المحتوى الرئيسى

المصالحة الفلسطينية بين الواقع والمأمول بقلم الباحث طارق محمد حجاج

05/02 19:05

بقلم الباحث طارق محمد حجاج "( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم") صدق الله العظيم. هل صدقاً تغير ما بالنفوس ؟ أم أن التغيير جاء عنوةً وكرها لما بالنفوس ؟ هل لعبت مصر دور الوسيط ؟ أم أن جامعة الدول العربية خولتها الضغط لتصفية ما في النفوس. أيا كانت الإجابة فقد وقِعت المصالحة الفلسطينية بالحروف الأولى، ومعنى التوقيع بالحروف الأولى أن التوقيع يتم بالحروف الأولى من أسماء الموقعين على الاتفاق على أن يرجع كل منهم إلى مرجعيته التي فوضته التوقيع ليعرض عليها ما تم الاتفاق عليه وبناء على ذلك إما تقوم بمنحه الإذن للتوقيع النهائي بالأسماء الكاملة سواء قام به هو أو أوكل لشخص آخر التوقيع عليه، وإما أن ترفض ما تم التوصل إليه وحينها يكون الاتفاق كأن لم يكن. لقد جاءت المصالحة بعد عدة جولات تفاوضية مكثفة بين فتح وحماس وبرعاية مصرية أثمر عن ذلك التوقيع المبدئي لاتفاق المصالحة، والسؤال المهم: هل يمكن اعتبار المصالحة الفلسطينية ثورة نجح فيها الشعب الفلسطيني على غرار الثورات العربية ؟. في الحقيقة من الصعب إنكار الدور الذي لعبته الثورات العربية للضغط على أطراف النزاع من أجل تحقيق المصالحة، حيث قطعت الثورات العربية الأذرع التي تساند وتتحيز لصلح فصيل على حساب الآخر، أو تدعم فصيل في مواجهة الآخر، وأدى سقوط وعدم استقرار مكانة بعض الحكام لتذليل العقبات أمام تحقيق المصالحة (مصائب قوم عند قوم فوائد)، إلا أن الحقيقة تكمن في أن المصالحة لا تعد وفقا لما حدث ثورة على غرار الثورات العربية، وذلك لأن دور الشعب الفلسطيني وللأسف الشديد كان سلبيا ولم يكن بالحجم المطلوب والمأمول للضغط على أطراف النزاع لإنهاء حالة الانقسام في صفوف الشعب الفلسطيني. ولا غرو في أن اتفاق المصالحة سيواجه عدة عقبات داخلية وخارجية ، وقد بدأت تظهر للعلن العقبات الخارجية والمؤامرات التي تحاول إفشال هذا الحدث الهام لمستقبل القضية الفلسطينية. ففي أول رد فعل على المصالحة الفلسطينية هدد بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل لن تتعاون مع حكومة تضم حركة حماس، وقد خير الرئيس الفلسطيني بين السلام مع حماس وبين السلام مع إسرائيل، وهدد أيضا بقطع المساعدات وطالب الولايات المتحدة الأمريكية أيضا بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية، ووصف السلطة بأنها ستصبح أكثر راديكالية عند ضم حماس لها، ولكن العقبة الأهم التي ستنجم عن الانفصال الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة وبين مدن الضفة الغربية بعضها البعض أن إسرائيل صرحت بأنها لن تعيد تكرار خطأ السماح للسلطة الفلسطينية من إقامة انتخابات تشارك فيها حركة حماس عقب انتخابات 2006 التي فازت فيها حركة حماس، ومن الواقع الجغرافي للاحتلال الإسرائيلي فإن إسرائيل قادرة على عرقلة الانتخابات من جهة ومنعها من جهة أخرى حسب أوضاع كل مدينة، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض بأن على حماس الاعتراف بدولة إسرائيل وبجميع الاتفاقات السابقة وأن تنبذ العنف والإرهاب على حد تعبيره. ونحن نرى أنه لا خلاف حول الاعتراف بإسرائيل، لأن إسرائيل ذكرت في القرآن الكريم ولكننا وإن اعترفنا بحق إسرائيل في الوجود إلا أنه من الوقاحة إجبارنا على الاعتراف بإسرائيل كدولة على أراضي الشعب الفلسطيني، فلا مانع من الاعتراف بدولة إسرائيل إن أقيمت في أمريكا اللاتينية مثلا، ومن جهة أخرى قامت منظمة التحرير الفلسطينية وللأسف بالاعتراف بدولة إسرائيل في مقابل الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني وليس الاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود محددة، وفي نفس السياق يمكن مواجهة التهديدات الإسرائيلية بقطع المساعدات وباتخاذ أعمال انتقامية بسحب اعتراف منظمة التحرير بدولة إسرائيل، ويمكن التعويل على مصر في تخفيف أزمة قطاع غزة وليس إلقاء المسئولية عن قطاع غزة على عاتق مصر وتبرئ الاحتلال منها، ويمكن ذلك على سبيل المثال بتعزيز دور مطار العريش بديلا عن مطار غزة الدولي وتعزيز دور ميناء العريش بديلا عن ميناء غزة الدولي، بحيث يحلان محلهما ومحل ميناء اسدود الإسرائيلي لفترة مؤقتة في نقل البضائع منهما إلى قطاع غزة ومع إمكانية تصدير المنتجات الفلسطينية عن طريق معبر رفح البري وصولا إليهما. وننتقل إلى القسم الآخر من العقبات وهي العقبات الداخلية والتي ستظهر عند الشروع في تطبيق الاتفاق على أرض الواقع، لأن تطبيق الاتفاق في شقه الأمني على سبيل المثال سيكون في قطاع غزة بشكل اكبر من الضفة الغربية لأن الضفة لا يوجد بها أجهزة أمنية تابعة لحركة حماس على غرار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في غزة، ولن تسمح إسرائيل بإدخال أجهزة أمن حمساوية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وأيضا صعوبة إنهاء حالة تسييس الأجهزة الأمنية والانتماءات الحزبية في صفوف الأجهزة الأمنية. ومن أحد العقبات الهامة في طريق إتمام المصالحة السؤال الذي يطرحه الواقع الفلسطيني، ما هو مصير سلاح المقاومة وكيف يمكن التعامل مع حامله ؟. من وجهة نظري يمكن دمج كتائب المقاومة جميعها في الأجهزة الأمنية كجهاز أمن وطني يدافع بسلاحه وعتاده عن الشعب الفلسطيني وممتلكاته وعرضه وأرضه عند تعرض الأراضي الفلسطينية لأي اعتداء صهيوني، فمن الناحية القانونية وعلى صعيد القانون الدولي فلا تثريب في ذلك قانونيا، ويحق للشعوب الواقعة تحت الاحتلال المقاومة حتى دحر الاحتلال وتقرير المصير، فالتصدي للاحتلال عمل شرعي يكفله القانون الدولي العام. ويمكن الاستفادة من ذلك أيضا بجانب توحيد الشعب الفلسطيني من تدعيم المفاوض الفلسطيني في المفاوضات، بحيث تصبح المفاوضات ذات أهمية وذات مغزى ومضمون، لأن إسرائيل أقرت قانون ينص على وجوب استفتاء الشعب الإسرائيلي على أي قرار يتم الاتفاق عليه في المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، ونضمن من ذلك توفير الضغط على المواطن الإسرائيلي بالقوة والردع للتأثير عليه عند التصويت على أي استفتاء بشأن القضية الفلسطينية. وأخيرا نبحث في دور المعارضة عقب إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع إجراءها بعد عام من توقيع المصالحة، فما هو دور الخاسر في الانتخابات؟ ما هو دور هذه المعارضة وهل ستلعب دورا إيجابيا في محاولة تصحيح القرارات التي تتخذها الأغلبية ؟ هل تكون معارضة على أساس تبادل السلطة والعمل السلمي داخل مقرات اتخاذ القرار ؟ أم أنها ستعود مجددا إلى تكرار أحداث 1462007. [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل