة، فقد تكون نتيجة لذلك هناك ضرورة غير متوافقة أو غير واحدة ولكنها تنشأ في وقت واحد لكل الفرقاء، تفرضها عوامل موضوعية وذاتية ضاغطة ناتجة بسبب تفاعلات تلك البيئة غير القارة بل المتقلبة تؤثر بالضرورة في العلاقة ببين المختصمين في الذات الجمعية بحيث تصبح مصالح هذه الأطراف مهددة، مما يقتضي تجاوز الانقسام سريعا بإعادة إنتاج علاقة بينية مرحلية تتطلب خطواتها الأولى ترحيل الأزمة وأسبابها إلى الأمام، وتسكين العوارض السياسية وليس معالجة مسبباتها، لكي يتم تجاوز ظروف البيئة المؤثرة.ونظرا لهذه الظروف الضاغطة فإن اللجوء إلى الاقتسام ( المحاصصة ) وهو أسرع الحلول الترقيعية التي تتم بإعادة تدوير مسببات الانقسام، يكون ممكنا غير أنه ليس الحل الأنجع والدائم.فمعالجة الانقسام يجب أن تكون معالجة بنيوية وتعني بالضرورة إعادة تركيب مكونات بنية المجتمع لتعود إلى أصلها.أما الاقتسام ( اقتسام النفوذ، المصالح، الوظائف، المواقع، المسئوليات ...) فهو معالجة توفيقية للمصالح الفوقية، من خلال إقامة "" كونفدرالية"" نفعية مؤقتة بين الأطراف والفرقاء السياسيين تلتزم فيما بينها ما دامت مقتضيات ذلك قائمة، وحينما تنتفي تلك المقتضيات تعود الحالة السابقة إلى حالة الانتظام في أصل المشكلة وهي الانقسام للارتكاز عليه من جديد لتحقيق الأهداف والمصالح الحزبية الضيقة، خاصة أن الأسباب لا زالت قائمة والمسببات كذلك. إن التجربة الفلسطينية عموما وبكل تمظهراتها الفصائيلية والحزبية، هي الأقل من حيث النقد الذاتي والتقييم وأخذ العبر والاستفادة، خاصة في العلاقات البينية بن مكونات النظام السياسي الفلسطيني كله، وهذا ليس فقط غائب منذ مرحلة الانقسام وما بعده ولكن منذ أن تبلورت المنظومة السياسية قبل عقود خمسة.إن الميسم الأبرز في ترتيب العلاقات البينية بين القوى السياسية الفلسطينية يقوم على الصفقة وليس المعالجة واجتثاث أسباب الألم، وإنما تسكين الألم والضغط عليه ودفعه من حيز الشعور إلى منطقة اللاشعور ليكبت هناك، إذ يبقى متفاعلا في البنى التحتية للوعي السياسي والاجتماعي بينما تبدو مظاهره مغايرة، إذ أن ما يشع ليس دائما انعكاس لحقيقة ما يدور في اللاشعور، الذي قد يعود لحالته السابقة لمجرد مثير سلبي بسيط أو حتى ضعيف. إن توقيع تفاهم القاهرة مهم، قد نتجاوز به ظروف الواقع المتغير في العالم العربي وفي الداخل الفلسطيني، ولكن لا أحد يريد بأن يكون ذلك مجرد محاولة لتمرير الرياح العاصفة وبعد أن تنقشع يعود الفرقاء إلى الوراء، إن هذا التفاهم يفترض أن يكون خطوة صغيرة تؤسس لخطوات أعمق وأكبر لمعالجة كل أسباب الانقسام فما نريده ليس فقط حكومة توافقية وانتخابات برلمانية ورئاسية وهذه أساسا كانت في مرحلة ما قائمة بين المختصمين ثم كانت أحد الأسباب الظاهرة المفضية للانقسام، ولكن نريد وحدة شعب على أساس وعي سياسي مشترك جامعه الأول والأخير تحرير فلسطين وبعد ذلك قد يكون التقاسم مشروعا ومنطقيا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل