المحتوى الرئيسى

لأنهم سرقوا اعمار شعوبهم قامت"القيامة"

05/02 02:37

حسين الرواشدة اسوأ جريمة ارتكبتها بعض الانظمة العربية ضد شعوبها هي «سرقة» اعمارهم، ولو قدّر لأحدنا ان يسأل لماذا خرجت هذه الشعوب فجأة، وأصرّت على «خلع» انظمتها واسترداد الشرعية منهم ولم تصغ لأصوات «الحكماء» الهرمين، ولم تلتفت لحسابات السياسة ومساراتها القادمة لكانت الاجابة على الفور: لان هذه الشعوب تريد ان تدافع عن «اعمارها» القصيرة، ولا تريد ان تذهب هدرا كما ذهبت اعمار «الآباء» والاجداد التي سرقتها عصابات السياسة والمال والنفوذ. اذن، انتبهت الشعوب «لا سيما الشباب الذين يشكلون اغلبيتها» الى ما تبقى من «العمر» القصير، فاستيقظت لاستدراك قطاره، او قطع الطريق على سرّاقه وكانت تلك لحظة فارقة توقف فيها الزمن بشكل مفاجىء وخرج فيها الناس من تحت عباءة «الخوف» وحسابات الامن والقمع ورغبة الصبر انتظارا للفرج، لما اوشك العمر ان ينتهي دون ان يأتي الفرج كان لا بد من «ولادته» وقد حصل، صحيح ان الاسباب الموضوعية «للقيامة» موجودة واكثر من ان تُحصى، وصحيح ان «فقه» الثورة قد يخضع للعلوم وللاصول ولمنطق البشر احيانا، وان «التمرد» فطرة بشرية تولد مع الانسان، لكن الصحيح –ايضا- ان وراء ما حدث «اسرار» ولطائف لا يمكن فهمها الا في سياق معرفة «القانون» الاكبر الذي يحكم هذا الكون، ويضبط فيه حركة التغيير والاستبدال والهلاك والولادات الجديدة التي تخرج من رحم «الارض» متى اتصلت مع السماء. سؤال لماذا قامت «الثورة» وامتدت في بلداننا العربية امتداد النار في الهشيم ما زال معلقا برسم انتهاء المشهد، ثمة اشارات الى «حماس» الشباب الذي اطلقوا شرارتها، وملاحظات حول انطلاق معظمها من «الاطراف» لا العواصم، وكلام طويل حول «التربة» التي تهيأت لها في ظل عقود من «القهر» والظلم، وتساؤلات حول «دور» الاجنبي وفزاعات «المؤامرة» بأنواعها وحول صعود نجم «المواطن» البطل لا الحزب ولا النخبة ولا التنظيم وحول «رسائل» زلزالها الذي انطلق مبكرا ومخاضاتها التي لم ينتبه اليها احد، وثمة اسئلة من نوع: هل الفقراء وحدهم من يثور ام ان للاغنياء نصيبهم في الثورة؟ هل الثورة «حالة» نفسية محضة ام انها منتج لظروف طبيعية معقدة ومتداخلة وبالتالي فهي افراز لها؟ هل يمكن «اجهاض» الثورة او تأجيلها او معالجتها ام انها ولادة خارج التغطيات السياسية والاقتصادية وغيرها؟ واخيرا هل ثمة علاقة بين ما يحدث على «الارض» من ثورات وبين ما يرتب في «السماء» من بواعث وتدبيرات. في بلداننا العربية –الآن- ثمة من يبحث عن اجابات، اية اجابات، حول هذه الاسئلة، وثمة من يحاول ان يبدع في تقديم حلول ومعالجات استباقية لتحصين حدوده من امكانية عبور هذا الضيف غير المرغوب فيه، وثمة من لا يزال مقتنعا «بوهم» الخصوصيات وبركة الاستثناءات ومطمئنا الى «عقم» المجتمعات لولادة «الثوار» وثمة اخرون «على قلق» في لعبة الصراع مع الزمن.. لكن الحقيقة ان احدا منا لم يفهم بعد بما يكفي لماذا وكيف «قامت» القيامة.. ولا الى اين نسير ما بعد هذه القيامة؟. *نقلا عن "الدستور" الأردنية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل